منذ 6 سنوات | العالم / Huffington Post

أثار إيمانويل ماكرون زلزالاً سياسياً في السياسة الفرنسية. فقبل عام كان عضواً في حكومة أحد أكثر الرؤساء الفرنسيين غير المحبوبين في التاريخ.

والآن، فاز ماكرون، البالغ من العمر 39 عاماً، بالانتخابات الرئاسية في فرنسا، وهزم كلاً من يسار الوسط ويمين الوسط وكذلك اليمين المتطرف كذلك.

وحصل ماكرون على 66,10% من الأصوات، مقابل 33,900% لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان بحسب النتائج النهائية.

y


وفي العالم العربي تحسّر الكثيرون من شبابه على أنفسهم، وتحدثوا عن أنه يوجد كثيرون  ممن هم في سن ماكرون في العالم العربي لا يجدون عملاً، متمنين أن يتولى الشباب الذين هم في مثل عمر الرئيس الفرنسي رئاسة الدول العربية والحكومات.

تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" رصد الأسباب التي مكنت الرجل من تحقيق هذا النجاح الكبير.

حالفه الحظ

لا شك في أن فوز ماكرون كان جزئياً بسبب أن حالفه الحظ. فقد حطّمت فضيحة المرشح الأوَّلي، اليميني الوسطي فرانسوا فيون، فرصه في الفوز. وعانى المرشح الاشتراكي بونوا هامون، الذي يقبع بالفعل على يسار الحزب الاشتراكي، من هزيمةٍ علنية إذ ذهب الناخبون التقليديون إلى أماكن أخرى.

يقول مارك أوليفييه باديس، من مركز أبحاث تيرا نوفا ومقره في باريس: "كان ماكرون محظوظاً جداً لأنَّه كان يواجه وضعاً غير متوقع تماماً".

b

كان حكيماً

الحظ وحده ليس كافياً، فقد كان ماكرون سينخرط مع لائحة مرشحي الحزب الاشتراكي، لكنَّه أدرك بعد سنواتٍ من العمل في مراكز السلطة، ومن مواقف الرأي العام الكئيبة، أنَّ صوت الحزب سيُعانى دائماً من أجل أن يكون مسموعاً.

وأضاف باديس: "تمكَّن ماكرون من أن يتوقَّع أنَّ هناك فرصةً لم يتوقَّعها غيره".

وبدلاً من ذلك، نظر إلى الحركات السياسية التي ظهرت في أماكن أخرى في أوروبا، مثل حركة بوديموس في إسبانيا، وحركة النجوم الخمسة الإيطالية، وأدرك أنَّ ما مِن قوةٍ سياسيةٍ مكافئة لهذه الحركات تُغيِّر اللعبة السياسية في فرنسا.

وفي أبريل/نيسان 2016، أسَّسَ حركة "إلى الأمام" بجهود شعبية، وبعد أربعة أشهر استقال من حكومة الرئيس فرانسوا هولاند.

قدم شيئاً جديداً في فرنسا

بعد أن أسَّس حركة "إلى الأمام"، سلك نهج القاعدة الشعبية لحملة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في الحملة الانتخابية عام 2008، وفقاً للصحفية المستقلة إميلي شولثيس المقيمة في باريس.

وكانت أولى مسيراته الكبرى هي "المسيرة الكبرى" عندما حشد صفوفه المتنامية من نشطاء الحركة النشطين، لكن غير المُخضرمين.

وقالت إميلي: "استخدمت الحملة أنظمةً حسابية من مؤسسةٍ سياسيةٍ عملت معها – وبالمناسبة، كانت تلك نفس المؤسسة التي تطوَّعت في حملة أوباما عام 2008 - لتحديد المناطق والأحياء التي كانت أكثر تمثيلاً لفرنسا ككل".

وأضافت: "أرسلوا الناس في حملة طرق 300 ألف باب".

ولم يقم المتطوعون فقط بتوزيع النشرات الدعائية فحسب، بل أجروا 25 ألف مقابلة متعمِّقة، تصل مدة كلٍ منها إلى 15 دقيقة، مع الناخبين في جميع أنحاء البلاد. وأُدرِجَت تلك المعلومات في قاعدة بيانات كبيرة ساعدت في توجيه أولويات وسياسات الحملة.

