تحتفل مصر هذه الأيام  بمرور عام على افتتاح قناة السويس الجديدة أمام حركة التجارة العالمية ، وسط استمرار حالة من الجدل حول الجدوى الاقتصادية من المشروع دون النظر إلى أى اعتبارات أخرى تتعلق بتدعيم القناة الجديدة للثقل السياسى والإستراتيجى لمصر فى المنطقة فى أولى خطوات استعادة الريادة السياسية والاقتصاية فى محيطها الإقليمى بعد سنوات من الجمود والثورات والإرهاب والإحباط .

وتأتى حالة الجدل حول مشروع القناة الجديدة وجدواه أستنادا إلى التراجع فى الإيرادات لبعض من الشهور والمحصلة من رسوم عبور السفن والناقلات بعد الافتتاح ، دون فهم حقيقى للظروف التى أدت إلى تراجع الإيرادات أو فهم للهدف الذى من أجله تم حفر القناة الجديدة ، أو متى يتحقق العائد من المشروعات الإستراتيجية الكبرى .


والحقيقة التى لا يمكن انكارها فى هذ الإطار ان تراجع الأيرادات المحصلة بالدولار يرجع الى العديد من الأمور التى لا علاقة لقناة السويس بها او تستطيع التحكم فيها، ومنها الانخفاض الحاد والشديد فى اسعار البترول حيث انخفض العام الماضى الى 51 دولارا للبرميل مقارنة بحوالى 100 دولار فى عام 2014 بانخفاض بلغت نسبته 49% ، كما استمر التراجع حتى بلغ حدود 30 دولارا فى يناير الماضى 2016 ، وهو ما يؤدى بالتبعية الى انخفاض قيمة الوفر الذى تحققه قناة السويس للسفن العابرة .

والسبب الرئيس الثانى للظروف غير المواتية فى السوق البحرية - والتى أدت الى التأثير على قناة السويس - هو تباطؤ معدلات نمو الأقتصاد الصينى الى ما يقرب من 6,5 % مقارنة بمعدلات فاقت مستوى 10% فى سنوات سابقة ، مما أثر بالسلب على التجارة الخارجية للصين بصفة عامة ومنها تجارتها مع أوروبا والتى تمر عبر قناة السويس ، فضلا عن تحول الصين خلال الفترة الماضية ــ وفقا ــ لخبراء هيئة قناة السويس – من دولة تقود العالم فى الصناعات الاستهلاكية الى دولة تتحول الى الصناعات الأساسية .

والسبب الرئيس الثالث يتعلق بعدم تحقيق منطقة اليورو - الى الان - الانطلاقة الاقتصادية المرجوة منها نظرا لاستمرار معاناتها من آثار الأزمة المالية متمثلة فى أزمة الديون السيادية فى بعض دولها مما أثر سلبا على واردات أوروبا من آسيا وعلى رأسها الصين والتى تعبر قناة السويس ، مع توقعات باستمرار المعاناة بعد الاستفتاء الذى خرج بالمملكة المتحدة من منطقة اليورو .

والسبب الرئيس الرابع هو انخفاض قيمة وحدات حقوق السحب الخاصة ‪SDR ‬ - والتى يتم تقدير الرسوم على أساسها - مقابل الدولار- من 1٫52 دولار خلال عام 2014 الى 1٫40 دولار خلال عام 2015 بنسبة انخفاض قدرها 7٫9% ، مما أدى الى تراجع قيمة أيرادات القناة مقومة بالدولار بنسبة 5٫3% حيث بلغت 5175٫6 مليون دولار فى عام 2015 مقابل 5465٫3 مليون دولار عام 2014 ، مع ملاحظة ان القناة قد شهدت زيادة ملحوظة فى اعداد السفن العابرة خلال عام 2015 بلغت 17 الفا و483 سفينة مقارنة بعدد 17 الفا و148 سفينة خلال عام 2014 بزيادة 335 سفينة بالرغم من التقلبات التى يشهدها الاقتصاد العالمى والتراجع فى اسعار البترول .

ووفقا لخبراء هيئة قناة السويس فإن مشروع قناة السويس الجديدة من المشروعات الأستراتيجية الكبرى والتى لن تتحقق عوائده فى العام التالى من الحفر بل ستتحقق إيراداته على المستوى البعيد وهو الامر الذى ينطبق على جميع المشروعات الاستراتيجية الكبرى على مستوى العالم كما انه مشروع مكمل للمشروع الأكبر والابرز وهو مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس .

