منذ 7 سنوات | لبنان / السفير




غصّ مراكز الأمن العام، منذ ساعات الصباح الأولى، بعشرات اللبنانيين الراغبين بإصدار جوازات سفر جديدة «بيومترية». لم تكد تمضي أيام قليلة على إعلان المديرية العامة للأمن العام بدء إصدار تلك الجوازات، حتى امتلأت مراكزها بالوافدين من مختلف المناطق.


يصطفّ المواطنون في ساحة المركز الرئيسي للأمن العام في بيروت بانتظام. يطول انتظارهم تحت أشعة الشمس الحارقة. يتذمر بعضهم، فيُبادر عنصر من الأمن العام بالاقتراب نحوهم قائلاً: «خلوني شوف أوراقكم إذا مزبوطة». ما إن يبدأ الأخير بالتأكد من المستندات التي بحوزتهم حتى ينهال عليه بعضهم بسرد معاناته. أحدهم رُفضت أوراقه سابقاً بسبب خطأ مطبعي في بطاقة الهوية، وآخر تكبد عناء الوقوف في «الطابور» أمام المركز مرتين بسبب قيام المختار بتعبئة طلب جواز السفر على الأنموذج القديم، بدل استخدام الأنموذج الجديد «الأزرق» الذي عممه الأمن العام. وأخرى رُفضت أوراق ابنها الذي لم يتجاوز الـ14 عاماً بسبب عدم مطابقة صورته الشمسية مع شكله الحالي.


يتطلب إصدار جواز سفر بيومتري، بحسب رئيس الدائرة التقنية في مكتب شؤون المكننة في المديرية العامة للأمن العام المقدم المهندس فادي حرب، الوثائق الآتية: بطاقة الهوية، إخراج قيد إفرادي جديد (لا يعود تاريخه لأكثر من ثلاثة أشهر)، طلب جواز سفر (الأنموذج الجديد)، صورة شمسية ملونة غير مسحوبة عن صورة سابقة (قياس 3.5 ـ 4.5 سم)، وجواز سفر قديم في حال وجوده. على أن يتم أخذ بصمات أصابع اليد العشر الكترونياً والتقاط صورة الوجه لصاحب الجواز مباشرةً في مراكز الأمن العام.


ونتيجة لوجود الكثير من الناس الذين أضاعوا بطاقات هوياتهم وهم بحاجة إلى إصدار جوازات سفر جديدة بصورة مستعجلة، أصدر الأمن العام تعميماً استثنائياً منح بموجبه «فترة سماح لمن لا يملكون بطاقة هوية، تمتد من 1 آب لغاية 30 تشرين الثاني المقبل، بحيث يحق للمواطن خلال هذه الفترة، إضافة إلى الأوراق السابق ذكرها، تقديم طلب هوية صادر عن مختار محلّة القيد حصراً وليس مختار محلّة السكن»، بحسب ما يوضح حرب، مشدداً على أن «العمل بهذا التعميم ينتهي مطلع السنة الجديدة ويصبح المواطنون ملزمين بإصدار بطاقات هوية للاستحصال على جواز سفر بيومتري».


بعد أن يتأكد عناصر الأمن العام من توافر هذه المستندات في الأوراق التي يحملها المواطنون، يمنحونهم إذن دخول إلى القاعة، حيث يتم إدخال البيانات الشخصية وسحب البصمات المطلوبة لإصدار الجواز. في الداخل، لا يختلف الوضع كثيراً، عشرات المواطنين ينتظرون أيضاً. لا تتسع القاعة لهم، فيبقى عدد منهم واقفاً، إلى أن يبلغ التململ ذروته عند إعلامهم بوجود عطل سيوقف العمل لبعض الوقت.


بمجرد الدخول إلى القاعة يحصل كل شخص على رقم خاص به من الآلة الموضوعة قرب الباب، ثم يجلس بانتظار أن يُناديه أحد الموظفين. عند الانتقال إلى مرحلة أخذ البصمات تنفرج أسارير معظم الحاضرين استعداداً للتجربة الجديدة، وينبري هؤلاء للاعتناء بـ «اللوك» قبل التقاط الصورة.


في الأيام الأربعة الماضية، أصدر المركز الرئيسي للأمن العام ما بين 250 و300 جواز سفر فوري في اليوم الواحد، نتيجة كثافة الإقبال. وعليه، عمل موظفو الأمن العام لساعات طويلة خارج ساعات دوامهم الرسمي. وبرغم التطور الكبير في نوعية وخصائص جواز السفر البيومتري، إلا أن تكلفة إصداره بقيت على حالها. أي يدفع اللبناني رسماً قدره 60 ألف ليرة مقابل إصدار جواز سفر صالح لمدة سنة و300 ألف ليرة لإصدار جواز سفر صالح لمدة خمس سنوات، على أن لا تتعدى مهلة إنجازه 4 أيام حداً أقصى. ويمكن للراغبين بالحصول على جواز سفر فوري (في اليوم نفسه) دفع مبلغ إضافي على المبلغ الأساسي للإصدار قدره 105 آلاف ليرة.


