منذ 6 سنوات | غريبة / الجمهورية




قابلتني رانيا شاكيةً باكيةً قائلةً: «لم أعد أحتمل، في كل مرة يعاملني كأنني نكرة، لا يهتم لأمري، ويهملني. أنا متأكدة من أنه لم يعد يحبني، وبهذه الحال من الطبيعي أن ينسى عيدَ مولدي. في السنة الماضية غضّيتُ النظر، وتظاهرتُ بأنني لم أنزعج لهذا السبب، وها هو يكرِّرُه من جديد هذا العام».

المضحك المبكي في الموضوع، هو أنّ الزوج في عالم آخر، لا يعلم ما يدور في رأس وقلب زوجته، حتى أنه تفاجأ من فكرة أنها غاضبة منه، «هي لم تعاتبني يوماً، ظننت بأنها سعيدة في حياتنا اليومية، أنا أشتري لها هدايا الذهب والألماس كلما طلبت».

تُرى ما الذي يدور في فلك الأزواج في ما يتعلق بالمناسبات الخاصة؟ هل يستحق نسيان الزوج لعيد مولد زوجته كل هذا الإنفعال دون أن يعرف بذلك؟ وكيف السبيل ليلتقيَ الإثنان في منتصف الطريق حيث لا يقصر «هو» ولا تدخل «هي» في دوامة المرأة المتألمة والمجروحة؟

هذا الفارق بينكما!
ما تعاني منه رانيا مع زوجها موضوع روتيني كلاسيكي سببه الإختلافات الطبيعية بين الرجل والمرأة. فبينما تركّز «هي» بطبيعتها على التفاصيل، يتميّز «هو» بنظرة عامة شاملة. حول العلاقة الزوجية، يطمئنّ بال الرجل بأنه يسدّ حاجات العائلة من مسكن ومأكل وتعليم واستشفاء، بينما تغرق الزوجة في تفاصيل المبادرات التي يقوم بها، كم مرة يتصل بها يومياً، هل يتذكّر طعامها المفضل ويلاحظ بأنها غيّرت لون شعرها. كيف لا؟ والمرأة كائن عاطفي، رومنسي، يتخلّى عن ثروات وكنوز في سبيل عاطفة جياشة تجاه مَن يحب.

أما «هو»، فيأخذه دماغه نحو الإنجاز، نحو إيجاد الحلول، ما يبعده من التلفّظ بكلمات المجاملة والملاطفة، خصوصاً بعد أن «أنجز الزواج»، فتشعر المرأة بأنه لم يعد يحبها لأنه توقف عن ما تعوّدت عليه قبل الزواج، وهو فعلياً قد أتمّ مهمّته وانتقل إلى أخرى، ألا وهي حاجات الأسرة، شراء بيت جديد أو حتى سيارة للزوجة، و»هي» لا ترى إلّا ما تشعر به عواطفها، «لم يعد يدلّلني».


ودليل المرأة القاطع على أنّ زوجها لم يعد يحبها أنه يذهب مباشرة إلى العلاقة الحميمة، بينما تحتاج هي لأجواء رومنسية من موسيقى وعناق وقُبل وكلام معسول، وهذا في حقيقة الأمر لأنّ دماغ الرجل تقلّ فيه التشعّبات التي تربط المناطق المسؤولة عن الحب، الجنس، العمل والأصحاب وما سوى ذلك، ويظهر ذلك في قدرة المرأة على القيام بعدة وظائف في الوقت عينه. بالإضافة إلى أنّ عواطفَ المرأة تُستثار من خلال حاسة السمع لديها، والرجل من خلال نظره.

لكي لا يؤدّي الاختلاف إلى خلاف
المهم في الموضوع المطروح هو أنّ السيدة رانيا غضّت النظر في العام الماضي، أي إنها صمتت ولم تعبّر للزوج عمّا أزعجها، فلم تستفد من الحوار الذي تُظهر من خلاله عدمَ رضاها عن تصرفات شريكها. كذلك هي التي أنعم الله عليها بالجمال والدلال والدهاء لم تستعمل قدرتها على لفت نظره أو تذكيره بشكل مخفي دون أن تشعرَ بأنها تستجدي منه الإهتمام والحب.

إنّ الفرق على هذه الأصعدة بين الزوجين لا يؤدّي إلى استحالة في التعايش، بل على العكس، بإمكان كليهما استيعاب ذلك بداية، ثمّ اختيار كيفية التعاطي معه بقدر الحجم الطبيعي الموضوعي له، دون إثقاله بعواطف وانفعالات من هنا وهناك.

إنّ معرفة حقيقة مشاعر شريككِ أيتها الزوجة ليست متوقّفة على مبادرة منه أو هدية أو بضع كلمات معسولة، مع أنّ ما تطلبينه حقٌّ لك ولعلاقتكما معاً، هو كالعطر والرحيق على وردة جميلة.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024