تبدي إسرائيل تخوفات كبيرة من احتمالات نجاح الحكومة السورية في عقد تسويات مع منظمات معارضة برعاية روسية. وقد بدأت إسرائيل في الاستعداد لمواجهة هكذا احتمال بعد الأخذ بالحسبان الجهات التي سوف تستفيد من ذلك وعواقب هذه الترتيبات. وتقوم الخشية الإسرائيلية في الأساس، على فرضية أن الاتفاق بين الحكومة السورية وبعض جهات المعارضة قد يوجه هذه الجهات للعمل ضد إسرائيل. وعدا ذلك، فإن استقرار الوضع في سوريا يقود بالضرورة إلى عدم انشغال «حزب الله» بالقتال هناك، وبالتالي توجيه جهوده ضد إسرائيل.
وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن محاولات التوصل لاتفاق بين الأطراف المتصارعة في سوريا قد تنجح. ولهذا السبب فإن الجيش الإسرائيلي يستعد لمواجهة هذا الاحتمال عبر تنسيق المواقف مع المستوى السياسي. وفي هذا الإطار أشار موقع «والا» إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال أن تتوجه جهود الجهات الإسلامية في سوريا نحو الحدود مع إسرائيل. ولهذا السبب أجرى «لواء جولاني» في الأسبوع الماضي سلسلة تدريبات في هضبة الجولان السورية المحتلة وعلى الحدود مع لبنان.
ويعتبر الجيش الإسرائيلي الحدود السورية مستقرة، على الرغم من أحداث الأسابيع الأخيرة، ومن ضمنها سقوط قذائف في الجولان. ويرد الجيش الإسرائيلي، وفق سياسته الجديدة، بعنف على كل ما يعتبره انتهاكاً «للسيادة الإسرائيلية» أو «تخطياً للخط الأحمر». وفي العامين الأخيرين هاجم الجيش الإسرائيلي موقعاً للجيش السوري بهدف شلّ البطاريات التي أطلقت منه القذائف. وفي هذه المرحلة يبدو أن المنظمات الجهادية في سوريا غير معنية بتحدي الجيش الإسرائيلي أو إطلاق النار قصداً نحو إسرائيل.
ومع ذلك، فإن قيادة الجبهة الشمالية الإسرائيلية تستعد للواقع الجديد الذي قد ينشأ بعد تسوية داخلية سورية. ولهذا الغرض وجه قائد الجبهة الشمالية، الجنرال أفيف كوخافي، لتنسيق مشروع التدريبات للألوية النظامية في المنطقة ضمن نظرية قتالية على الحدود السورية واللبنانية. وبين السيناريوهات المأخوذة بالحسبان: هجوم نشطاء إسلاميين على أراضٍ تحتلها إسرائيل عن طريق إطلاق نيران رشاشات، وصواريخ مضادة للدروع أو صواريخ وتسلل عبر الحدود. وفي مثل هذه السيناريوهات المتطرفة، سيرد الجيش الإسرائيلي بعنف.
وكان «لواء جولاني» قد أجرى في الأسبوع الماضي مناورة تتماهى مع المنطقتين السورية واللبنانية. وقد أعرب الجيش الإسرائيلي عن رضاه من طريقة تعامل الجنود مع التحديات القائمة. والمناورة انطلقت من فرضية أن معظم المواطنين في المنطقة ليسوا ضالعين في الإرهاب، وإنما فقط أقلية من نشطاء الجهاد تعمل في أوساطهم. ولهذا السبب جرى في المناورة استخدام كتيبة كاملة حاولت التشبه بتصرفات المدنيين السوريين - سكان مطلوب من القيادة على الأرض عزلهم وإبعادهم عن النار - وإجراءات القتال.
وأخذت الفعاليات في صفوف المدنيين السوريين بالاعتبار عنصراً آخر: أثناء المناورة جرى استخدام استثنائي جداً بالميكرفونات من جانب قادة يتحدثون اللغة العربية، بهدف تحذير السكان من نشاطات الجيش الإسرائيلي ضد المتمردين، الأمر الذي قد يعرض المدنيين للخطر. وفي الغالب، يتعلق الأمر بقرى لا تصنف في إسرائيل كأعداء، ويقيم فيها مواطنون سوريون أصيبوا في القتال بين المتمردين وقوات النظام السوري وتلقوا علاجاً طبياً في إسرائيل. وبين أمور عدّة أعدت الخطوة لخلق منظومة علاقات جيدة مع سكان القرى المجاورة للسياج الحدودي.
وفي هذه الأثناء يقدرون في الجيش الإسرائيلي أن الاتفاق بين الأطراف السورية سيقود بين أمور عدّة إلى تفرغ «حزب الله» للمواجهة مع إسرائيل. وترى إسرائيل أنه سبق لـ «حزب الله» أن نقل معدات وأفرادا من جنوب لبنان إلى سوريا للقتال إلى جانب النظام السوري وبقصد صد المتمردين عن بلاد الأرز. وقد طور الجيش الإسرائيلي مناورات القوات البرية، ووفقاً لذلك، تقرر تدريب القوات البرية على المناورة في أحياء مليئة بالمباني العالية التي ترتفع إلى 12 وحتى 20 طابقاً. وهم يتدربون على تطهير أجزاء منها.
وفي الشهور الأخيرة تدربت قوات الجيش الإسرائيلي على اقتحام مبان مرتفعة بغرض تعزيز أهليتها واستعدادها. وفي المقابل ستنفذ إكمالات تدريب حول الموضوع في الوحدات لنقل التجربة لكل وحدات الجيش الإسرائيلي، المطلوب منها استخدام الأسلوب نفسه أيضاً في قطاع غزة. وفضلاً عن ذلك، تقرر تعزيز المناورات اللوجستية في قيادة الجبهة الشمالية استعداداً لاحتمالات أن يكون عمق المناورة في الجبهة اللبنانية أكبر بكثير مما كان في حرب لبنان الثانية. لهذا الغرض يتطلب الأمر جهداً مشتركاً للإمداد والذخائر والعتاد والوقود انطلاقاً من بعد المسافة عن الحدود.
وكان لافتاً في الأسبوع الماضي تدرب وحدات من المارينز الأميركي مع وحدات من الكوماندو البحري الإسرائيلي «شييطت 13» على مهاجمة واسعة لشريط بحري معاد. وكانت مهمة وحدات «الشييطت» في المناورة هي اقتحام الشاطئ بسرية في ظروف بحرية عاصفة لتأمين وصول قوات المارينز التي تدخل المنطقة تحت النيران. وجرى التدرب على نقل مقاتلين وسيارات وعتاد خاص، تفاصيله لم يسمح بنشرها، من السفينة إلى الشاطئ، وبعدها إلى عمق أراضي العدو.
وشملت المناورة استخدام سفينة «سان أنطونيو» التي تحمل معدات برمائية لهجمات قوات كبيرة، مدعومة بالمروحيات وآليات مدرعة. وتعمل هذه السفينة مع المارينز في القرن الأفريقي وهي تصل البحر المتوسط مستخدمة قناة السويس. واعتبرت أوساط إسرائيلية المناورة بين المارينز و «الشييطت» نوعا من الرسالة إلى «حزب الله» في لبنان. وقد أسميت المناورة CAYA green.




أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024