المواجهة على الحدود السورية التركية تختصر المشهد السوري في الظرف الراهن وعلى هذه المواجهات بين القوات التركية والميليشيات المسلحة المتحالفة ضد قوات سوريا الديموقراطية ستتحدد الكثير من سير الامور في ظل ما يقلق العملية العسكرية التركية من غموض يحتاج الى مزيد من الوقت لتحديد بوصلة واتجاهاته في ظل الرفض الاميركي للمنطقة الامنة.
ورفض اقامة حظر جوي مما قد يدفع العلاقات بين واشنطن وتركيا الى مزيد من التدهور في ظل موقف واشنطن الداعم للاكراد.
وفي ظل هذه التطورات كان لافتا ما جرى في الحسكة من عملية تبادل للاسرى بين الجيش السوري وقوات الاساشي، الكردية بدعم روسي بالاضافة الى تسليم الجرحى ولوائح بأسماء المفقودين كما تم تسليم الجثث ودخل الحسكة مزيد من قوافل التموين كما عقدت اللجان المشتركة الكردية السورية سلسلة اجتماعات لترسيخ الوضع الامني ومعالجة كل اثار الاشتباكات الماضية.
اما على الصعيد العسكري فقد واصل الجيش التركي توغله وحلفاؤه ليسيطروا على أراض كانت تحت سيطرة قوات مرتبطة بالأكراد في اليوم الخامس من حملة عبر الحدود قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنها قتلت 35 قرويا على الأقل.
وحلقت الطائرات الحربية التركية في سماء شمال سوريا فجر امس وقصفت المدفعية ما قالت مصادر أمنية إنها مواقع تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية بعد أن أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع معارك عنيفة خلال الليل حول قريتين.
وقال الجيش التركي إن 25 مسلحا كرديا قتلوا في ضرباته الجوية. ولم يرد تعقيب فوري من وحدات حماية الشعب لكن قوات متحالفة معها قالت إنها انسحبت من المنطقة التي تستهدفها تركيا قبل بدء الهجوم.
وأرسلت تركيا - التي تحارب مسلحين أكرادا على أراضيها - جنودا ودبابات ومعدات عسكرية أخرى إلى سوريا دعما لمقاتلي معارضة سوريين متحالفين معها. وانتزعت القوات المدعومة من تركيا أولا بلدة جرابلس الحدودية السورية من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية قبل أن تتوغل جنوبا إلى مناطق تسيطر عليها فصائل مرتبطة بالأكراد. كما تحركت هذه القوات غربا نحو مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية.
وأعلن مسؤولون أتراك بوضوح أن هدفهم في سوريا إضافة إلى طرد تنظيم الدولة الإسلامية من معاقله هو أيضا ضمان ألا توسع قوات كردية نفوذها على أراض تسيطر عليها بالفعل على طول الحدود مع تركيا.
لكن مصدرا في المرصد السوري قال إن الهجوم التركي تركز حتى الآن على استهداف الجماعات المتحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية وهو تحالف يتضمن وحدات حماية الشعب.
وتتمتع قوات سوريا الديمقراطية بدعم من الولايات المتحدة التي تراها حليفا فعالا ضد الدولة الإسلامية ومن ثم فإن تحرك تركيا ضد الجماعات المتحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية يضعها في خلاف مع واشنطن حليفتها في حلف شمال الأطلسي مما يزيد تعقيد الحرب السورية التي بدأت عام 2011.
وذكر المرصد أن القوات المتحالفة مع تركيا سيطرت على قريتين جنوبي جرابلس وهما جب الكوسا والعمارنة واللتين كانتا تحت سيطرة جماعات موالية لقوات سوريا الديمقراطية.
وأضاف أن القتال أسفر عن مقتل 20 مدنيا في جب الكوسا و15 في العمارنة وأصيب عشرات آخرون.

 التقدم جنوبا

ذكر المرصد أن مقاتلي المعارضة المدعومين بالدبابات التركية خاضوا معارك حتى الفجر ضد جماعات منافسة متحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية حول العمارنة لكنهم فشلوا في السيطرة عليها. وأضاف أن الجماعات المتحالفة مع قوات سوريا الديمقراطية ألحقت أضرارا بثلاث دبابات تركية هناك.
وقالت مصادر أمنية تركية إن الطائرات الحربية والمدفعية أصابت مواقع لوحدات حماية الشعب جنوبي جرابلس وصوب منبج وهي مدينة سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية التي تناصر الأكراد هذا الشهر في عملية دعمتها الولايات المتحدة.
وقال العقيد أحمد عثمان قائد جماعة السلطان مراد لرويترز إن القوات المعارضة المدعومة من تركيا تتوجه «بالتأكيد باتجاه منبج لأن قوات سوريا الديمقراطية لم تخل مواقعها ولكن قامت بالتحصين.» وأضاف أن المقاتلين المدعومين من تركيا يتقدمون غربا صوب مناطق للدولة الإسلامية.
وتريد الحكومة التركية أن توقف القوات الكردية من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية على الحدود التركية وهو الأمر الذي تخشى أن يزيد حزب العمال الكردستاني جرأة. ويشن حزب العمال الكردستاني تمردا منذ ثلاثة عقود في تركيا.
وقالت تركيا إن أحد جنودها قتل السبت عندما أصاب صاروخ دبابة. وأضافت أن الصاروخ جاء من منطقة تسيطر عليها وحدات حماية الشعب. وهذا أول قتيل يعلن الجيش التركي سقوطه في الحملة.
وعانت تركيا من تداعيات الصراع داخل جارتها الجنوبية واستهدفت كثيرا بهجمات من تنظيم الدولة الإسلامية. وتشتبه الحكومة في أن التنظيم مسؤول عن تفجير في حفل زفاف هذا الشهر قتل خلاله 54 شخصا.
الى ذلك دعا ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا جميع الأطراف المتحاربة إلى الموافقة على إعطاء ضوء أخضر لأول تسليم آمن لإمدادات الإغاثة إلى مدينة حلب المقسمة.
وتسعى الأمم المتحدة إلى هدنة إنسانية أسبوعية مدتها 48 ساعة لتسليم الأغذية والأدوية وغيرها من المساعدات للسكان في شرق حلب الخاضع لسيطرة المعارضة وأيضا السكان في القطاع الخاضع لسيطرة الحكومة بغرب المدينة.
وترغب المنظمة أيضا في إصلاح شبكة الكهرباء وإيصالها هي والمياه إلى 1.8 مليون شخص وسط مخاوف من تفشي الأمراض.
وقال دي ميستورا في بيانإنه لأسباب تتعلق بالعوامل اللوجستية والعمليات فإن القافلة الأولى يجب أن تذهب عبر طريق الكاستيلو أثناء توقف إنساني لمدة 48 ساعة في القتال رغم أنه على علم بأن مسلحي المعارضة يعارضون استخدام ذلك الطريق الذي تسيطر عليه الحكومة.
وقال المبعوث الدولي إن روسيا الحليف الرئيسي لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد وافقت على خطة الأمم المتحدة وإنها مستعدة لضمان الالتزام بها لكنه أوضح أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول تعمل على إلزام الأطراف الأخرى بها.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024