منذ 7 سنوات | لبنان / الجمهورية





الحدث في الجبل اليوم، إحياء للذكرى الخامسة عشرة للمصالحة، وتدشين كنيسة السيدة في المختارة برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي والنائب وليد جنبلاط. وقيمة هذا الحدث تتجلى في كونه مناسبة تخرق الانسداد السياسي القائم، ويعوّل عليها أن تؤسس لما بعدها بوصفها فرصة ثمينة للتلاقي وتقريب المسافات بين المكوّنات اللبنانية.

وفيما دخل حوار عين التينة في استراحة لشهر، لعلها تجمع الإرادات الوطنية لترجمة ايجابية لخريطة الطريق التي رسمتها «الثلاثية» نحو إنشاء مجلس الشيوخ، يدخل الفراغ الرئاسي شهره السابع والعشرين، مع فقدان الامل في إمكان إجراء الانتخابات الرئاسية في المدى المنظور.

سياسياً، إنزاح دخان حوار عين التينة من الاجواء الداخلية، وعاد الملف الرئاسي بنداً رئيسياً في جدول المتابعات الداخلية، من دون ان تبرز اية مؤشرات تدفع به الى خانة الايجابية.


وفي هذه الاجواء بات محسوماً انّ جلسة مجلس النواب المقررة الاثنين المقبل في الثامن من آب الجاري، ستنضمّ الى سابقاتها في الفشل بانتخاب رئيس. في هذا السياق قال مرجع كبير لـ«الجمهورية»: «خلافاً لكلّ ما يقال عن تفاؤل او ما شابَه... لا رئيس جمهورية في جلسة الاثنين، وانا على يقين أنّ الملف الرئاسي لم يتقدم ولو خطوة واحدة الى الامام، بل ما زال عند نقطة الصفر».


في هذه الاثناء اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الجمهورية» انه «بدأ الشغل في الموضوع الرئاسي، ولن أتوقف عن ذلك».


واكد بري انه «أبلغ اطراف طاولة الحوار، وعن قناعة، بإمكان انتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية السنة». وقال: لا استطيع الّا ان اتفاءل، والمسؤولية تقع على كل الفرقاء.


ودقّ بري ناقوس الخطر وقال: اقول للجميع، نكون مجانين ان لم نتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية او الوصول الى حلول قبل نهاية السنة، اكاد اقسم انّ البلد مقبل على الخراب ان لم نتدارك ذلك قبل فوات الاوان، ليس فقط على المستوى الرئاسي بل هناك امور اخرى اقتصادية ومالية بلغت قمّة الخطر.


ورداً على سؤال عن مكامن الخطر، قال بري: انا ادرك ما اقول، البلد لم يعد يحتمل، وماذا افعل لكي يقتنع الجميع بأننا في خطر ونقترب من الهاوية؟!


ورداً على سؤال آخر قال بري: على رغم الانقسامات بين القوى السياسية، فكل الاطراف أجمعوا على الحوار وضرورته، وانا اؤكد انّ هذا الحوار ما زال يشكل صمّام الامان للبلد. ولنفرض انّ الحوار غير موجود، فكيف سيكون وضع البلد؟ من هنا كل الاطراف مطالبون بمقاربات ايجابية لعلنا نتفق ونخرج ممّا نحن فيه.


وكان الموضوع الرئاسي محلّ بحث بين الكاردينال الراعي والسفيرة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد التي زارت بكركي أمس. وعلمت «الجمهورية» أنّ «اللقاء غلبت عليه الإيجابية، وقدّم الراعي شرحاً مفصّلاً عن الوضع العام وخصوصاً ازمة رئاسة الجمهورية، وأبدت ريتشارد تفهّمها لمطالب بكركي ووعدت بالعمل على حلها، وأكدت على استمرار الدعم الأميركي للدولة اللبنانية».


