تحت عنوان "الخاسر الأكبر في قرار ترامب الخطير بنقل السفارة الى القدس هو نتنياهو" شرحت صحيفة هآرتس المأزق الذي أوقع نتنياهو نفسه فيه، واعتبار انه الى حد ما، المازق من صنع يديه ما يجعله أكثر سوءا.

وقالت الصحيفة انه مهما كان قرار دونالد ترامب هذا الأسبوع وإن أقدم على الوفاء بوعده ونقل السفارة الأميركية الى القدس ، فإن بنيامين نتنياهو سيكون الخاسر الأكبر، وسيعلم أكثر من أي شخص أن ما يبدو وكأنه تحقيق حلم إسرائيل يمكن أن يصبح سريعا جدا أسوأ كابوس لرئيس الوزراء.

وذكرت الصحيفة انه في الواقع، هناك دلائل تشير إلى أن نتنياهو، مع الأخذ بعين الإعتبار نصيحة مؤسسته الأمنية والعسكرية، أراد فعلا أن يرجئ ترامب نقل السفارة الى الأشهر الستة المقبلة.

وأضافت الصحيفة انه من الواضح لنتنياهو إذا أعطى ترامب الضوء الأخضر لنقل السفارة، فإن العواقب يمكن أن تكون كارثية، بدءا من إشعال إنتفاضة فلسطينية جديدة في القدس والمنطقة من أجل الخروج الكامل من الحرب الإقليمية. لو حدث ذلك، سيلام نتنياهو بالتأكيد، بصفته ضاغطا من أجل هذه الخطوة.

وحسب الصحيفة فإن ترامب نفسه قد أعطى مؤشرات، آخرها في حزيران الماضي، انه وعلى الرغم من وعوده بنقل السفارة كونه مرشح، فإنه كرئيس لا يفضل كثيرا أن يفعل شيئا حيالها. خصوصا لأن هذه الخطوة يمكن أن يكون لها آثار بعيدة المدى في جميع أنحاء العالم الإسلامي. ويمكن لترامب، بعدما رسخ الكثير من سياسته الخارجية في علاقات جيدة مع المملكة العربية السعودية، أن يتحمل تفاقم الاوضاع التي أثيرت بالفعل من قبل ترامب عبر الإسلاموفوبيا الذي عبر عنه  الرئيس بحظر السفر وتغريداته ضد المسلمين. كل هذا يمكن أن تستغله إيران، في صراعها من أجل الهيمنة عبر الإستحواذ الواسع للمنطقة.

وقالت الصحيفة انه وعلى المستوى الأكثر إلحاحا، فإن إسرائيل لا تريد أن ينظر إليها من قبل البيت الأبيض على أنها أوقفت أي فرصة للتوصل إلى إتفاق إسرائيلي – فلسطيني. ومع ذلك، فإن ما قد يحدث الآن قد يكون أيضا سلسلة من الضربات لنتنياهو.

وأضافت الصحيفة إن حظوظ نتنياهو السياسية تفشل بسرعة، محققو الشرطة يطوقون مكتبه، ويحتاج بشدة إلى البصيرة للإنتصار للمساعدة لقلب تدهور دعمه الشعبي. ولكن إذا أوقف ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بدلا من الخطوة الموعودة بنقل السفارة، فإن نتنياهو قد يواجه مشكلة مزدوجة.

وتابعت الصحيفة قولها، من جهة، يمكن أن ينشأ ثورة من الغضب والإضطرابات الفلسطينية والعربية، مشابه لما قد يثيره نقل السفارة. ومن جهة أخرى، يمكن للإسرائيليين أن يستنتجوا أن مكانة نتنياهو وإمكانية تاثيره بالبيت الأبيض أقل مما أعطى رئيس الوزراء لنفسه.

وأشارت الصحيفة الى ان الإسرائيليين يعرفون أن دونالد ترامب لا يعطي شيئا مجانا. والسؤال الآن هو، ماذا سيكون الثمن بالضبط؟ ماذا يتوجب على إسرائيل الدفع الآن - وفي مقابل أقل بكثير مما وعدت به مرارا وتكرارا.

وقالت الصحيفة انه عندما تتضح الصورة، مهما كان العنف أو الإنتكاسات الدبلوماسية أو الضغوط غير المرغوب فيها التي قد تواجهها إسرائيل الآن، لن تكون هناك سفارة أميركية في القدس.

وذكرت الصحيفة ان هناك عدد من الأسباب التي جعلت أربع إدارات متتالية في واشنطن (كلينتون وبوش وأوباما وترامب) تقاوم الضغط لتطبيق قانون سفارة القدس لعام 1995، وهو قانون أقره هامش غير مكرر على الأرجح في الكونغرس (93-5 في مجلس الشيوخ، 374-37 في مجلس النواب).

وذكرت الصحيفة ان أحد أهم العوامل وهو أيضا واحدا من أكثر العوامل التي بقت بعيدا عن أعين الناس، هو الخوف الراسخ عند ما لا يقل عن ستة رؤساء وزراء إسرائيليين متعاقبين (اسحاق رابين وشيمون بيريز وبنيامين نتنياهو وإيهود باراك وأرييل شارون وإيهود أولمرت) ان نقل السفارة والإعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل يمكن - إن كان ذلك للحصول على فائدة رمزية محضة - أن يفجر صراعا ذا أبعاد كبيرة.

وأنهت الصحيفة قائلة بأنه وعلى مدى أجيال، كان الرمز الذي يمكن الوصول إليه والممكن إستغلاله سياسيا لهذا الظلم هو فشل المجتمع الدولي، بما في ذلك واشنطن، في الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. أما الآن كل هذا يمكن أن يتغير، ولكن ليس بالضرورة للأفضل، ففي النهاية، إن الدم الذي سوف ينسكب بالتأكيد، لن يكون على يد ترامب بل سيكون على يد نتنياهو.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024