منذ 3 سنوات | صحف / الجمهورية

 اذا كانت سلطة القابضين على الدولة قد سقطت في امتحان الثقة، ‏سواء امام اللبنانيين او المجتمع الدولي، وفي امتحان إثبات قدرتها ‏بأنها تمتلك اصلاً مؤهلات تولي زمام الحكم وادارة الدولة. واذا كانت ‏هذه السلطة قد قدمت للبنانيين وللعالم اجمع، وبجدارة لا مثيل لها، ‏انّها عنوان للعجز والافلاس الكامل، بفشلها الذريع في حلّ او فكّ ولو ‏واحدة من العقد البسيطة او المستعصية المكوّمة على طول ‏المشهد الداخلي وعرضه، فكيف لها ان تؤتمن، فيما هي سلطة ‏مريضة متهوّرة تكره نفسها وشعبها، وتمعن في قيادة سفينة البلد ‏نحو الغرق الانتحاري؟ وكيف لها ان تنجح في الامتحان الصعب الذي ‏وضعتها فيه الخطوة السعودية بمنع استيراد او عبور المنتوجات ‏الزراعية من لبنان الى المملكة وعبرها، فيما هي سلطة، وامام خلاف ‏بسيط حتى ولو كان على افضلية المرور، تجدها تتكرسح وتصاب ‏بالشلل عاجزة على ايجاد سبل فضّه؟
‏ ‏
المسألة طويلة
على ما هو واضح وأكيد من الاجواء المتعلقة بالقرار السعودي بمنع ‏الاستيراد من لبنان واستتباعاته على مستوى دول مجلس التعاون ‏الخليجي، يبدو انّ هذه المسألة ستأخذ مدى طويلا جدا، وهي ليست ‏مسألة ايام او اسابيع، كما يفترض بعض المتفائلين، بل قد تكون ‏فاتحة لخطوات اشمل ما لم يُلمس من الجانب اللبناني خطوات ‏شديدة الجدية.‏
واذا كان ثمة من يعتبر انّ الخطوة السعودية سياسية، فإنّ مصادر ‏مسؤولة تؤكد ان هذا المستجد يوجب التعاطي بحجمه وبجديته بعيدا ‏عن الغوغائية والسياسات العمياء، فدعونا لا نعلق في توصيف القرار ‏والحديث عن خلفيات سياسية او غير سياسية، هناك خلل كبير وخطير ‏مرتبط بتهريب مخدرات من لبنان إليها او عبر لبنان اليها، أشارت إليه ‏السعودية، وبالتالي هي ألقت كرة المعالجة على الجانب اللبناني، ‏واتخاذ ما يجب ان يتخذ من اجراءات رادعة ومكافحة لهذه الآفة.‏
هذا الامر، في رأي المصادر المسؤولة، يوجب استنفار كل اجهزة الدولة ‏الادارية والامنية، ومقاربته بخطوات نوعية تثبت من خلالها السلطة ‏انها جادة فعلاً في مكافحة هذه الآفة، والتشدد في اجراءات الرقابة ‏على المعابر والمرافىء، وليس الاكتفاء ببيانات او رسائل تضامن مع ‏السعودية او باجتماعات فولكلورية تتخذ خطوات وقرارات لا تقدّم ولا ‏تؤخّر.‏
‏ ‏
البخاري
وكانت لافتة في هذا السياق، تغريدة للسفير السعودي في لبنان وليد ‏البخاري، أكد فيها أنّ "أمن المملكة في ظل قيادتنا الحكيمة خط أحمر، ‏لا يُقبل المساس به".‏
‏ ‏
إجتماع بعبدا
القرار السعودي، كان محور اجتماع عقد ظهر امس في القصر ‏الجمهوري استهلّه عون معتبراً انّ "التهريب بأنواعه كافة، من مخدرات ‏إلى محروقات وغيرها من المواد يضر بلبنان ويكلفه غالياً، وعملية ‏التهريب الأخيرة إلى المملكة العريبة السعودية تؤكد ذلك". وأكد أن ‏‏"لبنان حريص على عدم تعريض سلامة أي دولة، وبخاصة الدول ‏العربية وأبنائها إلى أي خطر"، واستوضح المعنيين عن "أسباب ‏التأخير في شراء آلات السكانر لوضعها على المعابر على الرغم من ‏القرار المتخذ منذ تموز 2020 وصدور مرسوم بذلك". ودعا إلى "إتمام ‏عملية الشراء في أسرع وقت"، وطلب من "الأجهزة الأمنية التشدد في ‏مكافحة عمليات التهريب ومن يقف وراءها"، مؤكداً "حرص لبنان على ‏المحافظة على أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة وحماية ‏الأمن والاستقرار فيها".‏


