من المتوقع أن يرفض الرئيس ترامب هذا الأسبوع أهلية إيران بالإمتثال للإتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015، وهو اتفاق دبلوماسي هام يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي.

وحسب صحيفة نيويورك تايمز فإن ترامب مستعد لاتخاذ هذا الإجراء على الرغم من أن إيران لا تنتهك شروط الإتفاق وفي الواقع إن كبار مسؤولي الأمن الوطني الرئيسيين قالوا علنا إن إيران تفي بالتزاماتها، وقد أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة برصد الإتفاق والتحقق منه، ثمانية تقارير على مدى السنتين الماضيتين تكرر فيها هذه الاستنتاجات في حين أن الرئيس يبدو مستعدا لبرهنة أن الإتفاق لم يعد في مصلحة الأمن القومي الحيوي للولايات المتحدة بسبب الأنشطة الإيرانية الأخرى في الشرق الأوسط، بما في ذلك دعمها لـ"الإرهاب" وتدخلها في سوريا واليمن، وتهديداتها لأمن إسرائيل.

وأضافت الصحيفة أن إدارة ترامب على حق بأن السلوك الإيراني يزعزع استقرار المنطقة ولكن الخطأ عندما يقول أن هذا التصرف يتناقض مع "روح" الإتفاق، وأنه بالتالي يمتلك تبريرا لرفض التصديق على امتثال إيران للإتفاق وبالواقع فإن السياسة الخارجية المقلقة لإيران هي بالتحديد السبب في أن الصفقة كانت ضرورية في المقام الأول: إيران المسلحة بسلاح نووي ستكون أكثر تهديدا للأمن الإقليمي والعالمي ولكن بدلا من تحمل المسؤولية بالبت في مستقبل الإتفاق، يريد الرئيس تمرير ضربة الإعتراض، وقد أشار البيت الأبيض إلى أن ترامب سيحث الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون بعد قراره المتعلق بالتصديق على عدم فرض عقوبات على إيران التي من شأنها أن تعطل الإتفاق وبدلا من ذلك، يأمل أن يصدر الكونغرس تشريعا جديدا لمعالجة الشؤون التي لم تكن أبدا جزءا من الاتفاق النووي الأصلي. وإذا امتثل الكونغرس، فإن هذا الإجراء الانفرادي لتغيير اتفاق متعدد الأطراف سيؤدي إلى القضاء عليه فعليا.

وذكرت الصحيفة أن عدم رغبة الرئيس في قبول الحقيقة بشأن انتفاق إيران الذي يعمل على إبقاء إيران بعيدة من الحصول على سلاح نووي والتي هي بوضوح في مصلحة الأمن القومي الأمريكي سيكون لها عواقب بعيدة المدى. واضافت الصحيفة إن هذا القرار سوف يخرق ثقة شركاء أميركا ويعزل البلد وإن الاتفاق كان بموافقة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين بالإتفاق مع ألمانيا والإتحاد الأوروبي ثم صدق عليه مجلس الأمن بالإجماع، كل هذه الاطراف باستثناء الولايات المتحدة تريد المحفاظة على الإتفاق وإذا كان الرئيس ترامب سينقض الاتفاق النووي فإن تداعيات السياسة الخارجية الأمريكية ستكون كارثية وتؤدي الى إنشقاق بين الولايات المتحدة وأوروبا، وتضعف العلاقة الدقيقة لنطاق الأطلسي وتزيد من تأثير إيران وروسيا والصين، وعندما يسافر الرئيس الى الصين الشهر القادم للسعي للحصول على دعم للتعامل مع البرنامج النووي لكوريا الشمالية سيجد الشركاء الصينيين أقل استعدادا وسوف تتضرر مصداقية واشنطن في المرة القادمة التي تريد فيها أن توافق الدول على شيء مثل إدانة سلوك إيران في الشرق الأوسط أو التشديد على كوريا الشمالية، وتابعت الصحيفة في الواقع إننا من المحتمل أن نفقد أي إمكانية للحوار مع كوريا الشمالية لأن بيونغ يانغ ستعتقد أن الولايات المتحدة لن تفي بالتزاماتها حتى بالإتفاقات المتعددة الأطراف.

 وتقول الصحيفة إن "التصرف الذي لا يمكن التنبوء به" - المبرر الذاتي الأفضل لسلوكيات الرئيس الغريبة-  يعتبره تكتيكا تفاوضيا ولكن عندما يتعلق الأمر بالحرب والسلام فإن الدقة والمصداقية هي الأكثر أهمية.

وأضافت الصحيفة أنه وما إذا كانت تصريحات إدارة ترامب ستفكك الصفقة بسرعة أو ببطء فإن العمل الأمريكي الأحادي غير المبرر سيعطي الإيرانيين قاعدة أخلاقية عالية مما يسمح لهم بأن يقولوا إن الولايات المتحدة وليس هم من أوقف الإتفاق وفي الوقت نفسه إذا بقيت إيران على اتفاق مع البلدان الأخرى الذين هم طرف فيها فإن الولايات المتحدة سوف تفقد مكانتها لتقديم قلقها إلى اللجنة المشتركة، منتدى الاتفاق الذي أنشئ للإشراف على سير العمل، و أي دليل يُقدم حول المواقع العسكرية الإيرانية المشتبه فيها سينظر إليه بحذر وفي حالة اعادة  الكونغرس لفرض العقوبات فإن ايران سوف تنسحب من الاتفاق وستعيد تشغيل برنامجها النووي وستطرد محققين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسترفض المناقشة حول الأمريكيين المفقودين في إيران أو المحتجزين في السجون الإيرانية، إن الولايات المتحدة والعالم سوف يفقدان أعيننا وآذاننا على الأراضي الإيرانية وهذا الفراغ المعلوماتي يمكن أن يؤدي في وقت قصير لدراسة العمل العسكري لتدمير المنشآت النووية الإيرانية مما قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط وبالنظر إلى الدورة التصعيدية التي نواجهها مع كوريا الشمالية فضلا عن فصاحة بيونغ يانغ وفصاحة الرئيس، ستواجه أمريكا بلدين تهدد طموحاتهما النووية أمننا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه من الصعب رؤية كيف أن أي من هذه العواقب تحسن الأمن القومي للولايات المتحدة وعلى الرغم من أن ترامب ظاهريا لن يطلب من الكونغرس إعادة فرض العقوبات الآن فإن سجل الكونغرس الذي يفعل ما يريده الرئيس محزن وحتى لو لم يتحرك الكونغرس بسرعة لإعادة فرض العقوبات فإن إيران وحلفاءنا في هذا الاتفاق يعرفون أن انتخابات الكونغرس تلوح في الأفق وأن موقف صارم ضد طهران يمكن أن يجذب الحملات الإعلانية، إن الرئيس والكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون لا يلعبان بالنار فحسب بل إنهم يشعلون أنفسهم.

وقالت الصحيفة أنه بإمكان الرئيس والكونغرس العمل مع أطراف في جميع أنحاء العالم باستخدام الكثير من الأدوات لإحباط الإجراءات الإيرانية في الشرق الأوسط مع الحفاظ على الاتفاق النووي لتحقيق هدفها أي منع طهران من الحصول على الأسلحة النووية وبالنظر إلى أن قادة أمننا الوطني يعرفون ويتحدثون عن حقيقة امتثال إيران للإتفاق، لا يسعنا إلا أن نأمل في أن يمنع الكونغرس الرئيس من التخلي عنه وتعريض أمننا القومي بشكل كارثي.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024