منذ 7 سنوات | تكنولوجيا / Huffington Post

انتشر خلال الأيام الماضية على الشبكات الاجتماعية بالدول العربية موقع "صراحة"، يتيح لمستخدميه فرصة البوح والتعبير عن مشاعرهم، أو تقديم ملاحظات أو حتى انتقادات لأشخاص آخرين دون الكشف عن هويتهم.

ولقيت الفكرة استحسان الكثير من المستخدمين، رغم أنها ليست جديدة، بحيث كان موقع "ask" يوفرها من قبل. وقد ارتفعت نسبة مستعملي الموقع في وقت وجيز.

ويرى البعض أنه يُقدم فرصة للبوح والمصارحة "في مجتمع تعقدت فيه العلاقات بين الأفراد، وصار التعبير عن الحقيقة صعباً، خصوصاً مع اختلاط الحقيقة بالإثارة على الشبكات الاجتماعية".

صاحب الموقع

ويقول مالك الموقع، الشاب السعودي زين العابدين توفيق (29 سنة)، وهو خريج جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، تخصص علوم الحاسب الآلي، إنه أطلقه في البداية فقط من أجل مساعدة الموظفين على تقديم ملاحظاتهم وانتقاداتهم لرؤسائهم دون الكشف عن هويتهم، قصد تطوير عمل الشركات وتحسين الإنتاجية، قبل أن يفكر في جعله في متناول العامة.

وأضاف في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن الفكرة جاءت بعد أن عمل بشركات، حيث رأى أن تطوير المؤسسة يستوجب من المدير أن يستمع لانتقادات موظفيه وملاحظاتهم بكل أريحية، وهو الشيء الذي يصعب القيام به بشكل مباشر.

وأشار توفيق إلى أنه استمر في التفكير لمدة، حينما كان على رأس إحدى الشركات، في الطريقة التي ستسمح للموظفين بالحديث دون الكشف عن أسمائهم، ليضع في الأول صندوقاً خاصاً بذلك، كما تقوم به بعض المؤسسات عبر العالم.

إلا أن تخصصه في علوم الحاسب الآلي دفعه لتطوير الفكرة على شكل موقع إلكتروني، فكان أن أنشأ "صراحة" للاستخدام الداخلي فقط، ولم يفكر حينها بأن يقوم بإطلاقه لعامة الناس.

وتابع في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي" قائلاً: "بعد إنشاء الموقع قمت بتجربته مع الأصدقاء الذين عبروا عن إعجابهم، وبعد نقاش معهم قررت أن أتركه مفتوحاً في وجه الجميع".

وأطلق زين العابدين موقع صراحة قبل شهرين فقط، حيث يشرف عليه بشكل فردي ولم تتبناه أي جهة. ويؤكد أنه تلقى مجموعة من العروض في الأمر، لكنه لحدود الساعة لم يوقع أي شراكة مع أي طرف آخر.

وبلغ عدد أعضاء الموقع أكثر من 13 مليون ونصف المليون عضو من مختلف دول العالم، يأتي في مقدمتهم المصريون بعدد أعضاء وصل إلى حوالي مليونين ونصف المليون، متبوعين بكل من التونسيين والسعوديين بأكثر من مليون ونصف المليون عضو لكل منهما، وتداوله حوالي 66 مليوناً حتى الآن.

نقطة نجاح الموقع

من جهته قال محمد الغيساني، خبير شبكات التواصل الاجتماعي في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي"، إن نجاح الموقع مبني على خدمة ربما لا تتيحها مواقع أخرى، وهي التعبير عن المشاعر بكل صراحة دون إظهار الهوية.

وأضاف أن فيسبوك مثلاً أو تويتر لا يسمحان لأي شخص بأن يدخل إلى حساب شخص آخر لانتقاده بوجه مكشوف، في حين يتيح موقع صراحة هذا الأمر، ما أثار إعجاب المستخدمين.

وأكد أيضاً أن من أسباب نجاحه حتى الآن سهولة استعماله، عكس المواقع الأخرى التي تطلب من المستخدمين إدخال الاسم والرقم السري، ما يعني أنها تتطلب وقتاً من أجل الدخول والكتابة.

لكن الغيساني يرى أن مثل هذه التطبيقات يكون عمرها قصيراً جداً؛ نظراً لمحدودية الخدمات التي تقدمها، وعدم تطوير الموقع، وإضافة تعديلات جديدة ستجعل المستخدمين يحسون بالملل، ما يعني موته وتوقفه فيما بعد، على غرار عدد من التجارب السابقة.

ورداً على هذا الأمر، يقول صاحب موقع "صراحة"، زين العابدين توفيق، إنه فعلاً لم يكن يتوقع نجاح الموقع بهذا الشكل "لكنه يؤمن بفكرة المشروع، ويتوقع له مستقبلاً كبيراً".

وأضاف: "لدي الكثير من المفاجآت التي يمكن توظيفها في الموقع من أجل تطويره وجعله أكثر متعة بالنسبة للمستخدمين".

مساحة للمصارحة والنفاق

الموقع يتيح لمستخدمه فرصة التعبير عن آرائه وملاحظاته، تجاه أشخاص قد يكونون أصدقاءه أو لا تجمعه بهم أي علاقة، دون أن يدلي بهويته، ما أسهم في انتشاره، وهو الشيء الذي اعتبره مصطفى الشكدالي نوعاً من البوح "بعد أن تعقَّدت ظواهر العلائقية من حب واحترام وكل العلاقات الاجتماعية، وأصبح الأفراد يعيشون مشاكل دون أن يجدوا مكاناً مناسباً للبوح"، وفق تعبيره.

واعتبر الشكدالي، المتخصص في التحليل النفسي في حديثه لـ"هافينغتون بوست عربي" ما يتيحه هذا الموقع للناس هو في الواقع يمكن تسميته "تداعياً حراً"، وتكون فيه مجموعة من الإفرازات بالمعنى السيكولوجي ونوع من "التفريغ"، أي التعبير عن كل ما يخالج المستخدم من مشاعر تجاه شخص آخر، خاصة الأشياء التي توجد في اللاوعي، وهي عملية توفر للمستخدم الراحة ولو بشكل نسبي.

واستبعد الشكدالي أن يكون الموقع فعلاً مساحة للمصارحة رغم التسمية "بل يمكن أن يكون أيضاً مساحة للنفاق، وقول أشياء ربما عكس الواقع".

وقال إن دعوة المستخدمين أصدقاءهم لمصارحتهم من خلال هذا الموقع فيه نوع من الإثارة، خاصة أن الحديث بشكل غير مكشوف يدفع المتحدث إلى الكشف عن كل الأشياء التي يحملها بداخله، وتوفر له الحرية الكاملة لأجل ذلك.

لكنه يختم حديثه بالقول، إنه يجب عدم نسيان أن العالم الافتراضي يبقى مساحة تستعمل من أجل خلق الإثارة فقط.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024