كتب الصحافي إسهان ثارور في واشنطن بوست أن داعش يبدو إلى تراجع في الظاهر، إلا أن قدرته على شن هجمات خاطفة واعتداءات إرهابية حول العالم والتأثير على متطرفين عبر الإنترنت تدل على أنه بعيد من الاضمحلال.

ووفقاً لدراسة جديدة فإنه حتى لو خسر داعش كل مناطقه أو أكثرها، "فسيحتفظ بقدرته على استغلال الامتعاض السني وإثارة التوتر الطائفي خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة في سوريا والعراق وليبيا وربما أكثر".

وحملت الدراسة عنوان: "التهديد الجهادي: داعش، القاعدة وأبعد" وقد نشرها أمس معهد الولايات المتحدة للسلام، وهي منظمة غير حزبية وتمولها الحكومة الفيديرالية ومقرها واشنطن.


مستوى من الالتزام

وكان الرئيس الأمريكي أشار طوال حملته الانتخابية إلى نيته القضاء على داعش، ولكن الدراسة تكشف أن القضاء على التطرف تماماً يتطلب مستوى من الالتزام في المنطقة ونوعاً من السياسة لم يظهر ترامب حتى الان استعداده لاعتمادها.


وتخلص الدراسة التي ساهمت في وضعها الصحافية روبن رايت مع خبراء بارزين في شؤون الشرق الأوسط إلى أن "القضاء على مجموعة متطرفة لا يعطل إيديولوجيتها ولا يغير الظروف الكامنة التي أتاحت لمجموعة اكتساب زخم في البداية"، مضيفة أن "إعادة البناء وإعادة التأهيل وتحديداً المصالحة هي أمور بأهمية أي حملة عسكرية مضادة للإرهاب، في بناء القدرة الجماعية ضد جاذبية التطرف. والإخفاق في تنفيذ تلك الخطوات يشكل مشكلة دائمة".


وفي خطاب في ولاية نورث كارولاينا الأسبوع الماضي، ندد ترامب ب"الدورة المدمرة للتدخل والفوضى" التي أثارتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتحديداً بعد غزو العراق عام 2003.


وقال ترامب: "سنوقف السباق لإطاحة أنظمة أجنبية لا نعرف شيئاً عنها، ولا يجب أن نتورط معها...وبدل ذلك سنركز على مكافحة الإرهاب وتدمير داعش".


قطيعة حقيقية؟

وليس واضحاً بعد كيف ستشكل سياسة ترامب قطيعة حقيقية مع سياسة الإدارة الحالية. فبالكاد حاول الرئيس أوباما خلع الرئيس بشار الأسد التي صارت دولته المنهارة أرضاً خصبة لنشاطات داعش. 


وعلى رغم بعض الدعم الخجول لعدد من الفصائل السورية المعارضة، علق البيت الأبيض آماله للسلام في سوريا على عملية غير مثمرة من المحادثات الديبلوماسية. في غضون ذلك، شنت حرباً جوية على داعش في سوريا والعراق.


التعقيدات الجيوسياسية

ولكن الصحافي يقول إن رغبة ترامب في الابتعاد عن التعقيدات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والتركيز فقط على حل عسكري، تتجاهل الظروف التي أدت إلى صعود هذا التطرف الإسلامي. ففي كل من سوريا والعراق، أدت الأنظمة السيئة والانقسامات الطائفية العميقة في مجتمعات كان التعايش فيها من العادات الراسخة، إلى انتشار لهيب التطرف الإسلامي.


ويقول التقرير إن "تهميش التطرف يتطلب خلق مناخ سياسي يفقد فيه الجهاد جاذبيته عبر الوقت"، محذراً من اضطرابات سياسية أكثر لا أقل في السنوات المقبلة. وأضاف: "كل أنواع الحكومات تقريباً، بما فيها الديمقراطية الفتية في تونس والحكومة في مصر والجمهورية الهشة في العراق...بخطر".


ربط بين التطرف والإسلام

ومع ذلك، عزف ترامب ومستشاره الكبار على إيديولوجيا المتطرفين، رابطين بين صعوده والإسلام. ولم يتطرقوا إلى السلسلة المعقدة من العوامل الاجتماعية الواردة في التقرير والتي سببت التطرف، بما فيها بطالة الشباب وتنامي الإحباط في المجتمعات التي تعاني اقتصادات ضعيفة وسياسات خانقة.


ويلفت التقرير إلى أن "دعاية داعش توجز خصوصاً استراتيجية لتدمير التعايش السلمي داخل المجتمعات المنوعة"، مشيراً في طريقة غير مباشرة إلى خطاب مناهض للمسلمين بين السياسيين القوميين في الغرب. ويحذر من أن "العداء المتزايد حيال المسلمين في الولايات المتحدة، واللاجئين الهاربين من الحروب في الدول المسلمة، هي أمور قد تفاقم التطرف أو تدفع أولئك المتطرفين أصلاً إلى التصرف بعنف".


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024