أما عند انتهاء مدة صلاحية جواز السفر، فيوضح المقدم حرب أن «عملية تجديد الجواز باتت تُعرف بعملية الإبدال، أي إعادة الإصدار»، مشيراً إلى أنه «على الشخص الذي أصدر جواز سفر بيومتريا لمدة سنة مثلاً، وانتهت فترة صلاحيته ويريد إبداله، أن يأتي إلى مراكز الأمن العام الإقليمية مزوداً بجواز السفر البيومتري القديم وصورة شمسية ملونة غير مسحوبة عن صورة سابقة مع بطاقة الهوية فقط، على أن يقوم بتعبئة الطلب في مراكز الأمن العام».


لا شكّ بأن وضع الأمن العام اللبناني جوازات السفر البيرومترية في التداول خلال فترة قياسية، بعد تلويح عدد من الدول بعدم قبول جوازات سفر اللبنانيين التي يتم تجديدها بخط اليد، يُعد إنجازاً، إلا أن أسئلة كثيرة تُطرح حول احتمال خرق خصوصية الأفراد من خلاله.


عليه، يوضح حرب أن «كلّ ما يُحكى في هذا السياق غير دقيق، فإن الجواز السفر البيومتري يتمتع بمواصفات أمنية عالية، وهو معتمد في أكثر من 120 دولة حول العالم»، مشدداً على أنه «ثبت أن جواز السفر البيومتري قادر على الحدّ من انتحال الشخصية والتأكيد أنه يعود لحامله فقط من خلال تطابق المعلومات الموجودة على الصفحة الأولى للجواز مع المعلومات الموجودة على الشريحة داخله. بالإضافة إلى احتوائه على خصائص تؤكد أنه صادر عن بلد المنشأ نفسه وليس مزوراً»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن قراءته إلا عن بعد 30 سم حداً أقصى».


قد تكون الثقة كبيرة بالمزايا الأمنية لجواز السفر الجديد، لكن هناك شكوكا كثيرة تتعلق بقواعد البيانات في مراكز النفوس، في ظل الفوضى العارمة وغياب المكننة وتعرّض العديد من السجلات للتلف بسبب قدمها، وهذه مسؤولية وزارة الداخلية، بحسب الشركة المعنية بجواز السفر البيومتري.


ويصبح السؤال: إلى أي مدى قواعد المعلومات هذه محمية وإلى أي مدى يمكن الوثوق بها، وسط إحصاءات تشير إلى أن أعداداً كبيرة جداً من إخراجات القيد المتداولة حالياً مزورة؟


أحد المطلعين عن قرب على واقع حال سجلات النفوس يؤكد أن الوضع مأساوي، مشيراً إلى أنه كلما تأخر البدء بعملية المعالجة والمكننة، كلما كبرت المشكلة وصار حلها أصعب. كما يوضح لـ«السفير» أنه حتى تكون الحلقة الأمنية مكتملة لا بد أن تكون السلسلة مكتملة أيضا، فتبدأ من القاع (إعادة تكوين سجلات النفوس) وصولاً إلى الواجهة (جواز السفر أو الهوية أو إخراج القيد..).
إلى ذلك الحين، فإن الأمن العام يثق بأنه يطبق، بحسب المتاح، أعلى معايير الأمن، خصوصا أن مصادر معنية تبدي ثقتها بأن جواز السفر اللبناني الجديد يأتي ضمن أفضل خمسة جوازات سفر في العالم لناحية المواصفات الأمنية التي تتخطى الـ40 مواصفة.


 جوازات السفر القديمة صالحة حتى انتهاء صلاحيتها


ما هو احتمال وقوع مشكلات في السفارات الخارجية بسبب امتلاك اللبنانيين لجوازي سفر متناقضين، (نظراً لعدم وقف العمل بجوازات السفر العادية غير البيومترية)؟


يكشف رئيس الدائرة التقنية في مكتب شؤون المكننة في المديرية العامة للأمن العام المقدم المهندس فادي حرب لـ«السفير» أن «الأمر غير وارد لأنه لا يوجد أي دولة في العام تُلغي العمل بجوازات السفر القديمة عند إصدارها جواز سفر جديد، خصوصاً أن هناك جوازات سفر قديمة بحوزة المواطنين لا تزال صالحة للاستخدام ويحق لهم الاستفادة منها إلى حين انتهاء صلاحيتها، عندها سيصبحون ملزمين بإصدار جوازات بيومترية، وبالتالي ستخرج الجوازات القديمة من التداول تدريجياً».


ووفق حرب فإن «لبنان بات محصّناً، ونحن جاهزون لكل طارئ من أي نوع كان، فالأمن العام يُصدر في المواسم كالأعياد وفترة الحج والعطلة الصيفية ما بين 3 و4 آلاف جواز سفر، وبالتالي فإنه قادر على تلبية احتياجات الناس».


«البيومتري» للاجئين الفلسطينيين


يشمل مشروع إصدار جوازات السفر البيومترية للبنانيين الذي باشر بتنفيذه الأمن العام منذ الاول من آب، إصدار وثيقة سفر بيومترية للاجئين الفلسطينيين في لبنان وجواز مرور بيومتري لفئة قيد الدرس ومكتومي القيد.


وإذ تعتمد تلك الفئات حالياً على جوازات سفر ووئاثق مقروءة آلياً لكن غير بيومترية، من المقرر أن يبدأ الأمن العام اللبناني بإصدار الجوازات الجديدة البيومترية لهم «في فترة قريبة جداً، حيث سيتمكنون من الحصول عليها في كافة مراكز الأمن العام الإقليمية فور تعبئتهم الطلبات المُخصصة لذلك مرفقة مع كافة المُستندات المطلوبة»


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024