منذ 7 سنوات | لبنان / الديار

يقول رئيس حكومة سابق ان الدكتور سمير جعجع تحدث عن الدستور على انه الماغناكارتا، اي الشرعية الكبرى في حين انه الشرعة الصغرى. الشرعة الكبرى في لبنان هي... شريعة الغاب!

وهو توقف عند عبارة جعجع، لدى احياء ذكرى «شهداء المقاومة اللبنانية»، «لدينا دستور، وعلينا كلنا ان نلتزم به فهو الذي يوزع المسؤوليات على المواقع في البلد، فيا ايها الخائفون، الدستور لنا جميعاً، والدستور معنا جميعاً، ولا مبرر للخوف».

ورئيس الحكومة السابق يعتبر ان «الحكيم» اكثر ذكاء بكثير من اولئك الذين انزلقوا الى حد التهكم او الهجوم على المحذرين من التوطين بالقول ان مقدمة الدستور ترفض التوطين، وهكذا يستطيع نص من بضع كلمات ان يمنع مشاريع التوطين (للفلسطينيين) التي قد تخرج بها اي جهة دولية.

يسأل اين الدستور حين لا ينتخب رئيس الجمهورية ضمن المهلة التي حددها الدستور، واين هو ليجد الحل في حال وصلت الامور الى عنق الزجاجة، ليشير الى ان هناك الكثيرين الذين يتخوفون من انه في حال انتخاب العماد ميشال عون، فقد يسارع الى تفجير المادة 49 من الدستور، وربما مواد اخرى، تظهر وكأنه رهينة في يد مجلس الوزراء، او انه في الاقامة الجبرية...

وفي رأي رئيس الحكومة السابق فان «تجربتنا مع مجلس النواب الذي هو المؤسسة الدستورية الام، تثبت اننا امام اللوياجيرغا، وحيث ممثلو القبائل (الافغانية) وهنا الطوائف (اللبنانية) وانها تجربة مريرة جداً»، ليشير الى «ان مشكلتنا هي في المحاصصة التي تخترق كل الاحكام الدستورية والقانونية. وبعبارة اخرى، فان المحاصصة هي فوق الدستور وفوق القانون، وهي بطبيعة الحال، عبارة للطوائف وللمذاهب».

وفي اطار مقاربة المشهد الراهن، انتقد الوزير السابق طارق متري ما يدعى بـ«السلة» معتبراً انه كلما عمدت احدى الجهات الى ربط قضية ما بقضايا اخرى، فهذا يعني انها لا تريد حلها، فالمشكلات تحل عندما تجزأ، وحين تربط بعضها بعضاً تصبح اكبر واصعب».

ولاحظ متري «ان السلطة عندنا، كما في باقي الدول العربية، اقوى من الدولة، ونحن ننزل الى الشارع ضد الدولة»، قائلاً «خيارنا في الجاهلية وخيارنا في الاسلام»، فالذين صنعوا الحرب هم الذين صنعوا السلم، وهم قادة النظام السياسي، وهم الذين يستولون على الدولة».

واشار الى ان المشاكل لا تحل الا عندما يحصل «تقاسم للغنائم»، وهذه هي «العقيدة الكأداء. وليس المشكلة، ان نغلّب ثنائية الدولة والمواطن على ثنائية الرعية والطائفة».

اضاف «ان القضية كلها حول تقاسم السلطة، لمن رئاسة الجمهورية؟ ولمن رئاسة الحكومة؟ وهكذا «دواليك».

 الاوساط السياسية ترى تقاطعاً بين النقيضين «حزب الله» الذي قال علناً وضمناً بمعادلة ميشال عون في القصر وسعد الحريري في السراي، و«القوات اللبنانية» قالت بالمعادلة اياها، ولكن لنسأل «هل كان لجعجع ان يتبنى ترشيح عون لو لم يعلن الحريري تبنيه فرنجية؟ وماذا لو استدعى هذا الاخير تبني هنري حلو او اي شخص آخر حتى ولو كان اميل رحمة؟

مصدر سياسي مطلع قال لـ«الديار» ان المشكلة في ان هناك من يحاولون، ولاغراض تكتيكية بحتة، اللعب على المسرح. اللعب العبثي، الذي لا يفضي الى اي نتيجة. وفي كل الاحوال، بدل ان يدعو جعجع نواب «حزب الله» للنزول الى  ساحة النجمة، عليه ان يدعو نواب تكتل التغيير والاصلاح.

