منذ 7 سنوات | حول العالم / Huffington Post

تصل آية حجازي، الناشطة في مجال المجتمع المدني والأعمال الخيرية، إلى البيت الأبيض للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب وابنته إيفانكا ومستشاره الخاص جاريد كوشنر الجمعة 21 أبريل/نيسان.

اللقاء يأتي بعد مرور 24 ساعة على عودة حجازي، التي تعمل بالأعمال الخيرية وتحمل الجنسيتين المصرية والأميركية، إلى ديارها بالولايات المتحدة على متن طائرة عسكرية تابعة للحكومة الأميركية، بعد نجاح إدارة ترامب في فعل ما لم يتمكن منه أوباما طوال قرابة 3 سنوات.

العودة تأتي بعد أن تفاوضت إدارة ترامب بهدوءٍ على إطلاق سراحها، طبقاً لوصف صحيفة واشنطن بوست الأميركية، وذلك بعد أن سُجِنَت لمدة ثلاثة أعوام في القاهرة وأصبحت الوجه العالمي للقمع الوحشي الذي تمارسه مصر بحق المجتمع المدني.

وعمل الرئيس الأميركي ترامب ومساعدوه لعدة أسابيع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتأمين حرية آية حجازي، التي تبلغ من العمر 30 عاماً، إضافةً إلى زوجها، محمد حسانين، وهو مصري الجنسية، و4 عاملين آخرين في المجال الإنساني.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وابنه بالتبني، جاريد كوشنر، كان أبرز رجال البيت الأبيض الذين اهتموا بقضية آية حجازي وتابع مشكلتها، وسيكون أحد مستقبليها اليوم في البيت الأبيض.

وكانت حجازي، التي تَرَبّت في مدينة فولز تشيرش بولاية فيرجينيا الأميركية، وتخرَّجت من جامعة جورج ميسن الواقعة في نفس الولاية، تعمل في القاهرة في مؤسسة بلادي، وهي المؤسسة التي أنشأتها هي وزوجها لتكون ملاذاً ومركزاً لإعادة تأهيل أطفال الشوارع.

وكان الزوجان وزملاؤهما في العمل قد سُجِنوا منذ الأول من مايو/أيار 2014 بتهمة استغلال الأطفال والإتجار بالبشر، وهي التُهم التي اعتبرها مسؤولون أميركيون وكثيرٌ من العاملين في مجال حقوق الإنسان أنها غير صحيحة.

فعلياً، لم يُقدَّم أي دليلٍ ضدهم على الإطلاق، ولقُرابة ثلاثة أعوام، احتُجِزوا مع تأجيلات غير مُبرَّرة لجلسات الاستماع وإلغاء مواعيد المحاكمة. وزعمت جماعات حقوق الإنسان أنهم تعرضوا للاعتداء أثناء احتجازهم.

ضغوطات أوباما بلا نتيجة

وكانت إدارة أوباما قد مارست الضغوطات على حكومة السيسي لإطلاق سراحهم، لكن دون جدوى.

في سبتمبر/أيلول 2016، دعا البيت الأبيض الحكومة المصرية إلى إسقاط جميع التهم  المنسوبة للمواطنة المصرية التي تحمل الجنسية الأميركية، آية حجازي، وإطلاق سراحها.

رد الفعل المصري جاء على لسان أحمد أبو زيد المتحدث باسم الخارجية المصرية، الذي استنكر "إصرار بعض الدوائر الرسمية الأميركية على الاستهانة بمبدأ سيادة القانون والتعامل معه بانتقائية لدرجة المطالبة الصريحة بالإفراج عن إحدى المتهمات في قضية جنائية لأنها تحمل الجنسية الأميركية والمطالبة بإسقاط التهم الموجهة إليها".

يأتي هذا الرد على خلفية توتر في العلاقات بين إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وبين النظام المصري، خصوصاً في ظل رفض أوباما استقبال السيسي طوال فترة حكمه.

وقد منعت إدارة أوباما استقبال السيسي، وهو قائد عسكري سابق قاد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس الأسبق محمد مرسي عام 2013، في البيت الأبيض جرّاء اتهامه بانتهاك حقوق الإنسان. وكان القمع الذي يمارسه السيسي ما بعد الانقلاب حاداً ضد منظمات المجتمع المدني على نحوٍ خاص، وتحديداً المنظمات التي تتلقى أموالاً من الخارج. وتتهمهم الحكومة ووسائل الإعلام الموالية للحكومة مراراً بمحاولة زعزعة استقرار البلاد. بينما يبقى الآلاف من المسجونين وراء القضبان.

