منذ 7 سنوات | العالم / الحياة






شبح الحرب يحوم مجدداً فوق أوكرانيا. بعضهم يحذّر من حرب شاملة قد تعصف بالأجزاء الشرقية من هذا البلد بهدف «تحريرها»، وحسم الوضع الحالي لمصلحة انفصال نهائي لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من طرف واحد.

وضعت المستجدات الأخيرة حول شبه جزيرة القرم، المنطقة على برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة. إعلان روسي عن إحباط خطط إرهابية كبرى استهدفت زعزعة الأوضاع في القرم، وحشد للقوات على طرفي الحدود مع إعلان حال التأهُّب القصوى لدى القوات الأوكرانية، واجتماع مغلق لمجلس الأمن الروسي يناقش سبل التصدي لـ «الإرهاب»، وتصريح ناري للرئيس فلاديمير بوتين يتوعّد برد قوي على قتل جنديَّين روسيَّين قبل أيام.

تطورات متلاحقة زادت سخونة الوضع وأطلقت شرارة الحسم التي باتت معلّقة على قرار سياسي يصدر عن القائد الأعلى للجيش.

لكن، هل نضجت الظروف فعلاً لحسم عسكري في شرق أوكرانيا؟ وكيف ستكون انعكاسات تطور من هذا النوع على العلاقات الروسية المتدهورة أصلاً مع الغرب؟

ثمة من يقول أن الكرملين يفكر في «الهروب الى أمام» للتخلص دفعة واحدة من رزمة مشكلات يواجهها، وبينها مخاوف من هزات داخلية ترافق الاستحقاق الانتخابي في روسيا بعد أسابيع، باعتبار أن مواجهة عدوٍّ خارجي ستكون وسيلة فاعلة لإعادة تعبئة الروس وصرف أنظارهم عن المشاكل الداخلية. كما أن الوضع في القرم ما زال هشاً بعد سنتين على قرار ضم شبه الجزيرة الى روسيا. فالإقليم يعاني نقصاً حاداً في المياه والكهرباء التي كانت تأتي من أوكرانيا، ومشاريع تأهيل البنى التحتية ما زالت تراوح مكانها على رغم إنفاق البلايين، والأحوال المعيشية متردية. وروسيا التي تعاني مشكلات بسبب العقوبات الغربية، تقلَّصت قدرتها على تحسين الوضع في القرم.

في ظل هذه المعطيات، جاء نشاط المتطرفين الأوكرانيين الرافضين قرار الضم ليمنح الكرملين مخرجاً مناسباً. إذ شكّل هجوم مسلحين على نقطة حدودية ومقتل عنصُرَيْ أمن روسيَّيْن، فرصة للإعلان عن «إحباط مخطط إرهابي تخريبي ضخم أعدّت له الاستخبارات الأوكرانية»، بهدف زعزعة الأوضاع في القرم. وأشارت موسكو الى اعتقال «مخرّبين» جنّدتهم الأجهزة الخاصة الأوكرانية التي كانت تسعى الى استهداف منشآت حيوية في شبه الجزيرة.

وكان متشدّدون أوكرانيون ومواطنون من القرم رافضون لقرار الضم، نفّذوا احتجاجات ضد روسيا أو هجمات محدودة التأثير. لكنّ توجيه أصابع الاتهام هذه المرة إلى الاستخبارات الأوكرانية حمل معاني مختلفة، إذ بات يستدعي رداً روسياً حاسماً، وهو ما أثاره اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي، لمناقشة القضية التي بات عنوانها: «مواجهة إرهاب يستهدف أمن القرم».

وذكّر تصريح بوتين الناري وقوله إن موسكو «لن تترك قتل عسكرييها يمر من دون رد»، بماضٍ قريب. فالعبارة ذاتها تقريباً أطلقت الحرب الجورجية – الروسية عام 2008. وعندما تعرّض موقع للقوات الروسية في أوسيتيا الجنوبية الانفصالية عن جورجيا، لهجوم أسفر عن مقتل عسكريين روس، قال بوتين الذي كان رئيساً للوزراء آنذاك: «المجرمون يجب أن يعاقبوا». بعدها اندلعت حرب الأيام الخمسة التي أسفرت عن سلخ إقليمَيْ أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا، ودخلت القوات الروسية إلى تبليسي، العاصمة الجورجية، قبل أن تنسحب منها بوساطة دولية نشطة. والمفارقة أن تلك الأحداث توالت في آب (أغسطس).

لكن خبراء يشيرون الى أن «الحسم العسكري» بالطريقة ذاتها ليس حتمياً، وثمة سيناريوات ثلاثة محتملة: الأول، أن يكون هدف الكرملين إشعال أزمة كبيرة جديدة، لحمل الغرب على رفع العقوبات والتفاهم مع روسيا، والثاني حرب محدودة من أجل إنشاء «ممر» يربط القرم بمدينة هيرسون حيث محطة إمدادات الكهرباء والمياه، والثالث حرب أوسع تعزّز فرص انفصال دونيتسك ولوغانسك.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024