منذ 7 سنوات | لبنان / اللواء

اليوم 8 آب، يوم كان يفترض في نظر الأوساط العونية، أن يكون تاريخياً، في الجلسة رقم 43 لانتخاب رئيس الجمهورية، ولكن لا شيء تغيّر، لا منذ آخر جلسة افتراضية لانتخاب الرئيس في 13 تموز، ولا ما قبلها لناحية تعطيل النصاب، والتي ضخت من بعدها أوساط «التيار الوطني الحر» الكثير من المعلومات عن احتمال وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، في الجلسة التي حدّد الرئيس نبيه بري موعدها اليوم، استناداً إلى معطيين:

الأول: أن ثلاثية الحوار في عين التينة والتي انتهت منذ أيام قد تفتح أبواب بعبدا، تبعاً للحوارات التي تجري بالواسطة بين تيّار «المستقبل» و«التيار العوني»، لكن الحوارات انتهت إلى صفر نتيجة، من دون تفاهم على انتخاب رئيس، ولا على قانون انتخاب، ولا حتى على إصلاحات دستورية، وحتى أخبار «السلة المتكاملة» و«الدوحة اللبنانية»، تبخرت بدورها.

والثابت أن «المستقبل» لم يعد في وارد طرح مبادرات جديدة، بعد مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية، وما تردّد عن احتمال طرح أسماء جديدة، استناداً إلى ما قاله مستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق غطاس خوري على هامش احتفال تدشين كنيسة المختارة السبت، لا يدل على أن هناك معطيات جديدة، على حدّ تأكيد أوساط «المستقبل» التي اكدت ان الكتلة لا تزال على موقفها من ترشيح فرنجية، ولا شيء تغيّر، مشيرة إلى أن ما اعلنه خوري لا يختلف عما أعلنه فرنجية مؤخراً من انه لا يمانع من الانسحاب من المعركة إذا تمّ التوافق على انتخاب رئيس، سواء كان من الأسماء المطروحة أو اسم جديد، مع التأكيد هنا ان المشكلة تكمن في الفريق الآخر الذي يعرقل ويعطل جلسات انتخاب الرئيس في المجلس النيابي.

اما المعطى الثاني، فهو انعطافة رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط باتجاه عدم الممانعة بانتخاب عون رئيساً، من دون أن يخطو بهذا الموقف خطوة ثانية، حتى ما تردّد عن احتمال إعلانه رسمياً القبول بانتخاب عون، بقي مجرّد شائعة لم تترجم إلى فعل في احتفال المختارة لمناسبة تدشين كنيسة سيّدة الدر المارونية بعد إعادة ترميمها من قبل جنبلاط، واقتصرت المواقف على إطلاق عبارات التمني بانتخاب رئيس، فيما انتقد البطريرك الماروني بشارة الراعي طرح الإصلاحات الدستورية على طاولة الحوار قبل انتخاب الرئيس، والذي هو وحده الكفيل بقيادة طرحها والنظر فيها كلها عبر البرلمان.

وأوحت كلمة الراعي انه غير راضٍ عن حوارات الأيام الثلاثية، ولا سيما طرح أفكار مثل مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية، وإلغاء الطائفية السياسية لتأمين مجيء مجلس نيابي على أساس غير طائفي في غياب رئيس الجمهورية، وهو الموقف نفسه الذي عبّر عنه رئيس الكتائب النائب سامي الجميل الذي أكّد في حديثه لقناة «الجديد» أن الإصلاحات يجب ان تحصل بوجود رئيس الجمهورية، لكنها غير محمودة في ظل تفشي السلاح، معتبراً ربط انشاء مجلس الشيوخ بقانون الانتخاب هو تطيير للأخير، كما ان الاصلاحات يجب الا تحصل في ظل مجلس نواب ممدد له، لافتاً الى انه ضد وضع ملف الرئاسة وقانون الانتخاب في الادراج ونركز على مجلس الشيوخ، موضحاً انه عندما نربط القانون الانتخابي بمجلس الشيوخ يعني اقرار ما يتعلق بهذا المجلس في 3 أشهر مع إقرار قانون جديد في المدة عينها، متسائلاً: هل هذا كلّه يتم في 3 أشهر؟

أما جنبلاط فبدا أنه غير جاهز للخطوة الثانية، طالما أن الوضع الإقليمي غير ناضج لانتخاب رئيس الجمهورية.

إحتفال المختارة

وتمنّى جنبلاط في الكلمة التي ألقاها في تدشين كنيسة المختارة والذكرى 15 لمصالحة الجبل التاريخية التي أرساها مع البطريرك الماروني السابق الكاردينال نصر الله صفير، أن تدرّ علينا الأيام المقبلة رئيساً للجمهورية كي نحفظ جميعاً لبنان من الرياح العاتية وأن تدرّ علينا الأيام القادمة حلولاً لمشاكلنا المعقّدة فتستعيد المؤسسات المعطّلة دورها المنتظر وتعود عجلة الدولة إلى الدوران بانتظام. وجدّد القول أن «حرب الستين ورواسبها انتهت إلى غير رجعة، وحرب الجبل لا رجعة لها».

وأكد التمسك بثوابت المصالحة، والوحدة الوطنية، السلم الأهلي والعيش المشترك والحوار. لقد أثبتت كل التجارب، السياسية منها والعسكرية، أن أي أثمان تسدّد في سبيل السلم أرخص من أثمان الحرب والقتل والدمار.