وبينما لم يشعر الرئيس باراك أوباما بالارتياح لحكومة محمد مرسي المُنتخَبة، والتي ارتبط تنظيمها السياسي بجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن إدارة أوباما رفضت اتهامات السيسي لحكومة مرسي باتصالها بالإرهاب. وبعد الانقلاب العسكري، علَّق أوباما تقديم المعونة لمصر -وهي الحادثة الثانية من نوعها على مدار عشرات الأعوام- التي تُعَد ثاني أكبر متلقّ للمساعدات العسكرية الأميركية، بعد إسرائيل، بمقدار أكثر من مليار دولار سنوياً.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد زار مدينة نيويورك الأميركية في سبتمبر/أيلول 2014، دون أن يلتقي بالرئيس الأميركي، وذلك بعد 44 أشهر على إلقاء القبض على حجازي.

نجاح لسياسة ترامب

ولم يتغيَّر موقف مصر إلا حينما تحرَّك ترامب لإعادة ضبط العلاقات الأميركية مع مصر من خلال احتضان السيسي في البيت الأبيض في 3 من أبريل/نيسان، فقد أشاد ترامب علناً بقيادة السيسي واصفاً إياها بـ"الرائعة"، وعرض "دعم الحكومة الأميركية القوي". وفي يوم الأحد الماضي، أسقطت محكمة في القاهرة جميع التُهم الموجهة إلى آية والآخرين.

ويأتي ما يُخطط البيت الأبيض للاحتفال به إثباتاً لدبلوماسيته المُبكرة في نهايةِ أسبوعٍ تمكَّنت فيه إدارة ترامب من مكافحة اتهامات بارتباك السياسة الخارجية.

وبالرغم من أن الرئيس الأميركي تَلقى إشادةً كبيرةً على قراره بمُعاقبة سوريا على هجومها المُفترَض بالأسلحة الكيماوية بوابلٍ من صواريخ كروز، تعرَّضت الإدارة لانتقاداتٍ نتيجة تناقضها على خلفية سياستها تجاه سوريا وتركيا، والبيانات المغلوطة حول رد الولايات المتحدة على نشاط الأسلحة في كوريا الشمالية.

إفراج بلا مقايضة

وقال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية إنه لم يُقّدم أي عرض للمقايضة من أجل الإفراج عن آية، وإنما كان هناك "تأكيد من أعلى القيادات في حكومة السيسي بأنه مهما كان الحكم ستستخدم مصر السلطة الرئاسية لإرسالها إلى الولايات المتحدة". وقال المسؤول إن الجانب الأميركي فسَّر ذلك بأن الحكم بالإدانة سيتبعه عفوٌ من السيسي، وأنها كانت مفاجأة سارة لهم.

وأدى إسقاط التُهم إلى إطلاق سراح آية وحسانين، ثم ترحيلهما إلى الولايات المتحدة، وقد أشرَفَ ترامب شخصياً على هذه الرحلة وأدلى بتفاصيلها يوم الخميس مسؤولٌ كبير بالإدارة رفض الكشف عن هويته بسبب حساسيات الأمن القومي للقضية.

وكان وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس ونائبة مستشار الأمن القومي دينا باول، اللذين كانا يخططان بالفعل لزيارة مصر هذا الأسبوع، قد التقيا السيسي للنقاش حول عددٍ من الموضوعات، بينما أرسل ترامب مساعده العسكري، الرائد ويس سبورلوك، لمرافقة آية وأسرتها في رحلة العودة إلى واشنطن.

وكانت آية وحسانين قد التقيا أسرة آية في القاهرة هذا الأسبوع، وبينما رحل ماتيس من القاهرة إلى إسرائيل، بقيت دينا، والتي وُلدت في مصر وساعدت في تلطيف العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، لترافق المجموعة، وفقاً لما ذكره المسؤول بالإدارة الأميركية.

وحطَّت الطائرة التي كانت تُقل المسافرين على قاعدة أندروز الجوية على مشارف واشنطن في حوالي الساعة العاشرة، مساء الخميس. وقال المسؤول إنه من المقرر أن تزور آية وأخوها، الذي يُدعى باسل، البيت الأبيض يوم الجمعة، 21 أبريل/نيسان، ليقابلا ترامب وابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، الذي تابع محنة حجازي.

