منذ 7 سنوات | لبنان / الجمهورية







لعلّ أصدق توصيف لوضع البلد حالياً، بأنّه عاطل عن العمل. الجمود القاتل يتفاقم، والسياسة تدور حول نفسها، والمجلس النيابي صار خارج الزمن السياسي، أمّا الحكومة فباتت اجتماعاتها أشبه بحلبات مصارعة بعناوين سياسية تخفي خلفيات شخصية ومصلحية.

 والوضع الاجتماعي - الاقتصادي بلغ أعلى درجات الاهتراء. والطروحات من هنا وهناك تُصادِم بعضها، وفي احسن الاحوال تجترّ نفسها، والحلول المرتجاة في علم الغيب تنتظر من يجترحها. ف

ي هذا الجو، يبدو انّ لبنان بدأ رحلة الانتظار الطويلة. وفي زمن الانتظار هذا، ما على اللبنانيين سوى الصبر والدعاء، لعلّ طاقة الفرج تفتح ويتسرّب منها هواء نَقي ينفخ الروح مجدداً في بلدهم، وتعود عجلات الدولة الى الدوران في اتجاه الدولة بكل ما تعنيه هذه الكلمة.

في زمن الانتظار هذا، عين اللبنانيين على الداخل، وإن كانت لغة الحوار والتواصل القائمة تمحورت فقط على إبقاء «شعرة معاوية» قائمة بين المختلفين لا اكثر ولا اقل، وجعلتهم في اكثريتهم الساحقة غير مؤمنين بإمكان اجتماع قوى الانقسام الداخلي على إطفاء فتائل الازمة الداخلية بكل ألوانها السياسية والرئاسية والاقتصادية.

امام هذا المشهد الاشتباكي المتفاقم والمسدود، اتجهت انظار اللبنانيين الى التطورات المحيطة، ولبنان من ادناه الى اقصاه وَضعَ حلب تحت المنظار، وبدأ بسياسييه ومواطنيه يترقّب ما ستؤول اليه المعركة الدائرة فيها والى اي اتجاه ستميل الدفة، ولعلها تَتمخّض عن حلول تلفح لبنان.

لكنّ حلب كانت نقطة انقسام اضافية بين اللبنانيين، فاختلفت قراءة الحالة «الحلبية» بين فريق سياسي عَلّق الأمل على صمود المعارضة السورية وتحقيق انتصار على جيش النظام السوري وحلفائه، وفريق آخر رَوّج للحسم وانتصار النظام، واكثر من ذلك رسم الطرفان نتائج لبنانية للمعركة تصبّ في مصلحته وتقلب الموازين الداخلية لمصلحته.

لكن يبدو انّ انتظار هؤلاء سيطول، خصوصاً مع بروز التعقيدات في الميدان العسكري الحلبي، وكذلك المفاجآت التي لم تكن في الحسبان. وهنا يخالف مرجع امني كبير استعجال النتائج والحسم الذي ذهب اليه بعض السياسيين، ويؤكد لـ»الجمهورية» انّ المشهد الحلبي شديد التعقيد، سواء على المستوى العسكري او على المستوى السياسي.

ويرسم المرجع المشهد الحلبي، ويقول: «لا يبدو انّ الحسم ممكن، والجيش السوري، كما كل الفصائل السورية المسلحة، حشدَ كل قواه لهذه المعركة، وحقّق تقدماً ما، والفصائل المسلحة ايضا استطاعت ان تصمد، وصار الوضع في الميدان الحلبي يتحرك على وقع محاولات الكرّ والفرّ التي يتبادلها المتقاتلون.

وبالتالي، انّ بلوغ الامور هذا الحد معناه انّ «المدير الدولي» لهذه المعركة بوَجهَيه الاميركي والروسي لا يريد تغليب فريق على فريق، بل ستبقى عملية استنزاف متبادلة ولا حَدّ زمنياً لها، الى ان تنضج طبخة التسوية التي لا بد منها في نهاية المطاف، لكن الاكيد هو انه ممنوع ان يسيطر «الدواعش» على حلب».

ويدعو المرجع السياسيين في لبنان «الى عدم الرهان على الميدان الحلبي، خصوصاً انّ النار ما تزال مشتعلة، والتسوية المقبلة ليس ظاهراً منها اي تفصيل».

وقال: «ما يجري هو حرب عالمية ثالثة غير معلنة، تشارك فيها دول عظمى، وحرب كهذه لا يتمّ إشعالها لكي تتوقف غداً، وما يجب ان يكون معلوماً هو انّ الهدف الذي حدّده مدير هذه الحرب لم يتحقق بعد، واعتقد انّ له علاقة بسوريا وكذلك بخريطة المنطقة، فلننتظر لنتحقّق من النتائج، خصوصاً اننا لا يجب ان نغفل الموقف الاميركي الاخير الصادر عن الخارجية الاميركية التي نَدّدت فيه بما سَمّته «الابادة» التي يمارسها تنظيم «داعش» الارهابي بحق المسيحيين والشيعة». فبين سطور هذا الموقف اقرأ انه مقدمة لأمر ما، وفي اي حال لننتظر الايام المقبلة وما يمكن ان تشهده من تطورات في الميدان».

وعن الخشية على لبنان من تداعيات هذه الحرب، وما يمكن ان يتعرّض له من تدفّق الارهابيين اليه، اكد المرجع انه «في المدى المنظور لا خوف على لبنان، ولكن ما زلنا في قلب الخطر، والغدر الارهابي التكفيري وارد في اي لحظة والجيش والاجهزة الامنية يقومون بما عليهم في هذا المجال».

وقال: «انّ لبنان في ظل هذه التطورات محكوم بتحصين نفسه، وبتحصين الجيش الذي ما زال يشكّل صمّام الامان للبلد، وبإبقاء لبنان في عين الرعاية الدولية، وهنا تكمن مهمة السلطة السياسية ومسؤوليتها».

وكشف انّ تطمينات اميركية وردت الى لبنان في الآونة الأخيرة تؤكد انّ واشنطن لن تتركه، وحريصة على حماية استقراره ومؤسساته السياسية والعسكرية، والدليل مساعداتها العسكرية التي تضاعفت في الآونة الاخيرة لمحاربة الارهاب.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024