الى ذلك، يرى المصدر السياسي ان جعجع وحده هو الشخص المناسب لاقناع  الحريري بان عون هذه الايام هو غير عون الذي كان في ايام سابقة، وهو الذي جالسه، ولا بد انه اكتشف ان الجنرال خلع ملابسه المرقطة، وحتى لهجته المرقطة، وبدأ يتكلم بلغة التوافق حتى ولو اخذ التوافق شكل المتاهة احياناً...


 ازمات الحريري 


ولا ريب ان جعجع على دراية تامة بكل الازمات التي تضغط على الحريري الذي كان مقرراً ان يأتي في اول ايلول ليقول رأيه في سلة بري. هذا الكلام ورد على السنة نواب في كتلة المستقبل.

وهنا تقول قيادات في 8 آذار ان نواباً وقياديين في 14 آذار نفخوا في الابواق لدى اعلان الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله انفتاحه على الحريري كرئيس للحكومة، واعتبروا ان «السيد» انما ينتهك الدستور، ويمنن بما ليس في حوزته، فالاستشارات الالزامية هي من تحدد هوية رئيس الحكومة.

غير ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» اطلق ايضا معادلة «عون للقصر والحريري للسرايا». التعليق الوحيد جاء من الرئيس فؤاد السنيورة ومن حليف الى حليف.

القيادات اياها تلاحظ ان الحريري حين كان الملك عبدالله بن عبد العزيز اطلق ذقنه وشاربين على طريقة الملك، وها هو الان يغطي وجهه بالشعر على غرار الملك لاحقاً محمد بن سلمان...


 صاحب الرأس اليابس 


الناس على دين ملوكهم، وخطاهم ولحاهم على خطى ولحى ملوكهم، حتى ان هناك جهات في 14 آذار تعتبر انه لو ارادت السعودية عون رئيساً لكان الحريري صعد الى المئذنة واعلن تبنيه للجنرال...

السعوديون الحذرون حيال الجنرال والذي يصفه بعضهم بـ«صاحب الرأس اليابس» لا يغيّرون رأيهم ببساطة، وفي نظر هذا البعض فان عون لا يختلف عن عبد الملك الحوثي، في اليمن، وعن بشار الاسد، في سوريا.

سياسياً، الاسبوع الراهن هو اسبوع الثالوث الاقدس (ودائماً في السياسة)، جلسة الحوار اليوم، وقد وضع بري خارطة طريق للحيلولة دون تفجير الطاولة، وجلسة لانتخاب رئيس الجمهورية يوم الاربعاء لن تختلف عن سابقاتها بأي حال.

المشكلة في جلسة مجلس الوزراء الخميس، وزيرا التيار جبران باسيل والياس بو صعب سيظلون على مقاطعتهما للجلسات على اساس ان ذلك يقطع الطريق «ميثاقياً» على انعقاد الجلسات الا اذا حزمت الحكومة امرها وعينت قائداً للجيش، وهذا غير الوارد في حال من الاحوال..

مصادر ديبلوماسية تقول الا مشكلة لدى الاميركيين اذا ما انتخب النواب عون او فرنجية، لكنهم يعتبرون انه لا بد من المنافسة الديموقراطية، اذ ان هناك شخصيات اخرى مؤهلة لشغل المنصب. هل همس توماس شانون في آذان البعض، بأن هناك حصانين لم يهرما بعد ولم يتركا اي غبار وراءهما سوى غبار النجاح، هما قائد الجيش العماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي اختارته مجلة «غلوبال فايننس» المتخصصة بأنه ثاني افضل حاكم مصرف مركزي في العالم.

في الكواليس يحكى ان معركة عرسال ضد تنظيم «داعش» و«جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا) قادمة لا محالة، خصوصا اذا ما توصل الاميركيون والروس الى الاتفاق حول سوريا.


