بدأت القوات العراقية امس اقتحام المدينة القديمة في الشطر الغربي من الموصل في شمال العراق، سعيا لطرد آخر جهاديي تنظيم داعش المتحصنين فيها، بعد ثلاث سنوات من حكم «الخلافة».

وقال قادة عسكريون إن الهجوم انطلق فجرا، بعد ضربات جوية نفذها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لدعم القوات العراقية، فيما يبدي الجهاديون مقاومة شرسة.

وتمثل عملية اقتحام المدينة القديمة في غرب الموصل، حيث الأزقة الضيقة والمباني المتلاصقة، تتويجا للحملة العسكرية التي بدأتها القوات العراقية قبل أشهر لاستعادة كامل مدينة الموصل، آخر أكبر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في البلاد.

وخسارة الموصل ستشكل النهاية الفعلية للجزء العراقي من «الخلافة» العابرة للحدود التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية صيف العام 2014، بعد سيطرته على مناطق واسعة من العراق وسوريا المجاورة.

وأعلن قائد عمليات «قادمون يا نينوى» الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله في بيان انطلاق الهجوم، قائلا إن «قوات الجيش ومكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، تشرع باقتحام المدينة القديمة».

وتردد دوي المدافع الرشاشة في أرجاء المدينة القديمة صباح امس، فيما ارتفعت أعمدة دخان الصواريخ في سمائها. وفي الطابق الأول من مبنى على طريق تتواجد فيه محال لتصليح السيارات المدمرة، يحمل قائد من قوات مكافحة الإرهاب كمبيوترا لوحيا، مرسلا بانفعال إحداثيات لتوجيه ضربة جوية ضد سيارة مفخخة تقترب من موقعه. وقال قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي إن العملية تتقدم ببطء «لنحافظ على المدنيين ونتمكن من إمساك موطئ قدم في الحافة الأمامية».

وقال بريت مكاغورك المبعوث الأميركي للتحالف الدولي «القوات العراقية اقتحمت الموصل القديمة، الحي الأخير الذي تسيطر عليه داعش في المدينة… نحن فخورون بالوقوف معهم».

وقال الفريق عبد الغني الأسدي قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب التي تقود الهجوم «هذا آخر فصل» في الحملة لاستعادة الموصل.

وقال هشام الهاشمي الذي يقدم استشارات لعدد من حكومات الشرق الأوسط عن الدولة الإسلامية لرويترز إن كنعان جياد عبد الله الملقب أبو آمنة قائد العمليات الأمنية للدولة الإسلامية في المدينة القديمة قتل في اشتباكات دارت في الصباح.

وقال صباح النعمان المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب لقناة الحدث ومقرها دبي إن العملية ستركز الآن على قتال الشوارع وسيكون استخدام الضربات الجوية والمدفعية محدودا إذ أن المنطقة كثيفة السكان والمباني متهالكة.

«الحلقة الأخيرة»

وأكد الأسدي أن «قواتنا اضطرت للدخول راجلة بسبب الشوارع الضيقة والأبنية المزدحمة. لا مجال لتحرك العجلات».

وأوضح الفريق الركن أن تنظيم الدولة الإسلامية محاصر من ثلاث جهات من قبل القوات الأمنية، ومن الجهة الرابعة من نهر دجلة، لذا فلا خيار لدى الجهاديين إلا القتال، مؤكدا أن «هذه هي الحلقة الأخيرة من مسلسل داعش».

وأشار إلى أن «هذه المعركة هي الأكثر شراسة. المقاومة قوية جدا، لم يعد لديهم خيار».

وأعرب الأسدي عن أمله بحسم المعركة قبل عيد الفطر، المرتقب في 25 أو 26 من الشهر الحالي، إلا أنه تدارك «أعتقد أن الأمر سيأخذ وقتا أطول».

خطر على المدنيين

وأعلنت الأمم المتحدة الجمعة أن أكثر من مئة ألف مدني عراقي محتجزون لدى مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية كدروع بشرية في الموصل القديمة.

بدورها، أعربت منظمة «سيف ذا تشيلدرن» عن قلقها حيال مصير نحو 50 ألف طفل، أي نصف عدد المدنيين الذين قالت إنهم محاصرون في البلدة القديمة.

وقالت آنا لوكسين من المنظمة إن هؤلاء الأطفال «يعانون من نفاد الغذاء والماء، ويواجهون العنف أينما توجهوا»، مضيفة «من المرجح أن يكون تأثير المدفعية والأسلحة المتفجرة أكثر فتكا وعشوائية، ما يجعل الأطفال الضعفاء أكثر عرضة للخطر».

وحذرت «لجنة الإنقاذ الدولية» من جهتها في بيان الأحد من المخاطر الكبيرة التي تواجه المدنيين الذين يعانون أصلا من الصدمة. وقالت ممثلة اللجنة في العراق نورا لوف «ستكون مرحلة مرعبة لنحو مئة ألف شخص ما زالوا عالقين في المدينة القديمة بالموصل، ومعرضون حاليا لخطر المحاصرة في قتال الشوارع العنيف المرتقب». وأضافت «يجب على كل من قوات التحالف الدولي والقوات العراقية بذل كل الجهد للحفاظ على أمن المدنيين خلال هذه المراحل النهائية من معركة الموصل».

وكان ممكنا امس رؤية مدنيين ينظفون منازلهم في الشوارع المليئة بالأنقاض، على بعد أمتار فقط من المواقع المتقدمة للقوات العراقية وقذائف الهاون المتساقطة. ويبدو أن بعض الأشخاص لم يغادروا قط، فيما كان آخرون يحملون صناديق طعام وحقائب ملابس بعدما عادوا إلى المناطق المحررة منذ أيام قليلة فقط.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024