بعد اجتماع أمني في أربيل، نجحت قوات البيشمركة في السيطرة على مساحات واسعة، في شرق نينوى.

وقد شارك في اجتماع أربيل الأمني، الذي فتح المرحلة الثالثة من مراحل معركة تحرير نينوى، رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، ومستشار الأمن الوطني العراقي نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ومبعوث الرئيس الأميركي السفير بريت ماكغورك.

 وقال أحد قادة البيشمركة إن قوات البيشمركة بإشراف مباشر من رئيس إقليم كردستان العراق، وإسناد لأول مرة من مدفعية التحالف الدولي، إضافة إلى غطاء جوي؛ شنت ابتداء من فجر يومي الأحد والاثنين 14- 15 آب/أغسطس عدة هجمات عبر محورين: الأول، الكوير- مخمور، والثاني محور الخازر، ضد مواقع داعش.

 وقد تمكنت قوات البيشمركة خلالها من السيطرة على مواقع استراتيجية، وتمت استعادة 11 قرية من قبضة التنظيم، وهي تقاتل الآن في منطقة النمرود. وقد بسطت سيطرتها على الطريق الرابط بين قضاء الحمدانية وقرية قرقشة في سهل نينوى،  ووصلت إلى جسر الكوير الذي يربط نينوى بأربيل.

 هذا، وجاء هجوم البيشمركة متزامنا مع هجوم آخر، شنته قوات عراقية متمركزة جنوب نينوى على مشارف مدينة القيارة، الواقعة على المحور الجنوبي للموصل، تتألف من الفرقة 15 واللواء المدرع الأول وجهاز مكافحة الإرهاب.

 وأعلن قائد عمليات تحرير نينوى اللواء الركن نجم الجبوري أن "القوات العراقية حققت تقدماً كبيراً على المحور الجنوبي ووصلت إلى عند جسر القيارة، وأن اقتحام ناحية القيارة بات مسألة وقت".

 وأضاف الجبوري أن السيطرة على الجسر الذي دمر "داعش" أجزاءً منه، لها أهمية بالغة في استعادة مركز القيارة باعتباره ممرا رئيسا يربطها بالطريق القادم من مدينة مخمور، بالإضافة إلى التقرب من مصفى القيارة النفطي أهم المواقع الاستراتيجية هناك.

 وقد مثل تحرك البيشمركة والقوات العراقية معا حركة وصفها خبراء عسكريون بأنها تشبه "المقص"، وُضعت نينوى في وسطه. فقد مثلت قوات البيشمركة طرف المقص الشرقي ودفعت مسلحي "داعش" إلى داخل مدينة الموصل أكثر، وطردتها من ضواحي نينوى الشرقية وجنوبها الشرقي. في وقت مثلت القوات العراقية، مدعومةً بوحدات من العشائر العربية، طرف المقص الجنوبي، بعد أن تحركت من محاورها في جنوب الموصل.

وفي هذا السياق، قال أحد المسؤولين العراقيين إن "الطوق بدأ يضيق على "داعش"، وإن مدفعية قوات البيشمركة باتت قادرة على قصف وسط نينوى. وأضاف أن "الدعم الأمريكي في المعركة الحالية تركز للبيشمركة، وفي هذا يكمن سر تقدمها الكبير في معاركها على عكس الجيش العراقي". وإذا كانت مدفعية البيشمركة أصبحت تطال وسط نينوى، فإن مدينة القيارة أيضا أصبحت تحت مرمى نيران القوات الأمنية العراقية المباشرة وغير المباشرة.

 وتأتي حركة قوات الجيش العراقي والبيشمركة في 14 و15 أغسطس/آب 2016 ضمن المرحلة الثالثة لمعركة تحرير نينوى، ومتأخرة خمسة أشهر على "عملية الفتح الأولى"، التي أطلقتها القوات العراقية في 23 مارس/آذار الماضي، ثم تلتها في 5 أبريل/نيسان الحالي "عملية الفتح الثانية".

