منذ 7 سنوات | لبنان / المستقبل









يدرك وزير البيئة محمد المشنوق انه حمل من ملف النفايات ما لا يحتمله وكان مطلوباً رأس الحكومة وتحويلها إلى تصريف الأعمال عبر دعوته إلى الاستقالة وتحمل مسؤولية ملف النفايات المتراكمة منذ سنوات على طريقة الاستضعاف، مع ذلك صمدت الحكومة وهي باقية لانجاز انتخاب رئيس للجمهورية واي شيء آخر سيكون نوعاً من الانتحار اي لا استقالة ولا تصريف أعمال، آملاً ان تعطى الحكومة فرصة لتشريع الضرورة من مجلس النواب لحماية لبنان اقتصادياً ومالياً.


الوزير المشنوق، السياسي والاعلامي، يجري تقييماً شاملاً لسنتين ونصف السنة و11 يوماً من عمر حكومة الانجازات والاخفاقات والتوافقات وقد تطورت من حكومة انتقالية إلى حكومة تدير شؤون العباد والناس وفي موقع بات فيه الخلاف السياسي هو الأخطر على استمرارها في ظل أوضاع اقليمية محيطة في لبنان معقدة جداً مؤكداً حاجة البلد إلى رئيس جمهورية «يحط كتفاً مع الناس»، وحاجة القيادات السياسية إلى التواضع لا سيما القوى المهيمنة التي تعتبر نفسها ابدية وتخاطب الناس بلغة «ما فوق سياسية» فيما الحاجة إلى ترتيب الألويات والبديهيات بتطبيق الدستور والانتخابات الرئاسية اولاً، مؤكداً في حديث الى «المستقبل» ان الرئيس تمام سلام في وضع لا يحسد عليه ووضع الحكومة الحالية هش لتتعاطى مع ملفات داخلية واقليمية يسودها الغموض وتطرح الكثير من الاسئلة.


يبدأ الوزير المشنوق جردته حول عمل الحكومة أين أخطأت وأين أصابت بالقول: 


«حين تشكلت هذه الحكومة كان هناك شعور عند الناس أنها حكومة انتقالية تقوم باجراء الانتخابات وبعدها تستقيل مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان وانتخاب رئيس جديد وحيث تأتي حكومة ثانية.


كان واضحاً ان هذه المهمة مؤلفة من جزأين أساسيين: جزء يقوم على التهيئة في الأجواء العامة السياسية من خلال التسوية السياسية في هذه الحكومة وبتوازنات بمقدورها تكوين احساس بضمانة عدم انفراط عقد الحكومة وتهيئة جو سياسي اكثر قابلية للحوار بين القوى السياسية الرئيسة ممكن ان نصل من خلاله إلى اختيار رئيس الجمهورية واقرار قانون انتخابي جديد.


الجزء الثاني كان حماية الحد المطلوب من الأمن والاستقرار الذي يؤمن للناس أمن البلد.


بهذا الاتجاه السياسي تم تشكيل الحكومة وفعلياً شكلت حكومة الرئيس تمام سلام في هذا السياق وفعلياً سادت أجواء طيبة وارتفعت الأسهم وتطور الوضع ايجابياً سياسياً وحدثت انفراجات وكبر الاحساس بضرورة تأييد الحكومة التي اطلق عليها اسم حكومة المصلحة الوطنية فعلاً من منطلق أنها ستساهم بعودة لبنان إلى احياء مؤسساته الدستورية وتطوير نظام برلماني ومزيد من النأي عن الصراع الدائر اقليمياً. وما زال هذا المسعى لابقاء لبنان واحة سلام واقول هذا الكلام من دون ادعاءات كبرى والمنطقة تعيش أوضاع ومتغيرات معقدة».


ويضيف: «بعد أول جلسة لمجلس الوزراء طرحت مسألة تشكيل لجنة لصياغة البيان الوزاري وفي أول جلسة لمجلس الوزراء تصدينا لأزمة تشكيل لجنة لمعالجة النفايات الصلبة وكانت أزمة متراكمة ومتفاقمة استغرقت صياغة البيان الوزاري اكثر من شهر، وحل مشكلة النفايات استمر معنا حتى اليوم وبأشكال متنوعة بسبب عمق الأزمة وتراكمها على مدى سنوات مما أدى إلى استفحالها وانتشار النفايات في الشوارع والطرقات.


