منذ 7 سنوات | العالم / السفير

هو ليس التفجير الأول الذي يستهدف الأكراد في مدن وقرى تركيا، لكنه ربما من بين التفجيرات الأكثر دموية، والمرة الأولى التي يشار فيها إلى احتمال أن يكون طفل هو المنفذ للهجوم الانتحاري المفترض في مدينة غازي عنتاب، حيث كانت العائلات الكردية تمضي سهرة عرس، ما أودى بحياة 51 شخصا على الأقل وجرح حوالي مئة آخرين.

وكان من اللافت للنظر أن سارع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى اتهام تنظيم «داعش» بتنفيذ الهجوم الدموي في غازي عنتاب، بينما كانت الاتهامات التركية تتوزع عادة على كل من «داعش» و «حزب العمال الكردستاني». وحتى وقت متأخر من ليل أمس، لم يكن تنظيم أبو بكر البغدادي قد أعلن مسؤوليته عن الهجوم، مثلما يفعل عادة.

وجاء هجوم غازي عنتاب بعد ساعات على إعلان رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم عن تحوّل في سياسة أنقرة تجاه الأزمة السورية واستعدادها لدور «أكبر» سعياً لحلّ النزاع و «وقف حمام الدم»، مع وجود الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية.

ومن بين مفارقات الهجوم، كون منفّذ التفجير طفلا لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، تتراوح الفرضية بين أنه «فجّر نفسه أو كان يحمل متفجّرات تمّ تفجيرها من بعد». كما أن الهجوم يأتي في ظل تصاعد اللهجة التهديدية للنظام ضد الأكراد، وتهميشهم في مواقف الدولة في ما بعد الانقلاب الفاشل في تموز، وتلويح أنقرة علانية بضرب المسلحين الأكراد أينما كانوا، حتى في الأراضي السورية، وهي أجواء تعكس الجو العرقي المشحون في تركيا.

أردوغان

وقُتل 51 شخصاً على الأقل بتفجير نفّذه انتحاري، مساء أمس الأول، يتراوح عمره بين 12 و14 عاماً، خلال حفل زفاف في غازي عنتاب، بالقرب من الحدود السورية.

وقال اردوغان، أمس، إن «69 شخصاً لا يزالون في المستشفيات بينهم 17 في حال حرجة» في الاعتداء الذي نفّذه «انتحاري يتراوح عمره بين 12 و14 عاماً، إما فجّر نفسه وإمّا كان يحمل متفجرات تم تفجيرها من بعد»، مرجحا أن تنظيم «داعش» نفذ التفجير.

واعتبر اردوغان أن تركيا «تتعرّض لسيناريوهات تحريض أساسها عرقي ومذهبي»، مضيفاً أنه «مهما كان مصدر الإرهاب، هذا لا يُغيّر شيئاً بالنسبة إلينا. بوصفنا أمة، سنستخدم كل قوتنا، مُوحَّدين، يداً بيد، لمكافحة الإرهاب كما فعلنا في 15 تموز الماضي»، في إشارة إلى محاولة الانقلاب على نظامه.

وفي وقت سابق، أعلنت النيابة العثور في مكان التفجير على بقايا سترة مُفخَّخَة ما يؤكد فرضية التفجير الانتحاري مساء أمس الأول.

وذكرت وكالة «دوغان» للأنباء أن انتحارياً اختلط بالمدعوّين، وبينهم عدد كبير من النساء والأطفال، قبل تفجير عبوته، فيما تبحث قوات الأمن عن شخصَين كانا يُرافقانه.

واستهدف الاعتداء حفل زفاف لأحد أعضاء «حزب الشعوب الديموقراطي» المُؤيد للأكراد، الذين أعرب بعضهم عن سخطهم على الحكومة لعدم تأمين الحماية لهم، وردّدوا شعارات «اردوغان القاتل» خلال تشييع ضحاياهم.

وفي هذا السياق، قال النائب عن حزب «الشعوب الديموقراطي» المؤيد للأكراد محمود توغرول إن «هذا الهجوم استهدف الشعب الكردي برمته. تم استهداف هذا الزفاف لأنه زفاف كردي». لكن وسائل الإعلام التركية اكتفت بالقول إن عدداً كبيراً من الأكراد كانوا يحضرون الزفاف.

يلديريم

وبعد أيام من التقارب الروسي - التركي وبعد يومين من زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى طهران في زيارة غير مُعلنة، أعلن يلديريم أن أنقرة تعتبر الأسد «جزءاً من مفاوضات المرحلة الانتقالية»، لكنّه «لن يكون جزءاً في مستقبل» سوريا.

وأضاف أن أنقرة ستضطلع بدور أكثر فعالية في التعامل مع الصراع في سوريا في الأشهر الستة المُقبلة لمنع تقسيمها على أسس عرقية، مُعرباً عن تفاؤله بأن إيران ودول الخليج وروسيا والولايات المتحدة يُمكن أن تعمل بشكل مشترك لإيجاد حلّ.

ورأى أن دمشق فهمت الخطر الذي يُشكّله الأكراد على سوريا أيضاً، في إشارة إلى الغارات الجويّة التي يشنّها الطيران السوري على مواقع وحدات «حماية الشعب الكردية» في الحسكة شمال شرق سوريا خلال اليومَين الماضيين.

وبعدما شكا اردوغان من عدم تضامن الدول الغربية معه إثر محاولة الانقلاب على نظامه، ندّدت دول عدة باعتداء غازي عنتاب، مؤكدة التزامها التعاون مع أنقرة لمكافحة الإرهاب، وفي مقدمها روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي و «حلف شمال الأطلسي» وروسيا والفاتيكان.

وصدرت إدانات مُماثلة عن دول عربية بينها السعودية ومصر والإمارات وقطر والبحرين. كما دان «حزب الله» الجريمة متقدما من الشعب التركي وذوي الشهداء والجرحى بالتعازي والمواساة. ودعا «شعوب أمتنا إلى التوحد والتضامن وطرد الإرهابيين من بين ظهرانيهم ومحاربة الأفكار التكفيرية المُدمِّرة».



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024