ومما يؤكد كلام الخبراء الدراسات التى أعدتها الوحدة الاقتصادية التابعة الى ادارة التخطيط والبحوث والدراسات بهيئة قناة السويس عن تقديرات الايرادات المضافة نتيجة للمشروع الاستراتيجى لقناة السويس الجديدة وهى الدراسات التى سبقت مشروع الحفر ذاته ، حيث أشارت الدراسات الى أن القناة ستحقق عائدات تراكمية سنوية سترفع عائدات القناة من 5 مليارات و572 مليون دولار فى عام 2014 الى 13 مليارا و226 مليون دولار بحلول عام 2023 .

وأشار التقرير الى ان القناة الجديدة ستحقق عائدا اضافيا تراكميا بدءا من عام 2016 يصل الى 158 مليون دولار حيث ستصل العائدات الكلية للقناة فى هذا العام الى 6 مليارات و787 مليون دولار كما سترتفع الحمولات العابرة فى هذا العام الى مليار و153 مليونا و225 الف طن والمتوسط اليومى للسفن العابرة الى 57 سفينة – أى ان الزيادة فى الايرادات وفقا لتقرير هيئة قناة السويس من مشروع القناة الجديدة سيبدأ اعتبارا من نهاية عام 2016 وليس من الان أو عقب الانتهاء من حفر القناة مباشرة .

وبنظرة الى التقرير السابق يؤكد مشروع قناة السويس الجديدة انه مشروع استراتيجى لا تتحقق عوائده بشكل فورى ومباشر ، كما ان هذه العوائد ترتبط بشكل وثيق بالتطور فى حجم التجارة العالمية والتى تتعرض للنمو او الأنكماش تبعا لمعدلات النمو فى التجارة العالمية وهو ما يؤكد ان المشروع ذو جدوى كبيرة ، ولكن حجم الدعاية الذى واكب حفر قناة السويس الجديدة جعل الجميع يعيش فى «وهم » أن الدولارت ستنهال على قناة السويس فى اليوم التالى لأفتتاح قناة السويس الجديدة وهو الامر الذى لا يتفق مع دراسات الجدوى التى سبقت حفر القناة ذاتها .

ان الذين يقومون بمهاجمة مشروع قناة السويس الجديدة ويعتبرونه «المشروع الفنكوش» لا يدركون – أو يتعمدون عدم الادراك لهوى فى نفوسهم - ان قناة السويس الجديدة مشروع استراتيجى الهدف منه القضاء على أوقات الانتظار فى القناة واستيعاب الزيادة المتوقعة فى عدد السفن من 47 سفينة فى الوقت الحالى الحالى الى 97 سفينة بحلول عام 2023 ، وكذا تعظيم ايرادات القناة حيث من المنتظر أن تصل الى أكثر من 13 مليار دولار بحلول عام 2023 ، بالإضافة الى تحقيق المرور الآمن لكافة الأجيال المستقبلية من السفن والناقلات ، ومواجهة التطورات المعقدة فى الاسطول التجارى العالمى وضرب فكرة القنوات المنافسة أو البديلة .

ووفقا لخبراء هيئة قناة السويس فإن الحديث عن استمرار معدل النمو فى الإيرادات بنسبة 10% بصورة منتظمة هو كلام غير سليم فى علم التحليل الأقتصادى ، وان التراجع الذى حققته ايرادات قناة السويس خلال النصف الاول من العام الجارى 2016 يعتبر تراجعا محدودا وذلك قياسا على معدلات تراجع فى ايرادات خطوط ملاحية دولية مثل - خطوط شركة ميرسك والخطوط الكورية - بنسب تتراوح ما بين 7 الى 22% وان القناة ليست بعيدة عن هذه التطورات باعتبارها جزء من الكل ، مع الأخذ فى الاعتبار ان القناة حققت ايرادات قدرها نحو 42 مليار جنيه خلال العام المالى 2015 / 2016 مقارنة بإيرادات قدرها نحو 40 مليار جنيه خلال العام المالى 2014/ 2015 .

ويؤكد الخبراء انه بدون قناة السويس الجديدة كانت ستتضاعف حجم الخسائر خاصة الخسائر المعنوية ، ولكن تخفيض زمن العبور والتوسعة والتعميق حققت العبور الأسرع والآمن لكافة الاساطيل ، ويشير الخبراء الى أن قناة بنما التى أنفقت نحو 5 مليارات دولار لأعمال التطوير التى تم افتتاحها مؤخرا- دون هجوم عليها مثلما يحدث تجاه قناة السويس - لاستيعاب سفن حاويات تصل حمولتها الى 14 الف حاوية ، تعرضت الى وقوع حادثتين لسفينتى حاويات اثناء عبورهما عقب الافتتاح الاخير وهو الامر الذى سيعمل على تخفيض تصنيف القناة ورفع رسوم التأمين ، وهى امور تصب فى صالح قناة السويس التى تعمل بدون أهوسة وبدون توقف بالرغم من الاضطراب السياسى الذى ساد البلاد لمدة 4 سنوات عقب ثورة 25 يناير حيث لم تتوقف القناة لحظة واحدة وهى مؤشرات ايجابية لصالح قناة السويس .

