بإيقاع سريع وخطوات متسارعة سبقها تمهيد إعلامي كثيف، أطلقت فصائل الثوار أمس معركة «فك الحصار عن حلب» بالاشتراك بين جميع الفصائل في المحافظة الشمالية من سوريا بالإضافة إلى «جيش الفتح« في إدلب، محققة في وقت سريع جداً عدداً من الانتصارات وسط انهيار كامل لقوات بشار الأسد والمليشيات المدعومة من إيران التي تساندها.

ووفق موقع «أورينت نت»، فقد شوهد الدخان الأسود الكثيف ينبعث من كل بقعة في المدينة بهدف تضليل الطيران الحربي الذي يحوم فوقها، حيث افتتحت فصائل الثوار معركتها بالهجوم جنوباً واستهداف عدة مواقع للنظام فيها على محاور السابقية وصولاً إلى الراشدين.

ووضع «جيش الفتح« خطة بديلة من أجل فك الحصار عن حلب، حسب ما قال الناطق الرسمي لغرفة عمليات الفصيل المعارض، منذ نحو 20 يوماً حين تمكنت قوات النظام من قطع طريق الكاستيلو نارياً.

ويمتد خط المعركة على 20 كيلومتراً ابتداء من السابقية وانتهاء بمدرسة الحكمة، وتشترك جميع فصائل «جيش الفتح« في هذه المعركة، حسب المتحدث.

وذكرت «جبهة فتح الشام« (جبهة النصرة سابقاً) استهدافها بعربتين مفخختين مواقع قوات النظام والميليشيات الموالية لها في مدرسة الحكمة، قبل تقدم قوات «جيش الفتح« إليها.

وأعلنت الجبهة سيطرة مجموعة من مقاتليها الذين وصفتهم بـ«الانغماسيين« على تلة مؤتة القريبة، بعد قتل العشرات من قوات النظام وهروب جماعي للميليشيات، مما أدى إلى انهيار كبير في صفوفهم، واغتنام ثلاث دبابات، بحسب تغريدات نشرها الحساب الرسمي للجبهة.

كما أعلنت حركة «أحرار الشام« السيطرة على نقاط ميليشيات قوات النظام في تلة المحبة التي تطل على قرية المشيرفة جنوب حلب، وذلك بعد كسر خطوط دفاع قوات النظام عن المنطقة، كما تم كسر سلسلة سواتر السابقية جنوب مدينة حلب.

وتمكن الثوار من السيطرة على تلة السيرياتل الاستراتيجية، كما أعلنت غرفة عمليات «جيش الفتح« عن السيطرة على تلتي أحد والجمعيات وكتيبة الصواريخ جنوب حلب، بعد قتل العديد من عناصر النظام وسط اشتباكات عنيفة وهروب جماعي من الميليشيات المؤيدة للأسد من المنطقة. 

وسيطر الثوار مساء أمس أيضا على مدرسة الحكمة وعدد من التلال المحيطة بها، وتعتبر مدرسة الحكمة مركزاً أساسياً لتجمع عناصر ميليشيا «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني، ويتم منها الانطلاق للسيطرة على مواقع الثوار بالريف الجنوبي. وتمكن الثوار من أسر 12 عنصراً من الميليشيات الشيعية في المدرسة، وقُتل خلال المعارك قائد ميليشيا الدفاع الوطني مع العشرات من عناصره.

وتحاول فصائل الثوار السيطرة على تجمعات الميليشيات التابعة للاسد في مشروع «1070» شقة في منطقة الحمدانية، حيث اقتحم الثوار المنطقة وسيطروا على محطة الكهرباء وعدة أبنية، وتم قتل أكثر من 8 عناصر من الميليشيات.

وأعلنت «غرفة عمليات فتح حلب» تمكن الثوار من تدمير دبابة متمركزة على حاجز الراموسة بمدينة حلب، كما تم تدمير قاعدة كورنيت في مبنى الأكاديمية العسكرية ومقتل 10 عناصر لميليشيات النظام، بالإضافة لتدمير مدفع عيار 14,5 على جبهة العامرية. كما دمر الثوار 3 دبابات حتى الآن في منطقة الحويز في حاجز الساتر جنوبي المدينة. 