 وفيما تتقدم قوات البيشمركة من الجنوب الشرقي وترابط قواتها أيضا من الشمال والغرب وتعضدها قوات عراقية من الجنوب، يبقى محور غرب نينوى هادئا، وربما مجالا لهرب الدواعش باتجاه سوريا.

 وأما بالنسبة إلى مشاركة "الحشد الشعبي" في معركة نينوى، فقد أكدت مصادر الحشد، الذي حضر نائب رئيس هيئته فالح الفياض اجتماع أربيل المشار إليه أعلاه، "أنه ينتظر صدور الأوامر لمشاركته في معركة استعادة السيطرة على محافظة الموصل".

 وفيما ذكر ضباط عراقيون أن "الحشد الشعبي" سيشارك بـ ١٥ ألف مقاتل من أبناء نينوى حصرا، أكدت معلومات، متطابقة من ثلاثة مصادر عسكرية وسياسية، وصول دفعات جديدة من "الحشد الشعبي "من بيجي إلى تلال الباج ومشارف الشرقاط والقيارة جنوب نينوى.

 وبحسب مسؤول عراقي رفيع، فإن وجهة نظر الأمريكيين تتمثل في إشراك "الحشد الشعبي" في القرى والبلدات الثانوية وجعله ضمن خطوط الهجوم الأولية، لكن لن يُسمح له بالتقدم إلى الموصل، بل سيتوقف عند مشارفها ليتولى الجيش والبيشمركة مهمة الاقتحام مع قوات عشائر نينوى.

وقد انتشرت صور لقاسم سليماني على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو على حدود محافظة نينوى. وأكد أحمد الأسدي، المتحدث باسم قوات "الحشد الشعبي" في وقت سابق" أن سليماني سيقود معركة نينوى، باعتباره مستشارا عسكريا ليس للحشد فقط، بل وللجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب.

 وإذا صح وجود سليماني على حدود نينوى رسما أو اسما مع صمت عراقي وأمريكي، فإن هذا يؤكد أن معركة نينوى ليست معركة عراقية بل معركة إقليمية ودولية أيضا. وهذا ما تؤكده حركة تقارب ونشاط روسي-تركي-إيراني شهدته المنطقة بعد انقلاب تركيا الفاشل، والمقترن مع حديث عن قرب اتفاق دولي-إقليمي يحلحل معضلات المنطقة، وقد يفتح الباب أمام اليوم التالي لـ"داعش".

 وهذا ما أكده أيضا بريت ماكغورك بقوله قبل أيام في بغداد إن "كل الجهود ينبغي أن توجه الآن إلى معركة تحرير الموصل. وهي وإن كانت معركة العراقيين، فإننا نعدها معركة العالم أجمع، وأن نهاية الدواعش فيها ستؤرخ لحقبة دولية جديدة.

 ويضيف مبعوث أميركا لدى التحالف الدولي أن "التحضيرات مستمرة ليس لاستعادة الموصل فقط بل للتحضير لليوم التالي لـ"داعش."

 وهو يوم قد يفتح بابا آخر لنزاع آخر حول المناطق المتنازع عليه والمادة 140 من الدستور العراقي بين "الحشد الشعبي" والبيشمركة من جهة، وبينهما وبين أهالي المناطق المحررة من جهة أخرى. وهو أمر مؤجل ليس من أيام سقوط نينوى بيد "داعش" بل من عام 2007، حين تم تأجيل تنفيذ المادة 140.

 وتسوية هذه الأمور المؤجلة سيحسم طبيعة اليوم التالي لـ"داعش" بما يمنع ظهور نسخة أشرس من "داعش" ويعيد الدولة المفقودة.

 ومنع ظهور نسخة أشرس من "داعش" يقتضي إصلاح العملية السياسية ومعالجة الأسباب التي أدت إلى شيوع الفساد والإرهاب والطائفية، وفتحت المجال لصراع محلي إقليمي دولي حول "عراق-2003" لم يتوقف منذ أن تم تفكيك الدولة في عام 2003. فهل هذا وارد؟


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024