هو عامل اجتماعي، ويرينا المكان الأساسي في أثينا الذي تحصل فيه عمليات الإتجار بالجنس بأشكاله المحظورة والمخالفة للطبيعة.

الرجال الكبار في السن يتجولون بالمكان ويتمعنون بخياراتهم، وينتظرون اللحظة المناسبة للتقرب من الشخص المناسب لهم. 

“انظري خلفك، هناك رجل كبير يعرض التدليك على شاب يافع، أترين؟” 

- نعم. 

“إنها لعبة.” 

الأفراد الذين يقومون بهذا الأمر بهدف تأمين لقمة العيش، هم عادة تحت السن القانوني وبلا عائلات، والكثير منهم في أفغانستان.

"الأمر صادم.. هو حقاً صادم.. إذ يشعر هؤلاء باليأس.. ليس هناك أي مهرب بالنسبة لهم، إلا إذا كان لديهم نقود.” 

غالبية الأشخاص الذين حاولنا التحدث معهم كانوا يشعرون بالخوف والخجل من التحدث معنا، لكن علي، وهذا ليس اسمه الحقيقي، وافق على التحدث معنا آملاً بأن يغير هذا الأمر شيئاً.. 

يبلغ السابعة عشر من عمره، وهو موجود هنا منذ تسعة أشهر.. النقود التي كانت معه نفدت منذ زمن طويل. 

“قلت لنفسي، انظر إلى الفوضى التي أنت فيها وحظك العاثر جدا.. أنا أفعل ذلك بهدف النقود فقط.. أجلس وأفكر.. ماذا حل بي؟ لقد أتيت إلى أوروبا.. لكن ما هذا الذي أفعله؟” 

العمل بحد ذاته يحصل في حديقة تبعد خمس دقائق عن الساحة التي كنا فيها، وهي مكان تنتشر فيه المخدرات وعمليات الاتجار بالجنس، والآن تفاقم الوضع في ظل أزمة اللاجئين. 

“هذه هي الحديقة، في نهاية اليوم، يأتي إلينا بعض الأشخاص، وينزعون ثيابهم ليظهروا الأماكن الحميمية، ويعرضون نقودهم علينا.. هكذا تسير الأمور."

اصطحبنا دليلنا، تاسو، إلى الحديقة خلال النهار، حتى نستطيع تخيّل الحالة بشكل كامل. 

من المقلق فعلاً التواجد هنا خلال النهار والتوجه إلى أحد هذه المواقع خلف الأشجار.. ويمكن تخيّل ما يحصل هنا بعد غروب الشمس، فهناك مغلفات للواقيات الذكورية في كل أرجاء المكان. والسعر يتراوح من شخص لآخر.. 

“يعتمد الأمر على كيفية تعاملك معهم، إذ يعرض بعضهم دفع مبلغ خمسة يورو، أو ثمانين، أو مائة. لكني لا أقبل بالذهاب مع أي زبون يدفع أقل من ستين يورو.” 

يقول إن البعض يصطحب هؤلاء الصبيان إلى المنزل، ما يتيح إليهم الفرصة للاستحمام، والنوم على سرير، وتناول وجبة لائقة.

“أنا لا أفعل هذا لأنني أستمتع به، إذا كنت سأفعل ما أحبه لكنت واعدت فتاة ما.. لكني مجبر على فعل هذا لأني لا أملك أي نقود. لو اختلف الأمر لكنت واعدت إحدى الفتيات بدلاً من.. الذهاب مع رجل كبير بالسن.” 

هذه التجارة البشعة هي نتيجة خلل بالسياسات الأوروبية تجاه اللاجئين بالإضافة إلى النقص في الاستعداد.. الأرقام الأخيرة لدى الحكومة اليونانية تظهر أن هناك حوالي 1200 شاب وشابة تحت السن القانوني وضعوا أسماءهم على لوائح الانتظار لتأمين مسكن لهم. في تصريح لـCNN، قالت الشرطة اليونانية إنها لم تواجه أي حالات استغلال جنسي لأشخاص تحت السن القانوني في الحديقة التي زرناها، ولكنهم أقروا بوجود المشكلة، مشددين على سعيهم للتعامل معها. 

في يوم من الأيام، ستتمكن ربما من جلب والدتك وشقيقتك إلى هنا وستراهما مجدداً، هل تعتقد أنك قد تقول لهما أي شيء عما اضطررت إلى فعله للبقاء على قيد الحياة؟ 

“لن أقول أن كل شيء على ما يرام، لكني لن أقول لها كل شيء حتى لا تحزن.. فوالدتي مريضة، وأخاف من إصابتها بأي مكروه إذا أخبرتها بهذا الأمر.” 

ثم امتلأت عيناه بالدموع.