منذ 7 سنوات | لبنان / الحياة




تحولت الذكرى السنوية الخامسة عشرة للمصالحة المسيحية - الدرزية في جبل لبنان إلى محطة لإطلاق مواقف سياسية بارزة حيال أزمة الشغور الرئاسي التي تعصف بلبنان نتيجة مضي سنتين وشهرين ونيف عليه، من دارة آل جنبلاط في المختارة أمس، فوجه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي رسالة إلى اجتماعات هيئة الحوار الوطني التي شرعت في بحث عدد من المشاريع الإصلاحية بقوله: «ما الجدوى من طرح كل المواضيع قبل انتخاب رئيس للجمهورية وهو وحده الكفيل بقيادة طرحها والنظر فيها كلها، عبر برلمان هو المكان المخوّل طبيعياً وبسلطة للتشاور والتداول والتصويت واتخاذ القرار»؟ في حين تساءل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن «اثمان السلم والحرب».

وجاء كلام الراعي هذا بعدما عجزت هيئة الحوار في اجتماعاتها على مدى 3 أيام، انتهت الخميس الماضي، عن التوافق على مخرج من الشغور الرئاسي، وأخذت تناقش موضوعي اللامركزية الإدارية وقانون إنشاء مجلس للشيوخ، فاعتبر أن «مبادرة انتخاب رئيس للجمهورية تحتاج إلى رجالات دولة كبار من هذا وذاك من الفرقاء، يدركون أن الحلّ يأتي من الداخل، بشجاعة التجرّد من المصلحة الذاتية... ومن هذا المنطلق، يمكن الذهاب إلى مصالحة وطنية تضع يدها على الجرح الحقيقي في الحوار، وتحمي دولة لبنان من الانهيار». وانتقد تعطيل البرلمان والحكومة «فتتوقف التعيينات، وتُستسهل عادة التمديد مع حرمان العديد من المستحقين».

وتحدث البطريرك الماروني في احتفال - لقاء دعا إليه جنبلاط أمس لمناسبة تدشين كنيسة تاريخية من القرن التاسع عشر في بلدة المختارة، قام جنبلاط بترميمها، والتي صادفت مع ذكرى المصالحة التاريخية في الجبل كان رعاها عام 2001 مع البطريرك الماروني السابق نصر الله بطرس صفير. وقال الراعي: «عند مبادرة مصالحة الجبل كان رجلان كبيران جريئان قاما بها، البطريرك صفير والزعيم وليد بك جنبلاط. فلو انتظرا قراراً من الخارج، كما يجري حالياً، لما حصلت المصالحة حتى يومنا».

وجرى الاحتفال في حضور رئيسي الجمهورية السابقين ميشال سليمان وأمين الجميل وممثلين عن القوى والأحزاب السياسية اللبنانية والكتل النيابية كافة، وشيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن ومندوبين عن رؤساء سائر العائلات الروحية والسفير البابوي غابرييل كاتشيا وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، بعدما زار الراعي الكنيسة وترأس الصلاة فيها. وتمنى «المصالحة السياسية بين فريقي 8 و14 آذار والوسطيين، معتبراً أن بها «منوط إحياء الدولة ومؤسساتها الدستورية بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية الذي هو الباب. فعبثاً نحاول التسلّق إلى الدولة من مكان آخر».

وتمنى جنبلاط «أن تدر علينا الأيام المقبلة رئيساً للجمهورية لنحفظ جميعاً لبنان من الرياح العاتية، وأن تدر علينا حلولاً لمشاكلنا المعقّدة، فتستعيد المؤسسات المعطلة دورها المنتظر، تثبيتاً لمناخ المصالحات بين اللبنانيين ... وأثبتت كل التجارب السياسية والعسكرية أن أي أثمان تسدد في سبيل السلم أرخص بكثير من أثمان الحرب والقتل والدمار».

واعتبر جنبلاط أنه «في الوقت الذي تخطى الإرهاب الحدود بين الدول، نؤكد إحياء مناخ المصالحة والتقارب بين اللبنانيين ونبعث برسالة إلى العالم، أن لبنان يقدم مثالاً فريداً في حماية التعددية والتنوع». واعتبرت مصادر سياسية شاركت في الاحتفال، أن الراعي رد بإصراره على أولوية انتخاب الرئيس، على الدعوات إلى ربط ذلك بسلة عناوين أخرى، معتبراً أن التوصل إليها يتم في البرلمان بدلاً من هيئة الحوار. وقالت مصادر مقربة من جنبلاط أن حضور القوى السياسية له رمزيته لجهة قدرة رئيس الاشتراكي على جمع الفرقاء المختلفين جميعاً من موقعه الراهن، فضلاً عن أنه يرمي من وراء المناسبة التأكيد أنه مقابل قيام المتطرفين بهدم الكنائس في عدد من الدول يجري في لبنان بناؤها وترميمها.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024