وأوضحت إميلي: "كانت مجموعة كبيرة عملت بتركيزٍ لصالح ماكرون في جس نبض البلاد، بل إنها أيضاً تأكَّدَت من أنَّ النَّاس على اتصالٍ مع حركته في وقتٍ مبكرٍ، وضمنت أن المتطوعين يعرفون كيفية الذهاب من باب إلى باب. كان ذلك تدريباً مهَّد الطريق حقاً لما حقَّقه هذا العام"، وقد استفاد منه.

b

لديه رسالة إيجابية

يبدو أن الكثير من التناقضات تجمَّعت في شخصية ماكرون، هذا "الوافد الجديد" إلى قصر الإليزيه، تلميذ الرئيس الفرنسي هولاند، ثمَّ وزير الاقتصاد في حكومته، المصرفي الاستثماري الذي يدير حركة شعبية، والوسطي يحمل برنامج متشدِّد لخفض القطاع العام.

كانت هذه التناقضات سلاحاً في يد منافسته مارين لوبان، التي قالت إنَّه مرشح من النخبة، وليس مبتدئاً كما قال هو عن نفسه.

لكنه تهرَّب من محاولات وصفه بأنَّه فرانسوا هولاند آخر، بينما خَلَقَ نمطاً جديداً بين الناس التواقة لشيءٍ جديدٍ.

يقول مارك أوليفييه باديس: "هناك مزاجٌ متشائم للغاية سائدٌ في فرنسا - أو يمكن وصفه بأنه شديد التشاؤم – وقد جاء ماكرون برسالة إيجابية متفائلة للغاية".

وأضاف: "إنَّه شابٌ مليءٌ بالطاقة، ولا يشرح ما سيفعله لفرنسا ولكن كيف سيحصل الناس على الفرص، إنَّه الوحيد الذي لديه هذا النوع من الرسائل".

كان ضد مارين لوبان

جاءت رسالة مارين لوبان كرسالةٍ سلبية، مع مناهضة الهجرةِ، والوقوفِ ضد الاتحادِ الأوروبي، ومكافحة سياسةِ اللجوءِ، وهي رسالة ضد رسالة ماكرون الأكثر تفاؤلاً.

وأوضحت إميلي أنَّ مظاهرات حملة ماكرون ظهرت في ساحات مشرقة مضاءة مع موسيقى البوب، في حين شهدت لقاءات مارين لوبان الجماهيرية تراشق المتظاهرين بالزجاجات والمشاعل، وحضوراً كثيفاً لعناصر الشرطة، ومنصاتٍ مظلمة للجمهور، واتجاهاً خفياً "أكثر غضباً".

وساد الغضب المناظرة التلفزيونية الكبيرة التي عُقِدَت 3 أيار/مايو 2017، مع سلسلة من الشتائم التي تراشق بها الجانبَين.

وكانت مارين "كاهنة الخوف الكبيرة "، تقدم وعوداً زائفة من نفس الخلفية المتطرفة لوالدها، حيث وصفت خصمها بأنه كان دميةً اشتراكية؛ أداةً خطيرةً لمؤسسات التمويل العالمي، وكان ليفعل أي شيءٍ تطلبه منه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وكان الكثيرون قلقين من رئاسةٍ يمينية متطرفة مُحتَمَلة يُمكن أن تكون مُزعزِعَة للاستقرار وتفضى إلى الانقسام في المجتمع، ورأوا ماكرون آخر من يمكن أن يقف عقبةً في طريقها.

كان من الممكن أن تقود مارين لوبان حملةً فعالة للغاية، لكن تصنيفات استطلاعات الرأي لها كانت سيئة على مدار عدة أشهر. وكانت مُتقدِّمة في الانتخابات في العام الماضي، إذ بما يتجاوز نسبة 30٪، ولكن في غضون أسبوعين فقط تعرضت للهزيمة مرتين أمام إيمانويل ماكرون.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024