منذ 7 سنوات | العالم / 24.ae

منذ أكثر من 35 عاماً، لم تشهد تركيا محاولة انقلاب حقيقي، كما جرى في يوم 15 يوليو( تموز) الجاري، حين قاوم رئيسها رجب طيب أردوغان، وحزبه العدالة والتنمية( أي كي بي)، المحاولة الفاشلة، ودعوا أنصارهم للنزول إلى الشوارع. 

وقال بوراك كاديركان، أستاذ مساعد للاستراتيجية والسياسة في كلية الحرب البحرية في الولايات المتحدة، ومتخصص في الصراعات الدينية، في مقال نشره في موقع وور أون ذا روكس الأمريكي، للتحليلات والتعليقات السياسية والأمنية، إن مناصري الحزب استجابوا وانتشروا بالآلاف في الشوارع، وواجه بعضهم منفذي الانقلاب، وحتى دباباتهم. وفي نفس الوقت، شجبت أحزاب معارضة مع مؤيديهم المحاولة الانقلابية، ولم يتركوا للمتآمرين فسحة أمل. 

حملة هائلة
ويشير الكاتب إلى فشل الخطة، في خلال ساعات، مخلفة قرابة 200 قتيل، وآلاف الجرحى. وما كان من أردوغان سوى المسارعة إلى الانتقام عبر شن حملة تطهير واسعة قادت لتسريح حوالي 2754 قاضياً، واعتقال قرابة 3000 ضابط ( منهم أكثر من 40 جنرالاً وأدميرالاً). ووجهت إلى جميع هؤلاء تهمة التحالف مع حركة رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة، فتح الله غولن، أو الانتماء للحركة، والتي تختصر الحكومة التركية اسمها بكلمة فيتو، أو منظمة فتح الله الإرهابية. 

مجرد بداية
ويعتقد كاديركان أن حملة التسريحات بدأت وسوف تتواصل لتمتد خارج الجيش والقضاء إلى مؤسسات بيروقراطية، وأكاديمية وصحافية، وسواها. كما ستجري حملة مطاردة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبالفعل طالب رجال الشرطة التركية المواطنين بالإبلاغ عن حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي يعتقد أن أصحابها على علاقة برجال الانقلاب. 

لا وضوح
ويقول الكاتب بأن تفاصيل حقيقة ما جرى لم تتضح بعد، كما لا يعرف بعد كيف تم الانقلاب وفشل. وفي الواقع، امتلأت وسائل الإعلام الغربية والتركية بكم من الأخبار والضجيج الإعلامي، وكم من التضليل، ونظريات المؤامرة، والتي يتسلى بها عادة الأتراك. ومن هنا يصعب التعليق على ما جرى. 

الصورة الكبرى
ولكن، برأي الكاتب من المفترض تفحص الصورة الكبرى، وما ستتمخض عنه المحاولة الانقلابية من نتائج على مستقبل تركيا، والتي دخلت في مرحلة جديدة ضمن حكاية الديموقراطية التركية، والتي يصعب التكهن بشأنها. إنه فصل جديد يمكن أن يطلق عليه وصف" الشتاء التركي". 

ردود أفعال
إنها مرحلة ستشهد، بحسب كاديركان، ردود أفعال من قبل أردوغان، ولكنها لا تمثل سوى أعراض المرض الحقيقي الذي أصاب تركيا. فإن الديموقراطية التركية تعاني اليوم من حالة موت بطيء مؤلم، ولا يتمتع أي طرف سياسي بالإرادة، ولا بالقوة أو الحق للعمل على وقف هذه التدهور. 

ويبدو الطريق أمام تركيا شاقاً، فإما يقود نحو رئاسة مطلقة لا تؤدي لتوسيع صلاحيات أردوغان، بل لإضفاء الطابع المؤسسي على مكانة الرجل الواحد، أو نحو حرب أهلية ستجر البلاد نحو الطريق السوري، أو قد يقود نحو محاولة انقلابية أخرى. 

الشتاء التركي
ويقول الكاتب أنه حذر من مرحلة" الشتاء التركي"، لأول مرة قبل ثلاث سنوات، عندما قامت احتجاجات حديقة جيزي، ومن ثم كتب عن الموضوع، في شهر سبتمبر( أيلول) الماضي، على موقع وور أون ذا روكس. 

وفي صبيحة الانقلاب الفاشل، يقول الكاتب، لم يعد يرى البعض أن الكلام عن مرور الديموقراطية التركية في حالة موت بطيء، ينطوي على مبالغات، أو توقعات سوداوية، بل بات حقيقة واضحة. 

استقطاب 
ويرى كاديركان أن شيئين قادا إلى حافة الهاوية السياسية التي تشهدها تركيا، أولهما استقطاب حاد، وجنون جماعي. ومن ثم هناك ديناميكيات مؤسساتية أتاحت لضباط من رتب متوسطة التحرر من سلسلة القيادة، وإطلاق المحاولة الانقلابية. 

لا انتماء
ولا داعي للقول إن تسريح آلاف الضباط (ومعظمهم علمانيون) وعاملين في مؤسسات قضائية وحكومية، لاتهامهم بالانتماء لحركة فتح الله غولن، الذي يتهمه أردوغان بتدبير الانقلاب. بل إن ما يجري ليس سوى محاولة للانتقام من كل من وقف في وجه أردوغان لتعزيز صلاحياته. 

يقول كاديركان إنه سنحت لأردوغان فرصة ذهبية لإجراء عملية تطهير كبرى، وهو مسلح اليوم بأرضية معنوية واسعة( افتقر لها قبل سنوات)، وعنده اليوم المبرر المثالي لإعادة تشكيل الأجهزة الأمنية والإعلامية، وحتى التجارية. 



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024