واذ اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ان "الدولة ‏اللبنانية واللبنانيين لا يقبلون أي أذى للأشقاء السعوديين"، قال: "نحن ‏حريصون على أفضل العلاقات، ونحن بالتأكيد مع المملكة في محاربة ‏شبكات التهريب بفروعها اللبنانية والسعودية وخيوطها الممتدة ‏بالعديد من الدول، ومع ملاحقة المتورطين". أضاف: "نحن على ثقة ‏أن السعودية وكل دول الخليج تعرف جيداً أن التوقف عن استيراد ‏الزراعات اللبنانية لا يمنع تهريب المخدرات الذي يعتمد طرقاً مختلفة، ‏وأن التعاون بيننا يساعد على ضبط هذه الشبكات".‏


وخلص الاجتماع الى الآتي:‏
‏- التمني على السعودية "اعادة النظر في قرار منع دخول المنتجات ‏الزراعية اللبنانية الى السعودية او عبور اراضيها، مع التشديد على ان ‏لبنان كان وسيبقى الشقيق الحريص على سلامة أشقائه العرب".‏
‏- تأكيد حرص لبنان على متانة العلاقات الاخوية مع السعودية وإدانة ‏كل ما من شأنه المساس بأمنها الاجتماعي او بسلامة الشعب ‏الشقيق، لا سيما تهريب المواد الممنوعة والمخدّرة، خصوصاً ان لبنان ‏يرفض رفضا قاطعا ان تكون مرافقه طريقاً أو معبراً لمثل هذه الجرائم ‏المشينة".‏
‏- الطلب إلى المدعي العام التمييزي غسان عويدات استكمال ‏ومتابعة ما يلزم من تحقيقات لكشف كل ما يتصل بعملية تهريب ‏المواد المخدرة في شحنات الخضار والفاكهة التي دخلت الاراضي ‏اللبنانية، والجهات التي تقف وراء تصديرها إلى المملكة العربية ‏السعودية.‏
‏- إنزال اشد العقوبات بالفاعلين والمخطّطين والمنفّذين والمقصّرين، ‏وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الاجراء على أن يُصار إلى اطلاع ‏المسؤولين السعوديين على النتائج.‏
‏- الطلب الى القوى العسكرية والامنية والجمارك والإدارات المعنية ‏التشدد وعدم التهاون إطلاقاً في الاجراءات الآيلة لمنع التهريب على ‏انواعه من الحدود اللبنانية والى اي جهة كانت، لا سيما منها الشحنات ‏المرسلة الى دول الخليج، والتأكد من خلوّها من اي بضائع ممنوعة". ‏
‏- تكليف وزير الداخلية محمد فهمي التواصل والتنسيق مع السلطات ‏المعنية في السعودية لمتابعة البحث في الإجراءات الكفيلة بكشف ‏الفاعلين ومنع تكرار مثل هذه الممارسات المدانة".‏
‏ ‏
معلومات
وبحسب المعلومات، فإنّ المعطيات والمسؤوليات والصلاحيات قد ‏تداخلت في تحديد السيرة الذاتية لشركة شاحنات الرمان والمخدر ‏ومسارها، وتحول اجتماع بعبدا الذي خصّص لهذا الملف الى غرفة فك ‏أحجية هذه الشاحنات التي، وبحسب المعلومات الأولية التي حصلت ‏عليها "الجمهورية"، دخلت من الأراضي السورية الى الأراضي اللبنانية ‏عبر معبر العبودية وتوجهت بقاعاً حيث مكثت في إحدى المستودعات ‏لمدة اسبوع تم في خلالها نقلها من الشاحنات السورية الى الشاحنات ‏اللبنانية، ثم سلكت طريقها الى مرفأ بيروت قبل ان تأخذ وجهة مرفأ ‏جدة بعد أخذها شهادة المنشأ من غرفة الصناعة والتجارة ومصدقة ‏من وزارة الزراعة.‏


