منذ 3 سنوات | لبنان / الشرق الأوسط

كتبت صحيفة " الشرق الأوسط " تقول : يدخل لبنان في حالة من الترقُّب السياسي لن تطول، وتتوقّف على رد فعل ‏الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حيال المكاشفة التي أطل بها الرئيس المكلّف ‏تشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري على اللبنانيين، شارحاً فيها ما آلت إليه ‏مشاورات تأليف الحكومة مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي لا يزال يوصد ‏الأبواب أمام تسريع ولادتها، وهذا ما انتهى إليه اجتماعهما الجمعة (الماضي)، ‏والذي أعادها إلى نقطة الصفر رغم الجهود التي بذلها ماكرون وأدت إلى ‏معاودة التواصل بينهما‎.



فالذين توقّفوا ملياً أمام إصرار الحريري في مكاشفته، على المضي في تحمُّل ‏مسؤوليته بتشكيل الحكومة وتأكيده بأنها ستتشكّل في نهاية المطاف، لم يكن في ‏وسعهم سوى السؤال عن الأوراق السياسية التي هي بحوزة الرئيس المكلّف؟ ‏وما إذا كانت بمثابة رافعة له تدعوه للتفاؤل في ولادة الحكومة؟‎



ومع أن الحريري يحتفظ لنفسه بهذه الأوراق، فإن المصادر المواكبة لردود ‏الفعل الأولية على مكاشفته تؤكد لـ"الشرق الأوسط" أنه لم يتوجّه إلى بعبدا للقاء ‏عون من باب المجاملة ومراعاة منه لرغبة ماكرون، وإنما لاختبار مدى ‏استعداده للتعاون على قاعدة أنه قرر الاستجابة عملاً لا قولاً لمضامين المبادرة ‏الفرنسية‎.



وتلفت المصادر إلى أن ماكرون كان مهّد للقاء الحريري - عون باتصال أجراه ‏بالأخير، وتقول إن الرئيس الفرنسي لن يبقى مكتوف اليدين حيال التصلُّب الذي ‏أبداه عون برفضه إخراج عملية تأليف الحكومة من المراوحة كأساس لفتح ثغرة ‏في الحائط المسدود الذي تصطدم به، وبالتالي فإن الحريري أراد أن يقتحم سلمياً ‏قصر بعبدا لعل ساكنه يبادر إلى مراجعة حساباته وصولاً إلى تزخيم المشاورات ‏لتسريع ولادة الحكومة‎.

وتؤكد أن الحريري نسّق مع ماكرون في كل شاردة وواردة تتعلق بالعُقد التي لا ‏تزال تؤخر تشكيل الحكومة، خصوصاً لأنه بات على معرفة بكل التفاصيل، ‏وتقول إنه لن يبقى صامتاً وسيكون له الموقف المناسب على ضوء معرفته ‏للجهة التي تعرقل ولادة الحكومة، وهذا ما سيُظهره إلى العلن في غضون أيام ‏معدودة‎.



لكن هذه المصادر تفضّل عدم استباق موقف ماكرون الذي سيصدر عن ماكرون ‏سواء عنه مباشرة أو عبر فريقه الذي يعاونه في التواصل مع الأطراف الرئيسة ‏لتذليل العقد التي تعترض عملية التأليف، وتراهن على أنه سيضع النقاط على ‏الحروف بعد أن أمهل المعنيين بتأليفها لعل عون يتهيّب منذ الآن رد فعل باريس ‏الذي لن يكون عاديا‎.

وتعتبر أن مبادرة الحريري للإعلان عن اللائحة الملوّنة التي تسلّمها من عون ‏وتضم مجموعة من الأسماء التي رشّحها لدخول الحكومة إن دلّت فإنها تدل على ‏أن صاحب اللائحة ليس في وارد التعاون معه لتشكيل الحكومة، رغم أنه حاول ‏تقديم ما ورد فيها من معلومات - وبحسب مكتبه الإعلامي - على أنها مغلوطة ‏وغير صحيحة‎.