ونقل عن الناطق باسم الثوار في مقطع مصور قوله: إن «معركة حلب ستكون من اكبر الملاحم في تاريخ الثورة السورية«، مشيرا الى أن الثوار سيعملون على فتح معابر عدّة بين الريف وحلب. وأكد الناطق أنه «إذا كانت قوات الأسد قد فتحت أربعة معابر، فإن الثوار سيفتحون كل معابر حلب«.

وقال المتحدث العسكري باسم حركة أحرار الشام أبو يوسف المهاجر في شريط مصور، إن النظام بدأ خطة حصار حلب منذ ثلاث سنوات، انطلاقاً من خناصر حتى وصل إلى طريق الكاستيلو، مضيفاً أن جيش الفتح بدأ العمل على فك الحصار عن الأهالي داخل مدينة حلب، وأن خط المعركة يمتد على مسافة 20 كيلومترا، ابتداء من ساتر السابقية حتى مدرسة الحكمة. كما أكد أن جميع الفصائل المنضوية في «جيش الفتح« مشاركة في معركة فك الحصار عن مدينة حلب.

وفي الوقت الذي كان الثوار يحققون فيه تقدماً على عدة جبهات في الريف الجنوبي من مدينة حلب، حاولت الطائرات الروسية التخفيف عن النظام والضغط على الثوار عبر قصف الأحياء السكنية في المدينة، ما أوقع عشرات الشهداء والجرحى في صفوف المدنيين.

وقال ناشطون، إن الطائرات الروسية استهدفت بعدة غارات جوية حي السكري، ما أسفر عن استشهاد 6 مدنيين وإصابة العديد من الأشخاص بجروح متفاوتة الخطورة، كا استشهد 4 بينهم أطفال ونساء في حي الأنصاري بعد غارة روسية على الأبنية السكنية في الحي.

وقتل تسعة مدنيين على الاقل بينهم طفل وصيدلي في ضربات جوية استهدفت مستشفى ميدانيا في جاسم في محافظة درعا في جنوب البلاد.

ودانت «لجنة الانقاذ الدولية» التي تقدم المساعدات لهذا المستشفى، القصف مشيرة الى «ورود تقارير موثوق بها عن مقتل زملاء لنا ومدنيين في القصف الجوي الذي استهدف مستشفى يقدم الخدمات لاشخاص يعيشون في حالة بائسة».

سياسياً، ابلغ نظام الأسد الامم المتحدة أمس انه سيشارك في محادثات جنيف المرتقبة في اب الجاري. ونقل رمزي عز الدين رمزي نائب المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا عقب لقائه وزير خارجية النظام وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد، تأكيد «الحكومة السورية موقفها من انها ستشارك في المحادثات المنتظر عقدها في خلال اسابيع بنهاية شهر اب«.

واضاف رمزي قبيل مغادرته دمشق التي كان وصل اليها صباح امس ان لقاءه المعلم تناول «بعض القضايا المتعلقة بالعملية السياسية وبصفة خاصة قضايا الانتقال السياسي وكيف يمكن جعل هذه العملية عملية ذات صدقية».

واوضح ان «هذه اللقاءات تأتي في اطار الاتصالات المستمرة بين مكتب المبعوث الخاص والحكومة السورية في ما يخص العملية السياسية وبشكل خاص عملية الانتقال السياسي كما نص عليها قرار مجلس الامن الرقم 2254».

وفي باريس، ناشد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت واشنطن وموسكو في رسالة وجهها الى نظيريه الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري «اظهار جدية التزامهما» ازاء الحل السياسي في سوريا و»بذل كل ما يلزم لمنع الفشل».

وكتب آيرولت في الرسالة ان «الاسابيع المقبلة تشكل للمجتمع الدولي فرصة اخيرة لاثبات صدقية وفاعلية العملية السياسية التي انطلقت في فيينا قبل قرابة العام». واضاف انه «من الواضح انه لم يتم تحقيق» اهداف المجموعة، مضيفا انه «ميدانياً، تم تشديد الحصار على حلب، كما ان الهجمات ضد المدنيين والبنى التحتية تضاعفت، في حين تستمر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في ظل الافلات التام من العقاب».

وتابع «سياسياً، انهارت مفاوضات جنيف بسبب استمرار تعنت النظام في حين ان المعارضة قدمت (...) اقتراحات بناءة».



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024