منذ 7 سنوات | حول العالم / Huffington Post

كثيرًا ما نسمع مصطلح "النسوية" أو "Feminism" يطلقه الناس غالبًا على المدافعات عن حقوق المرأة والمتخصصات في هذا الشأن، لم يقم أغلبنا بالبحث خلف المعنى الصحيح لذلك المصطلح مما جعله مثيرًا للارتباك، بالإضافة لاستخدام البعض له كمسبة لمن تحمله، لذا دعونا نخوض تلك المحاولة لتصحيح بعض المفاهيم حول مفهوم النسوية ونشأتها ومدارسها.

مفهوم النسوية:

النسوية هي مجموعة من النظريات الإجتماعية والفلسفات الأخلاقية والممارسات السياسية والاجتماعية والشخصية التي تتحرك بدافع القضاء على أشكال الاضطهاد والتمييز القائمين على أساس النوع الاجتماعي لأفراد المجتمع، والاعتراف بأن للمرأة الحق في الحصول على فرص متساوية في مختلف مستويات الحياة اجتماعيًا وعلميًا وعمليًا كالرجل، لبناء مجتمع يسمح للجميع بالنمو والمشاركة سويًا بأمان وحرية.
أحيانًا يربط البعض بين "النسوية - "Feminism وبين "حركة تحرير المرأة - Liberation Movement Women's" معتبرين أن المصطلحين يحملان نفس التعبير إلا أن البعض الآخر اعتبر أن النسوية معنى أكثر شمولية واتساعًا من مفهوم تحرير المرأة.

نشأة النسوية:

الموجة النسوية الأولى

يعتبر أول من عبر عن الآراء النسوية كان "كريستين دو بيزان" عندما أصدرت كتاب "مدينة النساء" بإيطاليا 1405 وقد سجل فيه أعمال النساء الشهيرات في الماضي وتأييده لحقوق النساء اجتماعيًا وسياسيًا، لكن لم تظهر حركة منظمة للمرأة إلا في أواخر القرن الـ18 بعدما قامت الكاتبة "ماري ولستونكرافت" بكتابة أول نصوص النسوية الحديثة تحت إسم "إثبات حقوق المرأة" والذي قد كتب على أصداء الثورة الفرنسية، ثم انطلقت "حركة تحرير المرأة" من نقطة مركزية للحراك وهي المناداة بحق المرأة في الاقتراع، ويعتبر ذلك الحراك هو الموجة الأولى للنسوية.

الموجة النسوية الثانية

بعد نجاح حراك الموجة الأولى أعتقدن الناشطات حينها أن فوزهن بحق التصويت يعني أن النساء حصلن على التحرر الكامل، وأن جميع مشاكلهن القائمة على أساس التمييز النوعي قد اختفت، وأصبح الحراك النسوي في حالة ركود حتى تجددت "حركة تحرير المرأة" في ستينيات القرن الـ20 بعد إصدار كتاب "الهالة النسوية" للكاتبة "بيتي فريدان" وكتاب "السياسيات الجنسية" لـ "كيت ميليت" واللذان توالت بعدهما العديد من الكتب التي تناولت الأبعاد الشخصية والنفسية والجنسية لاضطهاد المرأة وقمعها.

لم يكن الهدف من حراك الموجة الثانية مقتصرًا على هدف التحرر السياسي كالموجة الأولى، بل كان على نطاق أوسع وتبنى مزيدًا من القضايا، وامتدت مطالب الحركة إلى التحرر الاجتماعي، وتطرقت للحديث عن عدم المساواة في الأدوار الاجتماعية، ودور المرأة في الجنس، والإنجاب، والأعمال المنزلية، ورفض حصرها في تلك الأدوار فقط حيث أن لها الحق في التعليم والعمل كالرجل، ونجحت الموجة النسوية الثانية في الارتقاء بوعي الأفراد بكافة القضايا الاجتماعية وكان أحد نجاحاتها هو القدرة على تغيير مصطلح الجنس (Sex) إلى النوع (Gender) كما قامت بمحاولات لتعديل المساواة في الحقوق في دستور الولايات المتحدة الأمريكية.

