فتاتان درستا فى كلية الفنون التطبيقية بالجامعة الألمانية.. صحيح كانت لهما اهتمامات بالبيئة وكل ما يدور فى فلك الحفاظ عليها، لكنها لم تتعد مجرد الاهتمامات، قبل أن يُطلب منهما  مشروع التخرج، وبحكم دراستهما الخاصة سافرتا لإتمام المشروع ببرلين، وعادتا ولديهما المشروع وقد تم وفكرة وحلم أصرتا على تنفيذه فى أرض الواقع.. وبعد عامين استطاعت «رنا ويارا» أن يجعلا من مشروع تخرجهما علامة «براند» يُصدر للخارج.. فصنعتا من أكياس القمامة حقائب على أحدث صيحات الموضة.

«التوعية بالحفاظ على البيئة، وتحويل لأحدث صيحات الموضة في الحقائب» إنها ليست جملة تقرأها في تقرير رسمي أو تسمعها بأحد برامج التوك شو، أو أحد الأحلام المرجو تحقيقها، إنما هي حقيقة نسجتها من خيوط كلها إصرار وإبداع فتاتان في العشرينيات من عمرهما، من خلال مشروع تخرج تحول لمشروع حياة اسمه «Up Fuse»، تحكي عنه يارا ياسين وتقول: «دائما ما كنت أهتم أنا وصديقتي رانيا بكل ما يتعلق بالحفاظ على البيئة وكنا نشعر بأن علينا أن يكون لنا مشروعنا الخاص في ذلك، وفي السنة الأخيرة بكلية الفنون التطبيقية بالجامعة الألمانية قررنا سويا أن يكون مشروع تخرجنا عن أكياس القمامة وكيف نعيد تدويرها لتصبح من حياتنا اليومية، وقد كان، نجحنا في المشروع، وكنا قد نفذنا في برلين بألمانيا، وعدنا للقاهرة مصرين على تطبيق الفكرة بحذافيرها هنا.


اثنتان لا ثالثة لنا

«بدأت مع رانيا الفكرة من الألف للياء، وحدنا ولم يكن لنا في البداية أي شركاء، وكنا نجمع الأكياس من الجيران والأصدقاء قبل أن نعتمد بعد ذلك على حي الزبالين بالمقطم، لأنهم المنبع الأهم في مصر، حيث يصل إليهم في اليوم الواحد 5000 طن من القمامة، ونحصل منهم على الأكياس الأقل سوءا أو تضررا، وكذلك نأخذ أكياس المصانع المهدرة أو التي بها عيوب، أي «شنطة» مهما كانت تفاصيلها نستعملها في شغلنا، وكنا نخيط كل شيء بأيدينا أو عند «الجزمجي»، ورغم صعوبة البداية كانت الفكرة مجزية ولاقت القبول والإعجاب والأهم من ذلك العائد المادي.


رأس المال جائزة

ليست كل البدايات محبطة، هذا ما أكدته يارا التي أخبرتنا بأنهما حصلتا على جائزة في أول طريقهما في مسابقة اسمها «إنجاز مصر» وكان قدرها 50 ألف جنيه في عام 2015، وهو العام الذي بدأتا فيه كل شيء بجدية، فجعلتا الجائزة رأس مال للمشروع، ومنها تم شراء الماكينات والمقر في التجمع للتصنيع والخامات وشاركتهما أياد جديدة الحلم ووصل عددهم الآن لـ 18 فرداً.

يارا تُعرف، «أب-فيوز» بأنها حقائب مصنوعة من «شنط القمامة» وبقايا المصانع، تتماشى مع أحدث صيحات الموضة من البلاستيك المعاد تدويره، وتشمل العملية إعادة تدوير مخلفات البلاستيك، ومواد أخرى لا تتحلل مع مرور الوقت، وبإعادة تدويرها، يتم حماية البيئة من التلوث. لذا فإن حقائب «أب-فيوز» صديقة للبيئة. وحسب ما قالته عن هدف المشروع هو توعية الناس للحفاظ على البيئة، لكن بطريقة مبتكرة. كما أن العائد لهما وحدهما بصفتهما مؤسستين للشركة، إنما يفتح بيوت من يساعدهما في الجمع والفرز والغسل والكي والخياطة وتفاصيل كثيرة قبل أن تخرج الحقيبة في صورتها النهائية، وتقول في ذلك يارا: «الموضوع ليس ربحيا فقط، إنما إلى جانب محاولتنا نشر الوعي بضرورة الحفاظ على البيئة بمثل تلك المنتجات، كما أن رسالتنا إنسانية لأننا نساعد أهالي منطقة الزبالين في تعليم بعض الأطفال هناك، حتى أننا نستعين بسيدات المنطقة لأنهن على دراية كاملة بتلك المهام.



الجمهور الأهم

تنتشر منتجات Up-Fuse حالياً في محال بالزمالك والمعادي، التي يسكنها سكان من الطبقة الراقية. وتلفت صاحبة المشروع إلى أن فكرة صُنع هذه المنتجات من القمامة أسهمت في جذب الناس إليها بالفعل، خصوصاً أنها ترفع شعار «صديقة البيئة»، ولكنها ومع ذلك لم يتقبلها سوى أصحاب التعليم الخاص تحديدا، وتضحك يارا وتقول «والأجنبي أكتر كمان» ، فكرة عدم الفصال في الأسعار وعدم المجادلة ومقولة «دي شوية شنط  من الزبالة» جعلتهما يعرفان الجمهور الأهم ويتوجهان إليه مباشرة لكي لا تعرقلهما الإحباطات، ولكنها أيضا تشير إلى أهمية أن تكون منتجات Up-Fuse مراعية لمعايير جمال التصميم، والتركيز على ما تحبه البنات ويتماشي مع الموضة. وبحكم دراسة يارا ورانيا الأجنبية ووجود أصدقاء من دول مختلفة، لم يكن صعبا عليهما أن يصدرا منتجاتهما الرقيقة إلى الخارج بل يجدان عليها الإقبال المرضي الذي تصفه يارا «بأنه الأكثر من مصر بكثير جدا»، ويبدو أن الأجانب يقدرون مثل تلك الأفكار أكثر منا نحن المصريين، إلا أن يارا تستدرك قائلةً: الظروف الاقتصادية عامل مهم في عدم وصولنا إلى جمهور أكثر، وهناك من يقول «لماذا أشتري حقيبة من الأكياس؟.. الجلد أحسن وأضمن» وترد عليهم بالقول: «ما لا يعرفه كثيرون أن عملية التدوير مكلفة جدا حيث تتخطى تكلفة الحقائب الجاهزة، كل الخامات المستخدمة محلية، تأتي من مخلفات المصانع، أو بالاتفاق مع بعض عاملي القمامة المكلفين بفرز البلاستيك من المخلفات، وفي كل دائرة ندفع المقابل، لذا تتراوح الأسعار بين 40 و400 جنيه حسب الحجم والشكل».

في أغسطس 2015، بدأ التنفيذ الفعلي لمشروع يارا ورانيا، وتصنيع الحقائب وبيعها محلياً ودولياً. وحالياً يعمل في الشركة 18 موظفاً، ولديهم «براند» يفخرون بالوصول إليه في عامين فقط، ويتم تسويق منتجاتهما داخل وخارج مصر عبر الإنترنت، من خلال موقعهما ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024