منذ 7 سنوات | لبنان / الحياة

أصدر قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا قراره الاتهامي أمس، بحق الموقوف عمر حسن العاصي (25 سنة) الذي حاول القيام بعملية انتحارية داخل مقهى «كوستا» في محلة الحمراء في بيروت بواسطـــة حزام نـــاسف كان يرتديه، قبل أن تطبق عليه قوة مشتركة من مخابرات الجيــش اللبناني وشعبة المعلومات في قــوى الأمن الداخلي وتعتقله، وذلك بعـــد شهر و3 أيام على توقيفه (21 كانون الثاني- يناير الماضي).

وأحال أبو غيدا الموقوف أمام المحكمة العسكرية للمحاكمة، طالباً له عقوبة الإعدام حداً أقصى.

وكشف القرار الاتهامي الصادر أن «العاصي لم يخرج من المقهى المستهدف ثم يعود ويدخل إليه»، لافتاً إلى أنه «كان أنشأ في أوائل عام 2016 حساباً على تويتر أسماه أبو محمد اللبناني وغرد قائلاً: نحن نموت في لبنان ذلاً وقهراً ولم أعد أحتمل لأن الدولة اللبنانية هي للشيعة والنصارى».

ويتحدث القرار عن الغاية التي دفعت العاصي إلى تنفيذ عملية انتحارية، وهي بحسب اعترافاته «الدخول إلى الفردوس لأنه أعلى مرتبة من الجنة». ويضيف العاصي أنه بايع «أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي عبر تسجيل صوتي أرسله إلى أميره المدعو ليلو الذي جنده لمصلحة تنظيم داعش وهو أحد مسؤوليه، وتعرف إليه على تويتر بعد أن طلب العاصي عبر تغريدة له مساعدته على السفر إلى سورية أو العراق. وطلب منه ليلو إقفال حسابه والتواصل معه عبر التلغرام مستخدماً اسم ويسو».

 

«ليلو» والـCV

ووجّه «ليلو» إلى المتهم «27 سؤالاً عن حياته والدوافع التي جعلته يطلب الالتحاق بداعش والصوم والصلاة قبل أن يُفهمه أنه «إذا مت تكون طاهراً». وعلى حد وصف المدعى عليه «أسئلة ليلو تتلخص بـ cv عن حياتي كلها». ويشير القرار إلى أنه «بعدما نجح ليلو في إقناعه بأنه لا يستطيع مساعدته على السفر إلى سورية خوفاً من اعتقاله، عرض عليه القيام بعملية انتحارية في لبنان. وبعد مهلة تفكير طلبها المتهم من أميره، وافق وقال: «سأفوز بالآخرة وأحظى بالعزّة».

ويفيد القرار أنه «إلى حين اختيار المكان والزمان لتنفيذ العملية بقي المتهم وأميره على تواصل وبات الأول يشعر بأنه أصبح جندياً عند ليلو وعلى كامل الاستعداد لما يطلبه مني، وفق تعبيره، إلى أن جاء يوم التنفيذ في 21 كانون الثاني».

ويضيف القرار: «في ذلك اليوم تلقى المتهم اتصالاً من ليلو عبر التلغرام وسأله إذا كان مستعداً وعندما أجابه: أنا مستعد، طلب منه الصلاة والدعاء وقال له: البس ثيابك وتوجه إلى ملعب مقابل جامع الحريري في صيدا فتجد سيارة رباعية الدفع نوع تويوتا لون جردوني وقل لسائقها كلمة السر: «شركة بيبولس»، وفي حال هزّ السائق رأسه بالإيجاب أكمل كلمة السر بالقول: يللي صبر بيوصل». وبالفعل توجه المتهم إلى المكان، وقال المدعى عليه بحسب القرار: «توجهت إلى المكان فوجدت السيارة بالانتظار وقلت للسائق: السلام عليكم وكلمة السر فدعاني إلى السيارة وكان بشوشاً ورد: توكل على رب العالمين، فصعدت ومشى بالسيارة مسافة قصيرة ثم توقف ومد يده إلى المقعد الخلفي وسلمني حزاماً ناسفاً طالباً مني ارتداءه، عندها قمت بوضعه على خاصرتي تحت سترتي وساعدني بمد السلك على يدي ووضعت الصاعق في قبضة يدي وأخبرني أنه بمجرد سحب الحلقة يتم التفجير خلال خمس ثوان. وأفهمني أن الهدف هو مقهى كوستا في الحمراء، فسألته لماذا كوستا مش الأفضل مقر لحزب الله؟، أجاب السائق: هذا هو الهدف، ورواد المقهى هم بغالبيتهم من مناصري حزب الله ومن النصارى».

