منذ 7 سنوات | اقتصاد / أ ف ب

لا يملك قطاع النقل في العالم إلى الآن تصوراً واضحاً لمستقبل هذا القطاع مع دخول السيارات الذاتية القيادة والسيارات الذكية إليه، إذ فيما تسير هذه السيارات بخطى واثقة نحو الشوارع، تتغاضى السياسات الرسمية وحكومات الدول عن النتائج المرتقبة التي يُمكن أن يحدثها هذا الدخول في العالم.

من المؤكد أن مستقبل القيادة سيشهد تغييراً جذرياً مع دخول السيارات الذاتية القيادة والسيارات الذكية السوق، إذ لن تتطلب قيادتها أي تدخل بشري في السنوات القليلة المقبلة، ما يضع مستقبل ملايين الأعمال حول العالم على المحك.

ويتحدث مناصرو السيارات الذاتية القيادة عن مستقبل مشرق تنحسر فيه حوادث السير والزحام الخانق، لكن البعض يتخوف من أن تكون هذه المركبات ذات تأثير سلبي في سوق العمل، وأن تحرم ملايين الأشخاص من مورد رزقهم.

تقول ميسي كومينغز، الباحثة في جامعة «ديوك» في كارولينا الشمالية التي شاركت في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: «ينبغي على المؤسسات والحكومات أن تبدأ في التفكير»، وتضيف: «لا يمكننا أن ندفن رؤوسنا في الرمال». ويتخوف في الولايات المتحدة وحدها، أربعة ملايين شخص يعملون سائقي شاحنات أو سيارات أجرة، من أن يؤدي انتشار السيارات الذاتية القيادة على نطاق واسع إلى قطع أرزاقهم.

ولا يقف قطع الأرزاق على هذه المجالات حصراً، إذ توقع المدير التنفيذي مؤسس معهد «دافينشي» لدراسات المستقبل توماس فري اختفاء أكثر من 128 نوعاً من الوظائف المرتبطة بقطاع السيارات خلال العقدين المقبلين.

ولعل سائقي الأجرة وشركات الشحن والنقل إضافة الى شركات ركن السيارات أبرز من سيتأثر بدخول السيارات الذاتية القيادة، ولكن اللائحة لا تقف هنا فقط. إذ ستتعرض شركات تعمل في تعليم القيادة وتأجير السيارات وسائقو سيارات الإسعاف والإطفاء، لخطر الزوال نظراً إلى أن هذا النوع من السيارات سيتمكن من الحلول محلهم بسرعة.

وستتغير طبيعة السيارات والمكونات التي تدخل في صناعتها، إذ ستصبح السيارات من دون مقود أو دواسات الوقود والفرامل، كما ستختفي لوحات التعريف بالسيارة، إضافة إلى برامج الملاحة الناطقة. وبهذا المعدل، ستشهد صناعة السيارات والعاملين في هذا القطاع تغيراً جذرياً، إذ ستتأثر ملايين الوظائف حول العالم وقد يلغى الجزء الأكبر منها أو يتحول. وسيزيد الطلب في شكل كبير على المهندسين في هذا المجال، في حين سيعاني الأشخاص الذين لا يملكون مؤهلات قادرة على المنافسة من البطالة وعدم إيجاد فرص عمل جديدة.

وفي تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، تلقى السائقون خبراً عن إحراز تقدم في مجال المركبات الذاتية القيادة بوجوم، فقد تمكنت شاحنة من تصميم شركة «اوتو» التابعة لمجموعة «اوبر» الأميركية من توصيل حمولة إلى وجهتها، من دون الحاجة إلى سائق. وتنخرط معظم شركات صناعة السيارات في سباق محموم لإنتاج مركبات قادرة على السير في الطرقات من دون سائق، مع هدف مرفوع يقضي بأن تكون هذه السيارات جاهزة للاستخدام فعلاً بحلول العام 2020.

وبدأت كلّ من «غوغل» و «تيسلا» و «جنرال موتورز» و «فورد» و «أوبر» و «ليفت» في تجربة سياراتها ذاتية القيادة والاستثمار بكثرة في هذا المجال، نظراً إلى أنه سيكون مجال المستقبل وسيحمل كثيراً من المنافع على العالم، على رغم الضرر الذي سيحدثه بطبيعة الحال. ومن شأن هذه السيارات أن تقلص عدد ضحايا حوادث السير البالغ حالياً مليوناً و300 ألف في كل العالم سنوياً. وغالبية الحوادث تقع بسبب التعب أو التشتت أو لأن السائق لم يوفّق في ردّ الفعل السريع الواجب اتخاذه.

وتنظر الشركات إلى السيارات الذاتية القيادة على أنها فرصة، وأيضاً على أنها تهديد. يقول مدير مجموعة «رينو نيسان» كارلوس غصن إن السيارات التي تقود نفسها بنفسها «ستعيد خلط الأوراق» في قطاع صناعة السيارات. وقال على هامش مؤتمر دافوس: «نحن أمام مبارزة جديدة، وسنرى من سيكون قادراً على فرض نفسه».

ومع أن صنع هذه السيارات سيوفر فرص عمل جديدة، خصوصاً للمهندسين، إلا أن التحول من المركبات العادية إلى الذاتية القيادة سيشكل ضربة لسائقي الشاحنات وسيارات الأجرة الذين لن تتيح لهم إمكاناتهم التقدم للعمل في وظائف جديدة. وتقول المفوضة الأوروبية لشؤون النقل فيوليتا بالك: «ليست لدينا برامج تدريب» في الوقت الذي توشك فيه التكنولوجيا الرقمية على إجراء تحولات جذرية.

إضافة إلى ذلك، سيتعين على الحكومات ايجاد التشريعات المناسبة لسير هذه المركبات، وهو ليس بالأمر اليسير. تقول اينغا بيل المديرة العامة لشركة «لويدز» للتأمين في لندن، إن ما يشغل بال العاملين في قطاع التأمين الآن هو معرفة كيفية تحديد المسؤوليات في حال وقوع حوادث. ومن الأسئلة المطروحة ايضاً ما يتعلق بالجوانب «الأخلاقية»، فهذه السيارات ستكون مبرمجة لاتخاذ قرارات حين تواجه وضعاً صعباً، منها مثلاً الاختيار بين دهس أحد المشاة، أو صدم سيارة اخرى ما قد يؤدي إلى مصرع خمسة أشخاص.

لكنّ مصنعي السيارات يفضلون أن يقتصر حديثهم عن محاسن المركبات الذاتية القيادة. يقول غصن: «يمكن أن يكون المرء في السيارة، يفعل كل ما يفعله في المكتب أو في المنزل، والسيارة تنقله من مكان الى آخر».


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024