دعا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في تحمل عبئ ازمة النزوح السوري لمواجهة اقسى واطول الازمات التي يشهدها وقال خلال اطلاقه "خطة لبنان للاستجابة للازمة " في احتفال اقيم مساء اليوم في السراي الكبير في حضور الوزراء مروان حمادة، ميشال فرعون، جان اوغسابيان،غازي زعيتر، يعقوب الصراف ، ايمن شقير، غطاس خوري نقولا تويني،معين المرعبي، بيار ابي عاصي،رائد خوري ،سيزار ابي خليل ، عناية عزالدين، عميد السلك الدبلوماسي العربي سفير الكويت عبد العال القناعي، عميد السلك الدبلوماسي الاجنبي السفير البابوي غبريال كاتشيا وعدد من السفراء العرب والاجانب، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومستشار الرئيس الحريري لشؤون النازحين الدكتور نديم المنلا وحشد من النواب والشخصيات ورؤساء البعثات والمنظمات الدولية المعتمدين في لبنان:"ندعو المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في هذه المهمة الكبيرة لاننا لن نشعر وحدنا بعواقب عدم المساعدة بل سيشعر بها العالم باسره، ونريدها فرصة للامل ببلد عانى الكثير من الصدمات في الاعوام الماضية."


ثم القى الرئيس الحريري الكلمة التالي:

حضرة السيدات والسادة،

أصدقاء لبنان،

أرحب بكم جميعاً في حفل إطلاق "خطة لبنان للاستجابة للأزمة" 2017-2020، وهي خطة مشتركة، تمتد لعدة سنوات، بين الحكومة اللبنانية وشركائها الدوليين والمحليين، تهدف إلى الاستجابة للتحديات المرتبطة بواحدة من أقسى وأطول الأزمات التي يشهدها لبنان.

والأكيد أن الأزمة التي وصفت "بالطارئة" قبل ست سنوات أصبحت اليوم واحدة من أقسى الأزمات التي واجهها لبنان، وكان لها تداعيات صارمة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

وقد أثبتت أزمة النزوح السوري أنها أزمة معقدة ومدمرة. فالضغط على اقتصادنا الحقيقي نتيجة الصراع في سوريا كان هائلاً وغير مسبوق.

وبالفعل، شهد لبنان انخفاضاً حاداً في النمو الاقتصادي من معدل 8 بالمئة في السنوات التي سبقت الأزمة إلى معدل 1 بالمئة خلال سنوات الأزمة.

وبالرغم أننا لا نستطيع أن نعزو سبب النمو البطئ إلى وجود النازحين السوريين وحده، فإن النمو البطئ في السنوات الماضية قد قلص قدرتنا على التعامل مع النازحين.

إلى ذلك، تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن لبنان قد تكبد خسائر بلغت 13.1 مليار دولار منذ عام 2012، منها 5.6 مليار عام 2015 وحده.

وازداد عدد السكان في لبنان بنسبة الثلث على مدى ست سنوات، ما شكل ضغطاً هائلاً على الخدمات العامة التي أصبحت تعمل أكثر من طاقتها. وتجاوز الطلب قدرة المؤسسات والبنى التحتية على تلبية حاجات النازحين السوريين والمواطنين اللبنانيين.وقد فتحت المجتمعات اللبنانية أبواب مدارسها وعياداتها وحتى منازلها لمئات الآلاف من السوريين الذين فروا من بلادهم بحثاً عن الأمان والمأوى.

واليوم، يبلغ عدد التلامذة السوريين المسجلين في المدارس الرسمية أكثر من 250 ألف تلميذ. إلى ذلك، فإن القطاع الصحي العام يراكم الديون بسبب عدم قدرة المرضى السوريين على تغطية حصتهم من الفواتير. وارتفعت معدلات البطالة خصوصا بين الشباب اللبناني وإزدادت حدة الفقر. كما أن النمو البطئ، إلى جانب الخدمات العامة المستنزفة، قد شكل ضغطاً هائلاً على وضعنا المالي الدقيق أصلاً.

من الأولويات القصوى لحكومتي احتواء العجز في الميزانية ورفع مستوى البنى التحتية وتحفيز النمو. وهذا الجهد سيقوض بشدة نتيجة الوجود الكثيف للنازحين السوريين.وفي مواجهة التأثير السياسي والاقتصادي والاجتماعي الكبير للأزمة، وضعت حكومتي هذه القضية على رأس أولوياتها وقررت معالجتها من خلال سياسة موحدة واستراتيجية شاملة محددة الأولويات.