وورد في القرار أنه «بعد مغادرة السائق، وقف المدعى عليه في المحلة واستقل سيارة أجرة إلى محلة خلدة ثم استقل سيارة أجرة ثانية إلى محلة الكولا في بيروت ومنها بسيارة تاكسي إلى شارع الحمراء، حيث مكان وجود هدف التفجير «كوستا»، ومن الواضح أن هذا الانتقال المتقطع الذي اتبعه المدعى عليه من صيدا إلى خلدة إلى الكولا فالحمراء كان للتمويه والاحتراز».

ويكمل العاصي خلال التحقيق معه: «وصلت إلى كوستا بعد أن تمشيت أمامه قليلاً ثم دخلت وطلبت القهوة والشوكولا وتحدثت مع إحدى العاملات قائلاً لها: كيفك كيف صحتك، ورحت أنظر إلى الزبائن، وأسأل نفسي هل هم فعلاً شيعة ومسيحيون، وخلال ذلك سمعت أشخاصاً على طاولة بقربي لهجتهم سورية، فحسبت أن هؤلاء مسلمون سنّة فقلت في نفسي: اشرب القهوة يا عمر، وانسحب، وفجر نفسك في مطعم آخر. وفي هذه اللحظات تعرضت لضربة قوية على رأسي وسقطت أرضاً وكبلت يداي ثم أغمي علي ولم أستفق إلا في المستشفى على صوت الأطباء حولي».

وسأله قاضي التحقيق: «ألم تحاول تفجير نفسك لدى اعتقالك؟». وأجاب المدعى عليه إن «الضربة على رأسي أفقدتني التوازن للحظات وبعدها وجدت نفسي مكبّل اليدين ولا أستطيع الحركة».

 

«سأحظى بالجنة»

ولدى سؤال القاضي عما إذا كانت لا تزال لديه نية عمل إرهابي قال العاصي: «أجل وسأحظى بالجنة لقاء ذلك»، مؤكداً أن «أحداً غيره لم يكن على علم بالعملية»، وأنه كتــب وصـــيته بخط يده وسجلها «تسجيلاً صــوتياً ولم يعرف بها أحد». وعرضت عليه صورة الحزام الناسف وسئل إذا كان هو نفسه الذي كان سيفجره، فأجاب: «أجل، هو نفسه».

وعن كيفية إلقاء القبض على العاصي داخل المقهى، أكد القرار أنه «بناء على معلومات أن داعش سينفذ عملية انتحارية في أحد مقاهي بيروت في منطقة الحمراء ومن بينها كوستا كثفت مديرية المخابرات عمليات المراقبة والرصد لكل المقاهي والمحلات في المنطقة فاشتبه عناصر المخابرات بتحركات أحد الأشخاص الأمر الذي حدا بهم إلى إلقاء القبض عليه بطريقة خاطفة وسريعة ودقيقة».

وكان العاصي أفاد بأنه «كان يتردد منذ 2009 إلى مسجد بلال بن رباح والتزم منذ ذلك التاريخ دينياً وتابع دروساً ومحاضرات للشيخ أحمد الأسير والتحق بالمجموعة العسكرية التي يرأسها الفاران شاهين سليمان ومعتصم قدورة من مناصري الأسير التي أنشئت بعد أحداث عبرا، بهدف ضرب حزب الله والجيش اللبناني والأمكنة التي يرتادها عناصرهما ومنها «الهوب هوب»، وأنه أصيب في معارك عبرا. وبعد اكتشاف هذه الخلايا الأمنية أحرق خطوطه الأمنية وباع بندقيته لأحد الفلسطينيين».

وتبين بالكشف على حاسوب عاصي والقرص الصلب، فيديو مبايعته لـ «داعش»، وصيته المتضمنة شتائم طائفية وصورة حزام ناسف قيد التصنيع وفيديوات وتسجيلات صوتية لقيادات داعشية والأسير وأناشيد جهادية.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024