منذ 6 سنوات | أنت وطفلك / Huffington Post


حذرت دراسة علمية جديدة من تناول المرأة الحامل بجنين أنثى، عقار الباراستامول بعد أن كانت دراسة سابقة قد ربطت بن العقار ومدى الضرر الذي يُلحقه بقدرة الأجنة الذكور على الإنجاب.

وتعتبر مادة الباراسيتامول من أكثر المواد التي تدخل في تركيب العقاقير المسكنة للألم، التي قد نستهلكها جميعاً دون الرجوع إلى استشارة الطبيب استسهالاً، كدواء الـ Panadol الشهير.

الجزائريون وحدهم يستهلكون سنوياً حوالي 200 مليون علبة باراسيتامول، لتخفيف آلامهم، حيث تبيع الصيدليات يومياً ما يعادل 50 علبة، إذ يحتل هذا الدواء صدارة الأدوية الأكثر مبيعاً في الجزائر، حسب تقرير لموقع "المرصد الجزائري"، نُشر في أغسطس/آب 2017.

ويُذكر أنَّ عقَّار الباراسيتامول هو مسكن الألم الأكثر شيوعاً على الإطلاق؛ إذ يمكن صرفه دون الحاجة إلى وصفةٍ طبية، فضلاً عن شيوع تناوله بين النساء الحوامل، في جميع أنحاء العالم لعلاج الصداع والحمى أساساً، نظراً إلى كونه مسكن الألم الوحيد الآمن للاستخدام بالنسبة لهن.

البحث الجديد الذي قاده فريق من طاقم الأطباء في جامعة كوبنهاغن في الدنمارك، وأفردت عنه Independant تقريراً، كانت أهم نتائجه هي التحذير من أنَّ تناول عقار الباراسيتامول خلال فترة الحمل يمكن أن يُعرّض خصوبة الجنين الأنثى للخطر.

إذ يرى العلماء أنَّ الباراسيتامول وفق الدراسة الجديدة، يعيق النمو الطبيعي للأعضاء التناسلية لدى الوليدات في حال تعاطيه أثناء الحمل؛ مما يعني إنتاج بويضاتٍ أقل من الطبيعي لديهن.

وأجرى القائمون على البحث، مراجعةً على ثلاث تجارب منفصلة اتبعت أنظمةً مشابهة بالاستعانة بالجرذان والفئران، وتبيّن أنَّ النتائج ذاتها تنطبق على الأجنة الإناث أيضاً.

وتعقيباً على ذلك، قال الطبيب دافيد كريستنسن من مستشفى جامعة كوبنهاغن الدنماركية، إنَّ هذه النتائج "مثيرة للقلق حقاً"، لا سيما في المملكة المتحدة والبلدان الغربية الأخرى، حيث أعمار النساء عند الحمل والولادة "في ارتفاعٍ مستمر".

يُذكر أنَّ الإرشادات الرسمية لتعاطي عقار الباراسيتامول تقضي بوجوب تعاطي العقار عند الضرورة القصوى فقط ، ولأقصر مدة ممكنة في فترة الحمل.

من جانبه، قال كريستنسن معقّباً: "صحيحٌ أنَّ هذا قد لا يؤثر على الخصوبة بدرجةٍ كبيرة، إلا أنَّه لا يزال يشكل مصدر قلقٍ حقيقي، لاسيما أنَّ البيانات المستمدة من ثلاثة مختبرات مختلفة توصّلت جميعاً، كل منها بمعزلٍ عن غيرها، إلى أنَّ عقَّار الباراسيتامول يمكن أن يُخّل بالقدرة الإنجابية للأجنة الإناث على النحو المذكور آنفاً؛ مما يشير إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تأثير ذلك على خصوبة البشر عموماً".

وكانت الدراسة، التي نُشرت في دورية Endocrine Connections قد ذكرت أنَّ الدراسات الثلاث جميعها أفادت بحدوث تغير في نمو الأجهزة التناسلية لدى الوليدات عند تناول الأمهات لعقَّار الباراسيتامول خلال فترة الحمل، ما من شأنه أن يتسبب في ضعف خصوبة الوليدات في مرحلة البلوغ.

وفي هذا الصدد، قال كريستنسن إنَّ الدراسات التي أُجريت مؤخراً ربطت بين العقار وحدوث اضطرابات في نمو الجهاز التناسلي لدى الذكور.

من ثم، فإنَّ هذا هو التحليل الأول من نوعه الذي يبحث في أثره بالنسبة للوليدات.

هذا، ومن المسلَّم به أنَّ التعرض لبعض المواد الكيماوية في فترة الحمل من الممكن أن يتسبب بآثار نمائية لا تظهر جليةً إلا في مرحلةٍ متأخرة جداً من عمر الوليد.

ففي القوارض والبشر على حد السواء، وُلدت الأجنة الإناث بعددٍ محدود من البويضات المخصصة للتكاثر مستقبلاً.

وفي الدراسات التي خضعت للمراجعة، من بينها بحثٌ كانت جامعة إدنبرة الاسكتلندية قد نشرته قبل عامين، عند إعطاء إناث الجرذان أو الفئران عقار الباراسيتامول في فترة الحمل، جاء عدد البويضات لدى الوليدات أقل من الطبيعي.