وهنا طرحت علامات الاستفهام الكبرى عند اكتشاف هوية الشركة ‏التي تبين انها وهمية، وبرز اسم شركة الأرز قبل ان يتم سحبه مجدداً، ‏وقد حصلت الشركة الوهمية المسجلة على رخصة استيراد وتصدير ‏وجرى تسجيلها في غرفة التجارة والصناعة والزراعة التي تتبع لوزارة ‏الاقتصاد كسلطة وصاية. الغرفة التي يفترض ان تكون قد اعطت ‏شهادة منشأ لم يتبيّن في الداتا الخاصة بها ان هذه الشهادة أعطيت ‏منها خلال التاريخ الذي تم فيه تصدير البضاعة، وبناء على شهادة ‏المنشأ صدق موظف وزارة الزراعة الاوراق التي أرسلت الى الجمارك ‏للشحن. مدير الجمارك بالانابة الذي حضر الاجتماع اكد انّ البضائع لم ‏يتم الكشف عليها لعدم وجود السكانر، وجرى فحصها عينيّاً، ولوحِظ إمّا ‏غياب وإمّا تداخل لأرقام الشحنة وتواريخها تماماً كما ضاعت هوية ‏الشركة الوهمية واصحابها.‏


مدّعي عام التمييز عرض المعلومات الاولية المتعلقة بهذا الملف، ‏واكد ان التحقيق جارٍ مع كل الجهات التي ساهمت في نقل البضائع ‏من سائقين واصحاب المستودعات لمعرفة مَن كلّفهم، وكشف عن ‏خيوط يتم تتبعها ليست واضحة تماما لأنها تحتاج الى عملية تدقيق ‏اكثر لمعرفة الامتدادات الاكبر لها والابعد من لبنان الى سوريا، وقال ‏انّ هناك معلومات لا يمكن الكشف عنها لأنها قيد التجميع، ويجري ‏التنسيق مع السلطات السعودية وهناك تعاون لبناني - سعودي ‏لكشف هذه الشبكة من سوريا الى لبنان الى السعودية.‏
وزير الصناعة أبدى خشيته من ان تنعكس هذه الحادثة على الصادرات ‏الصناعية في ظل الفلتان الحاصل وتشويه سمعة لبنان لدى الخارج.‏


وبَدت الصدمة والمفاجئة على وجه رئيس الجمهورية العماد ميشال ‏عون عندما اكتشف انّ ماكينات السكانر التي تم الموافقة عليها في ‏‏20 تموز الماضي، اي قبل انفجار المرفأ، لم يجر تركيبها بعد بسبب ‏تأخير التلزيم، وسأل وزير المال الذي اكد له ان الملف موجود في ‏ادارة المناقصات فطلب منه مراجعتها، وكان تلميح الى انّ اعتمادات ‏هذه الماكينات ليس من المؤكد انها متوفرة.‏
ثم تحدث رئيس مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم ترشيشي، فأكد ان ‏العلاقة مع المملكة العربية السعودية عمرها اكثر من 50 سنة لم ‏يحصل فيها اي مشكل، وان عمليات الاستيراد والتصدير كانت تتم ‏بانتظام من دون شوائب، وحذّر من استغلال اوضاع المعابر وفلتانها ‏لتهريب بضائع ما يمكن ان يؤدي الى مضاربات في سوق الاستيراد ‏والتصدير. كما لفت الى انّ هناك بضائع عالقة معدّة للشحن غير ‏معروفة المصير، ومنتجات وصلت أصلاً الى المملكة العربية ‏السعودية عالقة ولم يتم السماح لها بالعبور، وهذا سيشكّل خسارة ‏كبيرة على القطاع الزراعي في لبنان.‏


