كشفت مصادر نيابية لـ«اللواء» أن وزير الطاقة لم يتفاجأ بأزمة العتمة التي تُهدّد البلد خلال الساعات القادمة، بسبب النقص الحاد في مادتي الفيول والمازوت، لأنه سبق له وحذّر من تداعيات التوقيفات الطويلة لكبار موظفي المنشآت النفطية وفنيي المختبرات المعنية بفحص شحنات الفيول في الوزارة، إبان التحقيقات التي أجرتها القاضية غادة عون والقاضي نقولا منصور في ملف «الفيول المغشوش».

وأشارت هذه المصادر إلى أن هذه التحقيقات أدت إلى اضطراب برنامج شحنات الفيول الذي كانت وزارة الطاقة متفقة عليه مع شركة سوناطراك الجزائرية، خاصة بعد تعمد القاضية عون حجز عدة بواخر كانت محملة بهذه المادة الحيوية لأسابيع طويلة، وتحميل الخزينة المزيد من الأعباء المالية، رغم أن حمولة تلك البواخر ثبُت لاحقاً أنها مطابقة للمواصفات.

وحول أسباب العتمة الزاحفة على مختلف المناطق في البلد، أكدت المصادر النيابية أن السبب الأساس هو إصرار وزارة الطاقة، لأسباب غير معروفة»!!» على عدم الاكتفاء بالفحوصات التي تجريها مختبرات الوزارة، وتعمد إلى إرسال العيينات إلى إحدى الشركات المتعاقد معها في دبي مما يؤدي عادة إلى تأخير تفريغ البواخر إسبوعاً على الأقل، وتحميل الخزينة غرامات مالية أدناها ٢٥ ألف دولار عن كل يوم تأخير في تفريغ الحمولة.

وأعلنت مجموعة من المؤسسات ومحال البيع بالتجزئة في لبنان إقفال أبوابها موقتاً الخميس في إطار حملة ضغط على السلطات، لتجنّب مواصلة رفع أسعارها بعدما سجّلت الليرة انهياراً غير مسبوق مقابل الدولار في السوق السوداء.

ويتغيّر سعر الصرف يومياً مقابل الدولار، ما يُجبر المؤسسات خصوصاً التي تعتمد على الاستيراد من الخارج بالدولار، على تغيير أسعارها باستمرار. وانعكس ذلك سلباً على العديد من المؤسسات التي أقفلت أبوابها في ظل شحّ الدولار ومع تجاوز سعر الصرف في اليومين الأخيرين عتبة التسعة آلاف. ولا يزال السعر الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات.

وفي بيانات نشرتها على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، مستخدمة شعار «نحن معاً في هذه الأزمة»، ووسم #باقون_هنا، أعلنت مؤسسات عدة بينها مجموعة «براندز فور لس» و»مايك سبورت» و»ماري فرانس» و»كارترز» إقفال أبوابها حتى «إشعار آخر».

وأوردت «براندز فور لس» المستوردة لعلامات تجارية عالمية بأسعار مخفّضة في بيان «لأننا نرفض التخلي عن قيمنا... ورفع أسعارنا بشكل جنوني، سنقفل أبواب متاجرنا في لبنان حتى إشعار آخر».

وأعلنت شركة «مايك سبورت» للثياب والأحذية واللوازم الرياضية في بيان على موقعها الإلكتروني أنّه «نظراً لتردّي الوضع السياسي والاقتصادي في البلد، ارتأت (الشركة) عدم انخراطها في لعبة البيع والشراء غير الرسمية للدولار الأميركي وتحديد أسعار البضائع لديها على هذا الأساس».

وقالت إنها ستقفل فروعها كافة «على أمل ضبط الأوضاع من المراجع المختصة على الصعد كافة لإعادة الدورة الاقتصادية إلى حركتها الطبيعية».

ولم تفلح الجهود الرسمية منذ أشهر في ضبط سعر الصرف في السوق السوداء، الأمر الذي دفع عدداً كبيراً من المحال والمتاجر ومؤسسات بيع المواد الغذائية واللحوم إلى الإقفال بشكل دائم لعدم قدرتها على توفير الدولار، في بلد يعتمد على الاستيراد إلى حد كبير.

