منذ 7 سنوات | لبنان / السفير

خرق خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في الذكرى العاشرة للانتصار في حرب تموز الجمود السياسي، وأطلق ما يشبه مبادرة أولية حيال الرئيس سعد الحريري، تحت سقف التمسك بترشيح العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، بإعلانه «ان الحزب سيكون منفتحا وايجابيا حيال ما يتعلق برئاسة الحكومة بعد انتخاب الرئيس، ولن نصعّب الأمور».
اكتفى «السيد» بهذه الاشارة المدروسة في توقيتها وتعابيرها، متجنبا الخوض في التفاصيل والاستفاضة في شرح سابق لأوانه.
بدا نصرالله وكأنه يتفادى حرق المراحل والاوراق مجانا. فقط، لوّح بالمفتاح العائد للباب الذي من شأنه ان يقود الحريري الى السرايا الحكومية عن طريق الرابية، أما البقية فتأتي لاحقا، تبعا للرد «المستقبلي».
في الاساس، كان الحوار «المستتر» بين جبران باسيل ونادر الحريري قد افضى الى انضاج احتمال عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، بموافقة الحزب، تلازما مع انتخاب عون رئيسا. ما فعله نصرالله هو انه أخرج الامر الى العلن، واضعا الجميع امام مسؤولياتهم بعدما شعر بان هناك من يستسهل تحميل الحزب تبعات استمرار الشغور في قصر بعبدا.