مصادر المجتمعين افادت "الجمهورية" انّ هذا الاجتماع هدف للقول ‏للمملكة العربية السعودية: نحن هنا ولم نسكت على الذي حصل. ‏واكدت ان هذه العملية لها شبيهاتها في عمليات التهريب التي تحتاج ‏الى إجراءات امنية مشددة وتعاون سلطات الدول الامنية والقضائية ‏المهرّب منها وإليها. فحتى البيان، تقول المصادر، كان محضّراً مسبقاً ‏وتقاذف المسؤوليات اثبت ان لا رواية رسمية حول حقيقة هذه ‏التهريبة، كما برز تصويب كل جهة على الاخرى وفق اللعبة المتبعة ‏بكل شيء في لبنان وهي التسييس. وقال مصدر امني لـ"الجمهورية" ‏هذه العمليات من الصعب اكتشافها، علماً أنّ لبنان بلّغ السعودية في ‏العام 2021 بـ 7 عمليات تهريب لكميات هائلة من حبوب الكبتاغون تم ‏ضطبها في لبنان كانت متوجهة الى المملكة، منها 15 مليون حبة في ‏عملية تهريب واحدة عبر آلات منشار البلاط كبيرة لم يتم ذكرها او ‏شكر لبنان على ضبطها، وعملية الكبتاغون في الرمّان قدّرت بـ60 الف ‏حبة رمان احتوت على 1000 حبة رمان مضروبة، اي ما نسبته 1 % في ‏شحنتين كل شحنة توزّعت على 2 كونتينر، وفي كل رمانة مضروبة تم ‏وضع بين 1500 و2000 حبة كبتاغون داخلها، واذا قدّرنا الكيلو بـ 5500 ‏حبة كبتاغون فهذا يعني أنّ هاتين الشحنتين تحتويان على مليونين ‏و700 حبة كبتاغون. وكشف المصدر انّ السلطات السعودية لم تزوّد ‏بعد الجهاز الامني المختص بالتهريب بمعلومات دقيقة حول الشحنة، ‏متخوّفاً من ان تكون نتائج هذه العملية ليست قصة كبتاغون برمّانة ‏بل قصة قلوب مليانة.‏


رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم ترشيشي قال ‏لـ"الجمهورية" انّ هناك 40 شاحنة تصدير للفواكه والخضار معلقة ‏على المعابر بين مرفأ بيروت ومرفأ جدة، وهناك بواخر وشاحنات تعبر ‏المرافق البرية وتقدّر هذه البضائع بحوالى مليوني دولار، وستقع ‏خسائر فادحة على المزارعين في حال تُلفَت ولم تصل الى البلد ‏المستورد لها. واكد ترشيشي انّ هذه الشركة المصدرة هي المرة ‏الاولى التي تتعاطى بتجارة لفواكه والخضار، وأنّ اوراقها وشهادات ‏منشئها كلها اتضحت انها مزورة، وهي ليست من بين الشركات التي ‏اعتادت الاستيراد والتصدير الى الخليج العربي عبر الخسمين سنة ‏الماضية، وهي شركات متعارف عليها لم تخطئ يوماً ولا تخطئ، بينما ‏هي الآن تتحمل مسؤولية هذه الشركة الوهمية الجديدة التي قامت ‏بعملية التهريب هذه بأوراق مزوّرة.‏
وفي معلومات "الجمهورية" انه تم توقيف 4 اشخاص بينهم شخصان ‏على صِلة بتلك الشركة، وهما من آل سليمان.‏
ولفتت مصادر المعلومات انه تم تكليف مكتب مكافحة المخدرات في ‏المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بالقضية بإشراف مدعي عام ‏التمييز القاضي غسان عويدات. وهو مَن اعطى عصر امس اشارة ‏قضائية الى القوى الامنية لختم المستودع الذي أفرغت فيه شحنة ‏الرمان في تعنايل من سوريا عبر محطة اولى جرت في 8 نيسان في ‏منطقة الخيارة البقاعية ايضاً، قبل إعادة توضيبها بعد ضَم الدفعة ‏الثانية منها في 14 نيسان على الطريقة اللبنانية بنيّة تزوير مصدرها ‏الحقيقي. فلبنان لا يمتلك إنتاجا كافيا ومستفيضا عن حاجات السوق ‏المحلية لتصديره، وخصوصاً من الصنف الذي وصل الى المملكة.‏
‏ ‏
‏1000 رمانة محشوةّ من 60 الف رمانة
الى ذلك توصّلت التحقيقات التي اطلعت عليها "الجمهورية" الى ان ‏الشحنة ضمت 60 الف رمانة ومن بينها 1000 رمانة تم حشوها ‏بالمخدرات، وهي من الحجم الكبير الذي تتميز به الزراعات السورية من ‏هذا الصنف. ويمكن ان يصل وزن كل واحدة منها ما بين 680 غراماً ‏و750 غراما، وقد تم جمع حوالى 2000 حبة في كل رمانة.‏