وقال نبيل جبرايل، رئيس مجموعة كاليا التي تملك 20 محلاً لعلامات تجارية عدة، لفرانس برس، «يتجه قطاع البيع بالتجزئة نحو الإغلاق الكلي أو الموقت حتى تصبح الأمور أكثر وضوحاً في ما يتعلّق بسعر الصرف».

وأضاف: «نواجه مشكلة في التسعير، إذ نحتاج إلى تجديد الأسعار أسبوعياً بينما يرتفع سعر الصرف يومياً، في حين يتراجع حجم المبيع جراء الوضع العام وارتفاع الأسعار».

ونفّذ العشرات من مدراء الشركات ورجال الأعمال وموظفيهم اعتصاماً احتجاجياً في وسط بيروت.

ويشهد لبنان انهياراً اقتصادياً متسارعاً يُعدّ الأسوأ في البلاد منذ عقود، لم تستثن تداعياته اي طبقة اجتماعية. ويترافق مع أزمة سيولة وشحّ الدولار. وتوقفت المصارف منذ أشهر عن تزويد المودعين بالدولارات من حساباتهم.

وجراء ذلك، خسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر القليلة الماضية. وبات نصف اللبنانيين يعيشون تقريباً تحت خط الفقر بينما تعاني 35 في المئة من القوى العاملة من البطالة.

على الأرض، بكرت مجموعات الحراك في قطع الطرقات، في مختلف المناطق، بدءاً من العاصمة إلى طرابلس وصيدا، بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء.

فقد قطع محتجون الطريق عند تقاطع الصيفي بالاتجاهين احتجاجا على تردي الاوضاع الاقتصادية في البلاد وارتفاع سعر صرف الدولار والتقنين القاسي في التيار الكهربائي.

كما قطع محتجون السير عند جسر سليم سلام بالاطارات المشتعلة وعلى كورنيش المزرعة محلة جامع عبد الناصر بالاتجاهين.

وتجمّع عدد من المحتجين على المسلك الغربي لأوتوستراد زوق مكايل مقابل كنيسة مار شربل، رافعين الأعلام اللبنانية على وقع الأناشيد الوطنية.

جنوبا، اقدم محتجون على التجمع وسط ساحة ايليا وافترش عدد منهم الارض، ما ادى الى قطع طريق التقاطع باتجاهاته الاربعة، وسط هتافات منددة بارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الاوضاع المعيشية والاقتصادية وتراجع الخدمات الرئيسية بشكل كبير من كهرباء ومياه.

كما قطع محتجون السير على اوتوستراد الجنوب في منطقة أنصارية احتجاجاً على الوضع المعيشي، وتجمع عدد من الشبان المحتجين على الأوضاع المعيشية على اوتوستراد الزهراني مفرق عدلون ومحاولة لاقفال الطريق.

ونظم محتجون من مجموعات عدة مسيرة من الأونيسكو باتجاه مستشفى البربير، رافعين شعارات طالبت «الحكومة بالعمل الفوري أو بالرحيل».

وتحدث حسن منيمنة باسم المتظاهرين فطالب ب»دولة لبنانية قوية تمتلك القرار»، وقال: «لا نثق بالحكومة وسنستمر بالسعي إلى رحيلها، لأنها عاجزة».

ودعا إلى «تشكيل حكومة جديدة تنتج قضاء مستقلا ونزيها وقانونا انتخابيا جديدا وعادلا وقانون أحوال شخصية مدنيا اختياريا»، وقال: «نريد حكومة تطور البنية البيئية، تقفل المعابر غير الشرعية، تحاكم الفاسدين، تؤمن العدالة الاجتماعية ونظاما تربويا حديثا والكهرباء، وتوقف التهريب في مرفأ بيروت».

كذلك ردّد محتجون امام مصرف لبنان في الحمرا شعارات منددة بالسياسة المصرفية والمالية، داعين الى «اسقاط حكم المصرف واعادة الاموال المهربة والمنهوبة ومحاكمة الفاسدين وكل من نهب اموال الناس، وسط انتشار امني كثيف للقوى الامنية».

كذلك نفذت مجموعة أنا خط أحمر تحركًا احتجاجيا في ساحة الشهداء.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024