رغم تزايد التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا فثمة مكان واحد تتجاوز فيه بهدوء الاتصالات بين قواتهما العسكرية هذا التوتر. هذا المكان هو سوريا.

وقال مسؤولون أميركيون إن المسؤولين العسكريين الأميركيين والروس كانوا خلال ذلك كله يتواصلون بانتظام. ويوجد كذلك خط هاتفي ساخن يربط بين مراكز العمليات الجوية لكل من الجانبين.

وقال المسؤولون الأميركيون إن ما بين 10 و12 مكالمة تتم كل يوم عبر الخط الساخن مما يسهم في الفصل بين الطائرات الحربية الأميركية والروسية وهي تحلق لدعم مقاتلين مختلفين على الأرض.

وقد أتيح لـ«رويترز» في زيارة نادرة الإطلاع على محطة الخط الساخن للقوات الجوية الأميركية داخل منطقة العمليات الجوية المشتركة في قطر الأسبوع الماضي والتقت خلال الزيارة بخبيرين لغويين روسيين، كلاهما لغتهما الأم هي اللغة الروسية، يعملان مع القوات الأميركية لنقل الحوارات مع القادة الروس.

وقال قادة أميركيون كبار إنه رغم أن هذه الحوارات ليست سهلة فقد استمرت الاتصالات بين الجانبين.

وقال اللفتنانت جنرال جيفري هاريغيان أكبر قادة سلاح الجو الأميركي في الشرق الأوسط في مقابلة «الواقع أننا تعاوننا خلال مشاكل غاية في الصعوبة وعموما وجدنا وسيلة للحفاظ على خط عدم التداخل (الفاصل بين مناطق العمليات الأميركية والروسية) وتوصلنا إلى وسيلة للاستمرار في مهمتنا».

وقال هاريغيان دون التعليق على حجم المكالمات «نضطر للتفاوض وأحيانا تتسم المكالمات الهاتفية بالتوتر. لأن الأمر يتعلق بالنسبة لنا بحماية أنفسنا وشركائنا في التحالف وتدمير العدو».

وقال مسؤولون أميركيون اشترطوا عدم نشر أسمائهم إن تلك لم تكن الطائرة الوحيدة في المنطقة.

وقالوا إن مقاتلتين روسيتين تابعتا تطورات الأحداث من ارتفاع أعلى وإن طائرة ستيلث إف-22 أميركية راقبت الموقف من على ارتفاع أعلى من الطائرتين الروسيتين.

وقال اللفتنانت جنرال ستيفن تاونسند الضابط بالجيش الأميركي وقائد قوات التحالف الذي تسانده الولايات المتحدة ويعمل انطلاقا من العراق «الروس كانوا يتحلون بالاحترافية والود والانضباط».

في غضون ذلك، قامت قوات النظام السوري وحلفاؤه امس بتطويق تنظيم داعش بشكل كامل في البادية السورية وسط البلاد تمهيدا للبدء بالمعركة من اجل طرده منها، حسبما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

وتمكنت قوات النظام بذلك من قطع خطوط امداد التنظيم.

وسيقوم بطرد الجهاديين من هذه المناطق قبل ان يطلق معركته المصيرية في دير الزور (شرق)، التي تشكل القسم الاخير من هذه المنطقة الصحراوية واخر محافظة تخضع لسيطرة التنظيم.

ويخوض النظام بدعم روسي منذ أيار الماضي حملة عسكرية واسعة للسيطرة على البادية التي تمتد على مساحة 90 الف كلم مربع وتربط عدة محافظات سورية وسط البلاد بالحدود العراقية والاردنية.

وتعتبر موسكو ان استعادة السيطرة على محافظة دير الزور الغنية بالابار النفطية والحدودية مع العراق تعني نهاية التنظيم في سوريا.

ويسيطر التنظيم على غالبية محافظة دير الزور باستثناء جزء صغير من المدينة التي تحمل الاسم نفسه والمحاصر منذ عام 2015.

وذكر المرصد «أن قوات النظام تمكنت من تحقيق تقدم استراتيجي لتفرض حصارها الأكبر على تنظيم الدولة الإسلامية» في البادية وبخاصة في محافظة حمص.

وتمكن الجيش من السيطرة على جبل ضاحك وتمكنت القوات العاملة في شمال وجنوب القطاع من الالتقاء. كما تتواصل المعارك في منطقة السخنة، بقوات النظام في شمال السخنة، ابرز المدن السكنية في عمق البادية والتي تمكن الجيش من استعادة السيطرة عليها في 14 اب ، بحسب المرصد.

ويرى خبراء ان الجيش عليه طرد التنظيم بشكل كامل من وسط الصحراء قبل ان يشن معركة دير الزور والا فإن قواته ستكون مكشوفة، إلى ذلك قالت مصادر مطلعة أن هناك رغبة إيرانية بالانسحاب من جنوب سوريا مقابل أن تضمن الأردن تشكيل إدارة محلية جنوب سوريا لا تتدخل فيها.

من جهة أخرى حذرت منظمة العفو الدولية امس من ان المدنيين في مدينة الرقة السورية عالقون في حالة من «التيه القاتل» تحت وابل نيران المعركة بين قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي وتنظيم دعش.

وقالت دوناتيلا روفيرا، كبيرة المستشارين لمواجهة الأزمات في منظمة العفو الدولية، في بيان «مع اشتداد المعركة للاستيلاء على الرقة من داعش يحاصَر آلاف المدنيين وسط حالة من التيه القاتل، حيث تنهال عليهم القذائف من جميع الجهات».

وانتقدت منظمة العفو الدولية اساليب التحقيق التي يعتمدها التحالف الدولي حول سقوط الضحايا المدنيين، مشيرة الى ان تحقيقاته لا تتضمن زيارات ميدانية او مقابلات مع شهود.

واوضحت ان «الاعتماد على منهجية محدودة تؤدي بالتحالف الى اعتبار تقارير كثيرة فاقدة للمصداقية او غير حاسمة»، ما يدفعه الى القول ان المدنيين لا يمثلون «سوى 0،31 في المئة» من قتلى غاراته.

وبالاضافة الى الغارات الجوية، يواجه المدنيون العالقون في الرقة خطر القذائف المدفعية التي تتساقط على الاحياء المكتظة بالسكان التي لا تزال تحت سيطرة الجهاديين.

ووثقت منظمة العفو الدولية مقتل 12 شخصا على الاقل بينهم طفل نتيجة عشرات القذائف التي استهدفت منطقة سكنية في حي الدرعية في غرب المدينة.

ونقلت عن شاهد قوله «كانت القذائف تنهال على البيوت، واحداً تلو الآخر. كان الوضع لا يوصف، بدا كأنه نهاية العالم».

ودعت منظمة العفو الدولية الى وضع آلية تحقيق مستقلة وحيادية للتدقيق في التقارير حول القتلى المدنيين. ويحاول المدنيون يوميا الفرار من الرقة، لكنهم يواجهون مخاطر عدة ناتجة من نيران الاشتباكات والقصف اضافة الى قناصة تنظيم الدولة الاسلامية والالغام التي زرعها الجهاديون في الشوارع.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024