‏ ‏
معلومات امنية ووزراية
وفي معلومات "الجمهورية" نقلاً عن القادة الامنيين انهم اجمعوا ‏على رواية حددت الخلل الواقع في الشحنة المهرّبة بـ"تأشيرة وزارة ‏الزراعة على اساس انها بضاعة لبنانية". كما انها لم تدخل عن طريق ‏‏"الترانزيت" كما يفترض، بل افرغت حمولتها في البقاع وتحديدا في ‏بلدة الخيارة وتعنايل، واعيد نقلها في برادات الى مرفأ بيروت ومنها ‏الى الباخرة فميناء جده. وعلمت "الجمهورية" ان وزير الزراعة حمّل ‏المسؤولية الى غرفة التجارة والصناعة والزراعة التي تعطي شهادة ‏المنشأ وتصدق عليها وزارة الزراعة، لافتاً الى ان وزارة القتصاد هي ‏التي تمارس الوصاية على هذه الغرفة.‏
‏ ‏
آلية عمل فهمي
وتحدثت المصادر المطلعة في تفسيرها لمهمة فهمي، فلفتت الى ان ‏تكليفه تم من خلال خطة يمكن ان تؤدي الى سفره الى المملكة ‏العربية السعودية حاملاً معه نتائج التحقيقات التي بوشرت على ‏الفور، ليوضح للسلطات السعودية المعنية مختلف جوانب القضية ‏على ان يكون مدعوما بما تستحق المهمة من دعم ديبلوماسي ‏وسياسي.‏
‏ ‏
فهمي متوجهاً الى السعوديين
وفي اول موقف له بعد تكليفه التوجّه الى السعودية، قال الوزير ‏فهمي عبر محطة "الحدث": "نحن حريصون على احترام الأمن ‏القومي والمجتمع السعودي ونتمنى حل الأزمة مع السعودية وعودة ‏التصدير". مشيرًا إلى "أن كل الشحنات التي ستخرج من لبنان ‏ستخضع لتفتيش دقيق"، وكاشفاً أن مكتب مكافحة المخدرات يحقق ‏مع 4 متورطين في شحنة الكبتاغون".‏
‏ ‏
يحفّز على التشكيل
وفي موازاة الآثار الكارثية التي يُرخيها القرار السعودي على القطاع ‏الزراعي، ومن خلاله على الوضع الاقتصادي العام، فإنّ مصادر ‏سياسية تعتبر ان ما استجد على هذا الصعيد كان يجب ان يشكل ‏حافزا جديا للاطراف المعنية بتشكيل الحكومة، للتعجيل في تشكيل ‏هذه الحكومة، فأي إجراء يتخذ في جَو تصريف الاعمال يبقى بلا اي ‏تأثير او مفعول جدي، بل يتطلب حكومة قادرة على اتخاذ القرارات، ‏خصوصاً انّ الاجراء السعودي، اذا تعذّرت معالجته بالطريقة التي تريح ‏السعودية، سيفتح جرحا اضافيا وكبيرا في الاقتصاد، لن يكون دمله ‏سهلاً على الاطلاق.‏
ولعل ما يفترض ان يشكّل محفِّزا اساسيا على تشكيل حكومة سريعا، ‏هي الاجواء السابقة للشهر المقبل، وما قد يشهده من تداعيات قد ‏تتأتى عن توجه مصرف لبنان الى رفع الدعم نهائياً في اواخره. واذا ‏كان ثمة من راهن على ان البطاقة التموينية التي يجري الحديث عنها ‏كعامل مخفف من وطأة رفع الدعم، فإنها ما زالت محل خلاف ولا ‏امكانية لإتمامها لا الآن ولا في المدى المنظور.‏
وفي رأي مصادر امنية مسؤولة اكدت لـ"الجمهورية" ان مسؤوليتها ‏توجِب عليها مصارحة اللبنانيين بأنّ الوضع دقيق جدا وليس مطمئنا، ‏والاحتمالات كلها موجودة، وهناك حالة تفكك حاصلة على كل ‏المستويات، وستتفكك الامور اكثر ان لم يُصَر الى تشكيل حكومة ‏اليوم قبل الغد.‏
‏ ‏
في آخر الجدول
