غداً في 31 آب، وكلّ عام في مثل هذا التاريخ يتذكّر الكون رحيل المرأة الأشهر في العالم، ديانا سبنسر أميرة ويلز. بعد 19 عاماً على رحليها لا زالت هذه الثائرة حديثَ الصحافة والإعلام والناس أكثر من العديد من الأحياء. «أميرة القلوب» رحلت في الجسد إلّا أنها خلّفت وراءها ألغازاً وقصصاً وذكريات ستشغل الناس لعشرات السنين.

لم تعش ديانا حياة طبيعية، بل إنّ تسارع الأحداث في أيامها القليلة على الأرض وعشقها للحياة والأضواء، وشخصيّتها الاستثنائية، كلها عوامل ساهمت في تكريسها أميرة لا تُنسى، سيبقى أثرها محفوراً في الذاكرة العامة بينما يعيش غيرها من الناس عمرها مضروباً باثنين ويرحلون دون ترك أثر.


عين على المملكة

لم تكن ديانا من عائلة فقيرة أو متواضعة، فهي من آل «سبنسر»، إحدى أكبر العائلات الأريستوقراطية في إنكلترا. هي لم تدخل قصر «باكينغهام» لتصبح أميرة (اللقب الذي حصدته)، إنما لتكون الملكة.

تزوّجت ولي العهد البريطاني والمتوقع أن يرث العرش عن والدته، في أيّ لحظة، ولكنّ زواجها التاريخي بتشارلز في 29 تموز 1981 شكل نعمتها ونقمتها. هذا الزفاف قدم لها الشهرة التي لطالما اهتمت بتعزيزها، إنّما لم يمنحها الحبّ، بل دمّر حياتها العاطفية ورماها في براثن ضياعٍ أدّى في النهاية إلى مصرعها إثر حادث السير التاريخي مع صديقها المصري الملياردير دودي الفايد في العاصمة الفرنسية، ليل 30 -31 آب عام 1997.


نصائح تعيسة

كان لتشارلز عمّ إسمه لورد لويس ماونتباتن، وكان الأمير الشاب يثق به ويحبه. لم يتردّد العم في نصح الأمير حول حياته الشخصية، فقال له: «يجب أن تكون للرجل علاقات ومغامرات عاطفية عدة قبل أن يستقرّ». وبعقلية جدّ تقليدية أرشده: «هؤلاء النساء لا تفكّر بهنّ جدّياً»، فبالنسبة للزوجة، يعتبر العم: «يجب أن تختار فتاة مناسبة، جذابة ولطيفة لم تلتقِ بعد بأيّ رجل سواك يسرق قلبها».

هذه العقلية المنتشرة في الشرق خصوصاً وأيضاً في الغرب، تشجع الرجل على إقامة علاقات عديدة، ليلتقي بعدها فتاة عذراء جسدياً ونفسياً فيتزوّجها، على اعتبار أنه بعد الزواج سيتوب. لكن غالباً ما لا تسلم الجرة فيتعلّق بشريكة إحدى مغامراته، ولكنه لا يتزوّج سوى «ابنة العائلة المنتظرة»، ونتيجة ذلك: يخونها ويهملها ما يدمّر حياتهما.

هذه هي حال تشارلز، مغامراته أوقعته بغرام «كاميلا باركر بويلز»، التي ما كانت والدته الملكة ستقبل بها زوجة، فتزوّجت كاميلا برجل آخر، وبعدها ارتبط شارلز العازب بديانا إبنة آل سبنسر، علماً أنّ أمه كانت تهدف إلى جعله يتزوّج إحدى بنات هذه العائلة.


زواج فاشل

أُعلنت خطوبة ديانا وتشارلز رسمياً في 24 شباط عام 1981. بعد أيام وخلال أوّل مقابلة تلفزيونية جمعت الثنائي، سألهما الصحافي إذا ما كانا مغرمَين؟ «طبعاً» أجابت ديانا بابتسامة، أما الأمير فسأل: «ماذا تعني مغرمَين»؟ ولازال صدى ملاحظته الباردة يلاحقه حتّى اليوم. غياب مشاعر تشارلز حيال ديانا كان واضحاً بالنسبة للشاهدين على السنة الأولى من علاقة الثنائي.

بعد الارتباط الرسمي، شكلت ديانا وزوجها الأمير تشارلز أحد أبرز نماذج الزواج غير المبني على أسس متينة، فأظهرا للعالم تداعياتِ عدم حبّ الرجل لزوجته. هذا الزواج الذي اعتبرته الأميرة في البداية صيداً ثميناً، جعل المحبوبةَ من شعبها تعاني التعاسة والوحدة، بسبب علاقة زوجها بكاميلا، والتي أصرّ عليها وتمسّك بها.


المرأة الأخرى

هو خان ديانا على مرّ سنوات زواجهما. كانت الأميرة تعلم بعلاقتهما قبل أن تتزوَّج، ولكنّ تشارلز أكد لها أنّ ذلك من الماضي، وربّما فكرت كما تفعل أيّ فتاة تحملها رومانسيّتها إلى اعتقاد أنّ زوجها لن يكون إلّا وفياً بعد الارتباط وأنّ الحب يزداد بعد الزواج.

فقد شكّت بخيانته قبل أسبوعين من الزفاف، وغضّت النظر فدفعت الثمن. لعبت كاميلا دورَ المرأة الأخرى في حياتهما الزوجية، وتمكنت من أن تطيح علاقتهما، في عام 1992 بعد زواج دام 11 سنة، أنجبت خلالها ديانا ولي العهد الثاني بعد تشارلز الأمير ويليام، والأمير هاري. ولم يقف طموحُ كاميلا عند هذا الحدّ بل هدفت إلى أن تصبح الملكة المنتظرة وزوجة تشارلز الثانية بعد طلاقه، وكان لها ما أرادت بعد موت ديانا.


لا حياة دون حبّ

عُرفت ديانا بنموذج المرأة التي لم تقوَ على العيش من دون حبّ عقب طلاقها. فبعد أن حُرمت حياة المرأة المدلّلة من قبل زوجها في كنف العائلة المالكة، بحثت عن الحب في مكان آخر. المقرّبون منها يؤكدون أنها وجدت الهيام في أحضان طبيب القلب البريطاني الباكستاني الوسيم «حسنة خان». هو داوى قلبها المجروح عاطفياً لبرهة فتمنّت الزواج منه، لكنّ علاقتهما السرّية لم تدم سنتين.

هجرها لأسباب تتعلّق بإدراكه استحالة علاقتهما. فقد كان يكره الأضواء ويئس الهرب من ملاحقة الصحافة لهما، وربّما خشي الطبيب على حياته من القتل، كما يُشاع أنّ أهله المحافظين ما كانوا ليرضوا بعلاقته بالأميرة الإنكليزية.

إنفصال ديانا عن رجل أحلامها رماها على أعتاب الميلياردير وزير النساء دودي الفايد، فيما يؤكد المقرّبون منها أنه لم يكن يعني لها بقدر ما كانت تريد إثارة غيرة خان. وما هي إلّا أسابيع قليلة حتّى وقع الحادث المُفجع الذي أودى بحياتهما.

توفيت والدة وريث العرش البريطاني عن عمر 36 عاماً وسط حالة غضب وحزن وصدمة عمّت الشارع الإنكليزي والعالم. سنواتُ شباب ديانا كرّستها أيقونةً للجمال والموضة والأناقة اللافتة، فحصدت شهرة عالمية. وقد وجدت تحقيق ذاتها في مجموعة واسعة من القضايا الإنسانية التي دأبت على دعمها حول العالم.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024