ويشير الخبراء الى انه من الصعب اقامة مشروع قومى طويل الاجل ثم الحديث عن تحقيق عائد له فى العام التالى لأن الأستثمار طويل الأجل من المستحيل تحقيق عوائده فى أول عام له ، كما انه كان من الصعب حفر قناة السويس الجديدة فى ظل الظروف الأقتصادية الصعبة التى تعانى منها مصر فى الوقت الحالى لو تم التأخير فى اتخاذ هذا القرار ، كما ان تكلفتها ستتضاعف وستكون أكثر عبئا مع الارتفاع المضطرد فى أسعار الدولار .

وقد أثر مشروع قناة السويس الجديدة ذاته فى الفكر التسويقى الخاص بهيئة قناة السويس فمنذ يناير الماضى اعتمدت هيئة قناة السويس على سياسة تسويقية جديدة تقوم على البحث عن احتياجات العملاء فى عقر دارهم مع طى سياسة « لو كان عاجبك » ، رافعة شعار « أن تظل على قيد الحياة والأخرون يتساقطون .. هو أنجاز فى حد ذاته » ، لمواجهة المتغيرات والصعاب فى السوق العالمية والظروف غير المواتية التى تمر بها السوق الملاحية العالمى مع تأكيد خبراء هيئة قناة السويس انه لو استجابت ادارة الهيئة لهذه المتغيرات لاستمر الانخفاض بصورة كبيرة فى حجم الايرادات .

وقد وضعت هيئة قناة السويس رؤية جديدة عقب افتتاح القناة الجديدة تهدف الى زيادة نصيب القناة من النمو فى التجارة العالمية ، وتقديم خدمة عبور منافسة من حيث التكاليف والوقت مقارنة بالطرق البديلة ، ومتابعة آخر التطورات فى السوق الملاحية العالمية ، ونهج سياسة تسويقية مرنة تعتمد على الأتصال المباشر مع العملاء ، وأعتماد سياسة تسعيرية مرنة تقوم على مبدأ المشاركة .

كما تتضمن الرؤية زيادة معدلات الأمان الملاحى وتوفير أقصى درجات التأمين للسفن العابرة ، والالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية المنظمة لحركة العبور ، ومتابعة التطورات الجارية فى الممرات الملاحية العالمية وسوق النقل البحرى .

وترتكز رؤية إدارة هيئة قناة السويس للفترة القادمة على تفعيل دور قناة السويس كمحور عالمى من خلال 7 محاور رئيسية تتضمن الاستفادة من مراكز النمو فى التجارة العالمية وزيادة نصيب قناة السويس فيها وجعلها الاختيار الأول للخطوط الملاحية ، عن طريق تقديم خدمة عبور منافسة من حيث التكاليف والوقت مقارنة بالطرق البديلة ، وكذا متابعة آخر التطورات فى السوق الملاحية العالمية خصوصا من حيث التطور فى تكنولوجيا بناء وأحجام السفن وكذلك التوسعات فى الموانىء بحيث تقود قناة السويس هذه التطورات.

كما تتضمن الرؤية تفعيل سياسة تسويقية قائمة على الاتصال المباشر والتفاعل مع العملاء ‪CUSTOMER ORIENTED POLICY ‬ ، من خلال اللقاءات والدراسات المشتركة ، وفى هذا الإطار قامت هيئة قناة السويس بعقد مؤتمرها الأول « قناة السويس : الفرص والتحديات» ، خلال الفترة من 22 الى 24 فبراير 2016 ، وبمشاركة العديد من الممثلين عن الخطوط الملاحية الدولية ، وكذلك اللاعبين الرئيسيين فى صناعة النقل البحرى العالمى ، لعرض الرؤى والأفكار من أجل زيادة دور قناة السويس فى التجارة الدولية .

كما تشمل الرؤية اعتماد سياسة تسعيرية مرنة متوازنة تقوم على مبدأ المشاركة فى الوفورات التى تحققها السفن العابرة لقناة السويس ، وذلك لجذب أكبر عدد من السفن العابرة لقناة السويس ، وفى نفس الوقت مساندة مشغلى السفن فى فترات الكساد والأزمات ، من خلال تقديم تخفيضات فى الرسوم ومزايا عند عبور السفن بما يعمل على تحقيق مزيد من الارتباط بين قناة السويس وعملائها .