الموجة النسوية الثالثة

رغم تحقيق الموجة الثانية لبعض النجاحات ألا أنها لم يكتمل حراكها وتوقف عند أوائل السبعينات، وفيما بعد ظهرت بعض التيارات المعارضة للحراك النسوي ومن ينتمي إليه، وبناءًا على ذلك ظهرت الموجة الثالثة التي انطلقت منذ بداية تسعينيات القرن الـ20 وممتدة حتى الآن، وتتبنى نفس القضايا التي تبنتها الموجة الثانية، ولكنها تنتمي إلى المدرسة الراديكالية حيث أن من قادوا تلك الموجة أعتبروا أن الأيديولوجيات الأخرى وسائل غير مناسبة لدفع الدور الاجتماعي للمرأة إلى الأمام.

أشهر مدارس النسوية:-

الحركة النسوية ليست تنظيمًا، وليست بمجموعة ثابتة من الأفكار الجاهزة يعتقد فيها كل من يؤمن به، فهي لها العديد من المدارس اللاتي بينهن اختلافات شديدة، و أشهرهن

1- النسوية الماركسية

تتبنى المدرسة الماركسية وجهة نظر طبقية تجاه قضايا المرأة كجزأ ونتيجة للمجتمع الرأسمالي، حيث أن تهميش المرأة وقهرها مرتبط بالملكية الخاصة والتحكم في قوة العمل مما قاد المجتمع للتحقير من دور المرأة في العمل وقدرتها على الإنتاج، والحل بالتالي يكمن في الاشتباك مع المجتمع الرأسمالي والعمل على تغييره بصورة كاملة للوصول لمجتمع لا طبقي مما يساهم في النهوض بوضع المرأة.

2- النسوية الليبرالية

تعتمد المدرسة الليبرالية على الشكل "الإصلاحي" حيث ترى أن الحل للنهوض بوضع المرأة في المجتمع يكمن في تغيير القوانين و السياسات، حيث يرون أنه لا داعي لإحداث تغيير جذري أو هدم النظام القائم عليه المجتمع فكل ما يحتاجون إليه هو بعض التغييرات الإصلاحية، بالإضافة لنظرتهم لقضايا المرأة بمنظور فردي حيث أن كل امرأة قادرة على الاختيار والسعي لتحقيق ذاتها وتغيير نظرة المجتمع لها.

3- النسوية الراديكالية

المدرسة الأصولية للنسوية، وترجع وجهة نظرها في عدم المساواة بين الرجل والمرأة في المجتمع إلى وجود "النظام البطريركي" ويقصد به النظام الأبوي والذي يقوم على تفضيل الرجال عن النساء، حيث يرى المنتمون لتلك المدرسة أن التأسيس الاجتماعي للجنس كمصدرًا لاضطهاد المرأة هو السبب في عدم المساواة بينها و بين الرجل وليس مجرد النظام الاقتصادي، وأن الحل يكمن في الإطاحة بالمنظومة الأبوية التي تعمل على بناء سيادة الذكور.

ورغم الاختلاف الجذري بين مدارس النسوية الموجودة بداخل كل أيدلوجية ألا أن هناك دائمًا أرضيات مشتركة تجمعهم وقد تجعلهم يصطفون أحيانًا للدفاع عنها والحفاظ على مكتسباتهم سويًا.

أخيرًا وجب التنويه عن أن النسوية فكر له أهداف واضحة يسعى إليها الأفراد عن طريق الحركات والمنظمات النسوية، مما يوضح أن كلمة "نسوية" ليست مسبة، وأن الناشطة النسوية ليست فتاة قبيحة، عنيفة، كارهة للرجال، أو معقدة تعاني من أمراض نفسية، هي فقط شخص يبحث عن حقه وحق كل امرأة في المجتمع بلا تفرقة أو تمييز بينها وبين الرجل على شيء سوى الكفاءة.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024