أما البطريرك الراعي فأكد في كلمته: «كلنا نتطلع إلى المصالحة السياسية بين فريقي 8 و14 آذار والوسطيين. فكما أن مصالحة الجبل أعادت الحياة إليه وإلى مجتمعه، كذلك بالمصالحة السياسية منوط إحياء الدولة ومؤسساتها الدستورية بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية الذي هو الباب، فعبثاً نحاول التسلّق إلى الدولة من مكان آخر، وما الجدوى من طرح جميع المواضيع قبل انتخاب رئيس للجمهورية وهو وحده الكفيل بقيادة طرحها والنظر فيها كلها، عبر برلمان هو المكان المخوّل طبيعياً وبسلطة للتشاور والتداول والتصويت واتخاذ القرار، وبأي حق يعطّل انتخاب الرئيس لهذا أو ذاك من الاعتبارات، ويتعطّل معه بالكلية المجلس النيابي، وتتعثر الحكومة، وتدبّ الفوضى في المؤسسات العامة وتتوقف التعيينات، وتُستسهل عادة التمديد مع حرمان العديد من المستحقين؟

سلام

ومع أن رئيس الحكومة تمام سلام لم يُشارك في احتفال المختارة، مثل سائر القيادات السياسية الأخرى، حيث اقتصر الحضور على الرئيسين ميشال سليمان وأمين الجميّل وممثلين عن المدعوين، فأنه أمل أن يسمع الجميع كلام الراعي الذي كان واضحاً، مستذكراً في المناسبة حالة شبيهة في العام 1970، حينها وقف ثلاثة من القيادات التاريخية وقتها وليست فقط السياسية، وهم: الرئيس كميل شمعون والعميد ريمون إده والشيخ بيار الجميّل الذين وجدوا استحالة بوصول أحدهم إلى المركز الرئاسي الأول، فأخذوا القرار بدعم مرشّح من خارجهم وهذا القرار كان بمثابة فرج للبلد.

وبحسب هؤلاء الزوار، فإن الرئيس سلام لم يفقد الأمل من الحوار، ويعتبر أن لا خيارات أمامنا سوى مواصلة الحوار، لأن البديل عنه هو الإنهيار والتراجع والتدهور، معتبراً أن الحوار هو «لامتصاص التشنج الموجود في البلد، وللتصادم الكبير الذي ليس باستطاعته إنتاج أي حلول إلا من خلال انتخاب رئيس للجمهورية».

لكن الرئيس سلام ما زال يعتبر أن الأوضاع «مكربجة» ومتعثّرة، وأن المماطلة هي التي تتحكم بكل الأمور بسبب استمرار الشغور الرئاسي، ومع ذلك فهو يُشير إلى أنه «ممنوع علينا أن نترك أنفسنا من دون أمل، خصوصاً وأن لا مؤشرات دولية أو إقليمية تُشير إلى حلول قريبة».

ولم يشأ سلام، من خلال زواره، تحديد الموعد الذي سيبحث فيه مجلس الوزراء ملف التعيينات الأمنية، مكتفياً بالإشارة إلى أن الموضوع هو قيد المعالجة من قِبَل الوزير المعني أي وزير الدفاع سمير مقبل الذي يقوم بالتواصل مع كل القوى ويجري اتصالات ومشاورات قبل عرض الموضوع على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، والأمر نفسه قاله حول مصير ملف النفط الذي هو شائك وحسّاس ويحتاج إلى الكثير من العناية.

مجلس الوزراء

وأوضحت مصادر وزارية أن لا مؤشرات تدل على أن جلسة مجلس الوزراء المقررة قبل ظهر الخميس المقبل، ستبحث في ملف التعيينات الأمنية من خارج جدول الأعمال، ولفتت إلى أن هناك توقعات بأن تكون هذه الجلسة هادئة، إلا إذا كانت هناك رغبة لدى بعض الوزراء بإثارة ملف الاتصالات مجدداً، مع أن هذا الملف وضع على الرف حالياً مثله مثل سائر الملفات الشائكة.

وبحسب معلومات «اللواء»، فإن دوائر رئاسة الحكومة لم توزّع أمس الأول السبت، أي جدول أعمال لجلسة الخميس، على اعتبار أن مجلس الوزراء لم يناقش في جلسته الأخيرة جدول أعماله السابق الذي يتضمن 57 بنداً، من بينها 30 موضوعاً من جلسة 27 تموز الماضي، أبرزها طلب وزارة الداخلية الموافقة على قرار بلدية بيروت لجهة الإجازة لها بتلزيم أعمال تحويل النفايات المنزلية الصلبة إلى طاقة عبر تقنية التفكك الحراري، ومشروع قانون يرمي إلى تخصيص محامين عامين متفرغين وقضاة تحقيق لشؤون الصحة العامة، ومشرع مرسوم يرمي إلى إنشاء ضابطة بيئية وتحديد عدد أعضائها وتنظيم عملها، ومشروع قانون لإدارة حرائق الغابات.

الجلسة 43

وغداة فشل ثلاثية الحوار في التوصّل إلى شبه توافق على موضوع رئاسة الجمهورية، تسجل البورصة الرئاسية في مجلس النواب اليوم الجلسة 43 دون أن تحمل جديداً، سواء كان على صعيد النصاب القانوني - الذي يخف وهجه من جلسة لأخرى، أو المواقف النيابية التي باتت تكرر نفسها، إتهامات بالتعطيل والإصرار على أولوية الرئاسة، مع التذكير أن ما حصل في جلسات الحوار لن يكون بعيداً عن التصاريح النيابية، فيما يبقى ما قاله الرئيس نبيه برّي أمام المتحاورين «أن لا شيء يمنع من أن يكون لدينا رئيس للجمهورية قبل نهاية العام» الدافع لتكرار الدعوات الانتخابية، بالإضافة إلى مشاورات ولقاءات قد تعقد على هامش الجلسة التي لن تعقد. 



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024