منذ 7 سنوات | اقتصاد / الديار

قانون استفادة المتقاعدين من الضمان الصحي الذي سيصبح نافذاً اعتباراً من بعد غد الخميس، أقر وحده بين ثلاثة مشاريع تغطية صحية شاملة (منها: البطاقة الصحية الالزامية، وضمان الشيخوخة). وهو القانون الذي سيضيف الى سلسلة الرتب والرواتب اكلافاً فوق اكلاف، من ميزانية دعم صندوق المستأجرين، الى 10 مليارات دولار عجز موازنة 2017 و2018، الى 15 مليار دولار استحقاقات سندات الخزينة في عامين، ودون ان تحتاط الدولة لتلبية هذه الحقوق والموجبات بوقف الهدر وترشيد الادارة، وبما قد يوصل الدين العام الى اكثر من 100 مليار دولار تشكل 200$ من الناتج المحلي الاجمالي، هي النسبة الاعلى «بامتياز» بين كل دول العالم!

وهذه الاستحقاقات التي تداهم خزينة الدولة، تأتي في وقت يتراجع الدفق المالي للبنان، وقد تراجع بحوالى 7.4 مليار دولار بين 2012 و2015. ودون مجال لتمنية النفس بان عائدات الغاز والنفط على الطريق، والتي  حتى لو سارت الامور  دون عوائق سياسية، لن تتحقق قبل العام 2027. وهذا  اذا لم يقفل عليها الباب بعد سنوات من التأجيل والتأخير تحضيرات التصدير الجاهزة في مصر وقبرص واسرائىل.

والجديد ان المقترحات التي طرحت دائما لمعالجة هذه الاوضاع، لم ينفذ منها اي اقتراح: من ضرورة تفعيل الجباية الضريبية واصلاح اوضاع الكهرباء وتصديق الموازنات، وسواها من الاصلاحات التي اعلنها مدير عام وزارة المال آلان بيفاني، في حفل تكريمه نهاية الاسبوع، وفي طليعتها: تصحيح النموذج الاقتصادي القائم، محاربة الفساد، زيادة الانتاجية، والاستفادة من الموارد المتاحة وتنوعها، معتبراً ان لبنان اصبح «مثالاً للأمور التي تسير من دون اي عوائق وكذلك للأمور التي لا تسير ابداً»!... بل ان مقترحات من خبراء اقتصاديين، وصلت اخيراً الى حد المطالبة ببيع شرائح كبرى من ممتلكات الدولة العقارية، او تأجير او بيع جزء كبير من القطاعات الحكومية لادارة مباشرة (!) من القطاع الخاص، وخفض عدد كبير من الموظفين في القطاع العام، ممن سوف ينضموا الى جيش العاطلين عن العمل... في «قنبلة موقوتة» تتزايد مخاطرها باستمرار في هدر لا بد (رغم مساوئه) من واجبات زيادة الرواتب والاجور والتعويضات والبدلات، لكن في وضع تبدو فيه الدولة كمن يعالج الرمضاء بالنار... حيث كلما زاد عدد الموظفين والعاملين في القطاع العام لديها لتلبية الطلبات الانتخابية والخدماتية للسياسيين، وكلما ارتفعت الاجور والرواتب دون مبدأ الكفاءة الاقتصادية MERTIT INCREACE وزيادة الانتاج،  مع استمرار الهدر والمحاصصات والمحسوبيات، تقفل الابواب بالمقابل امام العاطلين عن العمل. ولا يبقى سوى المخرج الوحيد: المزيد من الضرائب، كما يحصل الآن مع مشروع زيادة الـT.V.A المرتقب... وبما يصيب خصوصاً العاطلين عن العمل اكثر واكثر.

حتى ان الدولة التي تواصل الانفاق دون الالتفات الى تراكم الاستحقاقات، بزيادة الضرائب، لا تعطي اي اعتبار لما يجري في المنطقة من تغيّرات، أهمها تراجع سعر النفط وانخفاض السيولة الاقليمية، التي انخفضت معها ايداعات حكومات الدول المنتجة في مصارفها الى حد كبير، ولدرجة ان ان هذه الحكومات باتت تسحب اجزاء كبيرة من ايداعاتها في المصارف لتغطية عجز موازناتها. وبالتالي فان امكانات العودة الى «صناديق»  عربية (او دولية من نوع باريس 3 و4...) لم تعد ممكنة... حيث ان الدول هذه الصناديق، حسب صندوق النقد الدولي، تواجه الآن تحدياً كبيراً هو ايجاد وظائف لأكثر من 10 ملايين شخص يتوقع ان يطلبوا فرص عمل بعد حوالى 3 سنوات من الآن، امام صعوبات هائلة منها ان خسائر الدول العربية المنتجة للنفط، بلغت حسب صندوق النقد حوالى 360 دولار في عام واحد.

وأمام هذا التراجع، مع استمرار الحروب والاضطرابات الامنية في المنطقة، فان التداعيات ستكون كبيرة على دول مستوردة للنفط، ومنها لبنان، لجهة انخفاض تحويلات العاملين، وارتفاع تكاليف الاقتراض، بسبب نقص السيولة في الأسواق الاقليمية والعالمية، في وقت تدعو تقارير صندوق النقد الدولي  لبنان الى اغتنام فرصة الوفر المالي الحاصل لديه من انخفاض كلفة استيرادات البترول والمشتقات، كي يستخدمه في زيادة الاستثمارات العامة، عبر اصلاحات هيكلية تدفع بعجلة النمو وتوفر فرص جديدة للعمل، وفي ظروف عربية ينتشر فيها ملايين اللاجئىن في الداخل العربي واللبناني، وسط دمار شامل وخراب للمدن، وبطالة بلغت في بعض مجتمعات عربية 60% من شبان تحت الـ25 عاماً، ووسط تعليم ينهار، وتراجع متواصل في النمو في ظروف تتطلب مواجهتها مئات مليارات الدولارات، لم يبقَ أمام لبنان لمواجهتها سوى الاعتماد على النفس وبأدوات ووسائل ذاتية... لا شرقية ولا غربية.




أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024