منذ 6 سنوات | العالم / ترجمة LIBAN8

الإسرائيليون والأتراك، المصريون والأردنيون كلهم يسلكون الطريق إلى الكرملين على أمل أن يتمكن فلاديمير بوتين سيد الشرق الأوسط الجديد من تأمين مصالحهم وإصلاح مشاكلهم، هذه مقدمة مقال نشرته بلومبرغ حول بوتين والشرق الأوسط وتوازن القوى العالمي الجديد..

اما أخر الزوار فهو العاهل السعودي الملك سلمان الذي من المفترض أن يصبح أول ملك للمملكة الغنية بالنفط يزور موسكو وسيتصدر جدول اعماله كبح إيران وهي حليف روسي وثيق يُنظر إليه من قبل معظم دول الخليج العربية كعدو لدود.

وحتى وقت قريب جدا، كانت واشنطن وحدها كوجهة إلى هؤلاء القادة أما في الوقت الحالي فإن القوة الأمريكية في المنطقة تتراجع بشكل ملحوظ والدليل هو نجاح التدخل العسكري الروسي في سوريا الذي دعم الرئيس بشار الأسد بعد سنوات من إصرار الولايات المتحدة على تنحيه.

وقال دنيس روس الذي كان كبير المفاوضين الاميركيين في الشرق الاوسط ومستشار عدد من الرؤساء من جورج بوش الى باراك اوباما "لقد غيرت الحقيقة، ميزان القوى على الارض، لقد نجح بوتين في جعل روسيا عامل فعال في الشرق الأوسط هذا هو السبب في رؤية موجة  الزوار من الشرق الأوسط الى موسكو."

وأضاف السيد روس:" النجاح يجلب مشاكله الخاصة، كما تتراكم مطالب متضاربة، فإنه ليس من السهل أن ترسل كل هؤلاء الزوار الى وطنهم راضين، كلما حاولت ان تتخذ موقفا للتعامل مع جميع الاطراف، كلما وجدت انه من الصعب ان تلعب هذه اللعبة".

وكانت موسكو القوة الكبرى في الشرق الأوسط خلال الحرب الباردة في تسليح الدول العربية ضد إسرائيل، وانحسر تأثيرها مع انهيار الشيوعية. عندما غزت الولايات المتحدة العراق للإطاحة بصدام حسين، كانت روسيا متفرجة، غير قادرة على القيام بأكثر من الاحتجاج..

بدأت الجداول تتحول في عام 2013، عندما قررت الولايات المتحدة في عهد أوباما عدم مهاجمة الأسد. وبعد عامين، ارسل بوتين قوات وطائرات للدفاع عنه.

في معظم الأحيان، كانوا حلفاء أمريكا المحليين في معسكر –تنحية الأسد- وقد شعروا بخيبة أمل عندما لم يتم نشر الجيش الأمريكي لإجباره على الرحيل.

وقال خالد بطرفي، أستاذ في فرع جامعة الفيصل في جدة بالمملكة العربية السعودية، إن نفوذ روسيا في المنطقة نما "لأن أوباما سمح له بذلك، لسوء الحظ انه انسحب إلى حد كبير من الشرق الأوسط"."

وهذا الرأي منتشر على نطاق واسع وقد أعرب عنه بشكل صريح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الشهر الماضي الذى قضى سنوات يحث على العمل الامريكي ضد الأسد وقاإ ان المحادثات مع الولايات المتحدة لا يمكن ان تصل الى اي نتائج.

وانضمت تركيا حاليا الى روسيا وايران فى خطة لتخفيض حدة التصعيد وقال اردوغان انه "يحقق نتيجة". قبل عامين، أنذرت التوترات بين بوتين وأردوغان بالغليان، بعدما أسقط الجيش التركي طائرة روسية على الحدود السورية.

وفى يوم الجمعة الماضي توجه الرئيس الروسي الى انقرة لتناول العشاء مع نظيره التركي و"صديقه" الذي وافق على شراء منظومات صواريخ دفاع جوية روسية من طراز اس - 400، التي اثارت غضب الحلفاء في الناتو.

وفي الوقت نفسه، يتعاون السعوديون مع روسيا لإقناع المعارضة بالتوحد من أجل محادثات السلام والتي من المرجح أن تعزز الرئيس السوري في السلطة.

رحب حلفاء أميركا في الشرق الأوسط في الغالب بتغيير الرئيس الأمريكي وحديث دونالد ترامب عن تحدي إيران حتى الآن، على الرغم من أنه عالق بالقرب من سياسة سلفه في سوريا مع التركيز على محاربة تنظيم داعش وليس الأسد.

