منذ 6 سنوات | لبنان / greenarea.me

يفاجئنا بحر لبنان بوافر كرمه. يغدق علينا خيراته وثرواته. وتسحرنا بعض كائناته، في مرورها وكأنها توجه إلينا رسالة، أن: حافظوا على البحر ملاذنا الوحيد، استمتعوا بجماله، لا تتركوا النفايات تستبيحه، ابقوه في منأى عن مصادر وأسباب التلوث، فهل نتلقف رسائل هذه المخلوقات الرائعة وآخرها ظهور “الحوت المنقاري” من جديد؟ وهل نتمكن من حماية البحر، أقلّه من نفايات المكبّات والصرف الصحي؟ وهل نبقي ثمّة فسحات على شواطئنا، محمية بموجب قوانين صريحة وواضحة؟

ثروة وطنية

أسئلة نعيد طرحها، بعد أن عاود “الحوت المنقاري” ظهوره قبالة شاطئ بيروت، عصر الاثنين 12 حزيران الحالي، ليسجل مروراً ثالثاً في بحر لبنان، خلال مدة زمنية لم تتجاوز السنة. بعد المرور الذي وثّقته “جمعية Green Area الدولية” في 5 أيلول 2016، حين تم رصد هذا الحوت النادر وتوثيقه، في شريط “فيديو” على الموقع العلمي المتخصص “بحر لبنان” sea Lebanon وهو يمرّ قبالة الشاطئ. وقد تأكد لنا حينها، أنه المرور الثاني لهذا النوع، في مدّة تقل عن شهرين. تكمن أهمية توالي مرور “الحوت المنقاري”، في أن هذا النوع من الحيتان، يعتبر نادراً في منطقتنا. وهو موضع اهتمام الدارسين والعلماء. بالإضافة إلى أنه، بات ضرورياً أن نولي اهتماماً ببيئتنا البحرية ونظمها الإيكولوجية؛ وسط ما نشهد من ارتكابات تسيء أحياناً، إلى التنوع البيولوجي وما يمثل من ثروة وطنية. ما يستدعي منّا تكريس وعي بيئي، يساهم في التصدي للمفاهيم الخاطئة ولثقافة التسطيح، بعيداً عن أية معايير علمية.

توثيق المرور

مقابل الجامعة الاميركية في بيروت وخلال رحلة صيد، تمكّن هاوي الصيد، جان بول مسعود، من توثيق مرور حوتين من هذا النوع النادر، عبر لقطات “فيديو” قصيرة، بواسطة هاتفه الجوال. وقال مسعود لـ greenarea.me أنه لم يكن بعيداً جداً عن الشاطئ، حين تفاجأ واصدقاؤه، بمرور الحوتين. وأشار إلى أن “لونهما رمادي داكن. ولفت انتباهنا طريقة سباحتهما، بالإضافة إلى أن حجمهما لم يكن كبيرا”. وأضاف: بعدها بقليل، ابتعدا وغاصا بعيداً في عمق البحر.

سماحة: حوت “أبو سن”  
مدير برنامج إدارة المناطق البحرية الساحلية، في “الجمعية الدولية للحفاظ على الطبيعة”International Union for Conservation of Nature الـ IUCN زياد سماحة، قال لـ greenarea.me: بعد مشاهدة “الفيديو” كان واضحاً أن الحوتين من نوع Cuvier’s beaked whale المعروف بحوت “أبو سن”، أو المنقاري. وأشار الى أنه: إستند خلال تعريفه، إلى مقارنة المعطيات التي ظهرت في “الفيديو” مع دليل منظمة الاغذية والزراعة FAO، الذي أعده البروفسير باريش، حول هوية الأنواع البحرية لأغراض الصيد السمكي (دليل حقلي لتعيين هوية الموارد البحرية الحية، لشرقي البحر المتوسط وجنوبه). وكانت النتيجة مطابقة لهذا النوع. وتابع سماحة: هذا النوع موجود في بحرنا تماماً، كأنواع أخرى من الحيتان والقروش. إلاّ أن تواجده أصبح نادراً في الآونة الأخيرة. وختم بالقول، إن “الحيتان مخلوقات إجتماعية للغاية. ومن غير المقبول مواصلة صيدها”.

باريش: عالمي الانتشار  
 أختصاصي البيولوجيا البحرية والحيوانات الغازية، البروفسور ميشال باريش، أوضح في وقت سابق لـ greenarea.me بأن “هذا النوع هو من عائلة الحيتان المؤنفة والمنقارية Ziphiidae يطلق عليه بالعربية إسم (حوت ابو سن). ويعرف بالانكليزية باسم  Cuvier’s beaked whale. يترواح طوله بين خمسة وسبعة أمتار. يتميز من حيث الشكل، بلونه الرمادي القاتم. أما رأسه، فهو شاحب ذو انحدار لطيف. له سِنّان كبيران واضحان على الفك السفلي؛ وزعنفتان مطويتان في انضغاطين عند الخاصرتين. وعند ظهره زعنفة صغيرة عقفاء”. وتابع: يعيش هذا النوع، بعيداً عن الشاطئ. يفضّل المنحدرات العميقة. يُشاهد وحيداً، أو في أزواج؛ ونادراً في أكثر من ذلك. سُجل وجوده على أعماق تصل حتى ٢٦٠٠ متر. يتغذى على الحبّار ونادراً على الأسماك والقشريات. لا أهمية له في الصيد، يقع فريسة الشباك، إضافة الى اطلاق النار عليه عمداً. وبحسب البروفسور باريش، “يتأثر بالمشربكة أو المبطنة، لا سيما الشباك الانسيابية. وهو عرضة لتهديدها. ويتواصل هذا النوع من الحيتان، بالأصوات تحت الماء (السونار وعمليات رصد الزلازل)”. لافتاً إلى أن “الحوت المؤنف، أو المنقاري، عالمي الانتشار، لكن تواجده نادر في منطقتنا. بالاضافة إلى أنه من أكثر الانواع التي يصعب العثور عليها ورصدها في البحار”.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024