الأسرة تشكر ترامب

ومن جانبه، قال باسل حجازي في محادثة هاتفية من على متن الطائرة يوم الخميس، "لقد كانت هوجة من العواطف الأيام الماضية القليلة، فنحن نبكي من شدة الارتياح لأنهم خرجوا من السجن".

وأضاف باسل: "نحن نشعر بالامتنان الشديد لأن الرئيس ترامب تعامل شخصياً مع القضية. فالعمل عن قُرب مع إدارة ترامب كان أمراً مُهما للغاية بالنسبة لأسرتي في هذا الوقت الحرج. فقد سمح لنا بلم شملنا كأسرة. نحن ممتنون للغاية".

دبلوماسية ناجحة

وقال المسؤول البارز بإدارة ترامب إن الاتفاق بإطلاق سراح حجازي جاء نتيجة "الدبلوماسية المتحفِّظة" التي يتبعها ترامب - ويُقصد بها جهود الرئيس الأميركي لتنمية علاقات وديَّة مع زعماءٍ من أمثال السيسي والرئيس الصيني شي جين بينغ، وتتضمَّن هذه السياسة جزئياً تجنُّب الإدلاء بتصريحات تتعلَّق بحقوق الإنسان قد تتسبَّب في إقصاء الحكومات الأجنبية.

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بوب كوركر (وهو جمهوري يمثل ولاية تينيسي)، والذي قال إنه دعا مؤخراً لإطلاق سراح حجازي خلال محادثاته مع السيسي، وقد جرى إطلاعه على موجز المفاوضات الأخيرة، إنَّ ترامب "عالج الأمر كما يجب أن تُعالج مثل هذه الأمور".

وقال كروكر في مقابلة صحفية يوم الخميس، 20 أبريل/نيسان: "أحياناً ما قد تثير الولايات المتحدة بعض القضايا، وتفعل ذلك بشكل علني وبطرقٍ يراها الناس مهينة ويُستبعَد أنّ تؤدي إلى النتائج التي نريدها، بينما يمكن أن يجري العمل على الأمر في صمتٍ ومع إبقائه أولوية بالنسبة لنا، لكن باتباع طريقة لن تمثِّل إحراجاً علنياً للطرف الآخر، هذا ما اتبعناه في هذه القضية".

وقال أنتوني بلينكين، الذي عمل على قضية حجازي بصفته نائباً لوزير الخارجية الأميركي: "كان يجب أن يكون هناك مقابل للمديح والدعم القوي الذي قدَّمه الرئيس للسيسي، حتى وإن كان يناقض ما نفَّذناه بشكلٍ ما، وقد يكون هذا (إطلاق سراح آية حجازي) هو المقابل. وهذا على الأقل تطوّر إيجابي قد يقدّم بعض الرضى لجميع الأطراف".

وفي الوقت ذاته، يحذّر بلينكن أنّ هذا الدعم كان من الممكن أن "يؤدي لنتيجة معاكسة، وهي ببساطة تعزيز القمع الذي يمارسه السيسي في بلاده، إلى حدٍ أرى أنّه سيرتدّ ضده يوماً ما، وضدنا نحن أيضاً.. يمكنك محاولة استخدام القمع لحل مشاكلك، لكن عند الوصول لنقطة معينة، فإنها ستنفجر في وجهك".

وأثناء زيارة السيسي إلى واشنطن، لم يذكُر ترامب احتجاز حجازي علناً. ولم يبدُ عليه أنّه حاول الضغط على الرئيس المصري بشأن سجله الممتلئ بانتهاكات حقوق الإنسان.

لكن المسؤول البارز بالإدارة الأميركية قال إنّ ترامب كان يتابع قضية حجازي.

وقال ترامب لكبار معاونيه: "أريدها أن تعود لوطنها"، وفوّضهم للعمل مع الحكومة المصرية مباشرةً لضمان إطلاق سراحها، وفقاً لما قاله المسؤول البارز. وسهّل المسؤولون بوزارة الخارجية والسفارة الأميركية بالقاهرة خروج حجازي من مصر، بينما عمل وايد ماكملين وقياديون آخرون في منظمة جون ف. كينيدي لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير هادفة للربح للدفاع عن حقوق الإنسان، في سبيل تحرير حجازي.

وخلال حملته الانتخابية الرئاسية، عبّر ترامب عن إعجابه بالزعماء الاستبداديين، الذين شعر أنّهم أقوياء في مواجهة الإرهاب، وسخر من قيادة أوباما التي وصفها بـ"الضعيفة".



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024