فردّ عون على اللائحة الملوّنة هو أشبه بـ"الفيديو" الذي سُرّب واتهم فيه ‏الحريري بالكذب من دون أن يتجرّأ على نفي الأسماء الواردة فيها، وإن كانت ‏مصادره حاولت أن تخفف من وطأتها بقولها إنها ليست نهائية، وكانت بمثابة ‏محاولة لتجميع عدد من أسماء المرشحين‎.



وفي هذا السياق، تؤكد المصادر نفسها أن ما حملته اللائحة الملوّنة يوحي بأن ‏من أعدها ليس في وارد التعامل بجدية مع المحاولات الرامية لتشكيل الحكومة ‏أو بات على استعداد للتعاون مع الرئيس المكلف، وإلا لماذا قصد إدراج ‏مجموعة من الأسماء النافرة فيها؟‎



وتقول بأن من أعد مثل هذه اللائحة ليس في وارد التعاون مع ماكرون لإنجاح ‏المبادرة الفرنسية، وإلا ما هو سر الاتصال بين أحد أبرز الوجوه في تياره ‏السياسي بنائب وزير الخارجية الروسي الممثل الخاص للرئيس فلاديمير بوتين ‏في دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، وإن كان تردد بأن ‏رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل هو من تولى الاتصال به‎.



وتؤكد المصادر أن الروسي كان واضحاً لجهة عدم وجود نية لدى موسكو ‏لإطلاق مبادرة تتعارض مع المبادرة الفرنسية التي تؤيدها وتدعو للتعاون من ‏أجل إنجاحها من قبل عون الذي هو رئيس لكل اللبنانيين وليس لفريق من ‏المسيحيين، خصوصاً أن الرئيس المكلّف يُبدي حرصه على التفاهم معه ولا نية ‏لديه للاعتذار‎.



وكشف أن عون يصر على الثلث الضامن في الحكومة، وتساءل من يقف وراء ‏الستار لدعمه في مطلبه الذي يرفضه الحريري؟ وأين يقف "حزب الله"، ومدى ‏صحة ما يقال بأنه أوعز إليه بكلمة السر هذه بعد أن كان نصحه بصرف النظر ‏عن مطالبته بهذا الثلث؟‎

وترى المصادر أن لديها من المعطيات ما يشير إلى دعم "حزب الله"، وإلا لماذا ‏يلوذ بالصمت؟ وتقول إن عون يستعدي جميع الأطراف ما عدا حليفه الوحيد أي ‏‏"حزب الله"، وهو يحاول أن يقدم نفسه على أنه المظلوم الوحيد، على أمل أن ‏يسترجع شعبيته، مكرراً بذلك ما فعله في حروب "الإلغاء" و"التحرير" أثناء ‏توليه رئاسة الحكومة العسكرية‎.



كما أن عون هو من أقحم نفسه في اشتباكات سياسية سرعان ما ارتدّت عليه، ‏وهذا ما يفسّر تفهُّم رئيس المجلس النيابي نبيه بري لموقف الحريري والذي برز ‏أخيراً في موقف لمعاونه السياسي النائب علي حسن خليل برفضه الثلث ‏الضامن، وأيضاً في موقف رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ‏وفي تقاطع طروحات الرئيس المكلف مع البطريرك الماروني بشارة الراعي‎.



لذلك فإن عون يغرّد وحيداً وبات مضطراً لتسليم أوراقه لـ"حزب الله" وهو ‏يحاول حالياً، بحسب المصادر، إيصال البلد إلى أزمة حكم لاعتقاده أنه يؤمّن ‏لباسيل الجلوس على طاولة المفاوضات لإعادة تعويمه‎.



وعليه، فإنه لا مجال لإعادة تعويم حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب ‏الرافض الخضوع للضغوط التي تمارس عليه، مع أن الفريق السياسي لعون ‏أبلغه بأنه باقٍ حتى نهاية العهد‎.‎


أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024