الآن مضى على تشكيل الحكومة سنتان ونصف السنة و11 يوماً نشعر ان هذه الحكومة تطورت من حكومة انتقالية إلى حكومة عليها ان تدير شؤون البلد وتؤمن حاجات المواطنين المتشعبة وتتولى معالجة كل القضايا الطارئة والمشاكل البنيوية العميقة وهذا أمر شكل تحدياً كبيراً لنا في مجلس الوزراء وأخذنا أحياناً إلى مواقع شعر معها ان الخلاف السياسي اصبح هو الأخطر على استمرار الحكومة وعلى الوصول إلى انجاز استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية وعودة الحياة البرلمانية إلى ديناميتها.


هذا الشعور القلق، تكرس مع الوقت في حجب بعض الملفات عن مجلس الوزراء أو معالجتها خارج مجلس الوزراء. وأخذت التسويات طريقها إلى القوى السياسية أحياناً على شكل ثنائي وأحياناً بشكل اجتماع ما كما كانت الحال عندما خرجنا بمجموعة تعيينات ادارية من الفئة الأولى شكلت اختراقاً في سجل الادارة اللبنانية الحديثة منذ سنوات وحتى اليوم.


لكن المشاكل الاساسية التي واجهت الحكومة في صياغة البيان الوزاري وما تزال هي اليوم المشاكل التي تواجهها حكومتنا بعد سنتين ونصف السنة».


[ والرئيس سلام في وضع اليوم لا يحسد عليه ويبدو سيدخل مجموعة غينيس لرجال الحكم الصابرين؟


ـ رئيس الحكومة تمام سلام معروف بصبره ومعالجاته الدؤوبة لحل الأمور. وهو قرر منذ اليوم الاول ان لا يكون طرفاً من الأطراف بل قرر ان يكون حكماً مساعداً على تحقيق التوافق والتفاهمات حول القضايا الكبيرة والصغيرة ولعله في صبره واصراره على الوصول إلى نتائج ايجابية اعطى شعوراً بالثقة لدى اللبنانيين وبأنه الرجل المناسب في المكان المناسب في هذه المرحلة وفي ظروف لبنان المتأرجحة بين المطرقة والسدان داخلياً وإقليمياً.


«لقد استطاع الرئيس سلام ان يتحول قطباً جاذباً للقوى السياسية وللوزراء على حدٍّ سواء في معالجة القضايا الصعبة لادراكهم بأنه رجل توافقي ولتواضعه، ما شكل صمام أمام نعرفه نحن الوزراء وتعرفه القوى السياسية المجتمعة على طاولة الحوار وتحت وطأة المواجهات السياسية التي باتت تشكل الخبر اليومي عند اللبنانيين«.


[ ومجلس الوزراء اليوم؟


ـ «مجلس الوزراء اليوم ليس كما قبل، في البداية كنا نتلمس الطريق إلى بعضنا البعض بحذر وعبر سياقات ولياقات واليوم أصبحنا كعائلة واحدة فيها الكثير من الحب والتفاهم والكراهية والانتقام والتسوية والرغبة بالانجاز الثقافي والمزايدات وهنا حدث ولا حرج....


دخلنا اليوم حيز المشاكل الواسع من بابها الحاد والوضع الاقتصادي يرزح تحت وطأة أزمات بعضها محلي والآخر اقليمي والوضع المالي حرج جداً، وهو بين حدي هبات مالية لا تصل بسبب عجز المجلس النيابي عن التشريع، تشريع الضرورة وبين هبات دولية هدفها تخفيف منابع الارهاب او الجماعات المصنفة في خانة الارهاب، من خلال التطبيق الصارم للإجراءات الأميركية والدولية».


