على غير عادة ايام العراق المزدحمة بالاحداث الامنية والازمات السياسية، كان امس يوماً للقضاء العراقي بامتياز بعدما مثل رئيس البرلمان سليم الجبوري وخصمه وزير الدفاع خالد العبيدي امام الهيئات القضائية للتحقيق، على وقع تداعيات الفضيحة الكبرى التي هزت الحياة السياسية في البلاد بعد الكشف عن قضايا فساد كبيرة يشتبه بتورط الجبوري ونواب في البرلمان العراقي بها.


ويقف مصير الجبوري الذي يبدو واثقاً من قدرته على الافلات من اتهامات العبيدي، امام مفترق طرق بعدما ربط القادة السنة عدم اطاحته من رئاسة البرلمان، بإثبات براءته من التهم التي وجهها له العبيدي ووضعت التحالف السني في موقف حرج امام الكتل السياسية الاخرى.


وأعلنت هيئة النزاهة المختصة بمكافحة الفساد في العراق، مثول الجبوري أمام محققيها للإدلاء بإفادته بشأن الاتهامات التي وجهها إليه العبيدي.


وذكرت هيئة النزاهة في بيان أن «رئيس مجلس النواب سليم الجبوري مثل اليوم (امس) أمام محققيها للإدلاء بإفادته بشأن الاتهامات التي وجهت إليه من وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي في جلسة استجوابِ الأخير في مجلسِ النواب مطلع شهر آب الجاري«.


في غضون ذلك، اكد الناطق باسم السلطة القضائية عبد الستار بيرقدار ان «هيئة التحقيق القضائية باشرت في تدوين إفادات الشهود الذين طلبهم وزير الدفاع«. كما اصدرت محكمة تحقيق الكرخ في بغداد، أمراً باستقدام العبيدي بتهمة التشهير من دون استناد إلى أدلة.


وقال مصدر مطلع إن «أمر الاستقدام جاء بتهمة التشهير على العلن، من دون استناد إلى أدلة، وفقا للمادة 433 من قانون العقوبات«.


واعلنت السلطة القضائية العراقية ان الادعاء العام حرك شكوى بشأن ما ورد من اتهامات بالفساد في جلسة استجواب العبيدي السرية التي جرت العام الماضي، وكشف النقاب عن مجرياتها اول من امس .


وقال بيان للسلطة القضائية الاتحادية ان رئيس الادعاء العام قام بتحريك الشكوى بالحق العام استنادا إلى المادة الثانية من قانون الادعاء العام، بشأن ما ورد من اتهامات بالفساد خلال جلسة استجواب وزير الدفاع السرية في مجلِس النواب العراقي المنعقدة في 3 تشرين الاول من العام الماضي.


وكان العبيدي أكد اول من امس عزمه مقاضاة من سرب جلسة َاستجوابه التي كانت «سرية» لما تحويه من معلومات عسكرية، معتبراً الامر «مساساً بهيبة المؤسسة العسكرية وتعريض حياة الجنود للخطر«.


وكان العبيدي ادلى يوم الأربعاء الماضي بإفادته أمام هيئة النزاهة، وقدم لها ملفات ووثائق تخص اتهاماته لرئيس البرلمان ونواب آخرين، لكن الوزير امتنع امس عن تقديم ادلته الى النزاهة النيابية التي مثل امامها للتحقيق في اتهاماته بالفساد الموجهة ضد الجبوري ونواب اخرين.


وقال عضو لجنة النزاهة النيابية النائب حيدر الفوادي، ان»العبيدي امتنع عن تقديم ادلته الى النزاهة النيابية، وبرر ذلك ان اللجنة ممثلة لمكونات وكتل سياسية، وان امتناعه حفاظا على سير التحقيق، وانه قدم الادلة الى القضاء«، مضيفاً ان «العبيدي لم يقدم أدلة وبراهين الى لجنة النزاهة، وانما استعرض بعض الاتهامات والادعاءات التي طرحها في جلسة استجوابه في البرلمان الاسبوع الماضي«.


في هذه الاثناء، اجل تحالف القوى السنية، وبصورة مؤقتة، قرار عزل الجبوري عن منصبه كرئيس للبرلمان بانتظار صدور حكم القضاء بعدما تحولت معلومات الاستجواب الى قضية رأي عام .


وخلال اليومين الماضيين، شهد موقف القوى السنية تغيرا ملحوظا من الجبوري، إذ تراجعت المطالبة بإقالته في خطوة اعتبرت انها تمهد لتنحية العبيدي ولا سيما أن الاخير لا يملك «أدلة دامغة» لإثبات اتهاماته للجبوري وعدد من النواب.


وقال تحالف القوى السنية في بيان، ان «موضوع إقالة أو استقالة رئيس البرلمان الحالي، سيبقى معلقاً إلى حين اصدار القضاء لقراراته حول سلامة موقفه من عدمها، وعندها سيكون للمجتمعين قراراتهم في هذا الشأن».


وجاء البيان اثر اجتماع عقد في منزل رئيس ائتلاف «متحدون« اسامة النجيفي بحضور الجبوري، ورئيس ِائتلاف «العربية« صالح المطلك والامين العام لـ»الحزب الاسلامي« اياد السامرائي، والقيادي في التحالف محمود المشهداني، ووزير الكهرباء قاسم الفهداوي، والزعيم العشائري احمد ابو ريشة.


وافادت مصادر مطلعة ان «التحالف بحث في اجتماعه وجود كتلة فاسدة واشخاص فاسدين بين صفوف الاحزاب السنية، واتفقت اراء جميع الحاضرين على وجوب طرد هذه الكتلة من التحالف وهيئاته حفاظاً على سمعة التحالف واحتراما للرأي العام ومشاعر العراقيين»، مشيرة الى ان «المجتمعين بحثوا وبصورة مفصلة تداعيات الفضيحة الكبرى التي هزت العراق بعد الكشف عن شبكة من الفاسدين تعمل داخل البرلمان العراقي«.


وبحسب المصادر فإن «الجبوري أحد أبرز المتهمين في لائحة العبيدي، يسير بإجراءات قضائية قد تؤدي لإطاحة العبيدي الذي لا يتمتع بحصانة برلمانية«.


وكانت تسريبات سياسية اشارت الى عقد بعض أطراف تحالف القوى السنية اجتماعات عدة لترشيح شخصية سنية بدلاً عن الجبوري كأحد الحلول المطروحة للخروج من الازمة.


وكان العبيدي اتهم الإثنين الماضي خلال استجوابه من قبل البرلمان، كلاً من الجبوري وبعض مستشاريه والنواب محمد الكربولي وحنان الفتلاوي وعالية نصيف، بمحاولة الضغط عليه للحصول على عقود وطلبات تعيين، فضلا عن مساومته بمبالغ مالية تصل الى ملايين الدولارات مقابل تسوية استجوابه، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة على الصعيدين السياسي والشعبي.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024