أي أنَّ عدد البويضات المتاحة للتخصيب في مرحلة البلوغ قد أصبح أقل من الطبيعي، وبذلك قلت فرصهن في التكاثر بنجاح، لا سيما مع التقدم في السن.

يُذكر أنَّ العلماء استخدموا في تجاربهم جرعات من الباراسيتامول مساوية للجرعات المسموح للنساء الحوامل بتعاطيها لأغراض تسكين الألم.

وكانت الدراسات قد أشارت إلى أنَّ عقار الباراسيتامول وبعض مسكنات الألم الأخرى من الممكن أن تؤثر على نمو "الخلايا الجنسية" التي تتحول عند النضج إلى البويضات والحيوانات المنوية لدى الأجنة داخل رحم الأم.

إذ إنَّ العقاقير المذكورة من الممكن أن تؤثر على وظيفة هرمونات تسمى البروستاغلاندين، التي من المعروف أنَّ وظيفتها هي تنظيم الإباضة والدورة الشهرية وتحفيز المخاض.

لكن وفقاً لكريستنسن، فإنَّ إيجاد صلة بين الباراسيتامول الذي تتعاطاه الأمهات أثناء حملهن ومشكلات الخصوبة التي تصيب أطفالهن في وقتٍ لاحق من حياتهم، سوف يكون صعباً كنتيجة حتمية.

إذ إنَّ إجراء التجارب على الأجنة داخل الرحم أمر مستحيل، وهذا هو سبب كون الأبحاث السابقة قد أُجريت دائماً على القوارض. من ثم، يوصي كريستنسن من جانبه باتباع نهج متعدد التخصصات في التعامل مع هذه المشكلة.

وقال موضحاً: "إذا مزجنا البيانات الوبائية المستمدة من الدراسات التي أُجريت على البشر بمزيدٍ من الأبحاث التجريبية على عيناتٍ أخرى مثل القوارض، فلربما نتمكن من البتِّ في مسألة الصلة المذكورة وتحديد كيفية نشأتها، بحيث يمكن علاج الألم الذي تعاني منه النساء الحوامل بنجاح دون تعريض أجنتهنّ للخطر".

وأضاف قائلاً: "نحن علماء، لذا ليس بمقدورنا أن نُقدم أي توصيات طبية للنساء الحوامل بشأن ما يجب عليهن تعاطيه. من ثم، فإنَّنا نحثهن في حال شعورهن بآلامٍ مبرحة على استشارة الممارس العام أو القابلة أو الصيدلي الذي يتعاملن معه للحصول على نصيحتهم كخبراء".

وكانت الأبحاث السابقة لفريق جامعة إدنبرة، الذي اطَّلع كريستنسن على عمله قد توصلت إلى أنَّ عقار الباراسيتامول يعمل على خفض مستويات هرمون التستوستيرون للأجنة الذكور، في مرحلة نموها داخل الرحم لدى الفئران.

ووفقاً للدراسات، فإنَّ ما يقرب من 65% من النساء الحوامل قد سبق لهن تعاطي الباراسيتامول في مرحلةٍ ما من حملهن، وهناك أدلة تشير إلى أنَّ الناس عموماً يعتبرونه عقاراً آمناً.

العلماء يحملون العقار مسؤولية عدة أمراض تصيب الأطفال


لكنَّ العلماء توصلوا أيضاً إلى وجود صلة بين الباراسيتامول كمسكن للألم وزيادة خطر الإصابة بالتوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD).

ووجدت دراسة أجراها باحثون أسبان، أنَّ الصبية الذين تعاطت أمهاتهم العقار أثناء الحمل كانوا أكثر عرضة من غيرهم لظهور أعراض طيف التوحد بنسبة 30%.

فضلاً عن أنَّ العقار ارتبط أيضاً بارتفاع معدلات إصابة الأطفال من الجنسين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

على أنَّ هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة ترى أنَّه "بوجهٍ عام، لا ضرر من تناول عقار الباراسيتامول أثناء الحمل"، وإن كانت تُوصي باستشارة القابلة أو الممارس العام قبل تعاطيه.

من جانبه، قال كريستنسن معقّباً: "الباراسيتامول يُستخدم في جميع أنحاء العالم لعلاج الألم والحمى خلال فترة الحمل. لذلك، فإنَّ الصلة التي توصلت إليها الدراسات التجريبية بين تعرض الأجنة له خلال فترة الحمل وانخفاض الخصوبة لديهم في مرحلةٍ لاحقة من حياتهم هي مسألة مثيرة للقلق".

وأعقب ذلك بقوله إنَّ التعرض للباراسيتامول من الممكن أن يشكل خطراً على "العمر الإنجابي للنساء".

وأضاف: "مثل هذا التأثير من جراء التعرض للباراسيتامول خلال فترة الحمل، مهما كان ضئيلاً، يعد مشكلةً في العالم الغربي، حيث أعمار النساء عند الحمل والولادة في ارتفاع مستمر".

من ثم، يرى كريستنسن من جانبه أنَّ: "متابعة نتائج الدراسات التجريبية الأولية السابقة تستلزم الاستعانة بالدراسات الوبائية". 


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024