[ مشكلة حكومة الرئيس سلام بالأولويات والبديهيات المفترض ان تبدأ بتطبيق الدستور والانتخابات الرئاسية أولاً؟


ـ «الرئيس سلام تكلم أكثر من مئة مرة في جلسات مجلس الوزراء مفتتحاً إياها بالدعوة والاصرار على انتخاب رئيس الجمهورية وبأن حكومته حكومة انتقالية ولكن المشكلات تواترت وبوتائر متسارعة وكلها أولويات ومسائل حساسة جداً.


تعيين قائد الجيش اصبح محطة دائمة ويتعلق بموضوع امني حساس جداً خاصة في ظل الشغور من موقع رئاسة الجمهورية والرئيس الأعلى للقوات المسلحة. وقريباً جداً، هذه المشكلة على طاولة مجلس الوزراء، وسيؤجل تسريح العماد جان قهوجي... تعيين القيادات العسكرية والأمنية تحول ايضا ان مشكلة ينقسم فيها مجلس الوزراء ويصل بالنهاية إلى تأجيل الانفجار من خلال التمديد والتعيينات التي يتوافق عليها السياسيون في الربع ساعة الأخيرة...


هذه احدى مشكلاتنا في مجلس الوزراء، التربية كانت مشكلة سواء قضية الاساتذة، والجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية وكانت التسويات هي الختام ولم تكن بالضرورة تسويات غير مميزة وكانت الحد الأدنى الذي تمكن مجلس الوزراء من الوصول اليه بالتفاهم مع القيادات السياسية.


مشكلة اخرى هي مشكلة الاتصالات تضغط على طاولة مجلس الوزراء، وهي موضوع قديم جديد وهو ملف من المدخلات والمخرجات في مجلس الوزراء ذهاباً وإياباً، وهو لا يزال اي هذا الملف بعيداً عن التفاهمات بخطوطها العريضة إلى الآن، وتبقى شركات الهاتف الخلوي موضوعاً خاضعاً للنقاش ومحور سجال حاد بين 14 و8 آذار.


قضية النفايات وصلت الينا متفجرة ونتيجة تراكمات وانفجرت بسبب المواقف السياسية وبسبب الكذب السياسي المكشوف وطاولتني وباتت العبء الاكبر على جميع اللبنانيين وتحولت وصمة عار على جبين لبنان واللبنانيين وصورة بائسة عن الفشل السياسي في وضع حلول نهائية لها، على الرغم من ان الحلول كانت بمتناول اليد ولكن ظلم الخلاف السياسي والعتمة التي غلفت هذا الملف كانت اكبر ولا تزال ترخي بظلالها إلى الآن، اكثر حتى من الاشراقات التي ايقظت المجتمع المدني».


[ ظُلمْت بهذا الملف وحمّلت مسؤولية تراكمت لسنوات وجرى التعامل معك على طريقة «الاستضعاف» وكأنه كان المطلوب رأس الحكومة حينها؟


ـ «عندما طالب المتظاهرون باستقالتي وهو ما عرفته لاحقاً من قبل احد قيادات تلك المرحلة سئل أحد القيمين على التظاهرة لماذا اخترتم وزير البيئة محمد المشنوق لمطالبته بالاستقالة، وهو ليس مسؤولاً عن الأزمة فأجاب هذا صحيح، وزير البيئة ليس مسؤولاً عن الأزمة وعن تراكمها، وهل كان علينا التظاهر حينها ضد وزير التربية!


اعتقد ان موضوع الاستقالة كان يستهدف الحكومة في حينه، وتحويل الحكومة إلى تصريف أعمال واليوم اذا نظرنا إلى ما حدث لفهمنا اهمية استمرار عمل الحكومة وهي ضمان ما تبقى من الشرعية الدستورية في لبنان والمؤسسة الوحيدة التنفيذية القادرة على ادارة شؤون البلاد«.


