منذ 3 سنوات | لبنان / نداء الوطن

كتبت صحيفة " نداء الوطن " تقول : عاد التحقيق العدلي إلى مربع درس الملف ومراجعة المستندات والإفادت والمعطيات، وهو ‏مسار سيستغرق بحسب تقديرات المحقق الجديد القاضي طارق البيطار "نحو أسبوعين" كما ‏صارح أهالي شهداء انفجار المرفأ أمس. وإذا كان طمأن الأهالي إلى أنه لن يخضغ لأي ‏ضغوط سياسية إنما يعتزم استكمال تحقيقاته من حيث انتهى سلفه القاضي فادي صوان، يبقى ‏الامتحان الأبرز على طاولته، هو كيفية تعاطيه مع ملف الاستدعاءات التي سطّرها صوان ‏بحق المدعى عليهم من الشخصيات السياسية والأمنية والتي كانت السبب الأساس في الإطاحة ‏به وخلعه عن كرسي التحقيق العدلي‎.

وبانتظار قرار المحقق العدلي إزاء هذه الاستدعاءات ليُبنى على تقويم أدائه مقتضاه، تواترت ‏معلومات مستقاة من أروقة قصر العدل خلال الساعات الأخيرة، تشي بأنّ الاتجاه الأغلب هو ‏أن يعمد القاضي البيطار إلى التنصل من هذه الاستدعاءات والادعاءات التي طاولت رئيس ‏حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ‏ويوسف فنيانوس، عبر تسليمه بنظرية الطبقة الحاكمة القائلة بأنّ القضاء غير ذي صفة في ‏استدعائهم وأنّ ملاحقتهم تعود الصلاحية فيها إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء‎.

وعليه، تفيد المعلومات نفسها بأنّ المحقق العدلي الجديد بصدد إحالة ملف الاستدعاءات برمته ‏إلى المجلس النيابي كما كان قد طالب رئيس المجلس نبيه بري، وإيداعه الأمانة العامة ‏للإطلاع على المستندات التي يتضمنها وتم تأسيس الادعاءات بموجبها على دياب وخليل ‏وزعيتر وفنيانوس لإجراء المقتضى الدستوري بشأنها، على أن يصار بعدها إلى تقرير ‏مصيرها لناحية السير فيها عبر إحالتها إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء أو ‏اعتبارها غير مكتملة العناصر لتأييد الادعاء ولا تستوجب تالياً اتخاذ الإجراءات البرلمانية ‏اللازمة بشأنها‎.

وفي هذا السياق، ترى مصادر قانونية أنّ "الضغط السياسي الذي كفّ يد القاضي صوان عن ‏ملف تحقيقات انفجار المرفأ لن يتوقف قبل طيّ صفحة ادعاءاته واستدعاءاته لشخصيات ‏سياسية وأمنية نافذة وجعلها "في خبر كان"، وهذا ما لن يتحقق إلا باستعادة مجلس النواب هذا ‏الملف ووضعه في أدراجه أو دفنه في مقابر اللجان"، معربةً عن قناعتها بأنّ "الطبقة السياسية ‏الحاكمة ستدفع بكل ما أوتيت من نفوذ وسطوة على القضاء باتجاه حصر مفاعيل التحقيقات ‏بانفجار المرفأ بالشق التقني دون التوسع إلى الكشف عن الأبعاد الجنائية وراء عملية شحن ‏وتفريغ وتخزين وتهريب شحنة نيترات الأمونيوم، والحؤول دون التوصل إلى الجهات ‏اللبنانية وغير اللبنانية المسؤولة عن ذلك‎".

ولأنّ الانطباع الأغلب الأعمّ في البلد يؤكد أنّ السلطة القضائية لن تستطيع التصدي للهجمة ‏السياسية الهادفة إلى طمس الحقيقة في جريمة انفجار 4 آب، فقد بدأت كرة المطالبة بتحقيق ‏دولي في الجريمة تتدحرج على الساحة الداخلية حيث بلغت رسمياً أمس قنوات الأمم المتحدة، ‏من خلال تسليم تكتل "الجمهورية القوية" عريضة نيابية إلى نائبة المنسق الخاص للأمم ‏المتحدة في لبنان نجاة رشدي والمفوضية السامية لحقوق الانسان، تطالب الأمين العام أنطونيو ‏غوتيريش بتشكيل لجنة تقصي حقائق دوليّة بهدف معرفة الحقيقة كاملةً عن انفجار مرفأ ‏بيروت وذلك "لانعدام الثقة لدى الناس بالتحقيق المحلي وبتمكنه من كشف الحقيقة كما هي، لا ‏سيما في ظل العراقيل التي يتعرض لها". ونقل الوفد النيابي الذي سلّم العريضة لرشدي ‏‏"تفهمها لمضمونها" الذي يعبّر عن خشية أكثرية اللبنانيين من عدم حيادية التحقيق المحلّي ‏وعجزه عن الوصول الى الحقائق الدامغة وجلب المرتكبين إلى العدالة، مجددةً "تأكيد الامم ‏المتحدة على مطالبتها بتحقيق حيادي مستقل وشفاف وسريع يوصل أهالي الضحايا الى ‏الحقيقة‎".

قضائياً أيضاً، استرعى الانتباه الادعاء المشدد الذي أصدرته النيابة العامة العسكرية بحق ‏الموقوفين والمخلى سبيلهم في تظاهرات طرابلس الأخيرة بتهم "تأليف عصابات مسلحة ‏وإرهاب" سنداً إلى مواد قانون العقوبات وقانون مكافحة الإرهاب، والتي تصل عقوبة الجرائم ‏المنصوص عنها فيها إلى الأشغال الشاقة المؤبدة‎.

وبينما أتى وقع الادعاء صاعقاً على الثوار وأهالي الموقوفين، لاحظت مصادر مواكبة للملف ‏أنه يقع في خانة مخطط "شيطنة" طرابلس المستمر وسعي السلطة إلى "ترهيب نشطاء الثورة ‏وتطويق تحركاتهم تحت طائل وصمهم بتهمة الإرهاب"، مشيرةً إلى انّ كل المؤشرات تفيد ‏بأن هناك سعياً دؤوباً لتكريس "نظام بوليسي" في البلد، حيث يصار إلى الكيل بمكيالين في ‏مقاربة التحركات الميدانية في الشارع. فمن جهة يتم التعامل مع أي تحرك في الشارع ‏الطرابلسي تحديداً وفي عموم المناطق النشطة في الحراك الثوري على أساس أنه تحرك ‏تخريبي يصار فوراً إلى قمعه أمنياً وقضائياً، بينما على المقلب الآخر يتم وضع كل ما تقوم به ‏المجموعات الداعمة لأحزاب السلطة ضمن إطار "ردود الأفعال الشعبية العفوية" رغم كل ما ‏يخلفه فعلياً تحرك هذه المجموعات من إرهاب وترهيب للمواطنين واعتداءات وحرق وتكسير ‏للممتلكات العامة والخاصة، ناهيك عن الاشتباكات المسلحة التي تستخدم فيها القذائف ‏الصاروخية على مرأى ومسمع من القوى الأمنية والعسكرية والقضائية، من البقاع إلى ‏الليلكي، من دون حسيب ولا رقيب ولا حتى "قصقوصة" إدعاء أو إدانة‎.‎


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024