أولاً، قمنا بتعيين وزير دولة للنازحين السوريين هو السيد معين مرعبي.

ثانياً، قمنا بتشكيل لجنة وزارية تضم جميع الوزارات المعنية وذات الصلة. وأترأس شخصياً هذه اللجنة. وقد عقدت اللجنة أول اجتماع لها الأسبوع الماضي لتنسيق القضايا المتعلقة بالأزمة وكلفت وزير الدولة للنازحين السوريين وضع ورقة سياسية تهدف إلى:

إجراء مسح شامل لوجود النازحين السوريين في لبنان.

تقويم تأثير وجودهم على الاقتصاد الحقيقي والوضع المالي والبنية التحتية المادية.تحديد المشاريع ذات الأولوية التي تساعد على دعم المجتمعات المضيفة وتخفيف آثار الأزمة عنها.

نتوقع أن تكتمل الورقة السياسية في غضون شهر.

ثالثا، سأفعّل وأرأس لجنة توجيهية رفيعة المستوى وذلك تماشيا مع الالتزامات المعلنة في مؤتمر لندن عام 2016 وسأحدد موعدا للاجتماع الأول للجنة الأسبوع القادم.

السيدات والسادة،

إن الشعب السوري يعاني منذ ست سنوات تقريبا وهذه مأساة حجمها تاريخي.يتشعب من هذا النزاع عدد من الملفات، احدها ملف النازحين السوريين وهو مصدر قلق بالغ للمجتمع الدولي بأسره.على مدى السنوات الست الماضية، أظهر لبنان التزاما وتضامنا استثنائيين مع النازحين السوريين.بذلنا قصارى جهدنا ليحصل كل نازح سوري على المأوى والتغذية والتعليم والطبابة، في وقت تستنفد قدرات المجتمعات المحلية المضيفة والخدمات الحكومية.

في السنوات الثلاث القادمة، يحتاج لبنان الى استثمارات جديدة لا تقل عن 8 إلى 10 مليارات دولار في البنية التحتية لرفع مستوى البنية التحتية القائمة والاستثمار في مشاريع جديدة والتعويض عن التدهور الذي حدث بسبب وجود 1.5 مليون نازح سوري على أراضينا.

كان الدعم والمساهمات وتضافر الجهود من قبل المجتمع الدولي حتى الآن، التي نرحب بها ونقدرها، ذات طابع إنساني بشكل اساسي وغير متناسب مع الاحتياجات الكبيرة للمجموعات المتضررة، من نازحين سوريين ومجتمعات مضيفة.أمن لبنان واستقراره هو الأولوية بالنسبة لي. ان حماية وتعزيز هذا الاستقرار باعتباره اساسا لتحقيق الازدهار والتنمية ومساعدا لإعادة الإعمار في المنطقة، هو لمصلحة كل من لبنان والمجتمع الدولي. لا يمكن أن يستمر لبنان في تحمل عبء هذه الأزمة دون دعم دولي كاف وكبير لمؤسساته وبنيته التحتية.

وللقيام بذلك بشكل صحيح، ندعو المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في هذه المهمة الكبيرة. لأننا لن نشعر وحدنا بعواقب عدم المساعدة، بل سيشعر بها العالم بأسره. والسبيل الوحيد لمواجهة هذه الأزمة هو في ايجاد فرص للجميع. نريدها فرصة للأمل لبلد عانى الكثير من الصدمات على مدى عقود وما يزال صامدا. نريدها فرصة لتعزيز الثقة في مؤسساتنا واقتصادنا و فرصة للنمو الاقتصادي وفرص العمل وفرصة لتحقيق التنمية المستدامة.

أشكركم جميعا، مؤسسات حكومية وشركاء دوليين ومجتمع مدني على عملكم الدؤوب ودعمكم على مدى السنوات الست الماضية. انتم شركاؤنا الرئيسيون في مسيرتنا إلى الأمام. أعول على دعمكم ومساعدتكم لتنفيذ سياسة الحكومة اللبنانية التي تهدف إلى معالجة التحديات المرتبطة بهذه الأزمة غير المسبوقة.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024