لذلك، مع تراجع هدف تغيير النظام في سوريا، تحولت الأولويات، ويحث السعوديون وقوى الخليج العربية الأخرى روسيا على الحد من دور إيران في سوريا، حيث قام حزب الله وغيره من القوات الشيعية التي تدعمها طهران بتقديم دعم للأسد.

واضاف "من الأفضل لروسيا عدم الوقوف الى جانب أي منهم. هذه هي الرسالة الرئيسية "، قال عبد الخالق عبد الله، وهو محلل سياسي مقره الولايات المتحدة،  "الملك الذي يمثل دول الخليج العربي ويمثل الكثير من الوزن الجيوسياسي يأتي إلى روسيا، يجب على روسيا أن تأخذ ذلك في الاعتبار."

وقال مسؤول قريب من الكرملين ان بوتين لن يحول موقفه من ايران لإستيعاب رغبات السعودية.

كما وجد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي زار روسيا اربع مرات خلال ال 18 شهرا الماضية انه من الصعب التأثير على الرئيس الروسي.

وفي آب، أخبر نتنياهو بوتين أن موطئ قدم إيران المتنامي في سوريا "غير مقبول". وفي سبتمبر / أيلول، قال لشبكة "سي إن إن" إن الإيرانيين يحاولون "استعمار" سوريا بهدف "تدميرنا وقهر الشرق الأوسط".

وقال شخص على دراية بشؤون موسكو ان روسيا رفضت طلبه إقامة منطقة عازلة داخل سوريا تبقي قوات ايران وحزب الله على بعد 60 كيلومترا على الاقل من الحدود الاسرائيلية وبدلا من ذلك عرضت روسيا منطقة استبعاد بطول 5 كلم.

كما رفضت روسيا مطالبة الولايات المتحدة بجعل نهر الفرات خطا فاصلا بين القوات الحكومية السورية والقوات التى تدعمها الولايات المتحدة فى شرقى سوريا. وقد أدى ذلك إلى سباق للإستيلاء على الأراضي من مقاتلي داعش المتراجعين من منطقة استراتيجية ذات حدود نفطية غنية.

وقال ايهام كامل مدير الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مجموعة اوراسيا ان روسيا نجحت في ابقاء قنوات اتصال مفتوحة من جميع الاطراف من ايران الى السعودية وحركة حماس الإسلامية الفلسطينية الى اسرائيل.

وقال اندريه كورتونوف المدير العام لمجلس الشؤون الدولية الروسي وهي مجموعة بحثية انشأها الكرملين إن روسيا لم تفسح المجال للمنطقة العازلة وإن لديها تفهما ضمنيا يسمح لاسرائيل بشن غارات جوية على حزب الله في سوريا.

وقد توسطت روسيا مع مصر لانهاء الخلاف بين الفلسطينيين فى غضون عشر سنوات بين فتح فى الضفة الغربية وحماس فى غزة. ودعا بوتين الفصائل الليبية المتقاتلة الى موسكو بعد سلسلة من جهود السلام التى بذلتها الدول الأخرى لم تسفر عن شيء.

أصبحت روسيا مستثمرا رئيسيا في كردستان العراق الغنية بالنفط، وكانت واحدة من القوى العالمية القليلة التي امتنعت عن إدانة تصويت الأخير على الاستقلال.

من الناحية الاقتصادية، فإن مسابقة التأثير تبدو غير متكافئة فالناتج المحلي الإجمالي الأمريكي هو أكثر 13 مرة من روسيا، وقال الكسندر زوتوف سفير موسكو لدى سوريا من 1989 الى 1994 ان هذا ليس عاملا حاسما دائما وأضاف "في بعض الأحيان لديك اثنين ملاكمين خرجوا إلى الحلبة، واحد ضخم ويمتلك عضلات والآخر هو أصغر ولكن ذكي وله تقنية أفضل."

إن صعود نجم روسيا جاء مع انشغال السياسة الأمريكية بآسيا، وتعب الجمهور الأمريكي من حروب الشرق الأوسط وهذا ما اختبره أوباما وترامب.

وقال كامل: "واشنطن لا تزال القوة التي لا غنى عنها في المنطقة ولكن التزامها بالتحالفات التقليدية يضعف، وهذا ما شجع القادة الإقليميين على التملص من رهاناتهم "الكرملين في ذهن الجميع". 

 by David Wainer, and Ilya Arkhipov


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024