[ برأيك ماذا يحدث اليوم في برج حمود؟


ـ «هناك محاولة دائمة في موضوع النفايات للتعطيل فيما المطلوب اليوم التعاون في هذا الملف ولا أتكلم عن حلول مثالية. هناك من يرى في موضوع النفايات فرصة للانقضاض على الحكومة وتسجيل مكاسب ضمن طائفته ومذهبه حتى لا يقال انه مشارك او انهم مشاركون فيها، ما يجري في منطقة برج حمود ـ سد البوشرية ليس من المواضيع «اللي هلق وقتها والوضع الموجود في برج حمود والكرنتينا مؤسف/ ونحاول في الحكومة ان نبحث عن طرق توقف التعطيل، والحل أعود واقول ليس مثالياً ولكن تخليص المنطقة من قضية طالت وقابلة للمعالجة والأرض او جبل النفايات قابل للتفكك وقابلة الارض للردم والطمر الصحي لمرحلة انتقالية. وما ينطبق على برج حمود، ينطبق على كوستابرافا، ليس لدينا حلول عجائبية ولكن تبين ان التسفير والترحيل كانا افكاراً على الورق وتبدو سهلة ولكنها بالحقيقة أمور من الصعوبة بمكان.


«علينا ان نعترف بأن اللبنانيين ما استطاعوا إلى الآن فهم ما يجري في ملف النفايات وطرائق المعالجة...


نحن في لبنان اعتدنا بأن اوكلنا هذه المهمة لشركة على مدى عشرين عاماً ولما وقعت الأزمة وجدنا انفسنا عاجزين عن حل مشكلة نفايات منازلنا».


[ تبدو بلدية بيروت أخيراً معنية بالتفتيش عن حل منفرد وقائي في عودة النفايات إلى الشوارع مستقبلاً؟


ـ «مشروع المجلس البلدي لمدينة بيروت الذي طرح على طاولة مجلس الوزراء هو قرار بالمعالجة بملف نفايات العاصمة بعد 4 سنوات من المرحلة الانتقالية وهذا الحل لم تكتمل صورته بعد، ولا الكيفية ولا التقنيات الحديثة التي تستخدم من مسألة التفكك الحراري ولا مسألة التمويل، والتفكك الحراري يحتاج إلى شبكة كهربائية وبالواقع الصورة غير مكتملة لما نريده وكيف نريده وأين وكيفية الربط بين التفكك الحراري والطاقة وكيف تصل المحارق المقترحة او المعامل الحرارية بالشبكة الكهربائية وما يسمى وحدات الانتاج القائمة او التي يمكن ان تقام.


استطيع ان اقول ان الجو السياسي الذي يجري الكلام عنه من انفصال بيروت عن المرحلة الانتقالية وعن المناطق الأخرى، هو جو غير ناضج حالياً والحكومة مضطرة في المرحلة الانتقالية ان تبقى معتمدة الأماكن التي تم تحديدها في الخطة وترك موضوع بيروت لينضج تقنياً وفينا الملف خلال الفترة المقبلة.


«الشغل الذي ينجز اليوم لا يجوز ان ينقطع أو يتأخر ويسبب أزمة نفايات جديدة وليس لدينا امكانية لتحمل ازمة نفايات في البلد ومطلوب تسهيل آليات العمل الجارية وانجاز المناقصات بالكيس والفرز والمعالجة في هذه الفترة الانتقالية بانتظار الخطة المستدامة ومن حق القوى السياسية مراجعة الأعمال الجارية ومطابقاتها للمواصفات الفنية الدولية ليس عندنا حل آخر».


[ هذا الملف ترافقه شعبوية الشارع واتهامات للحكومة بالفساد على نحو لم يسبق له من قبل؟


ـ«هناك مناخ يقول ان هذه الحكومة هي حكومة فاسدة وأن هذه الفترة هي فترة حكم براق... ما استطيع ان اقوله ان مجلس الوزراء ما كان فاسداً وإذا كان هناك من يتحدث في هذا المناخ. هذا الأمر لم نلمسه كمجلس وزراء والنقاش كل النقاش يجب ان يتمحور على الطاولة وهو يأخذ حيزاً كبيراً حول كيفية ضبط الامور والمحاسبة والمراقبة الفعالة، واستطيع ان أجزم ان لا شيء من هذا النوع من الكلام عن الفساد وبأي حال لدينا مؤسسات للمحاسبة ينبغي ترميمها وأولى بنا تفعيل العملية القضائية في ملاحقة ملفات بدل اثارة سجالات شعبوية من الشارع العام. يجب ان نقر أن لدينا دولة وعلينا إيلاء مؤسساتنا القانونية والدستورية الثقة كاملة ولنختبر قدراتنا في المحاسبة والمراقبة«.


