منذ سنة | لبنان / اللواء




تنفس كبار المسؤولين الصعداء في الاول من آب عيد الجيش اللبناني، فهم التقوا بعد فراق، تحت تأثير الرياح السلبية لتأليف حكومة نهاية العهد وبداية العهد الجديد، الذي تخوف من مصيره الرئيس ميشال عون، على مسمع من شركيه المفترضين الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي، وناقشوا موقف لبنان من العرض الاسرائيلي الذي حمله الوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين، وأبلغوا انفسهم، قبل الوسيط الاميركي، أنهم ملتزمون باتفاق الاطار للتفاوض باصرار من الرئيس نبيه بري، كما أنهم تبلغوا من هوكشتاين انه عائد بعد اسبوعين الى بيروت بعد ان يكون نقل الى «الطرف الآخر» (أي اسرائيل) ما كان عليه الموقف اللبناني المتحفظ او الرافض للعرض الاسرائيلي، وذلك بعدما غادر لبنان الى اسرائيل عبر معبر الناقورة الحدودي.

وتكتم المسؤولين عما حمله الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين وتفاصيل المحادثات التي اجراها مع كبار المسؤولين وبالرغم مما نشر من معلومات وصفها، مصدر ديبلوماسي بارز بانها لاتتطابق مع الحقيقية او مجتزاة بمعظمها. ولكن اهم ماكشف عنه هو مباشرة الوسيط الاميركي، وفور انتهاء محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين، صياغة الجواب اللبناني، بكافة تفاصيله، والاتصال بالجانب الاسرائيلي، لاطلاعه على الموقف اللبناني، والسعي قدر الامكان لاختيار الوقت، لتحديد الخطوة المقبلة في غضون الايام المقبلة.

ولاحظ المصدر ان تصرف الوسيط الاميركي على هذا النحو، ينطلق من عناصر وافكار إيجابية، وينم عن اصرار أميركي واضح لتسريع خطى التحرك والقيام بكل ما يلزم للتوصل الى اتفاق سريع بين لبنان وإسرائيل بخصوص المناطق المختلف عليها.

وبدبلوماسية فائقة، تمكن الوسيط البحري الاميركي في مجال الطاقة من اعلان نتائج مهمته في بيروت، بعدما التقى الرؤساء الثلاثة مجتمعين لمدة ساعة ونصف بحضور السفيرة الاميركية دورثي شيا وكبيرة مستشاري الوسيط الاميركي نادين زعتر ومديرة الشؤون لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في مجلس الامن القومي الاميركي السيدة ليندسي ميريل والديبلوماسي في السفارة الاميركية هارلد اولشن. وحضر عن الجانب اللبناني نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ومستشار رئيس مجلس النواب الدكتور علي حمدان والمستشار الديبلوماسي لرئيس الجمهورية السفير اسامة خشاب.

وخلال الاجتماع عرض السيد هوكشتاين على الجانب اللبناني حصيلة المشاورات التي اجراها مع المسؤولين الاسرائيليين في ما خصّ مسألة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، واستمع الى موقف لبناني موحد وفق الثوابت اللبنانية المعلنة.

وبعد اللقاء سئل الرئيس بري عمّا إذا كان الاجتماع ايجابياً، فاكتفى بالقول:» إن شاء الله خير «. أما الرئيس ميقاتي فلم يدل بأي تصريح وهو يغادر قصر بعبدا مكتفياً بإشارة ايجابية من يده، فيما تحدث نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب فأكد «أن الاجواء ايجابية، وأن الفجوة في الخلافات الموجودة في هذا الملف قد ضاقت والفترة الزّمنيّة الّتي تفصلنا عن عودة الوسيط الأميركي إلى بيروت ستكون قصيرة». ولفت الى أن «الجميع كان مرتاحاً، وننتظر تحقيق ما تم مناقشته خلال الاجتماع وإن شاء الله نرى نتيجة خلال الاسابيع القليلة المقبلة في هذا المجال «.

وأجاب رداً على سؤال:» لم يَطلب منّا أحد قضم البلوكات وتمديد الأنابيب، ولبنان طالب ببلوكاته كاملة ولم يتغير شيء في موقفه، وهوكشتاين لم يعرض علينا أبدًا أيّ تقاسم للثّروة أو البلوكات أو الارباح مع العدو الإسرائيلي».

تصريح هوكشتاين

وتحدث السيد هوكشتاين الى الصحافيين فقال:» أنا ممتن للرئيس عون على دعوته الى هذا الاجتماع في حضور الرؤساء الثلاثة، وتشرفت بذلك لمناقشة هذه المسألة المهمة جداً مع ممثلي الحكومة اللبنانية، وابقى متفائلاً في مواصلة التقدم الذي حصل في هذا الملف خلال الاسابيع المنصرمة، وانتظر عودتي مجدداً وقريباً الى المنطقة للانتهاء من هذا الملف والوصول الى نتيجة».


