منذ 6 سنوات | خاص / خاص - LIBAN8



لم نتساءل يومًا عن ما هيّة الشعائر التي يحييها الشيعة من بداية محرّم حتى الأربعين منه، بدءا من توزيع المياه بشكل مكثّف وكعك العباس والهريسة إلى توزيع البسكويت والراحة،هذه العادات القديمة التي يتوارثونها ويصرّون على إحيائها بأسلوب روحاني بغض النظر عمّا ان كانت مرتبطة دينيًّا بهذه المناسبة أم تقليدًا تعبّر في طياتها عن المحبّة للإمام الحسين بن علي والرغبة في طلب الثواب والأجر.. 


وقد تعدّدت الروايات المرتبطة بتاريخ المطبخ العاشورئي فمن اعتبار الباحث تشارلز بيري الذي اعتبر في المقدمة التي أعدّها لكتاب الباحثة ليليا زويلي «مطبخ العصور الوسطى في العالم الإسلامي»، أن الهريسة هي وجبة نبطية لا تزال متداولة حتى اليوم، ووصفها بطبخة معدة من «القمح الكامل المطبوخ مع اللحم حتى النضوج، يخفق لاحقاً إلى أن يتحول إلى مزيج سلس ولذيذ»، بينما حدّد أصولها جازماً أن «العرب قد تعلموا طريقة إعدادها من الأنباط، وهم مسيحيو سوريا والعراق الذين يتحدثون الآرامية»، إلى ظهورها بعد واقعة الطف وفي التفاصيل التي ترويها القصص يرجع تاريخها الى عام 61 للهجرة ، العام الذي استشهد فيه الامام الحسين وأخذت عياله بمن فيهم الأطفال "سبايا" الى بلاد الشام،وهناك أنهكهم الجوع بعد أن أعياهم التعب لطول الطريق جمعت أخته السيدة زينب الحبوب الموجودة في الخربة التي احتجز يزيد فيها السبايا وراحت تعمل من هذه الحبوب القليلة جدًا طعامًا تسد به رمق الجوع الذي أنهك الأطفال.


ويشير الباحث المؤرخ مثنى الغرباوي لوكالة أنباء "أصوات العراق" المستقلة إنه ومنذ ذلك الحين ظلت الهريسة " الزاد" والطعام المفضل الذي يعمله العراقيون في أيام عاشوراء وانتقلت إلى انحاء الوطن العربي..


هذه القصص يدعمها كبار السن في لبنان والذين يؤكدون عند سؤالهم عن أساس "طبخة الهريسة" فيجيبون بأنّه عندما جاعوا أيتام الإمام الحسين بن علي، جمعت السيدة زينب بعض الحبوب القليلة جدا والتي وجدتها في أرض الخربة التي تم احتجازهم بها فوضعتها في قدر كبير على النار لكنه سرعان ما امتلأ وأطعمت الأطفال"


وبما أن ما ذكر يبقى في خانة الروايات فإن لكعك العباس أيضًا في عاشوراء خصوصية مهمة لدى الشيعة وإن كانت الروايات لم تأت على أساس ارتباط هذا النوع من الحلويات بعاشوراء إلّا أن اسمه يرتبط ارتباطًا وثيقٌا بـ"العباس شقيق الإمام الحسين"، وما في توزيع هذا الكعك "المقمّر من الخارج، الأصفر من الداخل إلّا رغبة في تحصيل الثواب والأجر بحسب المعتقدات المتوارثة.


ولتوزيع المياه في عاشوراء أهمية كبيرة نظرًا لاستشهاد الامام الحسين بن علي ظمآنا بحسب ما تداوله المؤرخون والأحاديث، أما للبسكويت والراحة أقصوصة مشكوك في واقعيتها،حيث قيل أنه في زمن العثمانيين وعندما مُنعوا شيعة الامام الحسين بن علي "من إقامة مجالس العزاء ، لجأوا لحيلة البسكويت والراحة وهي الحلوى التي تعبّر عن الأفراح في ذلك الوقت فكانوا يضعونها على باب منازلهم حتى لا يتم التشكيك بأنهم يحيون شعائر عاشوراء الدينية.


وإن كانت هذه الشعائر منتجا ثقافيا، مرتبطا بهذه المناسبة دون وجود أي ارتباط ديني بها فإنّها بالنسبة للشيعة وللبنانيين منهم خصوصًا، تبقى الوسيلة الأسهل للتعبير عن حبّهم للحسين وآل بيتهم وما في توزيعهم وإحيائهم لهذه المراسم إلّا رغبة منهم في كسب الثواب، ومن العادات أيضًا أنه لا يمكنك رفض أي طعام يقدّم إليك باسم "محبة الحسين" او عن "روح الحسين"


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024