وعبّرت مصادر بكركي عن ارتياحها للقاء، وأكدت لـ«الجمهورية» انّ «السياسة الأميركية لن تتغير تجاه المواضيع الحسّاسة المطروحة، وأن اللقاءات ستُتابَع».


المختارة تحتضن الحدث، هي ذكرى تاريخية يحييها اللبنانيون اليوم، تشكّل محطة مفصلية في العلاقات بين المكونات اللبنانية التي شرذَمتها الحرب. في مثل هذا اليوم، انطوَت صفحة كانت مليئة بالحروب، وفتح البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير صفحة جديدة في كتاب التاريخ اللبناني عموماً، والماروني - الدرزي خصوصاً، وبالتأكيد ما كانت خطوة صفير لتنجح آنذاك لولا وجود إرادة مشتركة مع المكوّن الدرزي وعلى رأسه النائب وليد جنبلاط في إعادة اللحمة الى جبل لبنان.


وممّا لا شك فيه انّ هذا الجبل، وكما يقول مواكبون لهذا الحدث، لطالما كان الشاهد على نضالات أبنائه التاريخية بمواجهة الحقبة العثمانية. رجالات كبار مرّوا على الجبل مثل الامير فخر الدين والأمير بشير، وفي الماضي القريب الرئيس كميل شمعون وكمال جنبلاط، خصوصاً، اللذان فرضا معادلة «كميل وكمال» التي حكمت الجبل لفترة طويلة.


وتأتي أهمية هذه الذكرى، كما يقول معنيون بها، بكونها تتزامن مع واقع شديد الحساسية، خلاصته:


أولاً، يجمع الموارنة والدروز، الخوف على المصير لا بل الخوف الوجودي، وسط تفشيّ الإرهاب في العالم.


ثانياً، فقدان المسيحيين لحضورهم في سوريا والعراق، ومنطقة الشرق الأوسط عموماً بعد موجات التهجير.


ثالثاً، خوف دروز سوريا من ان تتمدد اليهم نار الازمة السورية.


رابعاً، سَعي المسيحيين، والموارنة بشكل خاص وكذلك الدروز لإعادة رسم أدوارهم الفاعلة ضمن التركيبة السياسية اللبنانية.


ولمناسبة ذكرى المصالحة اتصل جنبلاط بالبطريرك صفير قائلاً له: «بُكرا نهارك. أنت فتحت الطريق عام 2001 للمصالحة في الجبل ولبنان، وكان الجبل ولبنان بحمايتك، وبكرا رح يكون الجبل ولبنان بحمايتك، وستكون حاضراً بيننا مثلما كنت حاضراً معنا من أوّل الطريق».


في أجواء هذا المشهد، يصل الكاردينال الراعي اليوم الى الجبل لإحياء الذكرى الـ15 للمصالحة وتدشين كنيسة السيدة في المختارة.


وأبلغت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» قولها: «إنّ الراعي سيركّز على أهمية التعايش المسيحي - الدرزي، وإرساء مصالحة الجبل، وان لا عودة الى زمن التقاتل الماروني - الدرزي واستمرار العمل على تثبيت أسس المصالحة».


ولم تستبعد المصادر التطرّق الى الأزمة الرئاسية، خصوصاً أنّ «بكركي تراهن على دور جنبلاط المحوري في حلّ الازمات الداخلية والفراغ الرئاسي، علماً أنّ الرئاسة تدخل كعامل اطمئنان لجميع اللبنانيين وليس للموارنة فقط».


وتزامناً مع الحدث الشوفي الذي سيجمع حشداً من القيادات الروحية والسياسية والحزبية والوطنية من بينهم رؤساء جمهورية سابقون ورؤساء أحزاب ووزراء ونواب، لوحظت ترتيبات تمهيدية أعدّها الحزب التقدمي الاشتراكي، كما انجزت القوى الأمنية والعسكرية ترتيبات أخرى أمنية إستثنائية في المنطقة، فانتشرت وحدات من الجيش والقوى الأمنية الأخرى لمواكبة الحدث وحمايته.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024