 تداعيات الزلزال الديبلوماسي 


هذا يعني ان المرحلة المقبلة هي مرحلة عسكرية وامنية بامتياز، وسيكون للجيش دور قد يتجاوز معظم الادوار الميدانية التي اضطلع بها في السابق، ومع اعتبار ان تداعيات الزلزال الديبلوماسي في سوريا والذي قد يمتد الى دول اخرى في المنطقة لا تقل حساسية عن تداعيات الزلزال العسكري...

في الاروقة الخلفية ما سبق واشارت اليه «الديار» حول ما اذا كان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قد نصح ضيفه بالانفتاح على دمشق، مع اجواء تقول ان هناك من حدد توقيت صدور القرار الاتهامي في جريمة تفجير مسجدي السلام والتقوى (الاصابع تتجه الى وزير العدل المستقيل اشرف ريفي) لكي يقفل الباب في وجه اي تفاهم او تنسيق مع دمشق.

وكان كلام رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم حول التوجه الجدي الى تطبيع العلاقات مع سوريا قد احدث صدمة داخل تيار المستقبل الذي يدرك، بدقة، ما هي الابعاد الدراماتيكية لخطوة من هذا القبيل.

ويقال ان ريفي يتعقب الحريري خطوة خطوة، والقرار الاتهامي لا بد أن يزيد في حدة العلاقات مع دمشق، وان كان الثابت ان في مسائل من هذا النوع، يأتي الوحي من الرياض ويحط على كتف الحريري.

اي تفاهم مع النظام السوري ممنوع، يدرك ذلك الحريري، ولا يترك اي مناسبة الا ويهاجم النظام بـ«المنجنيق».

الاتفاق الاميركي - الروسي حول سوريا لا بد ان يحدث تغييراً في مسارات المنطقة. سبق لفلاديمير بوتين وقال ان قواعد النظام العالمي الجديد تنبثق من سوريا. الرئيس باراك اوباما لا يمانع في «الشراكة» الاميركية - الروسية حول بعض المسائل التي يبدو انها افلتت من قبضة واشنطن وموسكو معاً.

اللبنانيون لا يعلمون ما اذا كانوا عالقين بين يدي الاتفاق الدولي (ان حصل) او الصراع الاقليمي الذي يبدو واضحاً انه يأخذ منحى جديداً بعد التحول الذي حدث في الموقف التركي.


 التيار ومفهوم الميثاقية 


الحوار الصعب، وان وصفه البعض بالحوار المستحيل اليوم، التيار الوطني الحر الذي سيحضر، وبشخص رئيسه الوزير جبران باسيل سيطرح الميثاقية (وانطلاقا من وضع الحكومة) قبل السلة. ان اعجبه تفسير مفهوم الميثاقية مضى في الحوار وفي الحكومة، وان لم يعجبه سينضم الى «القوات اللبنانية» في موقفها المقاطع للحوار وللحكومة، دون ان يأخذ بالاعتبار موقف حليفه «حزب الله» الذي يعتبر ان مصلحة البلاد في الوقت الحاضر تفترض الابقاء على الحكومة، وعدم انتقال عدوى الشغور من بعبدا الى اليرزة القريبة.

في كل الاحوال، ما ينقل عن سفراء الدول الكبرى ان هذا ليس الوقت المناسب للبحث «الفلسفي» في المفاهيم. الظروف استثنائية، وعلى ظهر حكومة انتقالية او موقتة ما يزيد الاستثنائي استثنائية.


 التعامل مع الالغام 


مشاركون في الحوار ويقولون ان المسافات زادت تعقيداً بين القوى السياسية. كيف يمكن لبري ان يتعامل مع الالغام على طاولة الحوار.

المسائل تتداخل بعضها مع بعض، قانون الانتخاب اولاً ام انتخاب رئيس الجمهورية؟ تيار المستقبل بالمطلق، ضد السلة التي يخاف ان تقوده الى اعادة النظر في اتفاق الطائف او الى «اللحظة التأسيسية» بعدما قال التيار الوطني الحر نفسه ان الازمة (بعد جلسة الخميس) انما هي ازمة نظام لا ازمة حكم. وكل ما يريده التيار من النظام تعيين قائد جديد للجيش لتفادي «القفزة الاخيرة» لقهوجي باتجاه القصر الجمهوري، على ان يتلاقى او يتقاطع ذلك مع انطلاق المسار الديبلوماسي في المنطقة.


