منذ 6 سنوات | تكنولوجيا / Huffington Post

نشرت صحيفة The Guardian البريطانية ملفات تم تسريبها حول سياسات النشر والرقابة  لموقع فيسبوك بخصوص المواد التي تتعلق بالعنف والإرهاب والعنصرية والجنس والكراهية، وتناولت الملفات دور مراقبي المحتوى العاملين في فيسبوك في التعامل مع المواد المتزايدة بشكل هائل التي ينشرها قرابة ربع سكان العالم، حسب بيانات فيسبوك.

ويمتلك مراقبو المحتوى الذين يقدر عددهم بـ4،500 شخصاً في كثير من الأحيان 10 ثوان فقط لاتخاذ قرار بشأن إبقاء مادة منشورة على الموقع بواسطة أحد المستخدمين النشطين المقدر عددهم بـ1.9 مليار، أو حذفها لتعارضها مع سياسات الموقع.

وشملت الملفات المسربة دليلاً للتعامل مع الانتقام الإباحي، والجنس والعري في الفن، والنشاط الجنسي بشكل عام، والبلطجة، والقسوة على الحيوانات، والتهديد بالعنف، واستغلال الأطفال، من بين قضايا كثيرة مزعجة.

وأشارت الصحيفة إلى أنها درست حوالي 100 وثيقة تشتمل على قواعد النشر والرقابة، ووجدت أن موظفي فيسبوك يواجهون غموضاً وحيرة في تطبيق قواعد الرقابة والنشر، فعلى سبيل المثال لا يسمح بمواد تدعو للعنف لكن يسمح للمستخدمين ببث محاولات إيذاء أو تعذيب النفس.

لكن عدد المراقبين الحالي يعني أن هناك مراقباً واحداً لكل ربع مليون مستخدم! وهو ما يجعل مراجعة المحتوى عملية صعبة وغامضة ومعقدة للغاية.

فيسبوك وسياسات الشرق الأوسط


المشكلة لا تبدو في التطبيق فقط وإنما في دليل الاستخدام نفسه الذي يحتوي أحياناً على غموض وإبهام، فمثلاً يعتبر فيسبوك أن الأشخاص المعرضين للخطر من المرجح أن يكونوا هدفاً مثل رؤساء الدول والسياسيين وضباط تنفيذ القانون والمخبرين والنشطاء والصحفيين.

لكن الدليل يعتبر بعض الشخصيات مثل رؤساء أقسام الشرطة مثلاً، والمجموعات "الضعيفة" يجب أن تحظى بحماية خاصة فيحذف تلقائياً التحريض ضدها، ومن هذه المجموعات "الأشخاص المشردين"، و"الأجانب"، و"الصهاينةzionists"، إذ يعتبر الدليل أنهم يتعرضون للخطر على مستوى عالمي وهو ما قد يفسر حذف بعض الصفحات الفلسطينية أحياناً.

أما "تجار المخدرات ومتعاطيها ومدمنيها" فهم معرضون للخطر بشكل خاص في الفلبين، حيث يتعرضون للقتل فلا تعد هذه الفئة معرضة للخطر على مستوى عالمي، ولكن محلياً فقط.

في الصورة التالية، مثال لمادة من فئة (عنف غير ذي مصداقية) لصفحة ساخرة، مسموح بها لأنها خيالية وغير جادة، أو عامة على مستوى غير محدد فلا تسبب ضرر محلي، أو لا تشكل جريمة معترف بها حسب قواعد فيسبوك.



facebook leak

المصدر: صحيفة The Guardian البريطانية


وهنا، مثال لمادة من فئة (عنف ذو مصداقية) غير مسموح بها لأنها تحرض على العنف وقد تستهدف فئة من "المجموعات الضعيفة".



facebook leak

المصدر: صحيفة The Guardian البريطانية


لكن الوثائق المسربة تكشف محاولة الشركة في المحافظة على حرية التعبير مع تجنب الضرر في العالم الحقيقي أيضاً، فبعض المحتوى مثل الاعتداء الجنسي على الأطفال يقضى عليه تلقائياً، لكن البعض الآخر يحتاج لتحقق المشرفين من مصداقيته، فكثير من الناس يعبرون عن الاستياء أو عدم الاتفاق بالتهديد أو الدعوة للعنف بطريقة عامة غير عملية.