وربطاً بذلك، اكدت مصادر سياسية موثوقة لـ"الجمهورية" انّ "ملف ‏تشكيل الحكومة صار في آخر الجدول، وكل الاطراف سلّمت باستحالة ‏تشكيل الحكومة في هذا الوقت. وبالتالي، مع هذا الاقفال، وهذا ‏العداء المستحكم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس ‏المكلّف سعد الحريري، ومع فشل جهود التقريب بينهما، وغياب ‏المبادرات الجدية لتسهيل تشكيل حكومة، ففي أحسن تقدير إنّ ‏الحكومة لن تتشكل قبل الخريف المقبل، إذا كانت ثمة امكانية ‏لتشكيلها بعد".‏
واذا كان الكل متفقون على ان تشكيل الحكومة قد رحّل مسافات ‏زمنية الى الامام، الا انّ اسباب التعطيل ما زالت متضاربة بين اطراف ‏التعطيل:‏
‏- بين قائل بخلاف داخلي حصراً حول بعض التفاصيل الحكومية، ولا ‏سيما ما يتعلق بتسمية الوزيرين المسيحيين الفائضين عن حصة ‏رئيس الجمهورية في هذه الحكومة.‏
‏- وبين قائل انّ عقد التعطيل خارجية وهي ان ايران هي التي تعطل ‏الحل، ولا تريد حكومة في لبنان، وفي زمن بداية المفاوضات مع ‏الاميركيين، هي ليست جاهزة بعد لتسهيل ولادة الحكومة. وبالتالي، ان ‏‏"حزب الله" في هذا التوجه، وعون وفريقه مطمئنان لوقف الحزب ‏وايران ومن هنا يمضيان في تعلية الشروط، ورفع نبرة التصعيد في ‏وجه الرئيس المكلف... مع الاشارة هنا الى انّ خصوم الحزب يؤكدون ‏هذه المقولة، فيما الحزب ينفيها ويؤكد دخوله على خط الوساطات ‏لصياغة تفاهم بين الرئيسين عون والحريري.‏
‏- وبين قائل انّ السعودية تعطّل الحكومة وهي التي تمنع وتمنح. أي ‏انها تمنع الحريري من تشكيل حكومة، وهي ان شاءت تمنحه الإذن ‏بالتشكيل. في هذا المجال تقول مصادر واسعة الاطلاع: هناك إمعان ‏لبناني في المبالغة في تقدير الموقف السعودي من الملف ‏الحكومي.. اولاً، يجب العودة الى الكلام الاخير قبل اسابيع قليلة لوزير ‏الخارجية السعودية الذي حدد فيها حقيقة موقف المملكة من تشكيل ‏الحكومة. وثانياً، لم يسجل اي دخول سعودي مباشر او غير مباشر على ‏الخط الحكومي. وثالثاً، هل ان الحريري استطاع ان يشكل حكومة ليقال ‏ان السعودية منعته، وهل هو قادر في الاساس على ان يشكل حكومة ‏في ظل حفلة الهستيريا السياسية التي يشهدها الملف الحكومي منذ ‏عدة اشهر؟.‏
‏ ‏
الراعي عند عون
ولقد حضر الملف الحكومي اضافة الى ملف التهريب والقرار ‏السعودي في اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية بالبطريرك الماروني ‏الكاردينال مار بشارة الراعي في القصر الجمهوري امس، حيث اكد ‏الراعي بعد اللقاء انه "لا يوجد مبرر اساسي لعدم تشكيل حكومة في ‏ظل الواقع الراهن"، مشدداً على ضرورة "عدم التراشق بالمسؤوليات ‏لأنّ ذلك لن يشكل حكومة بل يزيد من حدة المشكلات".‏
ولفت الى انّ "الحكومة هي العمود الفقري للدولة، ولا يجوز غيابها ‏في هذه الأيام، فأكثر من نصف الشعب اللبناني أصبح فقيراً"، مشدداً ‏على أن "لبنان لا يمكن أن يكون معبراً للتهريب الذي يفقد وجهه ‏الحضاري".‏
وقال ان موضوع التهريب الذي يشوّه وجه لبنان كان من المواضيع ‏التي طرحت خلال اللقاء، لا سيما أنّ لبنان اصبح معبراً للمخدرات ‏ولتهريب حبوب الكبتاغون الى الخليج عبر السعودية التي اقفلت ‏الباب بوجهنا". واضاف: "نحن لا يمكننا تحمّل الخسارة، فأجهزة الدولة ‏مسؤولة، ولكن اين هي اجهزة الرقابة؟ لا يمكن ان يشكل لبنان مركزاً ‏للتهريب وتبقى حدوده الشرقية والشمالية مفتوحة دخولاً وخروجاً. ‏لذلك لا يمكن للبنان ان يكون معبرا، كما رأينا بالامس الى السعودية ‏وبعدها الى اليونان".‏