 السنيورة يرد على جعجع 


الذين كانوا يعتبرون ان كلام جعجع اول من امس حول معادلة عون - الحريري انما يعكس شيئاً ما يجري وراء الستار، فاجأهم كلام الرئيس فؤاد السنيورة بتجديد دعوته الى «الالتزام بالدستور، ولا سيما لجهة انتخاب رئيس للجمهورية وتسميته رئيساً للحكومة».

اضاف «ان الدستور واضح لجهة كيفية انتخاب الرئيس، وهو لا يتحدث عن فرض او تعيين، كما ان اختيار رئيس له اصول في كيفية التسمية، والمسألة ليست مسألة توزيع مغانم خارج اصول الدستور».

وسأل السنيورة ما الذي يمنع في المستقبل ان تنسحب عملية الفرض هذه على تسمية الوزراء وعلى ما سيرد في البيان الوزاري، عندئذ نكون قد دخلنا في منزلق لا مجال لوقفه».

كما سأل «اين تحمينا الممارسة الواقعية للدستور؟ هل تحمينا في انتخابات رئاسة الجمهورية عندما يفرض علينا مرشح واحد او تعطل الانتخابات، وهذا ما نراه اليوم امام اعيننا، فهم يعطلون تطبيق الدستور، ولا سيما المادة 74 منه التي تقول انه اذا شغر منصب رئيس الجمهورية لأي سبب، يجتمع مجلس النواب فوراً وبحكم القانون لانتخاب رئيس».

وقال السنيورة «هل ما يعدنا به الدكتور جعجع يحصل الان؟ وكيف ان الممارسة الواقعية للدستور لا تحميني الان فكيف ستحميني في المستقبل، علماً بأننا نحن من التزم الدستور عندما اسقطت حكومة الرئيس سعد الحريري (كانون الثاني 2011) رغم ما اصابنا من زعل وغضب».

ورداً على قول جعجع «فليعطنا البعض بدائل قابلة للصرف والتطبيق»، اورد مثلاً شعبياً يقول «واحد جوعان وضعوا امامه رغيف ونصف رغيف وقالوا له صحيح ما تقسم ومقسوم لا تأكل وكل واشبع».


 قاسم: حلان 


الى ذلك، رأى نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم انه «يوجد هناك حلان للازمة في لبنان، اما طريق السلة المتكاملة واما ان تكون هناك حلول جزئية». 

وقال «تعالوا نتفق على انتخاب رئيس للجمهورية، ونحدد من هو شخص الرئيس، بدلاً من ان نضيع الوقت في المناكفات وفي النظريات».

واعتبر وزير الصحة وائل ابو فاعور أن الحريري «حاجة وطنية لكل اللبنانيين، حتى للذن ينظرون اليه بعين الخصومة السياسية»، موجهاً الدعوة باسم اللقاء الديموقراطي (كتلة نواب جنبلاط) الى بعض مكونات الحكومة، وتحديداً التيار الوطني بالعودة «عن الموقف الذي اتخذه بمقاطعة عمل مجلس الوزراء. لتبقى هذه المؤسسة الحصن الاخير من المؤسسات الدستورية».

واذ تتداخل الجبهة السياسية في لبنان، ببعض وجوهها، مع الجبهة العسكرية في لبنان، تمكن الجيش السوري من العودة الى فرض الحصار على مسلحي المعارضة في حلب الشرقية، في حين تمكنت فصائل معارضة يديرها ضباط اتراك، وبمساندة مدفعية تركية، من ربط جرابلس باعزاز وعزل «داعش» بعيداً عن الحدود التركية.

هذا في حين يبدو ان الاتفاق الروسي - الاميركي حول وقف النار في سوريا (وتوابعه) لا يزال مثار مد وجزر لعل اللقاءات الهامشية في قمة العشرين في الصين تأتي للشرق الاوسط بالترياق من الشرق الاقصى.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024