هذا ما كشف عنه رسمياً، لكن الوسيط الاميركي اعتبر في معرض الرد على تهديدات حزب الله ان «حل هذا النزاع الطويل سيكون من خلال الدبلوماسية وعلى طاولة المفاوضات»، وفي هذا اشارة الى استبعاد اي عمل عسكري.

وردّ هوكشتاين على الرئيس بري لجهة اتهامه واشنطن بالتدخل في عمل شركة توتال وبلوك رقم 9 بالقول «شركة توتال يمكنها اتخاذ قرارات الحفر بدون الولايات المتحدة، وهي شركة خاصة، ونحن لا نقول لاحد أين يجب ان يحفر او لا يحفر.. وفي اشارة الى حقل «كاريش» قال: «هذا الحقل شهد بالسنوات الماضية نشاطاً هائلاً من دون اعاقة العمل فيه، وما يهمنا: كيف نصل الى قرار يسمح لاسرائيل بالاستمرار وللبنان بالبدء والدخول في سوق الطاقة».

وفي المعلومات، فإن الايجابية كانت سمة الموقف.

وقد عبر هوكشتاين عن ذلك كما نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب،في حين أن ما رشح من معلومات يعزز هذا التوجه ويشير إلى اقتراب الملف من خواتيمه وذلك بعد إتمام بعض التفاصيل.

وقالت مصادر سياسية مطلعة أن موقف لبنان كان واحدا اذ ابلغ الرؤساء الثلاثة الوسيط هوكشتاين بتمسك لبنان بالاقتراح الذي قدمه سابقا لناحية الخط ٢٣ وحقل قانا كاملا، كما اكدوا تمسك لبنان بكامل حقوقه النفطية.

ولاحظت المصادر أن الفجوة ضاقت وإن الوسيط الاميركي سيستكمل جهوده وانه خلال أسابيع قد يصل الرد مشيرة إلى أن ما من تقاسم للثروات في البلوكات وإن ما من أحد طلب مد الأنابيب.وعلم أن هوكشتاين لم يحمل أي اقتراح لاستخراج مشترك ولا طرح بمشاركة بالحقول الخاصة بلبنان.

وأفادت أن ما من فترة محددة لعودة الوسيط الأميركي ولكنها رجحت أن تكون ضمن اسبوعين.

واذ تكتمت عن الغوص في تفاصيل الجواب الإسرائيلي أوضحت أن الحانب الإسرائيلي لم يمانع من حصول لبنان على حقل قانا لكنه طلب الحصول على مساحة محددة من شمال الخط ٢٣.

وافادت معلومات خاصة بـ «اللواء»، ان التقدم والايجابية اللتين عبرت عنهما أجواء اجتماع قصر بعبدا بين الرؤساء عون وبري وميقاتي و الوسيط الاميركي يتمثلان اولاً بالشكل، من حيث عقد اجتماع واحد مع الرؤساء الثلاثة سوياً وسماع موقف لبناني واحد. وهو الأمر الذي لم يخفِ الوسيط الاميركي ارتياحه له.

اما في المضمون فالموقف الذي سمعه هوكشتاين من لبنان بعد عرضه الموقف الاسرائيلي، فيتركز على ثلاث نقاط:

اولاً التمسك بالخط ٢٣ كاملا بكل ما يحويه من مكامن نفط وغاز، اي ضمن مساحة ٨٦٠ كلم مربع وهو من اصول اتفاق الإطار الاولي الذي تم التوصل اليه.

ثانيا: التمسك بحقل قاما كاملا من دون شراكة مع الكيان الإسرائيلي.

ثالثا: رفض اي شراكة في عمليات الاستخراج والارباح.

اضافة الى رفض ما تردد عن منح الكيان مساحة ولو صغيرة عند طرف البلوك ٨. والتمسك بكل البلوكات الواقعة ضمن حدود لبنان البحرية.

واوضحت المصادر ان هوكشتاين لم يعرض اي مطلب اسرائيلي حول اقتطاع جزء من البلوك ٨ او المشاركة في المداخيل لكنه شرح وجهة نظر اسرائيل حول ترسيم الحدود وقدم الرؤساء الثلاثة ملاحظاتهم عليها وكانت متطابقة. وهناجرى تكتم شديد حول تفاصيل الموقف الاسرائيلي.والرد عليه. لكن فهم ان اسرائيل طلبت ضمانات بعدم تعرض منشآتها البحرية لأي اعتداء قبل انتهاء المفاوضات.

واضافت المصادر: ان الخطوة التالية لهوكشتاين هي إجراء نوع من التقاطع بين موقفي لبنان وكيان اسرائيل لتحديد نقاط التلاقي والخلاف. وهو وعد بنقل الموقف اللبناني الى الكيان والعودة بأجوبة خلال اسبوعين على الاكثر.