‏ ‏
أمل: إنحلال الدولة
وأعلنت حركة أمل، في بيان لمكتبها السياسي امس، اننا "في لبنان ‏نرى طيفاً من السياسيين الذين يعملون على انحلال الدولة وتعطيل ‏مؤسساتها وشَل دوائرها في كيدية ونكد، يضع مصير الوطن والدولة ‏في مهب الريح، وهذا التعطيل المتعمّد يضع لبنان في دائرة ‏الاستهداف والمواقف الصعبة في علاقاته الإقليمية والدولية، وإنّ ‏الانهيارات المتتالية التي يعيشها الوطن تنذر بأخطار انهيار الثقة ‏بالمؤسسات".‏
اضاف البيان: "لم يعد مُجدياً القول بضرورة تشكيل الحكومة، بل ندعو ‏إلى تحكيم الضمير الوطني، بل الضمير الفردي المَحض عند ‏المسؤولين عن ملف التعطيل الذي يكاد يعطّل حياة اللبنانيين ‏ويشلّها. وتحذّر الحركة من التعايش مع فكرة التسويف والمماطلة ‏بتشكيل حكومة تنهي مأساة اللبنانيين الذين حَوّل العناد والتعنّت ‏وطنهم من بلد الريادة والإبداع إلى بلد التسوّل".‏
‏ ‏
رؤساء الحكومات
في هذا الوقت اعتبر الرؤساء السابقون للحكومات: نجيب ميقاتي، ‏تمام سلام وفؤاد السنيورة، بعد اجتماع عقدوه صباح اليوم عبر تقنية ‏زوم، أنه "لم يعد من الممكن السكوت على تمادي الإمساك بخناق ‏الوطن، وعلى وقائع التخريب الذي يحدث على الأرض في لبنان الذي ‏ينتهج أسلوب تجويف ما تبقّى من المؤسسات الدستورية والإدارات ‏والأجهزة الحكومية وسط الأزمة الشاملة والانهيار الكبير الذي يعصف ‏بالمواطنين والوطن. وهو ما يدلّ على انّ هناك سياسة متعمدة ‏تهدف إلى تهديم هياكل الدولة اللبنانية لصالح أجندات ومشاريع ‏أصبحت لا تخفى على أحد". واعتبروا أنّ "اللبنانيين لا يستطيعون ان ‏يصمتوا الى ما لا نهاية على عرقلة تشكيل الحكومة، ووقف ‏التشكيلات القضائية، وتشجيع القضاة المتحزبين على خرق القانون ‏وعلى ترك الحدود سائبة، والانغماس في سياسة المحاور التي ‏أحكمت الحصار على لبنان، وحالت دون إجراء الإصلاحات بما أدى الى ‏تشويه السمعة المالية للدولة اللبنانية والى انهيار للمؤسسات ‏العامة والخاصة وللبنان ككل، ولإطلاق الفوضى الشارعية، والتعرّض ‏للجيش والأجهزة الأمنية". واكدوا "انّ استمرار الغلو في هذا النهج ‏المدمّر يؤدي الى اندثار الدولة التي هي الضمانة الوحيدة لجميع ‏المواطنين من دون تفرقة".‏
‏ ‏
طعن قوّاتي
من جهة ثانية، قدّم أعضاء تكتل "الجمهورية القوية" النواب جورج ‏عقيص، ادي أبي اللمع وبيار بو عاصي، الى المجلس الدستوري امس، ‏مراجعة طعن بالقانون الرقم 215 حول منح مؤسسة كهرباء لبنان ‏سلفة خزينة عبر الاقتطاع من الاحتياط الالزامي لسنة 2021 تاريخ 8-‏‏4-2021 المنشور في الجريدة الرسمية تاريخ 15 - 4 - 2021.‏
‏ ‏
عون وليشع
وليلاً، حضرت المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة ‏عون الى مبنى شركة مكتف للصيرفة في عوكر، ثم غادرت بعد ‏مكوثها في المبنى لمدة نصف ساعة تقريباً. وكان قد سبقها القاضي ‏سامر ليشع الى مقر الشركة، للكشف على مكاتبها والمداخل ‏المختومة بالشمع الأحمر.‏


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024