يبدو أن الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، فطنت أخيراً أن مواجهة التطرف لم تعد تنفع معه المواعظ في المساجد، ولا طرق الخطاب الديني التقليدية، فاجتهدت بإطلاق موقع إلكتروني يستهدف محاربة التطرف لدى فئة الشباب، وذلك في أفق ما تسميه الرابطة «بث المعرفة الدينية الآمنة على أوسع نطاق»، بهدف «محاصرة خطاب الجماعات المتطرفة، وقطع الطريق على المتاجرين بالدين، والمشوهين لقيمه».

الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة تحدث عن الأهداف المرجوة من هذا المنبر الإلكتروني، وفق الرؤية الإستراتيجية للرابطة، وهي تتمثل في تحصين للشباب المبحر في عالم الإنترنت وحمايته من الضياع في مسالك التطرف، والانغماس في بؤر الكراهية. وأبرز عبادي مدى اتساع دائرة تعاطي الشباب مع وسائل التواصل الاجتماعي، معتبراً إياها بأنها المنصة الحقيقية التي تجتذبهم، ومشيراً إلى أن جيل العصر الحديث ينفق ما لا يقل عن أربع ساعات يومياً في التعاطي والتفاعل على تلك المواقع، وأحياناً في حالات الإدمان، قد يستغرق الأمر حوالى 15 ساعة.

وفي الوقت الذي تواصل الجهات الأمنية الكشف عن بؤر جهاديين مغاربة تم اعتقالهم في إسبانيا أخيراً، بتنسيق وتعاون مع الشرطة الإسبانية كاشفة أن هذه الخلايا هي للاستقطاب والتجنيد وإرسال مقاتلين أجانب من المغرب، وإسبانيا، وفرنسا إلى سورية والعراق، وتلقي التعليمات، والتدريبات للعودة إلى تنفيذ هجمات إرهابية في أوروبا، يبدو أن تنظيم «داعش» غير طرقه السابقة وبدأ يلعب على وتر حساس جديد هو «استرجاع الأندلس». وفي تقرير استخباراتي إسباني، كشفت عنه القناة الإسبانية «كادينا سور» تبين أن عملية الاستقطاب تلك انطلقت خلال فصل الخريف الأخير، أي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وترمي إلى تحفيز مجموعة من الشبان للالتحاق بالتنظيم، بمقابل إغراءات مالية بأجور شهرية تتجاوز 1000 دولار.

وكشف التقرير الأمني أن «داعش» يعمل على استقطاب أنصاره، عبر المواقع الاجتماعية وبعض عناصره النشيطة في هذا المجال، وأن الدافع المادي سيكون سبباً مقنعاً للكثيرين للالتحاق به، بحيث يتم التلاعب بالجانب العاطفي للشباب العاطل أساساً، أو بعض الشبان من ممتهني التهريب أو المهن والحرف البسيطة، ممن يسهل التأثير فيهم.

وبحسب التقرير، تعتبر الإغراءات المالية سبباً مهماً في التحاق الكثيرين بصفوف «داعش»، بحيث إن المقاتلين يتقاضون أجوراً تصل إلى 1400 يورو شهرياً، كما يتم تزويجهم وتمكينهم من غنائم ومساعدات كثيرة، فيما يتقاضى العاملون لمصلحة التنظيم في مرافق أخرى من غير المقاتلين، أجوراً تبلغ 700 يورو وأكثر بحسب الأعمال التي يقومون بها.

وكانت نسبة 15 في المئة من الشباب المغربي تعتقد أن تنظيم «داعش» سينجح في تأسيس دولة إسلامية في العالم العربي، بينما 76 في المئة منهم غير متأكد من أنه سيستطيع فعل ذلك أو يميل إلى أنه سيفشل في مهمته. فيما تذهب غالبية الشباب المغربي إلى أن «داعش» يشكل العقبة الكبرى التي تواجه منطقة شمال أفريقيا، بحسب إحدى الخلاصات المثيرة في الاستطلاع السنوي الثامن لرأي الشباب العربي، الذي أنجزته مؤسسة «أصداء بيرسون – مارستيلر»، وتم تقديمه خلال فعاليات القمة العالمية الثالثة للاقتصاد الإسلامي التي عقدت في دبي أخيراً.

وكان تقرير حديث صادر عن المركز المغربي لدراسة الإرهاب والتطرف كشف أن عدد المقاتلين المغاربة مع تنظيم «داعش» الإرهابي الذين لقوا حتفهم بين عامي 2012 و2016 بلغ 48 شخصاً.

التقرير أوضح أنه من بين مجموع المقاتلين المغاربة الذين قتلوا خلال السنوات الأربع الأخيرة، يشكل الشباب بين 18 و25 سنة نسبة 54 في المئة، وأن 40 في المئة من مجموع القتلى تتراوح أعمارهم بين 26 و30 سنة، فيما يشكل القتلى الذين تتجاوز أعمارهم 31 سنة 6 في المئة. وفسر المركز المغربي لدراسة الإرهاب والتطرف ارتفاع عدد القتلى في وسط الشباب، بقوله إن ذلك راجع إلى كون الشباب هي الفئة المستهدفة من عمليات الاستقطاب والتجنيد من طرف التنظيمات المتطرفة.

ويعتبر المغاربة ضمن الأجانب الأكثر وجوداً في صفوف هذا التنظيم في معاقله بسورية والعراق، وتظهر آخر الإحصائيات أن ما لا يقل عن ألف شاب مغربي غادر بلاده نحو «داعش».

ويعتقد الشباب المغربي بحسب الاستطلاع المذكور، أن ضعف الوظائف والفرص المتاحة للشباب، تعتبر السبب الأول لتشجيعهم على الانضمام إلى صفوف التنظيم, كاشفاً إن الشباب المغربي يتزايد تشاؤماً بخصوص ما إن كان العالم العربي سيكون أفضل بعد خمس سنوات من الربيع العربي.

وسجل الاستطلاع أقل نسبة هذه المرة وصلت إلى 36 في المئة فقط ممن يعتقدون أن الأمور ستكون أفضل، بعدما كانت 72 في المئة في عام 2012. وفي هذا الصدد، فإن 58 في المئة من الشباب المغربي يولون اهتماما أكبر للاستقرار على حساب الديموقراطية.

وتشير أرقام رسمية حديثة إلى أن المغاربة يقفون في المرتبة الخامسة أفريقياً من حيث الشعوب الأكثر استخداماً لـ «فايسبوك»، مع 13 مليون حساب نشيط.

وكشف التقرير الذي قدم قبل أيام، لمناسبة القمة الأفريقية «آفريكان ديجيتال ساميت»، أن مستخدمي «فايسبوك» المغاربة، تعادل نسبتهم 39.01 في المئة من مجموع السكان، بواقع 35 في المئة للإناث، و65 في المئة للذكور. ويعد المغاربة المتراوحة أعمارهم، بين 18 سنة و24، الفئة العمرية الأكثر استخداماً، إذ تصل نسبتها ضمن مجموع الحسابات المغربية إلى 39 في المئة، تليها فئة (25-34 سنة) بـ28 في المئة من الحسابات، وفئة المراهقين (13-17 سنة) بنسبة 15 في المئة، أما الفئتان (35-44 سنة)، و(45-65 سنة)، فنسبة حساباتها، هي على التوالي 10 في المئة و7 في المئة.


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024