تحت عنوان "قطف بوتين للنصر في سوريا يعلم قادة الشرق الأوسط درسا مهما جدا" شرح الكاتب في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أنشيل بيفر، كيف برهن بوتين نفسه في زيارته لسوريا ومصر وتركيا في يوم واحد على انه الزعيم العالمي الوحيد الذي له تأثير حقيقي في الشرق الأوسط.

وقال الكاتب انه وفي حين هبط الرئيس الروسي في قاعدة حيميم في سوريا صباح الأمس، الإثنين، كان أول من استقبله ضابط بالجيش الروسي، وعندها فقط اقترب من الرئيس السوري بشار الأسد، وسارا معا على المدرج مرورا بنفاثات روسية وطائرات هليكوبتر هجومية.

وأضاف الكاتب ان الرسالة كانت واضحة، فإن الزيارة الأولى الى سوريا خلال سبع سنوات من قبل زعيم أجنبي لم تكن زيارة رسمية عادية: كان بوتين هناك لتفقد آخر قاعدة روسية.

وحلل الكاتب وجود بوتين في القاعدة الروسية على انه إغتنام للفرص بإعلانه أن روسيا ستبدأ بسحب معظم قواتها من سوريا. ولكن هذا كان أساسا بيان للإستهلاك على الصعيد المحلي – العودة الى الوطن، فإن فكرة الحروب الخارجية ليست محبوبة جدا.

وقال الكاتب انه وعلى الرغم من أن الرسالة كانت مختلفة جدا ولكن روسيا لديها الآن قاعدتها الدائمة في الشرق الأوسط، وفقط لأن المعركة ضد داعش تنحسر، هذا لا يعني أن القوات الجوية الروسية ستغادر في أي وقت قريب.

وحسب الكاتب فإن توقف بوتين القصير في قاعدة حيميم، وهو في طريقه إلى زيارة أطول للقاهرة في مصر وأنقرة في تركيا، قد حقق نجاحا كبيرا في قطاف بوتين للنصر. سبعة وعشرون شهرا منذ بدء الإنتشار الروسي في سوريا، لا أحد لديه أي شكوك أنه بالنسبة للكرملين، كان هذا نجاحا باهرا. كانت هناك توقعات بأن هذا التدخل الأجنبي في حرب الشرق الأوسط سينتهي بالدموع، كما كان الحال في السابق. ولكن ليس هذه المرة.

وذكر الكاتب الى انه قد أثيرت تساؤلات حول ما إذا كان الجيش الروسي الذي ما زال يمر بمرحلة إنتقالية من نسخة الجيش الأحمر السوفيتي القديم، يمكنه إجراء الإنتشار لفترات طويلة وبعيدة المدى بهذا الحجم.

وأشار الكاتب الى ان بوتين يلعب حسب قواعد موسكو، وبهذه القواعد حقق بالفعل نجاحا باهرا، فقد أبقى حليفه في منصبه، وعزز تحالفا إقليميا إستراتيجيا يضم إيران، وكفل لروسيا حقوقا طويلة الأجل للقواعد الجوية والبحرية في البحر الأبيض المتوسط (حيميم وميناء طرطوس)، وأثبت نفسه كقائد عالمي وحيد حقيقي في المنطقة.

وحسب الكاتب فإن بوتين فعل كل ذلك على الرغم من الإقتصاد الروسي المتعثر بسبب هبوط أسعار النفط والعقوبات الغربية بسبب أوكرانيا، وعلى الرغم من التهديد بالإنتقام عبر الهجمات الإرهابية الإسلامية على الأراضي الروسية. وقد فعل ذلك بعدما سنحت له فرصة تاريخية بتراجع الولايات المتحدة من المنطقة خلال رئاسة باراك أوباما، وحلول القوة الروسية بدلا منها. فتح أوباما الباب أمام روسيا، والرئيس دونالد ترامب أبقاه الآن مفتوحا على مصراعيه.

وقال الكاتب انه من المهم التركيزعلى إنجازات بوتين، وأنه لم يُعد إعمار سوريا ولا يعتزم القيام بذلك، خلافا للولايات المتحدة، التي دفعت مئات المليارات من الدولارات للمساعدات المدنية في العراق وأفغانستان، فإن نهج بوتين هو أكثر فعالية.

وأشار الكاتب الى ان سوريا ستبقى دولة مدمرة لعقود قادمة، فبوتين لم يقصد أبدا إنقاذ سوريا. وبالنسبة لدول أخرى في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل، فإن ذلك يعني أنه في الوقت الراهن على الأقل، يتعين عليها التعامل مع بوتين فيما يتعلق بأي ترتيبات ما بعد الحرب.

وتتطرق الكاتب لما يتعلق بإسرائيل، قائلا إن بوتين يبدو مستعدا للإستماع إلى مخاوف نتنياهو بشأن ترسيخ إيران في سوريا. وحتى الآن، وعلى الرغم من ذلك، فلم يضع  بوتين بعد أي ضغط ملموس على الإيرانيين، وليس هناك ما يدعو للإعتقاد انه سوف يفعل ذلك.

وأضاف الكاتب الى انه من ناحية أخرى، فإن روسيا - التي تسيطر على أجزاء كبيرة من المجال الجوي السوري - لم تحاول، على الأقل، منع أو حتى الإدانة العلنية للغارات الجوية على حزب الله وعلى الأهداف الإيرانية في سوريا التي نسبتها وسائل الإعلام الأجنبية إلى إسرائيل.

وأنهى الكاتب قائلا انه ومن المثير للإهتمام أننا رأينا تراجعا في خطاب نتنياهو: من المطالب بعدم الوجود الإيراني في سوريا، إلى عدم وجود قواعد إيرانية، والآن الى عدم وجود مصانع للصواريخ. لقد فهم نتنياهو، بوتين يحترم القوة ويفضل جعل صفقاته الحقيقية وراء الكواليس. في سوريا، يجب على الجميع أن يلعبوا الآن وفق قواعد موسكو.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024