إذ إن تعليق "سأقتلك يا جون!" مقبول في الموقع بينما "سأقتلك يا جون ولدي سكينة مثالية للقيام بذلك" ليس مقبولاً وتجب إزالته، وأيضاً يسمح بنشر بعض المواد التي تحتوي على عنف لو كان التعليق عليها رافضاً لها ومديناً، بينما لا تقبل على سبيل التشجيع والدعم.

كما تختلف هذه السياسات من بلد لآخر، فمثلاً يقوم فيسبوك بحذف المحتوى الذي ينكر أو يقلل من "الهولوكوست" في فرنسا وألمانيا وإسرائيل والنمسا فقط وهي البلدان التي قد يتعرض فيها فيسبوك لدعاوى قضائية إذا لم تقم بإزالة المحتوى، لكن على سبيل المثال لا يذكر دليل الاستخدام إجراءات مماثلة للكراهية ضد الإسلام أو التهديدات ضد المسلمين التي أصبحت شائعة مؤخراً أيضاً.

الإرهاب وفيسبوك

في موضوع التطرف والإرهاب يبدو الأمر لغزاً لحدٍ كبير، فقد تضمن أغسطس/آب الماضي حسب إحدى الوثائق 1340 تصعيداً إرهابياً ذا مصداقية، وقد تم تزويد مراقبي المحتوى بـ44 صفحة تحتوي على بيانات 646 شخصية لمجموعات وشخصيات إرهابية لتساعدهم في السماح بمحتوى معين أو حذفه.

إذ قام مراقبو المحتوى بإزالة 311 منشوراً وحساباً وكانت هذه المعلومات مفيدة للغاية لتحديد شخصيات إرهابية ومنظمات -حسب تقرير الصحيفة البريطانية-، لكن أوراقاً أخرى كشفت أن فيسبوك يعتبر "الجيش السوري الحر" (المدعوم غربياً من أميركا وبريطانيا وغيرها حسب الصحيفة) منظمة إرهابية، وهو ما يثير علامات استفهام حول معايير التصنيف وفعاليته.

هذا، واعتبرت الوثيقة أن "الناس لا يجب أن يدعموا شخصاً يمثل منظمة إرهابية أو تعمل على تخويف الناس أو الحكومة أو تستخدم العنف لتقاوم احتلال دولة معترف بها دولياً".



facebook leak

المصدر: صحيفة The Guardian، صورة تظهر "الجيش السوري الحر" في تصنيف المنظمات الإرهابية لفيسبوك


وتظهر الوثائق كيف يمكن أن تبقى الصور الرسومية على الموقع إذا كان التعليق أسفلها "محايداً" فمثلاً يظهر رجل مصاب برصاصة في رأسه وحوله بركة من الدماء، فيفترض الدليل أن تُزال الصورة إذا كان التعليق يحرض على الفعل بينما يمكن أن تبقى لو كان التعليق محايداً أو ينتقد الحرب مثلاً، وقال مصدر للصحيفة: "إننا نزيل المحتوى الذي يشيد بالإرهاب فقط والمشكلة الآن أن الإرهابيين ينشرون المحتوى مثل الأخبار، فاستخدام كلمات مختارة يمكن أن يحدث فارقاً".

لماذا سرية الوثائق؟

كتب كاليف ليتارو المختص في البيانات والمجتمع في موقع Forbes، أنه لا يعرف لماذا تحتفظ الشركات مثل فيسبوك بهذه الوثائق المثيرة للجدل سرية في عالم تتجسس فيه وكالات الاستخبارات الأميركية لتحتفظ بالتحكم والسيطرة، معتبراً أنه لا مفر من تسرب مثل هذه الوثائق دائماً، وأنه من الأفضل للشركات أن تركز بدلاً من ذلك على الشفافية والانفتاح.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024