على رغم من الجدل الذي رافق الاجراءات الاخيرة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ساعات قليلة على نهاية ولايته، من المفترض ان يستبدل اللبنانيون كثيرا من العبارات والملاحظات التي انتهت مفاعيلها لمجرد دخول البلاد مرحلة خلو سدة رئاسة الجمهورية من اليوم. ولذلك، لا بد من مُحاكاة ما يمكن ان تقود اليه المواقف السابقة وتلك المتوقعة على اكثر من مستوى سياسي ودستوري. وعليه، ما هي السيناريوهات المحتملة وتلك التي ينتظرها لبنان؟

طُويَ منذ صباح اليوم كثير من النظريات والقراءات التي شهدتها البلاد في الأشهر القليلة الماضية بعدما عبرت المهلة الدستورية الخاصة بانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية من دون التوصّل الى اتمام الاستحقاق على رغم من الاقتناع شبه الشامل بأنّ المجلس النيابي أخلّ بواجباته الدستورية فتجاوز مهلة الستين يوما المحددة لهذه الغاية من دون ان يرف جفن ايّ من اعضائه على حد سواء. وقد تذرّع البعض في تنكّره لأهمية والزامية المهلة بمرحلتيها الاولى التي امتدت خمسين يوما، والثانية التي قالت بالايام العشرة الاخيرة التي لا يمكن للمجلس ان يقوم خلالها بأي مهمة غير انتخاب الرئيس. وقد تذرّعوا جميعا بما لا يرقى إليه شك، بالحرية التي سمحت لهم تارة بمقاطعة الجلسات او تطيير النصاب متى لاحت في الأفق مجرد مخاوف من ترتيب ما قد يكون تمّت فبركته في الخفاء على قاعدة «لا تنام بين القبور لئلا تخطر ببالك الاحلام المزعجة».


على هذه الخلفيات، وفي ظل هذه المؤشرات التي تنحو الى السلبية اسدل الستار على مرحلة كان يمكن ان تشهد انتخاب رئيس الجمهورية، لتقفل كثيرا من الملفات الحساسة والدقيقة التي تثير الجدل، وسط مخاوف من تبخّر بعض ما أنجز في الفترة الاخيرة. فالبلاد دخلت منذ اليوم مرحلة جديدة خَلت فيها سدة الرئاسة الجامعة للبنانيين من شاغلها، وتركت إدارة البلاد في عهدة حكومة انتقل اليها مجتمعة بعض من صلاحيات الرئيس المفقود ما عدا تلك اللصيقة بشخصه والتي لا يحتاج اليها أحد بعد اليوم قبل انتخاب الرئيس الخلف.

وان تحدث احدهم عن فراغ او شغور رئاسي يردّ الخبراء الدستوريون بالقول ان الدستور لا يشرّع ولا يسمح بالفراغ او بالشغور، فهو كان واضحا عندما تحدث عن البديل عند خلو سدة الرئاسة لأيّ علة او سبب ما، وقد تعددت الأسباب التي اشار اليها، تؤول صلاحياته بالإنابة إلى الحكومة مجتمعة. والى من يرغب بالتفسير القائل انّ صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني قد انتقلت الى رئيس الحكومة السني فهو مخطئ أيضا ولن يشاركه احد هذا الامر. فصلاحيات الرئيس انتقلت الى مجلس الوزراء مجتمعاً وبقي رئيس الحكومة في موقع الوزير المتقدم على نظرائه الوزراء متمتعاً بصلاحيات محدودة تتصل بالدعوة الى اجتماع المجلس وتحضير جدول أعماله وإدارة الجلسات، وأيّ تفسير آخر لن يلقى الإجماع المطلوب ان استثنيت الآراء التي تطلق وفقاً لرغبات او امنيات او للحضّ على التفرقة والفتنة المذهبية بين اللبنانيين ومحاولة استغلال شعور البعض بالغبن إن اقتنع بوقوعه وآخرين بنشوة السلطة ان اعتقد انها مكسب لا بد من اقتناصه، وكأن ذلك حق دستوري مكتسب ودائم وليس عابراً ولمرحلة تنتهي بانتخاب الرئيس متى تحقق ذلك.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024