منذ 7 سنوات | العالم / 24.ae

الخطاب الأخير الذي ألقاه المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية، والذي اعتذر فيه عن عدد من تصريحاته السابقة، وتراجع عن أخرى، آملاً في تعزيز حظوظه في الفوز بالانتخابات، بعدما تفوقت عليه، في استطلاعات الرأي، المرشحة الديموقراطية، هيلاري كلينتون، لم يأت بأي جديد، بحسب عدد من المحللين ومتابعي الحملة الانتخابية في أمريكا. 

وكتب بنيامين فريدمان، باحث في قسم دراسات شؤون الدفاع والأمن الداخلي في معهد كاتو الأمريكي، بأنه بعد كل انتقاداته للسياسة الأمريكية الجارية لمحاربة الإرهاب، قدم ترامب صورة غامضة عن مواقفه الجديدة.

اختبار إيديولوجي
ويقول إن أهم ما ورد في خطاب ترامب، في الأسبوع الماضي، كان اقتراحه إجراء "اختبار إيديولوجي حاسم" للكشف عن توجهات مهاجرين مسلمين، وذلك عوضاً عن فكرته السابقة بحظر دخولهم نهائياً إلى الأراضي الأمريكية. 

ومن ثم يأتي الخطاب الذي ضم جملة من الوقائع غير المؤكدة، والتي قصد بها التهويل من خطر الإرهاب على الأراضي الأمريكية، فضلاً عن ادعاءات مشبوهة اتهم فيها الرئيس أوباما وهيلاري كلينتون بالمسؤولية عن تعاظم ذلك الخطر، وهنأ نفسه لاتخاذه مواقف أذكى تتطلب شيئاً من الابتكار. 

لا اقتراحات جديدة
ولكن برأي فريدمان، خلا الخطاب من أية مقترحات سياسية جديدة، وجل ما ركز عليه كان انتقاداً للسياسة الأمريكية الحالية في محاربة الإرهاب، والتأكيد على رغبته في أن يكون أقسى في التعامل مع مهاجرين مسلمين. 

وبدأ ترامب خطابه باستعراض لحوادث وقعت في الآونة الأخيرة، وقصد رفع درجة الإحساس بالخطر، وبأن داعش ما زال يمثل قوة وتهديداً كبيرين. 

ويقول الكاتب أن أي مرشح محنك يستطيع المبالغة في تصوير الخطر عبر انتقائه لحقائق مخيفة، ولكن يفشل عندما لا يضعها في إطارها الصحيح، وذلك ما فعله ترامب. على سبيل المثال، لم يذكر أن داعش فقد مساحات واسعة من المناطق، ما أفقده موارد مالية ومجندين جدداً. ولم يذكر ترامب الاحتمالات القليلة لمقتل أمريكيين على أيدي إرهابيين، أو عدم وقوع هجوم إرهابي كبير دبره داعش في أمريكا. 

تشكيل حقائق
ويلفت فريدمان إلى أن من أطلقوا النار في سان برنادينو وأورلاندو، ذكروا بأنهم تأثروا بفكر داعش، ولكن في غياب أي دليل، قد يكون الحادثان حصلا باسم القاعدة، أو لصالح تنظيم آخر. 

ورغم ذلك، فشل ترامب في تشكيل حقائق تثبت صحة روايته. وفي البداية، ادعى أنه" خلال الصيف الحالي، نفذت هجمات إرهابية، بمعدل هجوم كل 48 ساعة، خارج مناطق الحرب في الشرق الأوسط". 

بيانات غير عامة
ووردت تلك الإحصائية في تقرير نشرته محطة سي إن إن الأمريكية في 31 يوليو( تموز) الماضي، وهو ذاته تقرير حول بيانات غير عامة ( من 8 - إلى نهاية يوليو" تموز)، عندما كثرت الهجمات بشكل غير معهود. ويبدو أن تلك الإحصائية شملت أيضاً هجمات، كمجزرة أورلاندو، وحيث كان للمهاجم صلات فردية مع داعش. 

18 دولة
إلى ذلك، يؤكد ترامب أن داعش" ينشط بفعالية في 18 دولة، ولديه أفرع واعدة في ست أخرى"، ولكنه لم يذكر أنه استقى تلك الأقوال من تقرير نشرته محطة إن بي سي، وهو ملخص تقرير مسرب عن المركز الوطني الأمريكي لمكافحة الإرهاب. ولم يرد في التقرير أن داعش ينشط في تلك الدول، ولكن، باستثناء سوريا، لا يسيطر داعش سوى على قلة من منظمات إرهابية خارجية. وتلك عبارة عن منظمات متفرقة تبنت شعار داعش، بعد أفول نجم القاعدة. 

جرائم الشرف
ويلفت فريدمان إلى اتخاذ ترامب من جريمة شرف وقعت قبل سبع سنوات ذريعة للإيحاء بأن تلك الجرائم تشكل مشكلة متزايدة في الولايات المتحدة. كما يبالغ في تقدير عدد المهاجرين سنوياً من الشرق الأوسط إلى الأراضي الأمريكية ( 70 ألفاً وليس 100 ألف)، ويذكر بالاسم الرئيس الأمريكي أوباما ليجعله يبدو كأنه ليس أمريكياً. 

ثم يناقض ترامب نفسه عندما يقول إن انسحاب القوات الأمريكية من العراق كان سبباً في ظهور داعش، مع أن القاعدة في العراق الذي انبثق منه التنظيم الإرهابي، داعش، وجد هناك منذ بداية الغزو الأمريكي. وينطبق الشيء نفسه على سياسة الإدارة من الحرب في سوريا، وأوكرانيا ومناطق أخرى. 

ويخلص الكاتب إلى جملة من المغالطات حفل بها خطاب ترامب الأخير، وهو يشكل مادة خصبة تفيد خصومه السياسيين، وتمنحهم فرصة لتبيان جهله وغطرسته، هذا إن لم ننس المحللين والمتابعين السياسيين العارفين بالحقائق التاريخية، والمطلعين على المواقف السياسية لمعظم الشخصيات الهامة في أمريكا والعالم. 


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024