وأغلب الظن، ان الرد الرسمي للحريري على ما طرحه نصرالله سينتظر نتائج تشاوره مع القيادة السعودية، فإذا قبلت الرياض بعون يصبح رئيس «المستقبل» جاهزا للتفاوض على الضمانات والتفاصيل المتعلقة برئاسته للحكومة، أما إذا رفضت المملكة، فسيعود الحريري الى التمسك بخيار فرنجية.
وتخشى اوساط قيادية في «8 آذار» من ان يكون الجواب السعودي سلبيا، في نهاية المطاف، على قاعدة ان الرياض التي لا تزال تخوض مواجهة شرسة مع ايران في اليمن وسوريا والعراق والبحرين، وبالتالي لن تسهل وصول عون، الى رئاسة الجمهورية من دون الحصول من طهران على مقابل ما، لا يبدو متيسرا حتى الآن.
على صعيد آخر، كان لافتا للانتباه حرص نصرالله في خطاب الانتصار على لمّ شمل البيت الشيعي وحماية التحالف الاستراتيجي مع الرئيس نبيه بري، فكانت تحية تقدير الى المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، بحضور غير مألوف في مناسبات الحزب لنجله السيد علي فضل الله، وكانت الرسالة الحازمة والقاطعة بان بري هو شريكنا ومرشحنا الدائم الى رئاسة مجلس النواب.
نصرالله من الدفاع الى الهجوم
وفي انتظار الآتي، يمكن القول ان إيجابية نصرالله في مقاربة فرضية تولي الحريري رئاسة الحكومة، إنما تنطوي على الدلالات الآتية:
- رد تهمة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية عن الحزب الذي انتقل بعد خطاب بنت جبيل من موقع الدفاع الى موقع الهجوم الذي يسمح له بكشف حقيقة نيات الآخرين.
- إعطاء جرعة مقويات لترشيح عون، وطمأنة الجنرال الى ان «حزب الله» يفعل أقصى ما يستطيعه لتسهيل وصوله الى رئاسة الجمهورية ولا يكتفي بالدعم المعنوي او اللفظي. وكان لافتا للانتباه ان «السيد» لم يتطرق في خطاب الانتصار الى السعودية، الامر الذي فسره البعض بانه يهدف الى إراحة عون أكثر فأكثر، بعد التحليلات البريئة و «الخبيثة» التي روجت بان حظوظ «الجنرال» الرئاسية تراجعت في أعقاب الهجوم الحاد الذي شنه نصرالله على المملكة في خطابه ما قبل الاخير.
- قطع الطريق على رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي لا يترك مناسبة إلا ويحاول فيها التشويش على تحالف «حزب الله» مع الرابية، متهما إياه بانه لا يريد، في العمق، انتخاب عون وإلا لكان قد فعل شيئا من أجل مساعدته. وبهذا المعنى، أتى طرح نصرالله العملي ليصعّب على جعجع مهمة تحريض «التيار الحر» من جهة والمزايدة على «حزب الله» من جهة أخرى، خصوصا عندما ذكّر نصرالله بأن تبني الحزب لعون سابق حتى لحرب تموز 2006.
- رمي الكرة الى ملعب الحريري الذي بات امام اختبار صعب، في ظل تأرجحه بين حاجته الى استعادة رئاسة الحكومة وبين صعوبة هضم خيار عون، لاعتبارات داخلية تتصل بمزاج قواعد «المستقبل»، وأخرى خارجية تتعلق بالموقف السعودي.
- تحميل السعودية مسؤولية أي تعطيل اضافي للاستحقاق الرئاسي، بعدما أبدى نصرالله قبولا مبدئيا بعودة حليفها المفترض الى رئاسة الحكومة، وهو موقف يُفترض ان تبادله الرياض بالتجاوب مع خيار عون، تحت طائلة تحميلها عواقب إطالة أمد المأزق الحالي.
- تنشيط خلايا الحوار الثنائي بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، عشية الجلسة الدورية التي ستجمعهما غدا في عين التينة.
بري: مع الحريري ظالما أم مظلوما
الى ذلك، اعتبر الرئيس نبيه بري امام زواره أمس ان خطاب نصرالله في بنت جبيل كان إيجابيا بكل مضامينه.
واشار بري الى ان المصلحة الوطنية تقتضي ان يأتي سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، لان من شأن ذلك ان يساهم في تحصين الاستقرار الداخلي وإبعاد عناصر الفتنة، متسائلا: أصلا، هل من بديل افضل من الحريري، لرئاسة الحكومة، في هذه المرحلة؟ وأكد انه اصبح مع الحريري ظالما ام مظلوما منذ ان بادر الى ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وكشف بري انه باشر منذ قرابة شهر ونصف الشهر باتصالات سرية مع «تيار المستقبل» بصدد قانون الانتخاب، موضحا انه تبلغ من «المستقبل» ان نقاشا داخليا يجري في صفوفه حول امكان القبول بالمشروع المختلط (64 نسبي - 64 أكثري)، «وأنا بدوري أبلغتهم انني مستعد للبحث في أية مادة ملتبسة، خصوصا ان مشروعي يستند الى معايير موحدة».
كما أوضح بري ان حوارا يدور بينه وبين «التيار الوطني الحر» بشأن قانون الانتخاب «الذي يشكل بيضة القبان في أي سلة متكاملة، والتوافق عليه يعالج 90 في المئة من الازمات التي نعاني منها، تماما كما حصل في الدوحة، حين كان التفاهم على قانون الانتخاب مفتاح الفرج».
وأمل بري في ان يمهد الجهد الذي يبذله في اتجاهات عدة لعقد جلسة ناجحة للمتحاورين في الخامس من ايلول المقبل، بحيث يكون بحوزتنا ما يمكن ان نبني عليه.
«المستقبل»: الحريري سيرد على نصرالله
وقال مصدر بارز في «تيار المستقبل» لـ «السفير» ان الجانب المتعلق برئاسة الحكومة في خطاب نصرالله هو إيجابي، وأهميته تكمن في انه لم يضع «فيتو» على وصول الحريري، أما الشق الرئاسي من الخطاب فلا يتضمن جديدا او خرقا بل أعاد تأكيد التمسك بعون واستبعاد فرنجية، لافتا الانتباه الى ان نصرالله حاول تشجيع او تحفيز الحريري على التجاوب مع ترشيح عون من خلال ورقة رئاسة الحكومة.
وأكد ان الموقف النهائي والرسمي لـ «تيار المستقبل» من مبادرة نصرالله يعلنه الرئيس الحريري، مشيرا الى ان بعض الاجتهادات الصادرة عن شخصيات في «المستقبل» تعكس آراء اصحابها حصرا. ورجح المصدر ان يحسم الحريري خياراته في نهاية الشهر، بعد عودته من الخارج واستكمال مشاوراته.




أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024