عُقد اتفاق مبدئي بين مصر وصندوق النقد الدولي، يوم أمس، وهو اتفاق غير مكتمل الملامح من جهة، ومن جهة أخرى جرت العادة أن القاهرة لا تعلن تفاصيل أوراقها كلها، وخاصة المتعلقة بمصير البلاد والناس.

لكن، بهذا الاتفاق، ستحصل القاهرة على 12 مليار دولار من «الصندوق»، وستضيف إليها تسعة مليارات تسعى لجمعها من جهات أخرى، لتغرق البلاد بـ21 مليار دولار تحصل عليها خلال ثلاث سنوات، فيما يغرق أهلها بسنوات أكثر من العذابات اليومية التي تكشف عنها أول شروط صندوق النقد. ومن المفارقات أن دولة الإمارات قررت زيادة حصة مصر بدفعها إلى «الصندوق» بدلاً من القاهرة، كي يصل القرض إلى رقم 12 ملياراً.


المضحك المبكي أن «الصندوق»، المعروف بأنه صاحب «فضل يكسر الرقاب» على دول المنطقة، ظهر أكثر حرصاً على المصريين من دولتهم. مسؤولوه أعلنوا أنهم اشترطوا على القاهرة ضمان «الحماية الاجتماعية» عبر الحفاظ على الدعم الحكومي للغذاء، لكن لا مشكلة برفع هذا الدعم عن الوقود بأنواعه والغاز والكهرباء والمياه!


كأنّ غلاء تلك الأشياء لن يؤدي إلى غلاء أساسيات وكماليات أخرى، أو إلى جحيم يومي جديد أعقد بكثير من الوضع الذي يعيشه «أبناء المحروسة»، من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، بسبب الفارق الكبير في سعر صرف الدولار الأميركي داخل السوقين الرسمية والسوداء!


ووفق معلومات خاصة، فإن القاهرة وافقت على قرار تعويم الجنيه وتخفيض قيمته (بـ40%) بشرط أن يحدث ذلك تدريجياً خلال عام على الأقل، مقابل تطبيق سريع لقانون القيمة المضافة وزيادة الضرائب على السجائر وعدد آخر من السلع (أولاها سولار المصانع) خلال أسابيع، فضلاً عن حملة خصخصة وتخفيض للدين العام من 98% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 88% في العام المالي 2018/2019.


إذاً، لا تفاصيل كاملة عن الاتفاق الذي ستقر بعض بنوده لاحقاً وسيكون التطبيق مشروطاً بتنفيذها، حرفاً حرفاً، وهو بقدرة قادر سيمرّ «مرور اللئام» على مجلس النواب، مع أنه قد يكون مختلفاً عن برنامج الإصلاح المالي 2030، الذي منح البرلمان ثقته للحكومة بناءً عليه.


عموماً، عبد الفتاح السيسي ومعه جوقة كبيرة من رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ومحافظ البنك المركزي، كلهم سيجدون في أي انتعاشة اقتصادية سريعة وعابرة فرصة للقول إنهم أنقذوا الجنيه، متناسين أن أصول هذه الأزمة نابعة من سياساتهم ومشاريعهم القومية، وغير مبالين بأحد يسألهم عن مصير 20 مليار دولار منحتها لهم الخليج مقابل بيع الموقف... والأرض.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024