وخلصت المصادر الى تأكيد ما قاله هوكشتاين عن اقتراب «ردم الفجوة» وان اللقاء امس، كان من أفضل اللقاءات التي جرت منذ توقف المفاوضات. حيث حصلت خروقات جدية جرى ايضا التكتم عنها، لكنها يمكن ان تؤدي إلى نتائج ايجابية.

ولوحظ ان بو صعب اختلى مع هوكشتاين وشيا في بهو القصر فترة من الوقت قبل ان ينضما الى اجتماع الرؤساء. فيما ذكرت قناة الـ»LBC» بأنّ الإعلاميين في قصر بعبدا، رصدوا حركةً لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قبيل وصول الموفد الأميركي.

ولدى إنتهاء الاجتماع وخروج الحضور، قال الرئيس بري رداً على سؤال ان كان هناك ايجابية في ترسيم الحدود: ان شاء الله. فيما قال الرئيس ميقاتي: الامور ايجابية، اما اللواء ابراهيم فقال: «كل شي منيح».

وذكرت بعض المعلومات ان هوكشتاين أتى بطرح اسرائيلي يقضي بإعطاء لبنان حقل قانا كاملاً مقابل الدخول أكثر في الخط 23 مع أجزاء من البلوك رقم 8 وذلك وفق مسار متعرج يعتمد الخط 23 وينحرف شمالا وصولا إلى خط الوسط بين لبنان وقبرص، بما يعني ان «المقترح الإسرائيلي يمنح لبنان كامل حقل قانا مقابل حصول العدو على مساحة شمال الخط 23». لكن لبنان ابلغ الموفد الاميركي تمسكه بجميع الحقول النفطية ضمن الخط 23.

وانتقل هوكشتاين والوفد المرافق الى وزارة الخارجية حيث التقى الوزير عبد الله بو حبيب، الذي قال بعد اللقاء: هناك تقدم هائل وملحوظ، والمفاوضات لم تنتهِ بعد، لكنها سائرة.

واضاف: أنّ هوكشتاين لاحظ وقال إن الموقف اللبناني واحد. كما ان هناك أكثر من قضية نواجهها، والموقف اللبناني فيها موحد كالنزوح السوري». وأكد أنه «بدون اتفاق، لا أحد يستطيع استخراج الغاز».

ونشر موقع «إسرائيل هيوم»، مساء أمس، تقريراً أشار فيه إلى أنّ «الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين، اختتم اجتماعاته في لبنان بأجواء إيجابية».

ووفقاً للتقرير، فقد ساد تفاؤل حذر هذا الأسبوع في إسرائيل بشأن إمكانية التوصل قريباً إلى اتفاق مع لبنان بشأن مسألة الحدود البحرية، وأضاف: «على خلفية التقارير التي تفيد بأن إسرائيل ولبنان يقتربان من اتفاق بشأن الملف المطروح، قال مسؤول إسرائيلي مشارك في المفاوضات إنه على الرغم من التفاؤل الذي يبثه الجانب اللبناني، يجب انتظار وصول ردّ رسمي. في الماضي، كانت التقارير تشيرُ في حالات عدة أن الاتفاق كان وشيكاً، لكن اللبنانيين أجروا انعطافة في اللحظة الأخيرة».

وبحسب تقرير «إسرائيل هيوم»، فإنّ «لبنان الرسمي قد يكون مهتماً بالتوصل إلى اتفاق لأسباب اقتصادية، لكنّ حزب الله يحاول إفشال ذلك لأنه يحب عن مزيد من نقاط الاحتكاك مع إسرائيل»، وتابع: «على الرغم من وجود قانون دولي بشأن خطوط الحدود البحرية، إلا أنه يخضع في كثير من الحالات لتفسيرات مختلفة، وقد نشأت المشكلة التي تواجه لبنان بعد اكتشاف أن المنطقة المتنازع عليها غنية بالغاز».

وتابع: «من المقترحات التي ظهرت في المفاوضات أن تقوم شركة من دولة ثالثة بأعمال الحفر في المنطقة المتنازع عليها، على أن يتقاسم لبنان وإسرائيل الأرباح. إلا أن الجانب اللبناني عارض ذلك بسبب الخوف من أن يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها تعبير عن التطبيع مع إسرائيل. ولهذا، فإن الحل البديل الذي يتم النظر فيه حالياً يتحدث عن خط حدودي متعرج، من شأنه أن يمنح إسرائيل اتجاهاً نحو الشمال بطريقة تشمل حقل كاريش للغاز بأكمله، مقابل حصول لبنان على اتجاه موازٍ جنوباً في منطقة يحتمل وجود رواسب غاز فيها».

بدورها، ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أنّ «مسؤولين إسرائيليين أعربوا عن تفاؤلهم إزاء التحرك الأميركي لإنهاء الخلاف مع لبنان والوصول لإتفاقية بشأن الحدود البحرية».






أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024