[ بقي من جردة الحساب لسنتين ونصف من عمل الحكومة مواضيع أخرى من بينها ملف النفط والغاز والكهرباء؟


ـ «هذا الملف له اكثر من جانب وهناك من جهة البلوكات البحرية وهناك ما يسمى بفاتورة النفط والكهرباء والمعامل الكهربائية من الجنوب إلى الشمال. واذا كان برز تفاهم محدود حول هذه البلوكات بين حركة أمل والتيار الوطني الحر«..


[ خارج طاولة مجلس الوزراء؟


ـ «خارج طاولة مجلس الوزراء وخارج طاولة الحوار الوطني وأعتقد ان النتائج تحتاج إلى تفاهم اوسع على كيفية ترجمة الاتفاق الوطني العام إلى اجراءات تنظيمية وإدارية تحافظ على الشراكة بين الانتاج والشراكة في الارباح لاحقاً ضمن شفافية واشراف من مؤسسات موثوقة عالمياً وكل ذلك من دون التخلي عن حقوق لبنان النفطية بمواجهة الأطماع الاسرائيلية».


«موضوع آخر يتعلق بسلسلة الرتب والرواتب وقد دخل السنة الرابعة وتحول مطلباً دائماً للعمال والموظفين والاساتذة والدبلوماسيين، ومع الأسف لم نتقدم بهذا الملف بسبب الوضع المالي الدقيق في خزينة الدولة والذي بات حجماً ومشكلة تطل علينا من شهر لآخر».


[ والموازنة وقطع الحساب؟


ـ «هذا سؤال مشروع في بلد لم يقم بهذه العملية منذ اكثر من 10 سنوات ولا يزال السؤال مطروحاً هل يجب ان يكون هناك قطع حساب وميزانيات واضحة ام علينا ان نتابع في الصرف وفي مسيرة من الغموض وفي امور عدة لا تبدو فيها للأرقام مساحات واضحة«!


[.. وقضية النازحين؟


ـ «إحدى القضايا الكبرى لتداعياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية واستطاع الرئيس سلام بحكمته ان يحدد المواقف الوطنية السليمة وان يتابع عملية النأي بالنفس والتخفيف من حدة المواجهات الاقليمية والنشاطات الارهابية على الأراضي اللبنانية ونجحنا في مجلس الوزراء من خلال تدعيم نظام أمني/عسكري متماسك بقيادة الجيش الوطني وبالتعاون والتنسيق بين كافة الأجهزة الأمنية ونجحنا في تعزيز قوانا الأمنية والحفاظ على وضع امني تحت السيطرة ويعترف بذلك لنا المجتمع الدولي، ثم ان صورة لبنان على الصعيد الخارجي لم تكن مفهومة امام مجموعة الدعم الدولية والمؤسسات التي ترعى شؤون النازحين بسبب انكارنا من الأساس لوجود أزمة نازحين. وهذا امر ورثناه من الحكومة السابقة.


وجرى توضيح كل المواقف وفصلنا الجانب الانساني عن محاولات البعض توريط البلد الصغير في موضوع مرفوض من جميع اللبنانيين وهو ملف توطين النازحين.


الصورة اليوم أوضح واللغة التي تتكلم بها القوى السياسية والوزراء في الحكومة متشابهة لجهة التعامل بمنتهى الانسانية مع الاشقاء السوريين والعرب النازحين ولكن مع رفض رسمي ورفض القوى السياسية تلك محاولات توطين النازحين«.