كما تضم الرؤية زيادة معدلات الأمان الملاحى للسفن العابرة حيث ساهم إنشاء قناة السويس الجديدة فى زيادة معدلات الأمان للسفن العابرة ، كما تعمل هيئة قناة السويس على توفير أقصى درجات التأمين للسفن العابرة وبما لا يؤثر سلبا على كفاءة وسلامة عملية العبور للسفن وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية المختلفة ، فضلا عن الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى تنظم حركة المرور فى الممرات الملاحية الدولية ، وكذلك الاتفاقيات الخاصة بشئون البيئة ومكافحة التلوث .

كما تشير الرؤية الى قيام كل من مصر وهيئة قناة السويس بمتابعة التطورات الجارية فى الممرات الملاحية العالمية والتطور فى الأسطول العالمى للنقل ، وذلك على أثر التطورات الحالية فى سوق النقل البحرى الدولى من حيث تطور تكنولوجيا بناء وأحجام السفن وكذلك تطور الموانىء عالميا ، وهو الأمر الذى فرض معه ضرورة حدوث تطوير فى الممرات الملاحية الدولية ومن أهم هذه التطورات وفقا للتقرير الصادر عن الهيئة :

أولا : افتتاح مشروع توسعة قناة بنما خلال العام الجارى 2016 ، حيث يهدف هذا المشروع الى زيادة الطاقة الاستيعابية لقناة بنما لتصبح قادرة على استقبال سفن حمولة 13 ألف حاوية مقارنة بعدد 4500 حاوية سابقا.

وثانيا : التطورات فى القطب الشمالى حيث تسعى روسيا حاليا الى تنمية هذا الطريق لخدمة اكتشافات مصادر الطاقة «البترول والغاز الطبيعى» فى هذه المنطقة ، حيث تتحدث بعض الدراسات عن إمكانية أن يكون هذا الطريق منافسا لطريق قناة السويس فى حركة التجارة بين آسيا واوروبا خلال الـ 40 سنة القادمة ، ولكن يظل الطريق عبر قناة السويس – وفقا للتقرير – أكثر تنافسية وجاذبية للخطوط الملاحية العالمية .

وثالثا : متابعة التطورات فى طريق الحرير الجديد ، حيث تسعى الصين الى تطوير شبكات خطوط التجارة العالمية لخدمة الاقتصاد الصينى ، من خلال مجموعة من الخطوط البرية والبحرية التى تربط قارات العالم المختلفة ، ولكن ما يزال هذه الطريق – وفقا للتقرير – فى مرحلة الدراسات .

وأكد التقرير أن قناة السويس تعمل على انتهاج سياسة تقوم على أساس تطوير المجرى الملاحى بما يتلاءم مع المتغيرات فى السوق الملاحية العالمية ، وكذلك تنويع الأعمال بالشكل الذى يزيد أرتباط الخطوط الملاحية بقناة السويس ، ومن أهم المشروعات التى نفذتها قناة السويس فى هذا الإطار مشروع قناة السويس الجديدة ومشروع قناة شرق بورسعيد لتسهيل حركة السفن من وإلى الميناء بما لا يتعارض مع حركة السفن العابرة لقناة السويس ، حيث من المتوقع أن يتداول ميناء شرق بورسعيد حوالى 8 ملايين حاوية سنويا خلال الفترة القادمة.

وبدوره يؤكد الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس أن أهمية قناة السويس الجديدة ظهرت جلية فى الحفاظ على استمرارية‪ ‬الملاحة العالمية، عندما جنحت السفينة البنمية ‪ NEW KATERINA‬فى المجرى الملاحى القديم ،‪ ‬حيث تم تحويل‪ ‬حركة التجارة إلى القناة الجديدة من الإتجاهين لمدة 13 يوماً عبر خلالها 582 سفينة‪ ‬وحققت عائدات قدرها نحو مليار ونصف المليار دولار خلال تلك الفترة وهو ما يؤكد على أهمية قناة‪ ‬السويس الجديدة ‪.‬

وأكد الفريق مميش على حرص هيئة قناة السويس على التفاعل مع متغيرات قطاع النقل البحري، مشيرا الى أهمية مشروع حفر قناة السويس الجديدة، الذى تبنته الهيئة وحظى بتقدير القيادة السياسية باعتباره ميزة تنافسية مضافة للقناة، تساعد فى زيادة أعداد السفن العابرة للقناة من خلال توفير طريق مباشر للقوافل المارة بالمجرى دون الحاجة للانتظار لفترة تصل من 8- 11 ساعة داخل المجرى، فضلاً عن زيادة عامل الآمان الملاحى بالقناة بالاعتماد على الملاحة والإرشاد النهاريين.

وأضاف رئيس الهيئة أن حفر قناة السويس الجديدة جاء ضرورة لمواكبة التطورات فى مجال صناعة السفن وإتجاه توكيلات السفن والترسانات العالمية نحو صناعة السفن العملاقة، التى تحتاج إلى غواطس كبيرة، وهو ما وفرته القناة الجديدة.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024