منذ 6 سنوات | غريبة / Huffington Post

هل تخيَّلت يوماً ما، أن فرشاة الأسنان التي نستخدمها اليوم استخدمتها الحضارات القديمة بشكلٍ مقارب كثيراً؟ ربما لم يخطر ببالك هذا الأمر من قبل، ولكننا في هذا التقرير نعرض لك كيف كان الإنسان القديم يعتني بأسنانه، خاصة أنه كان يتناول نوعيات من الأطعمة أصعب في مضغها عما تتناوله هذه الأيام، مما يتطلب أسناناً قوية جداً.

أول معجون أسنان اكتشفه المصريون القدماء وطوَّره الصينيون

ابتكرت الثقافات والحضارات القديمة طرقها الخاصة للعناية بالأسنان قبل اختراع الفرشاة، والتي مكنت شعوبها من الحفاظ على قوة أسنانهم وحمايتها من التسوس، على سبيل المثال اتَّبع شعوب الإغريق نظاماً غذائياً غنياً يتألَّف من الخضراوات والأسماك والألبان واللحوم،  والقليل جداً من السكريَّات عما نستهلكه في وقتنا الحاضر، مما أسهم في قوة أسنانهم، لما يحتويه هذا النظام من فيتامينات ومعادن، وكانت وسائل التنظيف الشائعة آنذاك فرك الأسنان بالملح والطباشير، للتخلص من بقايا الطعام، أو استخدام قطع من القماش والماء فقط.


كذلك بذل المصريون القدماء الكثير من الجهد للحفاظ على أسنانهم، إذ يُعتقد أنهم أول من  اخترعوا عجينة تنظيف الأسنان قبل اختراع الفرشاة، فقد عُثر على تفاصيل أقدم وصفة مصرية لعجينة الأسنان في العالم، مُدونة على ورق البردي في المكتبة الوطنية في "فيينا"، وصُنعت العجينة من الملح الصخري وحبوب الفلفل وزهرة السوسن المجففة والنعناع، واستخدم الصينيون هذه العجينة لأول مرة عام 500 قبل الميلاد. 

شملت مكونات العجينة قشر البيض المحروق، ومسحوق عظام الحيوانات، بالإضافة إلى أصداف المحار ورماد حوافر الثيران، وكانت تُستخدم بفركها بواسطة الأصابع على الأسنان لتنظيفها، وأضاف الصينيون إلى العجينة مجموعة متنوعة من المواد؛ لإعطائها نكهة طيبة مثل نبات الجنسنغ والنعناع، كما استخدموا الشاي كإحدى وسائل العناية أيضاً، وذلك بتخميره  وشطف الفم به بعد تناول الطعام، بالإضافة أيضاً إلى تناول التوابل كالقرنفل والقرفة للقضاء على رائحة الفم الكريهة، والملح كوسيلة فعالة لتطهير الفم. 

بينما استخدم قدماء الرومان البول كغسول للفم في الصباح؛ وذلك لاحتوائه على مادة  "الأمونيا" التي تعد مبيضاً طبيعياً، وتوفر عنصر التطهير وتُبقي الأسنان ثابتة، والمثير أن هذه المادة ما زالت تُستخدم في صناعة بعض مساحيق الأسنان حتى وقتنا الحاضر، وقيل إن الطبقة العليا من النساء كانت تدفع المال لشراء البول من البرتغال.

الأعشاب الضارة استخدمت أيضاً في تنظيف الأسنان

اكتشفت كارين هاردي، عالمة الآثار في المعهد الكاتالاني للبحوث والدراسات المتقدمة في جامعة "أوتونوما دي برشلونة" الإسبانية، بعد فحص الأسنان لهياكل عظمية وُجِدت وسط السودان بالقرب من نهر النيل أن القدماء مضغوا عشب "السعد المستدير"، لتنظيف الأسنان قبل حوالي 2000 سنة، والذي يعتبر أحد أسوأ الأعشاب في العالم، إذ يؤثر على المحاصيل الزراعية بسبب تشعب جذوره تحت الأرض، وله مذاق مر لا يُستطاع تحمله، ورغم ذلك أظهرت تجارب الباحثين أنه يقلل من تسوس الأسنان، ويُعيق نمو البكتيريا، والجراثيم المسببة للتسوس بشكل مدهش.

المسواك.. الصورة الأولى لفرشاة الأسنان



tooth brush

نشأت فكرة استخدام فرشاة لتنظيف الأسنان لأول مرة من قبل البابليين والمصريين القدماء، وذلك في الفترة بين (3500-30000 قبل الميلاد)، وكانت تتمثل في مضغ طرف غصن الشجيرات حتى تصير لينة بما فيه الكفاية كالفرشاة، إذ وجد علماء الآثار المسواك مدفوناً إلى جانب أصحابه في المقابر المصرية، وما زال استخدام  المسواك شائعاً حتى الآن، خاصة في العالم الإسلامي، إذ إنه يمنع تسوس الأسنان وأمراض اللثة. 

توضح الكتابات الصينية القديمة التي ترجع تقريباً إلى عام 1600 قبل الميلاد عناية الصينيين بأسنانهم باستخدام الأغصان العطرية، خاصة غصن شجرة الصفصاف، عن طريق نقعه في الماء ثم مضغه حتى يصير ليناً، بينما اخترعت أول أداة تُشبه للشكل الحالي لفرشاة أسنان خلال عهد أسرة تانغ (619-907 م) باستخدام شعيرات خشنة من أعناق الخنازير البرية الموجودة شمالي الصين، وإدخالها في ثقوب صغيرة صُنعت في مقابض من الخيزران أو العظام، وتشير كذلك كتابات الصينيين التي ترجع لعام 1223م إلى استخدام الرهبان لفرشاة  مصنوعة من ذيل الحصان، إلى جانب استخدام شعيرات حيوانية أخرى مثل ريش الأوز، ثم ربطها في عود من الخيزران أو العاج خلال العصور الوسطى لتنظيف أسنانهم بها. 

شيئاً فشيئاً أخذ شكل فرشاة الأسنان في التطور لتصبح أكثر حداثة، عندما أنتج التاجر الإنكليزي "وليام أديس" عام 1780 م، أداة مكونة من مقبض من عظام الماشية، تثبت عليها  شعيرات من أعناق الخنازير، إذ كانت الشعيرات الطبيعية حتى ذلك الوقت المصدر الوحيد لصناعة الفرشاة، وأُنتجت هذه الفرشاة بكثرة عام 1840م، ثم تطورت على مرِّ السنين لتصل إلى شكلها الشائع، بتصنيعها من الألياف الصناعية وخيوط النايلون، وأول شركة أنتجتها كانت "دو بونت" الأميركية، وذلك في 24 فبراير/شباط 1938م. 


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024