[ وأين صارت مسألة العلاقات اللبنانية العربية بعد قمة نواكشوط الأخيرة؟


ـ «مسألة العلاقة اللبنانية مع الدول العربية لا شك مرت بأزمة وشغلت مجلس الوزراء سبب عدم قدرة لبنان على التضحية بتوازناته السياسية والقبول بتصنيف حزب الله والتنكر لدوره في مقاومة إسرائيل في مسألة إشكالية حقيقية، على الرغم من أنه في ظل هذه المعادلة الصعبة للغاية كان لبنان كمن يقف على حد السكين، وفي موقف لا يحسد عليه إطلاقاً. 

وقد أدى هذا إلى ردات فعل من الأشقاء العرب وهذا محور عتب عربي نفهمه جيداً. واستطاعت الحكومة بديبلوماسية وعبر لقاءات مكثفة أن تشرح هذا الوضع الشائك أمام دول شقيقة عبرت عن استيائها من موقف لبنان. ولكن في النهاية قبلت بلبنان أخاً وظلت على حربها على القوى المناهضة لها الموجودة في لبنان والتي تمتد أنشطتها إلى عدد من الدول العربية».


[ الزيارات الخارجية إلى لبنان المتتالية وآخرها زيارة وزير الخارجية المصري هل ساهمت في إعادة ترتيب الأولويات وكيف وما هي الترجمة؟


ـ «المسؤولون الذين زاروا لبنان سواء منهم الفرنسي أو الإيراني أو العربي تمحورت زياراتهم على استكشاف تعقيدات المواقف السياسية اللبنانية مع استكشاف الرغبة لدى الأطراف إذا ما عبرت عن تطور ما في الواقع السياسي قد يساعد على تحريك الجمود والوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية. لكن مع الأسف لا توجد ترجمة لهذا الموضوع. 


انتخاب رئيس للجمهورية نريده جزءاً من الحل النهائي لأزمة لبنان الدستورية مع التعطيل الحاصل في عمل المؤسسات وأن يكون هناك سلة تشمل قانون انتخابي حديث يعتمد النسبية وأن تكون هناك تحالفات سياسية ثابتة عابرة للطوائف وأن يكون هناك تشكيل حكومة تكون جزءاً من هذا التوازن في النظام اللبناني ولا أرى موسم التسويات الكبرى قد حان، وبرأي ليس هو وقت للبنان ليحصل على جائزة ترضية تسمح له بالتقدم على بساط من حلول عجائبية وجاهزة ومفصلة ليلتقطها اللبنانيون بشغف.. هذه أحلام يعارضها الواقع والتصورات الواقعية و»المطلوب في الأولويات انتخاب رئيس جمهورية» يحط كتفاً لحل المشاكل العالقة، رئيس جمهورية يكون شبيهاً بتمام سلام ويعرف أنه جاء إلى الحكم في أزمة وأن عليه مهمة قيادة البلاد في هذه الأزمة نحو بر الأمان لا أن يزيد من التناقضات، ولا يؤدي إلى إفراغ السفينة على الشاطئ بعد أن يقوده غيره إليها، وهذا فرق كبير، بدنا رئيس جمهورية يحط كتفاً مع اللبنانيين لحل مشاكلهم لا أن يأتي حين يكون الحل جاهزاً، والحل يكون بإيصال البلد إلى مناخ من التفاهم وعندها يكون رئيس الجمهورية جزءاً من فريق يساهم حقيقة في تحقيق الحلول والوصول إلى تفاهم وطني عام، صلب، يحافظ على وحدة البلد، على دستورية النظام ولا يترك لبنان مشرعاً بالاتجاهين وسط الرياح والأنواء، رئيس يعرف كيف يدير الدفّة نحو بر الأمان وليس مزيداً من الغرق».


[ خطاب السيد نصرالله الأخير لا يوحي بذلك بما حمل من لغة ما فوق سياسية ودستورية ولا يؤخذ بالاعتبار جدياً وجهة نظر الآخر ولا يوحي بحلول إيجابية بملف الرئاسة الأولى؟


ـ «أعتقد أن الخطب السياسية عندنا في لبنان تحمل رسائل باتجاهات مختلفة، عندها تفهم أن هناك طرحاً سياسياً يمكن العمل عليه. وأنا كتبت على البوست على تويتر رداً على كلام السيد نصرالله وقد تخطى الكلام المطروح مسألة إظهار حسن النوايا في درجة من الاستعلاء السياسي لا يأخذ في الاعتبار جدياً وجهة نظر الآخرين كأننا أمام طرف غير لبناني. وهذا الكلام عن توزيع المناصب لا ينصرف والخطوات الإيجابية تترجم وفق الدستور وبواقع سياسي برلماني، والبلد بحاجة لتنشيط الأمور وبفعالية إيجابية والكلام لا يصير بالكسر وبفرض الإرادة الفوقية على اللبنانيين وهذا خطأ جسيم يعتمد على القوة المستبدة وهذا لا يقدم حلولاً إيجابية وكنا اعتقدنا أنها سياسة سلطوية انتهت منذ زمن وحيث لا تسلط قام في لبنان واستمر، بل فشل إذا أردنا جميعاً الاتعاظ من دروس الماضي وبعدها كلمة الرئيس صائب سلام أساس «لا غالب ولا مغلوب» ونتذكرها أكثر من أي وقت مضى و«ما في حدا أكبر من البلد« كما كان يقول الرئيس الشهيد رفيق الحريري «ما بقى في لحاف لنشدو على حالنا في البلد نحن اللبنانيين نعيش اليوم في العراء، ومكشوفين على مشاكل عدة والمطلوب خطابات تقدم حلولاً وخطوات إلى الأمام وتعالج نقاط أساسية للصالح العام ولصالح تفاهمات وطنية كبرى».


[ هل أحصيت كم مرة تكلم الرئيس سلام في موضوع الدعوة لانتخاب رئيس الجمهورية في مفتتح جلسات مجلس الوزراء؟


ـ «أكثر من مئة مرة يمكن.. إذا استمر غياب موقع الرئاسة والشغور الرئاسي يجعل الناس تتعود على هذا الشيء، وأن البلد بإمكانه أن يستمر من دون رئيس جمهورية».


[ لديك خشية من تكرار مشهدية العام 1973 مع حكومة الشباب أيام الرئيس صائب سلام ويقال أنها أجلت دورة العنف لسنتين حينها؟


ـ «كلا، لا أخشى من دورة عنف جديدة، دورة العنف غير موجودة وهذا يعود إلى وعي ونضج الغالبية من اللبنانيين، على الرغم من محاولات تسلط وهيمنة نتيجة لظروف معينة ولوضع ديموغرافي معين«.


[ الرئيس بري تحدث عن نهاية العام محذراً من انهيار ما في البلد؟


ـ «لا أريد أن أتكلم بلغة التبصير في قراءة المستقبل. والتقييم لهذه اللحظة أننا لا نزال عند النقاط التي نحن عليها منذ سنة. قد تختلف اللهجة تشتد أو تخف، ولكن التحرك بالملموس نحو تفاهمات واضحة لم يحصل، ولم يحصل تفاهم ينتج رئيساً والمطلوب العمل بالدستور ومبادرة لبنانية لبنانية ولدينا مجلس نواب لننتخب رئيساً بلعبة ديموقراطية، ونحن مطالبون بالتواضع، ولا نريد رئيساً ننتظره أن يقفز على حصان مبادرات إقليمية ودولية ليصنع العجائب«.


[ رئيس خارج 8 و14 آذار؟


ـ «ما في شي بقى 8 آذار و14، في قوى سياسية تشرذمت وروابط وحركات من مجتمع مدني في جزء منه حقيقي ونحن بحاجة إلى هذا المجتمع المدني ولو أخذنا إلى مكان أظهر فيه عجزاً وغوغائية بدل التوجه إلى كل الناس ويوضح رؤية مدنية.


[ ومصير الحكومة؟


ـ «الحكومة باقية حتى انتخاب رئيس للجمهورية، وأي شيء آخر سيكون نوعاً من الانتحار، أي لا استقالة ولا تصريف أعمال، أساساً باستثناء عدد من القرارات الشجاعة التي اتخذتها حكومتنا، الحكومة في وضعية تصريف الأعمال«.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024